غابات جنوب شرق آسيا هي من بين أكثر الغابات كثافة في العالم حيث تمثل 15% من الغابات الاستوائية في العالم.
استعادة النظام البيئي للغابات في حقل زراعي مهجور في شمال تايلند (ستيفن إليوت - يوريك ألرت)
كشفت دراسة جديدة أن ما يقرب من نصف الأشجار المزروعة في جهود استعادة الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية لا تعيش -في المتوسط- لأكثر من 5 سنوات، وفقا للنتائج التي نشرت يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني في دورية "فيلوسوفيكال ترانزاكشنز أوف ذا رويال سوسايتي ب" (Philosophical Transactions of the Royal Society B).
في الدراسة الجديدة، قام فريق دولي يضم خبراء من 29 جامعة ومركز أبحاث، بتحليل البيانات من 176 موقعا لاستعادة الغابات في آسيا الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث تسببت الأنشطة البشرية في تدهور الأشجار.
بعد ذلك، استخدم الفريق التحليلات الإحصائية لاختبار تأثير العوامل المختلفة في شرح التباين في البقاء والنمو.
وشملت تلك العوامل الأحوال المناخية، وظروف الموائل، وتنوع أصناف الأشجار المزروعة، وكثافة أخشابها، بالإضافة إلى دراسة الاختلافات بين المواقع والاختلافات بين الأنواع النباتية نفسها.
منطقة مهيأة للزراعة في غابة متدهورة مجاورة لنهر كيناباتانغان في ماليزيا (ليندساي بانين-يوريك ألرت)
ووفقا لما جاء في البيان الصحفي للدراسة المنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert)، فقد وجد الباحثون أن 18% من الشتلات ماتت خلال السنة الأولى من زراعتها، بينما بعد 5 سنوات كانت نسبة موت النباتات 44%.
كما وجد المؤلفون أيضا أن معدلات البقاء على قيد الحياة تباينت بين المواقع والأنواع، حيث لاحظ العلماء أن أكثر من 80% من الأشجار لا تزال حية بعد 5 سنوات في بعض المواقع، بينما شهدت مواقع أخرى موت جميع النباتات تقريبا.
توسع في إزالة الأشجار
تعد غابات جنوب شرق آسيا من بين أكثر الغابات كثافة في العالم، إذ تمثل 15% من الغابات الاستوائية في العالم.
هذه المناطق غنية جدا بالأنواع، وتوفر موئلا للنمور والقرود والفيلة. لكنها في العقود القليلة الماضية شهدت إزالة كبيرة للغابات، مع انخفاض الغطاء النباتي بما يقدر بنحو 32 مليون هكتار (أي ما يساوي أكثر من 79 مليون فدان) بين عامي 1990 و2010.
وقد وجد الباحثون أن جهود إعادة زراعة الأحراج كانت أقل نجاحا مما كانت عليه في المناطق التي تمت إزالتها بالكامل. وفي الوقت نفسه، لاحظوا أن الشتلات المزروعة في مناطق بها أشجار ناضجة لديها فرصة أعلى بنسبة 20% للبقاء على قيد الحياة.
شتلات مختلفة الأنواع والأعمار تنمو في مشتل قبل زراعتها في غابة بماليزيا (ليندساي بانين-يوريك ألرت)
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة "ليندسي بانين"، الباحثة في الإحصاء البيئي في مركز المملكة المتحدة لعلم البيئة والهيدرولوجيا، إن النتائج تكشف بوضوح أن النجاح في استعادة الأشجار يعتمد بشكل كبير على الموقع، لذلك نحتاج إلى فهم أسباب هذا النجاح في بعض المواقع، حتى نتمكن من رفع مستواه في جميع المواقع.
وأضافت "بانين" في تصريح للجزيرة نت أن الحد من إزالة الغابات وتسريع استعادة نباتات الغابات الاستوائية من المسارات المهمة للحد من انبعاثات الكربون، وسحبه من الغلاف الجوي، مع دعم استعادة التنوع البيولوجي أيضا.
الغابات حاضرة في قمة شرم الشيخ للمناخ
جرى تسليط الضوء على قضية إزالة الغابات، مع احتلال الأشجار مكانة مهمة على جدول أعمال الدورة الـ27 من اجتماعات مؤتمر الأطراف لاتفاقية باريس (COP27) المنعقدة حاليا في مصر.
وجرى أيضا التركيز على المبادرات الكبيرة مثل عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي، وتحدي بون، الذي يهدف إلى إعادة ملايين الهكتارات من الأراضي إلى حالتها الأصلية الغنية بالأشجار، كما تقول بانين.
يجب أن تكون مناهج الحد من إزالة الغابات واستعادة الأشجار ناجحة على المدى الطويل (ستيفن إليوت-يوريك ألرت)
ووفقا للباحثة فإنه كي يكون لهذه المبادرات تأثير على ميزانية الكربون العالمية، يجب أن تكون مناهج الحد من إزالة الغابات واستعادة الأشجار ناجحة على المدى الطويل، لذلك نحن بحاجة إلى فهم جيد للنتائج المحتملة لهذه الأنشطة.
وتضيف "نحن بحاجة إلى إنشاء مجموعات متعددة التخصصات لتبادل المعرفة حول أفضل الممارسات، مع المشاركة الكاملة لأصحاب المصلحة المحليين والمجتمعات المحلية التي لديها معرفة حيوية بالمناطق".
كما ترى أنه يجب على المؤسسات المانحة دعم الصيانة والرصد على المدى الطويل، للمساعدة في ضمان تحقيق الأهداف طويلة المدى وإدارة المواقع بشكل تكيفي مع الظروف المناخية".