النتائج 1 إلى 7 من 7
الموضوع:

الجيومورفولوجيا

الزوار من محركات البحث: 3399 المشاهدات : 8149 الردود: 6
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    في ذمة الخلود
    ابو مصطفى
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 8,028 المواضيع: 865
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 3679
    مزاجي: الحمد لله
    مقالات المدونة: 7

    الجيومورفولوجيا

    الجيومورفولوجيا
    ( Geomorphology )
    مقدمة عامة:

    قبل أن نعرف هذا العلم نعود إلى اصل الكلمة حيث أن كلمة جيومورفولوجيا Geomorphology تتكون من ثلاثة مقاطع يونانية تعني حرفيا علم أشكال سطح الأرض وهي:
    Geo وتعني ارض,
    وMorpho وتعني شكل,
    وLogy وتعني علم.

    وهذا المصطلح أمريكي ادخل لأول مرة من قبل مدرسة جغرافيا في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر وحتى أن هذا المصطلح هو الأقرب مع أن باحثين جغرافيين آخرين يفضلون كلمة Land forms ( أشكال الأرض ) , لان جيومورفولوجيا ربما تكون اقرب إلى الجيولوجيا .
    وللتأكد من سعة انتشار التعريف الأول بين الباحثين نستعرض ما قدم من تعاريف كبار علماء الجغرافيا والجيولوجيا مثل:
    بنك Penck , الذي وصفة بأنه يدرس أشكال الأرض من حيث النشأة والمظهر.
    في حين أن فيلبسون Philipson قال انه دراسة سطح قشرة الأرض الصلبة.
    ووصفة زولش بأنه علم أشكال الأرض من حيث دراسة مظهر الأرض الحالي والماضي والمستقبل.
    ووضع ريشتهوفين تعريف يقول هو العلم الذي يحاول التعرف على الأشكال الأرضية من حيث تمييزها ووصفها وتوزيعها, ثم تجميعها في أقاليم أرضية, أي بشمولية اكثر هو علم أشكال قشرة الأرض والعوامل الطبيعية المنشئة ( المكونة ) لتلك الأشكال, وهنا يهمنا تجنب دور الإنسان وفعله وتأثيره في تشكيل وتعديل الأشكال الأرضية, أي أن هذا العلم هو علم تشكيل أشكال سطح الأرض.
    وبناء على ما ذكره الباحثين اعلاة ومن خلال التطور لعلم الجيومورفولوجيا حديثا, نستطيع وضع تعريف شامل لهذا العلم, على انه هو ذلك العلم الذي يقوم :
    بوصف مظاهر وأشكال سطح الأرض من حيث الارتفاع والانخفاض
    والأصل والنشأة
    والتكوين الجيولوجي,
    ودراسة العمليات الجيومورفولوجية التي أسهمت في صياغة وتشكيل أشكال الأرض مثل الانجراف والتعرية والتجوية

    واستخدام المعايير والمقاييس المختلفة بدقة, لقياس العمليات الجيومورفولوجية ومسح مظاهر الأرض للاستفادة منها في التنقيب عن الثروات المعدنية والطبيعية ومعالجة الأخطار الطبيعية المتعددة.
    وبذلك فالجيومورفولوجيا ليست مجرد فرع من فروع الجغرافيا بل هي الفرع الأساسي لعلم الجغرافيا, حيث أن جميع الأحداث والظواهر الأخرى على سطح الأرض تتصل اتصال مباشر بسطح الأرض والذي يوضح هذه الظواهر هو البحث في الجيومورفولوجيا, فمثلا رغم وجود الغلاف الجوي والذي يحكمه قوانين خاصة إلا أن عناصره وظواهره المناخية مثل الحرارة والرياح والأمطار تتصل اتصال وثيق بالظواهر الجيومورفولوجيه, وكذلك النبات والحيوان يتأثر وهكذا. ومن هنا فالجيومورفولوجيا كما قال العالم بنك هي جوهر الجغرافيا وروحها, لان الجيومورفولوجيا تدرس المجالات الطبيعية الثلاث للكرة الأرضية: وهي اليابس والغلاف الغازي والمحيطات. وبذلك تدرس الجيومورفولوجيا جميع معالم سطح الأرض, كبيرها وصغيرها من محيطات وقارات إلى جبال وتلال وأحواض ووديان وسواحل وغيرها. والهدف من ذلك هو التعرف على صيغها وظروف نشأتها والعوامل التي اشتركت في تشكيلها وتتبع مراحل تطورها.
    وبهذا المعنى فان هذا العلم مبني على مجموعه هائلة من الحقائق, وهو علم حدي بين الجغرافيا والجيولوجيا, حتى أن تطور الجيومورفولوجيا جاء مع تطور الجيولوجيا, وان اكبر الجغرافيين الذين تخصصوا ودرسوا هذا العلم في أميركا وقدموا له الكثير هم متخصصين في الجيولوجيا, وخاصة العالم ويليام موريس ديفز (W.M Davis) وسوف نرى فيما بعد ما يعرف بالمدرسة الديفيزيه نسبه إلى هذا العالم في دراسة تطور أشكال سطح الأرض .
    ويهتم علم الجيومورفولوجيا بنشأة وتطور الأشكال ألا رضيه,
    أي بالبعد الزمني المتمثل في الرد على أسئلة تبدأ بـــ ( متى وكيف )
    والتوزيع المكاني بكلمتي ( أين ولماذا )
    حيث يتكون سطح الأرض في أي مكان من صور شتى ومختلفه, ولو تتبعنا ساحل الخليج ركوبا بالطائرة من الشمال إلى الجنوب نرى ظواهر ارضية مختلفه, وعمل على تطوير هذه الظواهر عوامل وعمليات جيومورفولوجية مختلفه.
    العامل الجيومورفولوجي هو الطاقة مثل المطر
    والعملية هي الوسيلة مثل الانجراف بمختلف أشكاله
    وكامثله على العوامل والعمليات نورد ما يلي:
    1- السيل عندما يجري ويجيش على شكل مجاري ( عامل ) يجرف وينقل ويرسب (عمليه ).
    2- الرياح ( عامل ) تعمل بدورها على نقل الرمال وتجميعها ( عمليه ).
    3- أمواج البحر ( عامل ) تضرب وتنحت السواحل ( عمليه ) وتكون جروف صخرية.

    وباختصار فانه عند النظر إلى أشكال الأرض والتي تبدوا على شكل حقائق بديهية فأنها لم تكن كذلك قبل فتره من الزمن, حيث انه حتى لو سألنا أحد العامة عن سر وجود الجبال مثلا وكيف ومتى نشاءت سنرى رد فعل معين, تطور هذا الرد من القدم من الأوهام والخرافات إلى حقائق العلم الذي نحن بصدد دراسته في هذه المادة بالتفصيل.

