بعد زلزال "مصافحة المونديال".. ما مصير تنظيم الإخوان ووجهته؟

الخميس 2022/11/24



مصافحة الرئيسين التركي والمصري في افتتاح المونديال

"مصافحة المونديال" نقطة فاصلة بين مرحلتين في العلاقات التركية المصرية، من مناصرة وتأييد الإخوان إلى الاعتراف بحقوق الدولتين المشتركة.
وصافح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره المصري عبدالفتاح السيسسي، لأول مرة، على هامش افتتاح مونديال قطر، قبل أيام، في لقاء قال عنه البلدان إنه سيكون مقدمة لمزيد من التعاون وتطبيع العلاقات الثنائية.

تلك المصافحة كانت نتاج تطور نوعي في مسار التقارب الأمني والاستخباري في الملفات محل النزاع والخلاف، والتي من بينها طريقة تعاطي الدولة التركية مع تنظيم الإخوان.
المصافحة قادت إلى خطوات أوسع، كان أحدثها تغريدة نائب وزير الثقافة التركي سردار جام، التي قال فيها إن عناصر من داعش انضموا لجماعة الإخوان، في ربط كان بمثابة إدانة لـ"الإخوان"، ونفض اليد التركية من الارتباط بهم، لما لاسم "داعش" من سمعة سيئة في الغرب.
سيناريو الإبعاد
تلك التصريحات كشفت عن إدراك النظام التركي ضرورة تغيير سياساته تجاه مصر، بما يتواءم مع التطورات التي حدثت في العالم، فما كان صالحا في الأمس لم يعد اليوم كذلك.
رؤية جديدة للقيادة التركية في التعامل مع مصر فرضت على تنظيم الإخوان واقعا وسيناريوهات، سيحاول قادة جبهتي إسطنبول ولندن التعاطي معها، بعد أن بات سيناريو الإبعاد من الأراضي التركية الأقرب للواقع.
فبحسب مصادر مقربة من تنظيم الإخوان فإن جبهتي إسطنبول ولندن بدأتا إعادة ترتيب أوضاعهما في تركيا، استعدادا للمرحلة المقبلة، مشيرة إلى أن جبهة لندن بدأت بتغيير أسماء الكيانات والروابط والشركات التابعة لها، خشية تعرضها للتجميد أو الإلغاء من جانب السلطات التركية، كرابطة الإعلاميين المصريين بالخارج، وكيان الجالية المصرية في تركيا، والذي يسيطر عليه القيادي الإخواني عادل راشد.
فيما بدأ عدد من قادة "الإخوان" التابعين لمحمود حسين مغادرة تركيا إلى عاصمة أوروبية كمحطة انتقالية مؤقتة، حتى الاستقرار في بلد يسمح لهم بالحركة ضد الدولة المصرية، بحسب مصادر "العين الإخبارية".
نقطة فاصلة
وتعقيبا على ذلك، قال الكاتب والباحث في الإسلام السياسي هشام النجار إن تنظيم الإخوان يعيش أصعب أوقاته، مشيرًا إلى أن مصافحة رئيسي مصر عبدالفتاح السيسي وتركيا رجب طيب أردوغان، على هامش حفل افتتاح المونديال في قطر قبل أيام، تعد نقطة فاصلة بين مرحلتين، الأولى عداء للدولة المصرية ومناصرة وتأييد للجماعة الإرهابية، أما الثانية فتقوم على المصالح المشتركة والاعتراف بحقوق الدولتين.


وأوضح الباحث في الإسلام السياسي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تلك الصورة التي التقطت للرئيسين لم تكن عفوية بل نتاج تطور نوعي في مسار التقارب الأمني والاستخباراتي في الملفات محل النزاع والخلاف، بينها ملف الإخوان.
وتوقع النجار مزيدا من التنسيق والتوافق وتطوير العلاقات المصرية التركية والتي ستلقي بظلالها على جماعة الإخوان سلبا، خاصة بعد تصريحات نائب وزير الثقافة التركي الذي ألصق بجماعة الإخوان تهمة العنف، وأكد أنها "مخترقة من داعش".
كيان خطر
النجار أشار إلى أن سيناريو إبعاد الإخوان بات الأقرب للواقعية السياسية، التي بدأ ينادي بها فصيل مهم في الحكومة التركية، متوقعا أن تنقل الجماعة بعض مؤسساتها وكياناتها التي قد يشكل وجودها في تركيا خطرا على مصالح أنقرة إلى دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا ودول أوروبا الشرقية.
وأكد أن ما يسمى "اتحاد المعارضة المصرية في الخارج" و"المجلس الثوري المصري" سيتم نقل أنشطتهما الرئيسية خارج تركيا وتحديدا إلى بريطانيا وفرنسا، مشيرا إلى أن الدول تبحث عن مصالحها التي من المستحيل أن تكون رفقة تنظيمات "تكفيرية ملوثة بالإرهاب".
داعش والإخوان
فيما يرى الكاتب والباحث في الحركات المتطرفة عمرو عبدالمنعم، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "مشكلة إخوان تركيا لم تعد سطحية تتمثل في الإقامات أو الحصول على الجنسية أو حتى تخفيف حدة الخطاب الإعلامي الإخواني المهاجم للدولة المصرية، بل إن الأمور أعقد من ذلك".
وأوضح عبدالمنعم أن ربط نائب وزير الثقافة التركي سردار جام "داعش" بـ"الإخوان" في تغريدة له عبر حسابه بـ"تويتر"، قائلا "إن عناصر من داعش انضموا لجماعة الإخوان" يعد إدانة للجماعة وإعلانا من الدولة التركية رفضها الارتباط بتلك العناصر، لما لاسم "داعش من سمعة سيئة في الغرب".


