فَمَن يَكُ أَمسى في بِلادِ مُقامَةٍ
يُسائِلُ أَطلالاً بِها لا تُجاوِبُ
فَلَاِبنَةِ حِطّانَ بنِ قَيسٍ مَنازِلٌ
كَما نَمَّقَ العُنوانَ في الرَقِّ كاتِبُ
تُمَشّي بِها حولُ النِعامِ كَأَنَّها
أَماءٌ تُزَجّى بِالعَشِيِّ خَواطِبُ
وَقَفتُ بِها أَبكي وَأُشعَرُ سُنخَةً
كَما اِعتادَ مَحموماً بِخَيبَرَ صالِبُ
خَليلَيَّ عوجا مِن نَجاءِ شِمِلَّةٍ
عَلَيها فَتًى كَالسَيفِ أَروَعُ شاحِبُ
خَليلايَ هَوجاءُ النَجاءِ شِمِلَّةٌ
وَذو شُطبٍ لا يَجتَويهِ المُصاحِبُ
وَقَد عِشتُ دَهراً وَالغُواةُ صَحابَتي
أَولائِكَ خُلصاني الَّذين أُصاحِبُ
قَرينَةَ مَن أَسفى وَقُلِّدَ حَبلَهُ
وَحاذَرَ جَرّاهُ الصَديقُ الأَقارِبُ
فَأَدَّيتُ عَنّي ما اِستَعَرتُ مِنَ الصِبا
وَلِلمالِ عِندي اليَومَ راعٍ وَكاسِبُ
لِكُلّ أُناسٍ مِن مَعَدٍّ عِمارَة
عَروضٌ إِلَيها يَلجَئونَ وَجانِبُ
لُكَيزٌ لَها البَحرانِ وَالسَيفُ دونَهُ
وَإِن يَأتِهِم ناسٌ مِنَ الهِندِ هارِبُ
تَطايَرُ عَن أَعجازِ حوشٍ كَأَنَّها
جَهامٌ هَراق ماءه فَهوَ آئِبُ
وَبَكرٌ لَها بَرُّ العِراقِ ولن تَخَف
يَحُل به حتى اليَمامَةِ حاجِبُ
وَصارَت تَميمٌ بَينَ قُفٍّ وَرَملَةٍ
لَها مِن جِبالٍ مُنتَأى وَمَذاهِبُ
وَكَلبٌ لَها خَبتٌ فَرَملَةُ عالِجٍ
إِلى الحَرَّةِ الرَجلاءِ حَيثُ تُحارِبُ
وَغَسّانُ حَيُّ عِزُّهُم في سِواهُمُ
تُجالِدُ عَنهُم حُسَّرٌ وَكَتائِبُ
وَبَهراءُ حَيُّ قَد عَلِمنا مَكانَهُم
لَهُم شَركٌ حَولَ الرَصافةِ لاحِبُ
وَغارَت إِياد في السَوادِ وَدونَها
بَرازيقُ عُجمٍ تَبتَغي مَن تُضارِبُ
وَنَحنُ أُناسٌ لا حِجازَ بِأَرضِنا
مَعَ الغَيثِ ما نُلفى وَمَن هُوَ غالِبُ
تَرى رائِداتِ الخَيلِ حَولَ بُيوتِنا
كَمِعزى الحِجازِ أَعوَزَتها الزَرائِبُ
فَيُغبَفنَ أَحلاباً وَيُصبَحنَ مِثلَها
فَهُنَّ مِنَ التَعداءِ قُبٌّ شَوازِبُ
فَوارِسُها مِن تَغلِبَ اِبنَةِ وائِلٍ
حُماةٌ كُماةٌ لَيسَ فيهِم أَشايِبُ
هُم يَضرِبونَ الكَبشَ يَبرُقُ بَيضُهُ
عَلى وَجهِهِ مِنَ الدِماءِ سَبائِبُ
وَإِن قَصُرَت أَسيافُنا كانَ وَصلُها
خَطانا إِلى أَعدائِنا فَنُضارِبُ
فَلِلَّهِ قَومٌ مِثلُ قَومي عِصابَة
إِذا اِجتَمَعَت عِندَ المُلوكِ العَصائِبُ
أَرى كُلَّ قَومٍ قارَبوا قَيدَ فَحلِهِم
وَنَحنُ خَلَعنا قَيدَهُ فَهوَ سارِبُ
الأخنس التغلبي