    تطور علم الجيومورفولوجيا:
    ركزت الدراسات القديمة على دراسة الزلازل والبراكين والتغيرات الساحلية والسهول الفيضيه والأنهار في دراسة تطور أشكال الأرض, وهكذا بدا التطور في العصور الوسطى والحديثة بأفكار غير مترابطة ووصفيه. وكما ذكرنا أول من طور الجيومورفولوجيا هم المتخصصين بدراسة الجيولوجيا والمياه في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر, وظهرت ما يسمى بالنسقيه Uniformitanism والذي وضعها مجموعه من العلماء أهمهم شورلي Chorley وتستند هذه الفكرة إلى أن الحاضر في شكل الأرض هو مفتاح الماضي, وان التغيرات التي تعمل في الوقت الحاضر قد عملت أيضا خلال الازمنه الجيولوجية, وان التغيرات التي تحدث في أشكال سطح الأرض رغم أنها بطيئة فأنها بالواقع تكون فعاله, فعند توفر الوقت اللازم فان مظاهر سطح الأرض برمتها يمكن أن تنشا وتتلاشى مره ثانيه بواسطة قوى بطيئة العمل إلا أنها مستمره في هذا المجال, وهكذا كانت فكرة النسقيه تقدما واضحا على حساب الاعتقاد الخاطى بالحركات الفجائية Catastrophic والتي طغت عليها النسقيه , حيث انه من السهل الاعتقاد أن الفيضانات الشديدة التي تحدث بشكل نادر , تغير في وديان الأنهار اكثر مما يغيره جريان المياه بشكل اعتيادي في السنوات الواقعة بين فيضانين من هذا النوع .
    ونتج عن دراسات العلماء نظريات هي التي ساهمت في تطور هذا العلم حديثا والتي كان أهمها هو العمل بخطوات تقوم على الملاحظة وتنظيم الملاحظات وتفسيرها واستخلاص النتائج ومقارنتها ببعضها البعض وخاصة العالم ديفز ) في دراسة ما يسمى بدورة التعرية على شكل مراحل متتابعة سميت بالدورة العادية ( Normal Cycle ) أو الدورة المائية. وانطلق العالم في تطويره لعلم الجيومورفولوجيا من خلال التأكيد على ثلاثة عوامل يعتمد عليها تكوين المظهر وهي:
    أ – البنية Structure
    ب – العملية process
    جـ - الزمن Time

    وأدت هذه الأمور إلى الوصول لما يسمى بالمعالجة الوراثية للتضاريس ( مثل عمر الكائن الحي مرورا بالشباب والنضج والشيخوخة ), وظهرت عدة مدارس جيومورفولوجية يمكن أن نذكر منها مدرسة الأفكار الحركية والمدرسة المناخية ومدرسة الارتباط, ولكن أقوى هذه المدارس هي مدرسة المناخ كأحد أهم العوامل في تحديد المظهر الأرضي. وتشير دراسات ديفيز إلى انه بحق من طور الجيومورفولوجيا الحديثة وتمكن من ابتداع مصطلحات علمية ذكية زود بها دراساته, مثل مقارنته للظواهر التي تحدث في منطقة معينة بمراحل عمر الكائن الحي مثل مرحلة الشباب والنضج والشيخوخة. حيث أن الأشكال الأرضية الشابة هي الموجودة في منطقة تشكلت حديثا, أما الناضجة فهي الأشكال التي وصلت إلى التضاد بين الارتفاع والانخفاض وقد يوجد نضج مبكر أو نضج متأخر, أما الشيخوخة فهي وصول الأشكال إلى مرحلة لا تتلاشى فيها. وهكذا نلاحظ أن التطور سار من مرحلة الوصف أولا ثم الوصف الإيضاحي ( ديفز ) والتجريبي عن طريق التحليل المورفومتري ( معادلات زوايا الانحدار, والكثافة التصريفية وغيرها ), والمقياس المباشر مثل سرعة المياه في دفع الرواسب, والاختبار والذي يبقى صعب لصعوبة تتبع ظواهر الطبيعة في المختبر لذا يستعمل هذا الأسلوب للأمور البسيطة. أي أن الجيومورفولوجيا انتقلت من الوصف إلى التحليل في تطورها

    مجال علم الجيومورفولوجيا:
    ذكرنا أن أهم العلم يدرس أشكال وهيئات سطح الأرض, وبذلك فمجاله الأساسي هو دراسة قشرة الأرض والغلاف الصخري وقيعان المحيطات ( أو دراسة ما يسمى بالغلاف الصخري Lithosphere. وكلمة Litho كلمة يونانية تعني صخر ونعني بها المواد المشكلة لقشرة الأرض والتي تتكون من مجموعة هائلة من المعادن. وينفرد هذا العلم بهذا المجال بحيث يقدم التصوير والتفسير الكامل لإشكال سطح الأرض للمتخصصين في الدراسات المختلفة عن طريق تطبيقات هذا العلم فيما يعرف بالجيومورفولوجيا التطبيقية ( التي تدرس في خطة قسم الجغرافيا / جامعة مؤته على شكل مادة اختيارية ). وكما قلنا فانه عندما انتقلنا من الوصف إلى التحليل في الجيومورفولوجيا فان نتائج التحليل أصبحت توفر اكثر من التطبيقات لهذا العام وذلك باستخدام المقاييس الدقيقة عن طريق الميدان مباشرة. أهم الجوانب التطبيقية للجيومورفولوجيا ما يلي:
    1- الكشف عن الثروات الطبيعية وتطوير المساحات الزراعية والمعادن والغاز والصخور المفيدة.
    2- دراسة أحواض الأنهار وبناء الخزانات والسدود المائية وتوليد الطاقة وكشف الموارد المائية السطحية والجوفية وصيانتها.
    3- دراسة انجراف وتعرية التربة بالمياه والرياح ومعالجة هذه المشاكل.
    4- تتبع تغير مجاري الأنهار والقنوات وأثار هذا التغير.
    5- دراسة الانهيارات والانزلاقات الأرضية والصخرية ككوارث طبيعية ومواجهتها.
    6- استخدامه في النواحي العسكرية والحروب.
    7- دراسة التربة وأعماقها وصلاحيتها للإنتاج الزراعي.
    8- دراسة السواحل البحرية والموانئ وأثرها في الملاحة, وعلاقة التيارات البحرية بذلك.
    9- استخدامه في عمل الخرائط الجيوموفورلوجية لتطبيقها في شتى المجالات.
    10- استخدامه في دراسات البناء والطرق والسكك الحديدية.
    11- تتبع تطور الأقاليم واستقرارها الجيومورفولوجيا
    12- استغلال الصحاري والأراضي الجافة وشبه الجافة وتتبع العواصف الرملية فيها أثرها على نشاط الإنسان.

    علاقة الجيومورفولوجيا بالعلوم الاخرى:
    لقد قال لوبيك Lobeck أن الجيومورفولوجيا هي أيضا فرع أساسي من الجيولوجيا وخاصة علم دراسة المعادن والصخور وجيولوجية البنية والجيولوجيا الديناميكية التي تسهم في فهم علم الجيومورفولوجيا لأنها تفسر تطور معالم سطح الأرض, ولهذه الموضوعات الارتباط الوثيق مع الجغرافيا التي تدرس العلاقة بين الإنسان وبيئته الطبيعية من خلال الجغرافيا الطبيعية في دراسة المناخ والمياه والنبات. علاوة على ذلك يحتاج من يدرس الجيومورفولوجيا الرياضيات والعلوم الطبيعية. أي باختصار يشمل هذه العلم مواضيع تخص الجيولوجيا وعلم المياه والهندسة والرياضيات والفيزياء والجغرافيا وعلم التربة, حيث انه لا يوجد علم من العلوم يتقوقع ضمن حدود معينة, إلا انه يكون في تطور مستمر بحيث ينتقي ما يراه مناسبا من العلوم الأخرى التي تساعد على تطوره وشموله.

