حكايات مونديالية.. "سفينة فاكهة" تنقذ انطلاقة كأس العالم
الأربعاء 2022/11/23
منتخبات كأس العالم 1930 تتدرب على متن كونتي فيردي
واجهت انطلاقة كأس العالم الكثير من الصعوبات التي كادت تقضي على الفكرة في مهدها، بعدما تسببت في تأخيرها لعدة سنوات.
وفي الوقت الذي تمسك فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بإطلاق بطولة كأس العالم، الفكرة التي ظلت قيد الدراسة لعدة سنوات، متحديا كل الدعوات الرافضة لإقامتها، فإنه وقع في مأزق جديد بعد اختيار الدولة المضيفة، كاد يضرب المشروع الجديد في مقتل.
أين أقيمت أول بطولة لكأس العالم؟
اختار الفيفا أوروجواي لتنظيم أول نسخة لكأس العالم عام 1930، لكن ذلك الاختيار قوبل بمعارضة كبيرة من الدول الأوروبية، نظرا لبعد المسافة بين الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية وبلدان القارة العجوز.
وفي الوقت الذي وجه فيه الفيفا الدعوة لكل الدول الواقعة تحت مظلته للمشاركة في البطولة الوليدة، فإنه لم يجد استجابة تذكر خاصة من الدول البعيدة عن الأمريكتين، والتي وجدت مخاطرة كبيرة في قطع تلك المسافة الكبيرة للوصول إلى أوروجواي، كما رأت أن التكاليف كبيرة، والرحلة ستكون شاقة.
"كونتي فيردي" تنقذ انطلاقة المونديال
لم يتلق الفيفا أي تأكيدات من منتخبات أوروبا على المشاركة في النسخة الأولى لكأس العالم، حتى ما قبل شهرين فقط من الموعد المحدد للانطلاق، وهو ما أدى إلى تكثيف التحركات من عدة أطراف لإنقاذ الموقف، بينما كان منتخب مصر المنتخب الأفريقي الوحيد الذي وافق على المشاركة.
جاء التدخل الأول من كارول الثاني ملك رومانيا المتوج حديثا وقتها، والذي أصدر التعليمات بمشاركة منتخب بلاده في البطولة، واختار الفريق بنفسه، وقام بتسوية أوضاع اللاعبين في وظائفهم بحيث يعودون لها بسهولة بعد عودتهم من البطولة.
ثم جاء التدخل الثاني من الفرنسي جول ريميه رئيس الفيفا، الذي أقنع منتخب بلاده بالمشاركة، كما أقنع نائبه "البلجيكي – الألماني" رودولف سيلدر منتخب بلجيكا بالمشاركة، ولحق منتخب يوغوسلافيا بالمنتخبات الثلاثة بعدها في الموافقة.
وبقيت العقبة الأكبر بعد ذلك هي كيفية انتقال تلك المنتخبات إلى أوروجواي، لتظهر بالتزامن مع ذلك سفينة إيطالية عملاقة سميت "كونتي فيردي"، كانت مخصصة لنقل الفاكهة مثل الموز والأناناس إلى أمريكا اللاتينية، ويجد جول ريميه ضالته، فيها ليتفق معها على نقل المنتخبات الأربعة إلى أوروجواي، متحملا تكاليف الرحلة المحفوفة بالمخاطر.
وكان منتخب رومانيا أول المنتخبات التي صعدت على متن "كونتي فيردي"، من ميناء جنوى بإيطاليا، في 21 يونيو/ حزيران 1930 لتبدأ السفينة رحلتها، قبل أن تحمل المنتخب الفرنسي من مدينة فيلفرانش سور مير، ثم منتخب بلجيكا من مدينة برشلونة، بينما لم يتمكن المنتخب اليوغوسلافي من اللحاق بها ليقرر السفر بسفينة أخرى سميت فلوريدا.
ولم يستطع منتخب مصر اللحاق بخط سير "كونتي فيردي"، حيث استقلت بعثته في البداية السفينة المحروسة، على أمل مصاحبة المنتخبات الثلاثة، قبل أن يتم تغيير الخطة بالاتجاه بها إلى مارسيليا للحاق بالمنتخب اليوغوسلافي على متن السفينة فلوريدا، لكن عاصفة شديدة في البحر المتوسط أطاحت بأحلام آمال الفراعنة، ليعتذروا في النهاية عن عدم المشاركة.
وركب السفينة بصحبة المنتخبات الثلاثة جول ريميه رئيس الفيفا حاملا معه كأس البطولة، والحكام الأوروبيون الثلاثة، البلجيكي جون لانجينوس الذي أدار المباراة النهائية ومواطنه هنري كريستوف، والفرنسي – الإنجليزي توماس بالفاي.
وفي 29 يونيو وصلت السفينة إلى مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية لتحمل على متنها منتخب راقصي السامبا، قبل أن تصل إلى أوروجواي يوم 4 يوليو، تموز، بعد رحلة استغرقت نحو أسبوعين، لتجد استقبالا حافلا من جماهير مستضيف المونديال.
وانضمت المنتخبات الـ5 إلى صاحب الأرض و7 منتخبات أخرى بينها 5 من أمريكا الجنوبية، ومنتخبان من أمريكا الشمالية، لتدشن المنتخبات الـ13 معا انطلاقة النسخة الأولى من حلم كأس العالم.