وأشار إلى أن السياسي التركي أكد بتغريدته أن الجماعة فشلت في إثبات أحقيتها بالرعاية التركية، نظراً لانشقاقاتها المتكررة خلال العقد الأخير "مما أفقدها مكانتها كأداة لتنفيذ مشروع تركيا الكبير"، على حد قوله.
الكاتب والباحث في الحركات المتطرفة أكد أنه كان من الطبيعي على النظام التركي مراجعة موقفه من الدولة المصرية الذي "عادى" فيه 100 مليون مصري مقابل رعاية بضع آلاف من الإخوان، مشيرًا إلى أن أنقرة بدأت بإجراءات للتصالح مع مصر، بينها منع استخدام مصطلح "الانقلاب" في كافة الفضائيات الإخوانية العاملة في تركيا، ووقف استخدام أو تعليق "شعار رابعة" على أي احتفالية أو مؤتمر خاص بالجماعة يقام على الأراضي التركية.
تغيير السياسات
الكاتب والباحث في الإسلام السياسي عمرو فاروق، قال إن مصافحة الرئيسين المصري والتركي هي تتويج للجهود الدبلوماسية خلال العامين الماضيين، مؤكدا أن التنسيق المصري التركي في الشقين الأمني والاستخباراتي لم ينقطع.
وأوضح فاروق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تصريحات نائب وزير الثقافة التركي بأن سياسات الدول لا يمكن أن تدار بالعواطف وحدها، يدل على إدراك النظام التركي ضرورة تغيير سياساته تجاه مصر، وفقا للتطورات الأخيرة، فما كان صالحا بالأمس لم يعد كذلك اليوم.
وحول قدرة الجماعة على تخطي تخلي أردوغان عنهم، أكد فاروق أن الإخوان مستعدون لذلك السيناريو منذ فترة، فهم يعلمون أن مساندة الرئيس التركي لهم مؤقتة، وأن تركيا العميقة مدنية ولا ترحب بخسارة دولة بحجم مصر.
أما عن مصير الإخوان المقيمين على الأراضي التركية، فأكد الباحث في الإسلام السياسي أن تسليم أنقرة لعناصر التنظيم أمر ليس واقعيا، فإجمالي عدد المطلوبين حسب نشرة الإنتربول لا يتجاوز الخمسين شخصا، أكثر من نصفهم غادر بالفعل تركيا إلى جهات غير معلومة، فيما البعض الآخر ولى وجهه شطر إيران.
الراعي الجديد
وحول الراعي الجديد لتنظيم الإخوان، قال فاروق إن الإخوان كجماعة وظيفية عادت قيادتها إلى المخابرات البريطانية صانعها الأول، مشيرًا إلى أن دور الوسطاء مثل تركيا وغيرها من بعض الدول الإقليمية تراجع دورها في إدارة الجماعة الإرهابية، مما سيدفع بالجماعة إلى لندن.
وأوضح الكاتب والباحث في الإسلام السياسي أن "مهمة بريطانيا ستكون إعادة تكوين الجماعة وتأسيسها للمرة الثالثة، بما يتوافق مع سياستها الدولية ويخدم مصالحها، عبر ترميم التنظيم وتجديد وتحديث الخطاب الإخواني العام، والتركيز على رواد السوشيال ميديا في توفير الغطاء التبريري لتصرفات الجماعة".
واختتم فاروق تصريحه بتأكيده أن لا مستقبل للإخوان في المنطقة حتى بعد عملية الترميم التي ستتم الفترة القادمة، كونهم فقدوا الشرعية الشعبية، فيما بات الشارع العربي على مسافة شاسعة من التنظيم وخطابه.