    وهكذا فان الجيومورفولوجيا لا ترتكز على القاعدة الجغرافية وحدها بل يوجد خمسة علوم أرضية أساسية ومجاورة ذات صلة وثيقة بالجيومورفولوجيا. وتعنى هذه العلوم الخمسة بدراسة الشكل العام للأرض وبحالتها ونشأتها وبنائها وموادها, واول هذه العلوم هو الجيوديسيا ( Geodesy ) وهي علم قياس الأرض لتحديد المواقع والارتفاعات لنقط معلومة على سطح الأرض مع الأخذ بالاعتبار عند القياس الشكل الحقيقي للكرة الأرضية ( كروي ), أما العلم الثاني فهو الجيوفيزياء إن علم الطبيعة الأرضية Geophysics والذي يوضح للجيومورفولوجيا خبايا القوى التي تسكن باطن الأرض والتي ينتج عنها الزلازل والبراكين , والثالث هو الجيولوجيا , حيث انه يجب على الجيومورفولوجي أن يدرس منطقة البحث جيولوجيا إذا لم تكن مدروسة جيولوجيا بشكل مسبق من قبل آخرين . وبالتالي فان الجيومورفولوجيا هي همزة الوصل بين الجغرافيا والجيولوجيا, أو نطاق الحدود بينهما. والعلم الرابع هو علم البيتروجرافيا Petrography أو علم الصخور الذي يدرس قشرة الأرض السطحية من خلال تنظيمها في وحدات زمنية وأعمار محددة . قد يضاف إلى هذه العلوم علم خامس هو علم الكارتوغرافيا ( الخرائط cartography ) وهكذا نلاحظ انه لا يمكن الحديث عن البناء العلمي الجغرافي إلا إذا بدأنا أولا بدراسة علم الجيومورفولوجيا.



    العوامل والعمليات الجيومورفولوجيه:
    كما ذكرنا فان العملية الجيومورفولوجيه ( Geomorphic Proccess ) هي وسيلة التأثير على صخور الأرض وما يتكون عليها من أشكال وتشمل كل عملية التغيرات الفيزيائية والكيميائية التي يكون لها دور في تغير وإزالة أو تكوين أشكال الأرض.
    أما العامل الجيومورفولوجي ( Agent ) فهو الذي تصبح العملية مؤثرة بموجبها فانه وهو يعني أي وسيط طبيعي قادر على نحت ونقل وترسيب المادة التي تتكون منها قشرة الأرض والصخور على اختلاف أنواعها, وبناء على ذلك فان المياه الجارية والباطنية والأمواج والتيارات هي عوامل جيومورفولوجيه, وأحيانا تسمى بالعوامل المتحركة لأنها تقوم بتحريك المواد وتنقلها وترسبها في مكان أخر. والذي يوجه هذه العوامل هو الجاذبية الأرضية ولكن الجاذبية لا تعتبر عامل جيومورفولوجي ( وقد تسمى هذه العوامل أيضا بالعوامل الظاهرية ) ويمكن تلخيص مجمل العمليات الجيومورفولوجية التي تحدث في القشرة الأرضية على الوجه التالي:
    1- التجوية Weathering
    2- الانهيال Mass Wasting
    3- التسوية Gradation
    4- النحت (الهدم) Degradation
    5- التعرية (الانجراف) Erosion وتشمل المياه الجارية + المياه الباطنية + الأمواج والتيارات البحرية والمد والأمواج البحرية العظمى + الرياح + الثلاجات.
    6- البناء Aggradation وتشمل المياه الجارية + المياه الباطنية + الأمواج والتيارات والمد والأمواج البحرية العظمى والرياح والثلاجات وكل الكائنات العضوية بما فيها الإنسان, والعمليات الباطنية.
    7- حركات القشرة الأرضية Diastrophisim ( الانزياح والزحف )
    8- النشاط البركاني Vulcanism
    9- العمليات التي تنشأ خارج الغلاف الغازي Extraterrestrial مثل سقوط الشهب والنيازك.

    ولا بد من التأكيد على انه قد يحدث التباس باستخدام المصطلحات التي تسمى بها العوامل والعمليات الجيومورفولوجية الشائعة. ويرجع الالتباس إلى حد ما إلى اختلاف الرأي عما يجب أن تشمله عملية جيومورفولوجية معينة. ولذا تستعمل كلمة التسوية ( Gradation ) لتشمل جميع العمليات الجيومورفولوجية التي تعمل على جعل سطح قشرة الأرض بمستوى واحد, وتشمل عملية التسوية مجموعتين من العمليات: الأولى تعمل على تخفيض مستوى قشرة الأرض وتسمى عمليات الهدم, والثانية تعمل على رفع مستوى قشرة الأرض وتسمى عمليات البناء. أما بالنسبة لعملية التعرية ( الانجراف ) فقد تكون مرادفة للتسوية وتشمل هذه العملية إزالة المادة لذا لا يدخل بها الإرسال مع انه جزء متمم للتعرية. أما كلمة الانهيار (الانهيال) فتدل على نقل كتلة كبيرة الحجم من المفتتات الصخرية بفعل الجاذبية المباشر نحو اسفل المنحدرات, ويساعد وجود الماء على حدوث الانهيار. في حين أن عملية التجوية توسع مفهومها إلى درجة كبيرة لكي تعبر هذه العملية جزءا من التعرية مع أنها قد لا يتشاركان في العمل فقد تحدث التجوية دون حدوث التعرية, والتعرية ممكنة دون تجوية سابقة, لذا فالتجوية عملية سابقة وعملية إعداد للتعرية إلا أنها ليست متطلب أساسي لحدوث التعرية.

    عامل الزمن في العمليات الجيومورفولوجيه ( الزمن الجيولوجي ):
    أن دراسة بعض أشكال سطح الأرض حالياً تتطلب بعض المعرفة البسيطة للازمنه الجيولوجية السابقة, حيث أن العامل أو العملية الجيومورفولوجية لا يتمكن من إنجاز دورة إلا في مدى زمني طويل يسمى بالزمن الجيولوجي. وفي العادة فان هذا المقياس يتعدى مدى عمر الإنسان إلى حدا كبير, من هنا لا بد من اخذ عامل الزمن بعين الاعتبار عند دراسة مظاهر سطح الأرض, ولذا فالمقياس الزمني هنا يجب أن يختلف عن المقياس المستعمل في الأحداث البشرية, حيث انه على الرغم من أن بعض العمليات الجيومورفولوجية تحدث بصورة سريعة وفجائية مثل البراكين والهزات الأرضية إلا أن هذا هو الشذوذ وليس القاعدة, ذلك لان معظم مظاهر وأشكال سطح الأرض تتشكل بطريقة بطيئة وبمرور حقب جيولوجية بحيث لا يتمكن الإنسان من أن يلحظ التغيرات التي تحدث خلالها.
    ويقدر علماء الجيولوجيا عمر الأرض من أن أصبحت كوكبا صلبا له باطن وقشرة بحوالي 3000 مليون سنه, وان حوالي 85% من هذه المدة يكاد يكون غامضا ولا يعرف عنه سوى النزر القليل من المعلومات, علما أن هناك وفرة من المعلومات عن الأرض في الفترة الأخيرة من تاريخها وهي المدة التي تبلغ 500 مليون سنه, كما أن معظم مظاهر سطح الأرض البارزة ترجع إلى هذه الفترة المتأخرة من تاريخ الأرض, ويوجد جداول زمنية مثل جدول نتال, ولا بد من الرجوع إلى هذه الجداول لتتبع الحوادث الجيولوجية المختلفة, ولقد قدرت الأعمار الجيولوجية في هذه الجداول وفقا لتحاليل كيماوية ومواد معدنية شعاعية قام بها الجيولوجيين مع انه فيها نسبة من الخطأ في التقدير. وتقسم الجداول الجيولوجية الفترات الزمنية إلى: زمن ( عصر ) جيولوجي مثل الباليوزيك والذي يحتوي على حقب ( مراحل ) وتقسم الحقب إلى فترات وهكذا.

