منطقة اليورو أسيرة التضخم والانكماش.. و"الفائدة" عرض مستمر



مستقبل مظلم لمنطقة اليورو بفعل التضخم والركود
كشفت أحدث الدراسات لمؤسسات مالية عالمية أن التضخم المتسارع بمنطقة اليورو، يشكل خطرا كبيرا على النمو الاقتصادي.. إلى أين تتجه الأزمة؟
تباطؤ نمو وانكماش
واصل النشاط التجاري في منطقة اليورو تباطؤه في نوفمبر/ تشرين الثاني بوتيرة أقل، حسبما أظهرت بيانات مؤشر مدراء المشتريات التي نشرتها مؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال الأربعاء.
وارتفع المؤشر الذي يترقبه الخبراء، من 47.3 نقطة في أكتوبر/ تشرين الأول إلى 47.8 في نوفمبر/ تشرين الثاني، لكنه بقي دون 50 نقطة للشهر الخامس على التوالي. وأي تخط لمستوى 50 نقطة يعد نموا.
وبقي التضخم مرتفعا في غالبية اقتصادات منطقة العملة الموحدة، لكن ستاندرد أند بورز قالت إن ضغوط التكلفة على المؤسسات ترتفع بشكل أبطأ مضيفة أن ثقة الأعمال ترتفع رغم أنها لا تزال "قاتمة".
وحذر كريس وليامسون، خبير الاقتصاد لدى ستاندرد أند بورز، من أن "مزيدا من التراجع في نوفمبر/ تشرين الثاني سيزيد مخاطر دخول اقتصاد منطقة اليورو في ركود".


أضاف "حتى الآن، تتوافق بيانات الفصل الرابع مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل ربع سنوي يزيد قليلاً عن 0.2%".
لكنه أشار إلى أن "قيود الإمدادات تظهر مؤشرات على التراجع مع تحسن أداء الموردين في قلب ألمانيا الصناعي بالمنطقة".
ورغم تحسن الإمدادات للشركات، لا تزال ألمانيا الصناعية العملاقة تشهد أسوأ تراجع في منطقة اليورو، حيث بلغ مؤشر مدراء المشتريات 46,4 نقطة.
أما فرنسا فكان أداؤها أفضل لكنها مع ذلك سجلت انخفاضاً في الإنتاج خلال نوفمبر/ تشرين الثاني، في أول تراجع للنشاط التجاري منذ فبراير/ شباط 2021.
وقال جاك ألين رينولدز، كبير الاقتصاديين في كابيتال إيكونوميكس، إن زيادة مبدئية في التصنيع تكمن وراء الأرقام التي جاءت أفضل من المتوقع.
وأضاف "تشير هذه الدراسات إلى أن التراجع في الناتج المحلي الإجمالي في الفصل الرابع قد يكون أدنى قليلا من الانخفاض بنسبة 0.5% على أساس ربع سنوي الذي سجلناه".
وتابع "لكنها (الدراسات) لا تزال ضعيفة للغاية وتشير إلى أن مشكلة التضخم في المنطقة لم تنته بعد"..
القطاع الخاص الفرنسي ينكمش
تدهور نشاط القطاع الخاص في فرنسا، في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، للمرة الأولى منذ أوائل عام 2021، بحسب نتائج مسح لتقييم المخاطر من جانب مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، اليوم الأربعاء.
وتراجع مؤشر الإنتاج المجمع السريع إلى أدنى مستوياته في 21 شهرا في نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 48.8 من 50.2 نقطة في أكتوبر/ تشرين الأول.
وكان من المتوقع أن تنخفض قراءة المؤشر إلى 49.5 نقطة. وأي قراءة أقل من 50 تشير إلى الانكماش، بينما تشير نتيجة المؤشر التى تفوق 50 نقطة إلى تسجيل القطاع توسعا.
وواصلت أحجام الإنتاج الصناعي الانكماش في نوفمبر/ تشرين الثاني، مسجلة انخفاضا للشهر السادس على التوالي، رغم تراجع نشاط قطاع الخدمات، الذي أدى إلى الانخفاض الإجمالي.
وانخفض مؤشر مديري مشتريات الخدمات إلى أدنى مستوى في 20 شهرا إلى 49.4 من 51.7 نقطة في أكتوبر/ تشرين الأول.
وكان من المتوقع أن تنخفض النتيجة بشكل طفيف إلى 50.6 نقطة.
وارتفع مؤشر مديري مشتريات الصناعات التحويلية إلى أعلى مستوى في 3 أشهر عند 49.1 نقطة في نوفمبر/ تشرين الثاني من 47.2 نقطة قبل شهر. كانت النتيجة المتوقعة 47.0 نقطة.


