تؤرخ المومياوات بالعصر اليوناني الروماني، وقد أظهرت نماذج وطرزا مختلفة من الفن، وتمثيلا لكل الطبقات الاجتماعية التي عاشت في هذا العصر.
مقبرة "وادي المومياوات الذهبية" ثاني أهم الاكتشافات المصرية في القرن الـ20، بعد مقبرة توت عنخ آمون (وكالة الأناضول)
عندما يموت البشر تتلاشى أجسادهم مؤقتا، غير أن معادلة المصريين القدماء -على مدار عصورهم الطويلة- التزمت بقاعدة أخرى للبقاء المطرز بالجمال، مثلما تُبرزه مقبرة "وادي المومياوات الذهبية"، ثاني أهم الاكتشافات المصرية في القرن الـ20، بعد مقبرة توت عنخ آمون.
إذ لم تُلف تلك المومياوات بلفائف تحفظ أجساد الموتى المحنطة والمعالجة بالزيوت والراتنجات (صموغ)، وهي محاطة بطقوس الفراعنة وتحت حراسة تعاويذ هؤلاء القدماء.
وعرف وادي المومياوات الذهبية في العصر الروماني واليوناني (31ـ 323 ق.م)، ويقع في منطقة الواحات البحرية بصحراء مصر الغربية، على بعد نحو 420 كيلومترا من القاهرة.
إذ تهب مقبرة وادي تلك المومياوات حياة إضافية لتاريخ قدماء البشر، لإبهار الأعين بجمال تزينه مقتنيات ذهبية خلابة.
ثاني أكبر اكتشاف أثري
ووفق مصادر أثرية متطابقة نقلها إعلام محلي، فالمقبرة التي أعيد افتتاحها رسميا في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بدأ اكتشافها في أواخر التسعينيات من القرن الماضي على يد بعثة مصرية برئاسة عالم المصريات الشهير زاهي حواس، وسميت بالذهبية لأنها تضم مقتنيات مذهبة وذهبية.
والمقبرة ثاني أكبر اكتشاف بمصر بعد الذي وصل إليه عالم الآثار الإنجليزي هيوارد كارتر في بدايات القرن الماضي، بكشف مقبرة الفرعون الأشهر توت عنخ آمون، وكنوزها الذهبية غير المسبوقة في نوفمبر/تشرين الثاني 1992.
لم تُلف تلك المومياوات بلفائف تحفظ أجساد الموتى المحنطة والمعالجة بالزيوت والراتنجات (صموغ) (وكالة الأناضول)
وتتربع مقبرة المومياوات الذهبية على مساحة 36 كيلومترا مربعا، وتعد أكبر جبانة في وادي النيل، وتضم أغلبها مومياوات وجهاء ونبلاء.
وتقول الروايات غير الرسمية إنه في عام 1996، قاد حارس لأحد المعابد الأثرية القريبة من المقبرة لهذا الاكتشاف، عقب تعثر دابته خلال سيرها في إحدى المناطق، والتي تبيّن بعد ذلك أن أسفل قدميها مقتنيات ذهبية، ساهمت في بدء جهود أثرية مصرية لسبر أغوار تلك المنطقة والكشف عن أسرارها.
وبالفعل انتهت بعثة حواس إلى الكشف عن مقبرة ضخمة تظهر مومياوات أغلبها ذات أقنعة وصدور مذهبة ومزخرفة بالنقوش الهيروغليفية والرسومات الدينية.
وتلا ذلك -بعد عدة مواسم أثرية للتنقيب- استخراج نحو 250 مومياء، مما يقدر عددها بشكل غير رسمي بنحو 10 آلاف مومياء.
وفي مقال نشر بإحدى الصحف روى حواس تفاصيل ما سماه "حكاية وادي الذهب"، ذكر فيه أنه في مارس/آذار 1999، وعلى بعد 6 كيلومترات من مدينة الباويطي عاصمة الواحات البحرية، كشف عن وادي المومياوات الذهبية.
وأضاف عالم المصريات أنه خلال موسم الحفائر الأول، أزحتُ الرمال عن أكثر من 100 مومياء كاملة، حيث لم يسبق من قبل أن تم الكشف عن هذا العدد الكبير من المومياوات، وفى حالة جيدة من الحفظ.
المومياوات الذهبية
وتؤرخ المومياوات بالعصر اليوناني الروماني؛ وأظهرت نماذج وطرزا مختلفة من الفن، وتمثيلا لكل الطبقات الاجتماعية التي عاشت في هذا العصر.
وغطيت بعض المومياوات بطبقة من الذهب من الرأس وحتى منطقة الصدر، الأمر الذي يعكس مدى ثراء أصحابها، وفق حواس.
عُرف وادي المومياوات الذهبية في العصر الروماني واليوناني (323 ـ 31 ق.م)، ويقع في منطقة الواحات البحرية (الأناضول)
ويقدر ما في الوادي الذهبي من مومياوات بـ10 آلاف مومياء، تحتاج أعمال الحفائر لكي تنجز كلها إلى 50 عاما، وفق حواس.
وحظيت المومياوات المكتشفة آنذاك ذات الوجوه المذهبة -وفق حواس- بشهرة عالمية واسعة، احتلت صورها أغلفة أشهر المجلات في أوروبا والولايات المتحدة واليابان.
كما خُصصت لهذا الكشف أعداد خاصة من جميع المجلات المتخصصة في مجال الآثار، التي تصدر في الولايات المتحدة وأوروبا.
وليست المومياوات الذهبية "مجرد مومياوات جميلة، بل ساعدت في الإجابة عن كثير من الأسئلة التي تدور حول تاريخ الواحات وأوضاعها السياسية والاقتصادية، ومظاهر الحياة اليومية لسكان الواحات البحرية خلال العصور القديمة المختلفة"، يضيف حواس.
وفي يناير/كانون الثاني 2001، عندما كان حواس يشغل منصب مدير منطقة آثار الجيزة، قال في تصريحات صحفية إن "هذه المومياوات توضح وتؤرخ الحياة التي كان يعيشها المصري القديم في هذه الفترة الزمنية، واستمرارية الديانة المصرية، على الرغم من وجود المعتقدات اليونانية والرومانية الخاصة بحكام هذه الفترة".