    الأفكار الأساسية في توجيه العمليات الجيومورفولوجية:
    حدد العالم الجيومورفولوجي ثورنمبري (Thornnmbry) العملية الجيومورفولوجية والتي تبدأ وتحدث وتكتمل بفعل عوامل جيومورفولوجية معينة تؤدي إلى تغيير أشكال سطح الأرض من حيث التغير ضمن مدى زمني جيولوجي معين, حددها بأنها تسير على صورة الأفكار التسعة التالية:
    1- ( إن بعض العمليات والقوانين الطبيعية التي تعمل ألان هي نفسها قد عملت خلال الأزمنة والعصور الجيولوجية, إلا انه ليس من الضروري أن يكون عملها بنفس الشدة الحالية دائما ), حيث أن أي وادي لا يوجد شك بأنه يشق مجراه حاليا مثل ما كان يشقه في الزمن الماضي, وان الاختلاف فقط هو في الشدة والذي قد يكون سببه التغيرات المناخية على سطح الأرض.
    2- ( ترتبط تضاريس سطح الأرض إلى حد كبير مع اختلاف سرعة العمليات الجيومورفولوجية )، أن أحد أسباب تباين مقدار نحت سطح الأرض هو تباين طبيعة الصخور المكونة لها, مثلا الصخر الجيري اسهل من الجرانيت, والمناطق المرتفعة قاعدتها صلبة والمنخفضة كالسهول صخورها لينة. أي أن درجة مقاومة الصخر هي التي تؤدي إلى تباين النحت, ولكن يبقى اختلاف عناصر الحرارة أو الرطوبة والغطاء النباتي السبب الرئيسي في اختلاف شدة العمليات الجيومورفولوجية من فترة لأخرى, وهذا معناه وجود الاختلاف من مكان لأخر حتى على نطاق ضيق.
    3- ( تترك العمليات الجيومورفولوجية آثارها الواضحة على أشكال اليابسة وتقوم كل عملية جيومورفولوجية بتطوير أشكال اليابس الخاصة بها ), ولذا لكل مظهر من مظاهر الأرض صفات مميزة تعود إلى طبيعة العملية التي أظهرت هذا الشكل. فالسهول أشكال كونتها الأنهار. ولكون كل عملية جيومورفولوجية تعمل على انفراد في تكوين معالم أرضية متميزة فانه بالإمكان تصنيف أشكال اليابسة على أساس نشأتها. ولذا يصبح تفسير وجود شكل معين سهل على المتخصصين في هذا العلم, وحتى انه يمكنهم توقع وجود أشكال أخرى بناء على علاقة ونشأة هذه الأشكال, حيث مثلا تعود معظم مظاهر الأرض إلى تغيرات مناخية حدثت في زمن البلايستوسين.
    4- ( يظهر تعاقب منظم الأشكال اليابس عندما تعمل عوامل تعرية مختلفة على سطح الأرض ), أي انه يوجد تطور متعاقب ومنتظم لأشكال الأرض حسب اعتقاد المتخصصين, ورغم أن يفز هو الذي وضع فكرة مرور الأشكال الأرضية بمراحل الشباب والنضج والشيخوخة والتي سميت بالدورة الجيومورفولوجية, إلا أن هذا لا يعني وجود دورة حقيقية في الطبيعة, ولكن يبقى وجود تطور منظم ومتعاقب وليس من الضروري وجود تماثل في مراحل وخصائص طبوغرافية كل إقليم. كما يختلف الزمن, حيث أن وجود منطقتين متشابهتين في مراحل تطورهما لا يعني انهما استغرقتا نفس الفترة الزمنية. ومن هنا لا بد من تتبع دورات تطور كل إقليم أو شكل على انفراد للوصول إلي تطوره الحقيقي.
    5- ( أن التطور الجيومورفولوجي المعقد اكثر شيوعيا من بسيطة – أي التطور البسيط منه ), حيث أن التوضيح البسيط لإشكال سطح الأرض قد لا يكون صحيحا. ولهذا وجدت التناقضات بسبب الاعتماد على الإيضاح البسيط, حيث انه عندما نتعمق في تفسير أشكال الأرض نجد أن التطور قد يكون نتيجة لعملية جيومورفولوجية واحدة وبناء على ذلك صنف هوربرج عام 1952 أشكال اليابسة في خمسة مجموعات كما يلي:
    أ- البسيط: وهي الأشكال التي تكونت بفعل عملية ( دورة ) جيومورفولوجية تطغى على عمليات أخرى سابقة أن وجدت.
    ب- المركب: تتعرض إلى دورتين ( عمليتين ) أو اكثر, ومعظم الأشكال مركبة
    ج- أشكال تنتج عن دورة واحدة: تظهر على الأشكال أثار هذه الدورة
    د- أشكال تنتج عن دورات متعددة: تحمل أثار هذه الدورات.
    هـ- مجاميع الأشكال المنكشفة: أي تطور الشكل بوجود ظروف مناخية واحدة وما صاحبها من تباين في العمليات الجيومورفولوجية السائدة, كما ان هذا النوع من الأشكال تكون خلال فترات جيولوجية سابقة وانطمر تحت كتل من الصخور وعاد وظهر بعد زوال ما كان يغطيها من صخور.
    6-( إن قليلا من طبوغرافية الأرض اقدم من الزمن الجيولوجي الثالث في تاريخ تواجدها ولا يتجاوز قدم غالبيتها عصر البلايستوسين ), ولقد قدر أشلي ( Ashly ) بان 90% من سطح اليابس في الوقت الحاضر تكون بعد الزمن الثالث وإن 99 % من هذه الأشكال تطور بعد عصر الميوسين. وليس بالضرورة أن تكون هذه التقديرات صحيحة إلا أنها تبقى فكرة مقبولة لدى المتخصصين.
    7-( لا يمكن تفسير المعالم التضاريسية تفسيرا صحيحا دون أن تقدر التغيرات المناخية والجيولوجية المتعددة التي حدثت خلال البلايستوسين تقديرا كاملا ), حيث أن معظم المظاهر الطبوغرافية في العالم نشأت في فترة حديثة وان التغيرات المناخية والجيولوجية التي حدثت في البلايستوسين تركت أثارا واضحة على الوضع الطبوغرافي الحالي لان البلايستوسين تميز بوجود فترات مطرية وبغزارة شديدة.
    8-( أن تقدير مناخات العالم حق قدرها أمرا ضروريا لفهم الأهمية المتباينة لمختلف العمليات الجيومورفولوجية فهما صحيحا ). وهنا نركز على فهم عناصر المناخ وخاصة الحرارة والأمطار والتبخر وسرعة الرياح والتجمد والتي تؤثر جميعها بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات الجيومورفولوجية لاثر المناخ حتى ألان.
    9-( مع إن اهتمام الجومورفولوجيا ينصب بالدرجة الأولى على معالم سطح الأرض الحالية, ألا إن هذه الدراسة والاهتمام تبلغ ذروة فائدتها إذا توسعنا بدراسة معالم السطح من الناحية التاريخية), حيث توجد أشكال أرضية تعود لحقب جيولوجية سابقة, لذا لا بد من الرجوع لها, وهذا يسمى بالجيومورفولوجيا القديمة (Palaogeomorphology). وهذا يوصلنا للتعرف على أشكال أرضية نتجت بفعل عمليات لا تعمل في الوقت الحاضر.