انكماش القطاع الخاص في بريطانيا
انكمش القطاع الخاص في بريطانيا مجددا في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، حيث تراجعت الطلبات الجديدة بأكبر نسبة منذ نحو عامين، وأثر ارتفاع تكاليف المعيشة على الطلب في قطاعي الصناعة والخدمات، وفقا لما أظهرته نتائج استطلاع اليوم الأربعاء.
وسجل مؤشر الإنتاج المجمع الذي تصدره هيئة إس آند بي جلوبال/ ومعهد تشارترد للمشتريات والتوريد 48.3 في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مقارنة بـ 48.2 في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكان من المتوقع تراجع المؤشر إلى 47.5 في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
ويشار إلى أن القراءة جاءت أقل من 50 للشهر الرابع على التوالي، مما يشير إلى انكماش الاقتصاد.
ومازال الإنتاج الصناعي يتراجع بوتيرة أسرع من قطاع الخدمات.
وثبت مؤشر مديري المشتريات في قطاع الخدمات عند 48.8 في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
كما لم يتغير مؤشر مديري المشتريات في قطاع الصناعة، وبقي عند 46.2 .
وتراجعت الطلبات الجديدة للشهر الرابع على التوالي خلال الشهر الجاري، كما كانت وتيرة التراجع الأقوى منذ كانون الثاني/يناير 2021.


تضخم وركود في ألمانيا
أشارت توقعات البنك المركزي الألماني إلى أن الشهور المقبلة ستشهد تراجعا اقتصاديا في ألمانيا مع استمرار التضخم المرتفع.
وكتب البنك في تقريره الشهري المنشور اليوم الأربعاء أن من المتوقع حدوث انكماش آخر في نصف العام الشتوي وذلك على الرغم من النمو الاقتصادي المفاجئ في الربع الصيفي.
ورأى البنك أن " من الممكن لمعدل التضخم أن يظل في نطاق العشرات في فترة ما بعد نهاية العام الحالي"، وقال إن تحمل الدولة لسداد قسط الغاز في كانون الأول/ديسمبر المقبل سيخفف العبء على المستهلكين " لكن لا يزال من غير الواضح بعد إلى أي مدى سينعكس هذا في قياس السعر الرسمي وبالتالي في معدل التضخم".
كان معدل التضخم السنوي في ألمانيا ارتفع في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى 10.4%، ويرى البنك المركزي حاليا أن هناك خطرا متزايدا لما يعرف بتأثيرات الجولة الثانية للتضخم مشيرا إلى أنه إذا أدى التضخم إلى ارتفاع اتفاقيات الأجور الجماعية وبالتالي ارتفاع تكاليف الأجور، فإن ذلك سيؤدي بدوره إلى زيادة معدل التضخم، وقال إنه في هذه الحالة ستتزايد الأجور والأسعار وهكذا سيتعزز التضخم.
ووفقا للبنك، كانت اتفاقيات الأجور الجماعية الأخيرة قوية، وبالإضافة إلى ذلك فإن النقابات تطالب بزيادات كبيرة استثنائية في الأجور بسبب التضخم، وعلى سبيل المثال تطالب نقابة فيردي للعاملين في قطاع الخدمات بزيادة بنسبة 10.5% للعاملين في القطاع العام لدى الحكومة الاتحادية والبلديات لمدة 12 شهرا.
في الوقت نفسه، كتب البنك أنه ليس من المتوقع أن تسفر هذه المطالب عن اتفاقيات أجور فعلية بهذه القيمة لكنه قال " وحتى إن لم يشر هذا إلى تسارع التضخم بفعل الأجور، فإنه زاد من خطر تأثيرات الجولة الثانية".
وبحسب الأرقام الأولية، حقق أكبر اقتصاد في أوروبا في الربع الثالث من العام الحالي نموا مفاجئا بنسبة 3ر0% مقارنة بالربع السابق عليه، ومن المنتظر أن يعلن المكتب الاتحادي للإحصاء عن تفاصيل نتائج الربع الثالث بعد غد الجمعة.


أسعار الفائدة عرض مستمر
قال ماريو سينتينو عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي إن أسعار الفائدة ستواصل الارتفاع حتى تبدأ وتيرة الارتفاع القياسي لأسعار المستهلك في منطقة اليورو في التباطؤ.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن سينتينو قوله في العاصمة البرتغالية لشبونة اليوم الأربعاء إن ارتفاع الفائدة سيستمر "في الوقت الذي لا يتراجع فيه التضخم"، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار يقلص القدرة الشرائية وقيمة المدخرات للمستهلكين، وهو ما يهدد بحدوث ركود اقتصادي في المنطقة التي تضم 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.
وأشارت بلومبرج إلى أن سينتينو رئيس البنك المركزي البرتغالي يعتبر من الأصوات المعتدلة بين مسؤولي مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي.
وقال سينتينو "سنواصل هذا العمل (زيادة سعر الفائدة) إلى جانب البنوك المركزية الأخرى، وسنعدل هذا التحرك وفق تقييم معدل التضخم والسياق الاقتصادي".