    شكل الأرض وبناء الأرض، وفكرة عامه عن الأرض بشكل عام:
    لقد أصبح من الثابت أن الأرض شكلها كروي ( على شكل الأجاص ) وطول قطرها الاستوائي 7926.7 ميل (12754.1كم) وقطرها 7899.9 ميل (12710.9كم ) أي أن الاستوائي يزيد عن القطبي بحوالي 43.2 كم. ويوجد عدة مرتفعات تحيط بالكرة الأرضية، وهذا يترتب علية إختلاف نصف القطر من منطقة إلى أخرى، ويبلغ محيط دائرة الأرض عند خط الاستواء حوالي 40225 كم. ويهمنا هنا اليابس الذي يحتل حوالي 29.2% والباقي مغطى بالمياه السائلة والمتجمدة. ويقدر متوسط ارتفاع الأرض بحوالي 840 م فوق مستوى سطح البحر, أما البحار فمتوسط عمقها هو 3800 م ( أي أن البحار أكثر عمقاً من ارتفاع اليابس). ومن ناحية جيومورفولوجية إذا نظرنا إلى توزيع اليابس والماء نلاحظ ما يلي:
    1- تركز اليابس في نصف الكرة الشمالي.
    2- تركز المحيطات في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
    3- تجمع والتفاف الماء حول القطب الشمالي.
    4- امتداد أجزاء قارية كثيرة في نصف الكرة الجنوبي.
    5- الشكل المثلثي لمعظم القارات.
    6- وجود قارة مرتفعة ومنعزلة في القطب الجنوبي, القطبية الجنوبية ( انتاراكتيا ).
    7- الوضع المتعاكس بين اليابس والماء بين القطبين (للتوازن).
    8- اليابس يتكون من تضاريس وطبوغرافيا متنوعة, وهذا الاختلاف يعود إلى البنية ونوعيه الصخر.
    تضاريس الأرض:
    تبين لنا من خلال دراستنا للأفكار الأساسية في العمليات الجيومورفولوجية أنه ما من شيء ثابت على سطح الأرض غير أن هذا التغيير لا يكون ملحوظا قي كثير من المناطق بسبب بطيء اثر عمليات التي تؤدي إلى حدوثه ويعتقد بعض سكان الإقليم التي يحدث فيها نشاط بركاني أو التي يتكرر حدوث الزلازل فيها إن معظم النشاط الأرضي يكون بشكل فجائي وبعنف شديد. ألا إن الحقيقة أن معظم العمليات الأرضية تكون بطيئة جدا فقد استغرق تكوين جبال روكي الحالية فترة تزيد عن ستة ملايين سنة. كما استطاع نهر كولورادو أن يحفر الخانق العظيم Grand Canyon في خلال ملايين عديدة من السنين ولم يكمل عملة إلى حد ألان.
    يؤلف كل من الغلاف الصخري والمحيطات غلافا تاما يحيط بالكرة الأرضية التي تتفلطح قليلا عند خط الاستواء وتنبعج عند القطبين، ولا يكون سطح الأرض ناعما ولكن وعلى الرغم من ضخامة التفاوت بين تضاريس الأرض ( أي بين أعلي مناطقها فوق مستوى سطح البحر واخفض مناطقها دون مستوى سطح البحر ) فان تلك التضاريس لا يمكن أن تقارن بأي شكل من حجم الأرض العظيم. وتقسم تضاريس الغلاف الصخري إلى ثلاث مجموعات أو رتب أو درجات هي تضاريس الدرجة الأولى First Order وتشمل القارات وأحواض المحيطات وتضاريس الدرجة الثانية Second Order وتضم الحبال والهضاب والسهول . وأما تضاريس الدرجة الثالثة Third Order فإنها تشمل التلال والوديان ... الخ وبعبارة أخرى تعني هذه التضاريس أنها تلك التي توجد فوق تضاريس الدرجة الثانية على القارات فقط تقريبا.

    تضاريس الدرجة الأولى:
    تبلغ مساحة الأرض حوالي 510320000 كم مربع تحتل المحيطات حوالي 365190000 كم مربع منها. ويوجد في المحيطات الحالية كمية هائلة من المياه التي تشغل أحواضها فقط بل طغت على الأرصفة القارية مغطيتا مساحة تقدر بـحوالي 25900000 كم مربع منها، إذ تقدر كمية المياه التي توجد في أحواض المحيطات بحوالي 1370000 كيلو متر مكعب من المياه. وتحتل أحواض المحيطات الأجزاء المنخفضة من الغلاف الصخري إذ يبلغ معدل عمق المحيط العالمي 3800 مترا دون مستوى سطح البحر. ولا يكون قاع المحيط مستويا أو منظما إذ تنتشر فوقه كثير من المناطق التي يزيد ارتفاعها عن المستوى العام لعمق القاع مثل الحافات المحيطية الوسطى والتلال والجبال البحرية التي ترتفع حوالي 1000 متر فوق مستوى القاع وقد تزيد عن ذلك أحيانا كثيرة. وتوجد في بعض الجهات من قيعان المحيطات مناطق تنخفض كثيرا عن المستوى العام لعمق القاع كما في الخنادق المحيطية ( الأغوار ) التي يبلغ طول البعض منها عدة ألاف من الكيلومترات كما يزيد العمق في البعض منها عن 11000 متر دون مستوى سطح البحر.
    تمثل القارات الأجزاء المرتفعة من تضاريس الدرجة الأولى على خلاف الأحواض المحيطية التي تمثل الاجزاء المنخفضة منها. ويمكن أن نظم للقارات بموجب هذا التعريف جزرا عديدة مثل تلك التي تقع إلى الشمال من قارة أمريكا الشمالية مثل الجزر البريطانية. وهي تصف سطح القارات بعدم انتضامه على خلاف ما يوجد على قيعان المحيطات بحيث تكون المحيطات أكثر عمقا من ارتفاع القارات فوق مستوى سطح البحر، فبينما لا يرتفع إلا ما مقدرة 11 % من سطح اليابسة اكثر من 2000 متر فوق مستوى سطح البحر ينخفض حوالي 84 % من مساحة قاع المحيط اكثر من 2000 متر دون مستوى سطح البحر، في الوقت نفسه يكون ارتفاع أعلى قمة على اليابسة 8840 متر عند افرست بينما سجل عمق مقداره 11524 متر دون مستوى سطح البحر عند خندق مارينا.
    هذا ويرتبط تفسير كيفية تكون تضاريس الدرجة الأولى ارتباطا كليا بطريقة تكوين الكرة الأرضية نفسها والتي ما زالت الآراء والنظريات متضاربة حولها بشكل كبير، مثل نظرية الكويكبات لتشمبرلين ونظرية انفصال القمر ونظرية التقلص التي جاء بها لابورث والعقد النووية لديلورد كالفن وكذلك زحزحة القارات لفجنر.
    ويتكون باطن الأرض ( اللب core ) بشكل رئيس من الحديد المختلط مع السليكون والكبريت وتبلغ درجة حرارته أكثر من 5500م5 ووزنه النوعي حوالي 13 بالمقارنة مع 2.8 كمعدل للوزن النوعي لصخور القشرة الأرضية. أما نطاق المانتيل mantle فهو يشكل القسم الأعظم من كتلة الأرض ويحيط باللب ويبلغ
    مقدار سمكه 2800كم, ويتراوح الوزن النوعي لصخور المانتيل الخارجية بين 3 إلى 3.5 وتتزايد هذه القيمة إلى 4.5 وأكثر مع زيادة العمق. ويتصف المانتيل بأنه صلب بالدرجة الاساسية ومن المحتمل انه يتكون من معادن ثقيلة غنية بالمغنيسيوم والحديد, وتتراوح درجات حرارته بين 657 إلى 2750 درجة مؤية، هذا وتكون ألقشره Crust ألطبقه ألسطحيه للأرض وهي غشاء رقيق يتراوح معدل سمكه بين 24 إلى 32 كم في حين يزداد ذلك السمك أسفل القارات فيبلغ بين 30 إلى 65 كم. ويظهر انقطاع واضح في البنية ودرجة البلورية والتركيب الكيماوي بين القشرة ألارضيه وبين طبقة المانتيل الواقعة أسفلها وتقسم القشرة الأرضية نفسها إلى طبقتين هما:
    1- النطاق العلوي الغير متصل الذي يتطابق مع خطوط القارات ويكون وزنه النوعي 2.65 ويعرف بالسيال Sial ويتكون معظمه من عنصري السيليكون والالمنيوم.
    2- النطاق الأسفل المتصل الذي ينكشف عند قيعان المحيطات ووزنه النوعي 3 ويعرف بالسيما Sima الذي ويتكون في معظمه من عنصري السيليكون والمغنيسيوم.
    تضاريس الدرجة الثانية:
    يوجد هذا النوع من التضاريس فوق تضاريس الدرجة الأولى فوق أسطح القارات مثل الهضبات والسلاسل الجبلية والسهول كما يوجد على قيعان المحيطات، وتتصف أنواع التضاريس الموجودة فوق قيعان المحيطات بأنها في العادة اكثر سعة وامتدادا مما علية فوق القارات، فقد أمكن العثور على الجبال فوق قيعان المحيطات ويرتفع بعض هذه الجبال إلى ما فوق مستوى البحر كثيرا في بعض الحالات. وتعتبر جزر هاواي مثلا جيدا على ذلك فهي تتكون من خمسة جبال بركانية تكونت خلال حوالي مليون سنة، وترتفع الجزيرة إلى حوالي 4000 متر فوق سطح البحر واكثر من 9000 متر فوق قاع المحيط. ومن المفيد إن نذكر هنا أن الهضبات والسلاسل الجبلية تقع في أماكن معينة ضمن مختلف القارات إذ توجد معظم السلاسل الجبلية على مقربة من حواف القارات. وتقع معظم السهول العظمى في داخل عدد من القارات في الوقت نفسه التي تمتد فيه على مقربة من سواحلها. ونستطيع أن نعتبر تضاريس الدرجة الثانية أشكالا أرضية ناتجة عن عمليات جيومورفولوجية إنشائية ( بنائية ) Constructional وهي العمليات الداخلية Internal. وتتباين هذه الأشكال في أحجامها كثيرا من السهول والسلاسل الجبلية والهضبات الواسعة التي تنتج عن عمليات بنائية كبيرة التأثير كعمليات الالتواء و الانكسار، إلى بعض الكتل الجبلية والتلال الصغيرة التي لا يزيد امتدادها عن عدة كيلومترات امثال الجبال البركانية والقبابية.
    تضاريس الدرجة الثالثة:
    نعني بها الأشكال الأرضية الناتجة عن عمليات الهدم Destructional وهي العمليات الجيومورفولوجية الظاهرية External. وتوجد هذه الأشكال الأرضية عادة فوق تضاريس الدرجة الثانية على القارات فقط رغم أن بعض جهات الرصيف القاري والمنحدر القاري فيها بعض المظاهر التي ترجع إلى هذه الدرجة. ويعود السبب في ذلك إلى أن قيعان المحيطات محمية من التأثير للعمليات الظاهرية بواسطة الغلاف المائي السميك الذي يوجد فوقها. أن ما نراه من التضاريس على سطح القارات اليوم لا يتعدى كونه صورة لكل تضاريس الدرجة الثالثة الموجودة فوقها وان غاية ما يقوم به علم الجيومورفولوجيا لا يتعدى دراسة تلك التضاريس أو الأشكال، والتي تكون في العادة ثلاثة أنماط هي: أشكال تعرية, أشكال متخلفة, أشكال ترسيبية. ولكل عملية جيومورفولوجية ظاهرية, مجموعة خاصة بها من هذه الأشكال كما بينا ذلك فيما سبق، فالأنهار على سبيل المثال تكون أشكال تعرية خاصة بها مثل الوديان والخوانق والأخاديد. وينطبق الشيء نفسه على بقية العمليات الجيومورفولوجية الظاهرية كالجليد والأمواج والمياه الباطنية والرياح وعوامل الجو.

    الصخور ومظاهر ضعفها:
    يتكون الجزء اليابس من الأرض من أنواع مختلفة من الصخور ويمكن تعريف الصخر بأنه كل مادة تتكون أساسا من معدن واحد أو خليط من معادن عديدة وتشترك في بناء جزء أساسي من القشرة الأرضية. وتوجد أيضا بعض الصخور التي تتكون من اصل عضوي ( غير معدني ) مثل صخور الفحم والصخور العضوية المتكونة من تكدس بقايا الهياكل العظمية للكائنات الحية.
    وعلى هذا الأساس فان الصخور تختلف اختلافا بينيا اعتمادا على نوع المعادن ألمكونه لها وعلى نسبة المعادن المشتركة في تكوينها إضافة إلى كيفية نشأتها وطريقة تواجدها Mode of Ocurresence.
    إن بعض هذه الصخور تشكل كتلا قوية كما أن بعضها يكون قليل المقاومة وتكون بعض الكتل الصخرية كبيرة واسعة في حين تكون أخرى صغيرة لذلك فان طبيعة الصخر وانتظامة ووضعه وبنيته تشكل عوامل مهمة في التأثير على سلوكية الأنهار والعوامل الظاهرية الأخرى خلال عملية تعرية كتل اليابس.
    تؤثر نوعية الصخر LITHOLOGY في نشأة وتطور كثير من العمليات والأشكال الأرضية , مما أمكن تصنيفها حسب أنواع الصخور التي تتكون عليها , كتلك الأشكال التي ترتبط بالصخور الجيرية ( طبوغرافية الكارست ) , وأشكال الصخور الجرانيتية والصخور الرملية . فالمعالم السطحية التي تكونها عوامل النحت والارساب تعتمد إلى حد كبير على طبيعة الصخور التي تقع تحت المنطقة المعنية. وقد تناول كثير من الدارسين موضوع العلاقات الصخرية- الجيومورفولوجية في مناطق مختلفة, كالدراسات التي قام بها كل من: توماس وجننج وتوايديل، وركز بعضهم على إبراز دور نوعية الصخر في تطوير الأشكال الأرضية بصورة عامة, وذلك على حساب العوامل الجيومورفولوجية الأخرى مما آثار جدلا غير ضروري حول أولوية وأهمية أي من هذه العوامل. ففي الواقع, تتداخل العوامل البيئية معا, ومنها العوامل الجومورفولوجية, في إنتاج أية مجموعة من الأشكال الأرضية في الأماكن المختلفة, وان برز بعضها كعامل رئيسي أو سائد Prevailing Factor في بيئة محددة . وقد تكون نوعية الصخر هي العامل السائد في منطقة ما, في حين تفسح المجال للمناخ أو البنية الجيولوجية أو الإنسان في مناطق أخرى. وفي هذه الحالة, تعكس الأشكال الأرضية المتطورة فوق نوع معين من الصخور تأثير هذه العوامل, تماما كما يحدث بالنسبة لأشكال سطح الصخور الجيرية المتطورة في كل من المناطق الجافة والمناطق الرطبة, لاختلاف وتعقيد الصخور الموجودة حتى في المناطق المحدودة, أو نتيجة الخصائص الطبيعية والكيماوية في الصخر نفسه. ويعتبر الحجر الجيري من اضعف الصخور وذلك بسبب قابليته الشديدة على الذوبان إلا انه يكون ذو مقاومة واضحة في المناطق الجافة وذلك لقلة احتمال تغيره عند التغير في درجات الحرارة, كما لا يحدث للصخور الأخرى.

    أنواع الصخور:
    يمكن تقسيم الصخور حسب طريقة نشأتها إلى ثلاثة أقسام هي:
    1- الصخور النارية
    2- الصخور الرسوبية
    3- الصخور المتحولة.
    ويطلق على الصخور النارية والمتحولة أحيانا اسم الصخور البلورية.
    كما يمكن التمييز بين هذه الأنواع الرئيسية الثلاثة من الصخور بشكل مبدئي على اساس ان الصخور الرسوبية تكون في الغالب على هيئة طبقات قد تكون متجانسة أو متباينة وقد تحتوي كل طبقة من هذه الطبقات على بقايا حيوانية ونباتية قديمة تسمى الحفريات (Fossils) وتنعدم هذه الميزة تماما في الصخور النارية ومن النادر أن توجد هذه الحفريات في الصخور المتحولة وذلك لأنها تتحلل وتزول نتيجة للضغط والحرارة, وتتميز الصخور النارية بهيئة كتلية لا طبقية ولكن غالبا ما تكون في حالة متبلورة في حين يندر وجود مثل هذه المكونات المتبلورة في الصخور الرسوبية كما تظهر البلورات في كثير من الصخور المتحولة.

    اولاً: الصخور الرسوبية:
    وإذا أخذنا سطح الأرض بنظر الاعتبار وبشكل كلي فان الجزء الذي يتكون من صخور رسوبية يكون أوسع بكثير من الجهات التي تتواجد فيها الصخور النارية والمتحولة بصورة مجتمعة. ويشير هذا إلى أن مناطق واسعة جدا من الجهات القارية كانت في وقت من الأوقات مغمورة تحت سطح البحر ومع ذلك هناك تكوينات رسوبية واسعة لم تتكون بفعل الارساب تحت الماء. ومن أمثلة ذلك السهول الرسوبية الواسعة تصل إلى مئات الأميال التي تكونت عند أقدام الجبال. وقد يبلغ سمك رواسبها في بعض الأحيان إلى ألاف الإقدام.
    تتكون الصخور الرسوبية من تجمد وتماسك الرواسب الصخرية وذلك بالتحام مكوناتها مع بعضها تحت تأثير الضغط الناشىء من ثقل الرواسب الأخرى التي تعلوها, أو قد يتم التماسك والتجمد بواسطة مادة لاصقة أو لاحمة مثل كاربونات الكالسيوم أو السيليكا أو اكاسيد الحديد التي قد تتواجد بين هذه الرواسب، وتتكون الصخور الرسوبية من مواد ذات اصل متعدد وتركيب كيماوي أو معدني متباين وتحت ظروف متنوعة وبيئات مختلفة, وتؤدي مثل هذه الوضعية إلى تعدد أنواع هذه الصخور وتقسم الصخور الرسوبية حسب طريقة تكوينها وظروف نشأتها إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:

    أ- صخور رسوبية ميكانيكية النشأة:
    وتشمل هذه المجموعة كل الصخور الرسوبية التي تتكون من قطع ومفتتات الصخور السابقة والتي تم نقلها بواسطة المياه والرياح أو الثلاجات أو بفعل الجاذبية الأرضية, دون أن يطرأ عليها أي تغير كيماوي ومن ثم ترسب بطريقة آلية وتتماسك وتلتحم، مثل الحجر الرملي والطفل والمجمعات الصخرية وأنواع معينة من الحجر الجيري. وتقسم الصخور الرسوبية ميكانيكية النشأة من حيث حجم الحبيبات إلى:
    1- صخور رسوبية ميكانيكية النشأة كبيرة الحبيبات وتتكون هذه من حبيبات كبيرة الحجم وذات قطر لا يقل عن 2 ملم وقد يصل أحيانا إلى بضعة سنتيمترات وتعرف هذه عامة بالحصى ومن أهم هذه الصخور الكونجلوميرات Conglomerate وصخور بريشيا.
    2- صخور رسوبية ميكانيكية النشأة متوسطة الحبيبات وهنا يختلف حجم الحبيبات ويتراوح قطرها ما بين 2 إلى 1 / 16 من المليمتر. وتعرف هذه الصخور عامة بالصخور الرملية حيث انها تتكون من حبيبات معدنية يسودها الرمل الذي يصحب تأثره بعوامل التعرية, ومن أهم أنواع الصخور الرملية الحجر الرملي والحجر الرملي الجيري والحجر الرملي الكلسي والحجر الرملي الحديدي.
    3- صخور ميكانيكية النشأة دقيقة الحبيبات, تتكون هذه الصخور من حبيبات دقيقة لا يزيد قطرها على 1 / 16 ملم. تنتج هذه الحبيبات من تحلل وتفتت المعادن وخاصة معادن السيليكات ومنها سيليكات الامونيا المائية ويمكن تمييز نوعين من هذه الحبيبات حسب حجمها أو قطرها هما: الغرين أو الطمي وحبيباته كبيرة نسبيا يتراوح قطرها بين 1 / 16 إلى 1 / 256 ملم والطين وهو عبارة عن حبيبات دقيقة جدا لا يزيد قطرها عن 1 / 256 ملم وقد تحتوي الصخور الطينية على بعض البقايا العضوية المتحللة مثل الدبال أو بقايا نباتات متفحمة ومن أهم أنواع الصخور الطينية هي الطين والحجر الطيني ويتحول الطين إلى حجر طيني عندما يفقد الجزء الأكبر من محتوياته المائية نتيجة للجفاف أو زيادة الضغط.

    ب‌- صخور رسوبية كيماوية النشأة:
    تتكون هذه الصخور نتيجة ترسبها من محاليل تحتوي على مواد مذابة وذلك عندما ترتفع درجة تركيزها وفقا للظروف الطبيعية المحيطة بها. أو قد تتكون من الرواسب نتيجة تفاعل كيماوي يجري بين مكونات هذه المحاليل. ويمكن تمييز الأنواع التالية من هذه الصخور وذلك على أساس تركيبها:
    1- الصخور الرسوبية الجيرية: وتتكون هذه الصخور نتيجة ترسب كاربونات الكلسيوم من المحاليل الجيرية المحتوية على بيكاربونات كالسيوم ذائبة من هذه الصخور، الحجر الجيري غير العضوي وصخر الترافرتين ( Travertine) وحجر الدولومايت ( Dolomite ) الذي يتكون من كاربونات الكالسيوم وكاربونات المغيسيوم بنسب مختلفة.
    2- صخور رسوبية سيليكية: وتتكون هذه الصخور من ترسب مادة السيليكا مثل حجر الصوان (Flint) وهذا خليط من السيليكا المتبلورة وغير المتبلورة تكون على هيئة عقد، وكذلك حجر شيرت ( Chert ) وهو نوع من الصخور السيليكية غير النقية لأنها تحتوي على نسبة عالية من الجير.
    3- صخور رسوبية ملحية: حيث أن تبخر مياه البحيرات والبحار المغلقة يؤدي إلى تركيز المحاليل الملحية الموجودة فيها ثم ترسيبها في هيئة طبقات متعاقبة ومن أهم الصخور الرسوبية الملحية هو صخر الجبس (Gypsum ) ويتكون هذا الصخر من حبيبات دقيقة من كبريتات الكالسيوم المائية التي تترسب في هيئة طبقات أو صفائح ويدخل ضمن هذا النوع كذلك صخور انهايدرايت (Anhydrite) ويترسب هذا الصخر الأخير من ترسبات كبريتات الكالسيوم اللامائية إضافة إلى الصخور الملحية الأخرى مثل الجبس وملح الطعام والملح الصخري.

    ج‌- صخور رسوبية عضوية النشأة:
    تنشأ هذه الصخور نتيجة تكدس او تراكم بقايا الكائنات الحية الحيوانية والنباتية (أوراق النباتات وجذوع الأشجار وأغصانها) بعد موتها والمحارات والاصداف الحيوانية على شكل طبقات سميكة ومن ثم تحلل هذه البقايا بفعل وتأثير الفطريات والبكتيريا خلال مدة زمنية طويلة, ثم تعود هذه المواد فتتماسك مع بعضها في هيئة صخور, نتيجة الضغط والتفحم، وهناك نوعان من هذه الصخور:

    1- صخور عضوية حيوانية: وتتكون هذه الصخور من مواد عضوية جيرية سيليكية أو فوسفاتية مثل الحجر الجيري العضوي والأخير صخر واسع الانتشار يتكون من تحلل قشور وهياكل الحيوانات البحرية وتراكمها وتسمى الصخور الجيرية حسب نوع الحفريات التي قد تكون سائدة الانتشار فيها مثل، الحجر الجيري الصدفي (Shelly Limestone).
    2- صخور عضوية نباتية: وتنتج هذه الصخور عن تكدس البقايا النباتية ثم تعفنها وتحللها وتفحمها وتتكون هذه إما من مواد سيليكية أو مواد كربونية ومنها بقايا الطحالب مثل دياتوم، والرواسب الكاربونية وتتكون الأخيرة نتيجة تفحم نباتات المستنقعات، وتتراوح نسبة الكربون فيه من 55% إلى 72% والفحم القطراني ( bituminous Coal ) وفحم الانتراسايت ( Anthracite ) ويعتبر الأخير من اصلب أنواع الفحم وأكثرها جودة ويحتوي على نسبة عالية من مادة الكربون قد تصل إلى 98% من مجموع وزنها الكلي.

    بنية الصخور الرسوبية:
    يمكن تقسيم بنيات الصخور الرسوبية إلى بنيات رئيسية وتشمل مختلف أنواع الالتواءات والانكسارات ونظم الفواصل وعدم التجانس، والى بنيات ثانوية هي الطبقات المتقاطعة والشقوق. من النادر أن تتواجد الصخور الرسوبية في الطبيعة بشكل أفقي تماما, فقد يؤدي التجعد البسيط في أي منطقة رسوبية إلى تكوين قباب وأحواض تتراوح أحجامها من بضعة أميال إلى مئات الأميال أو قد تزيد على ذلك. وقد يؤدي الضغط في بعض الأحيان إلى تكوين التواء اعتيادي وتظهر اثر ذلك تموجات متوازية تتعاقب على شكل أقواس ومنخفضات وتسمى هذه الأقواس بالالتواءات المحدبة ( Anticlines ), في حين تسمى الجهات المنخفضة منها الالتواءات المقعرة ( Syncline ) ومن النادر أن تستمر هذه الالتواءات إلى ما لا نهاية إذ أنها سرعان ما تستدق, وتنتهي، وقد تظهر حافاتها على سطح الأرض على شكل ظهر ( Strike ).
    وقد يؤدي الضغط المتطرف في شدته إلى انكسار الالتواء بحيث يتكون اثر ذلك ما يسمى الانكسار المستلقي (Thrust Fault)، وفي الطبيعة لا يكون سطح مثل هذا الانكسار كثير البعد عن الوضع الأفقي بعد رفعها بحيث أصبحت تبدو على شكل مستوي يتغطى بالرواسب بعد ذلك فإذا ما تكونت سلسلة ثانية بعد ذلك فان العلاقة بين السلسلتين المتباينتين من طبقات السلسة تسمى بعلاقة عدم التوافق (Unounformity). وتظهر في بعض جهات بعض التوافق اختلافات واضحة في الزوايا المتواجدة بين طبقات الصخور الواقعة نحو الأعلى أو نحو الأسفل في منطقة الزاوية. أما إذا كانت الطبقات متوازية فلا يظهر عدم التوافق, والمصطلح الشائع لمثل هذه الحالة هو عدم التجانس (Disconformity).
    ومن بين البنيات الثانوية التي تظهر في الصخور الرسوبية كذلك هي الطبقات المتقاطعة، وتشقق الطمي ومختلف أنواع التكلسات.

    ثانياً: الصخور النارية:
    تعتبر الصخور النارية مادة الأصل لكل أنواع الصخور، وتنتج هذه الصخور من تبرد المواد المصهورة فإذا ما بردت مادة الصهير على سطح الأرض فإنها تشكل جسما سطحيا أما إذا توغلت هذه المادة من خلال صخور أخرى ثم بردت في داخل القشرة الأرضية فانها تكون جسما صخريا داخليا. تتباين الصخور النارية بشكل واضح من حيث تركيبها المعدني والكيماوي والنسيج وطريقة تواجدها في الطبيعة فالصخور النارية الداخلية لا يمكن رويتها إلا بعد أن تعمل عوامل التعرية على إزالة الصخور الواقعة فوقها, ويؤثر تركيب الصخر ونسيجه وبنيته وشكله في الأشكال التحاتية التي تتكون فوقه.
    وقد تضطر هذه المواد المنصهرة في ظروف معينة إلى الصعود في أعماق قشرة الأرض حيث تتداخل مع الصخور ألمكونه لهذه القشرة وقد تصل أحيانا إلى سطح الأرض. وتتعرض مادة الصهير في كل حالة عن هذه الأحوال إلى فقدان الحرارة فتتجمد وتتبلور إما في باطن الأرض أو على سطحها: لذلك تقسم الصخور النارية حسب طريقة تكوينها إلى:
    1- صخور باطنية وتشمل:
    أ – صخور جوفية.
    ب- صخور تحت سطحية.
    2- صخور سطحية, (صخور بركانية).

    ويمكن تقسيم الصخور النارية على أساس تركيبها المعدني أي حسب مادة السيليكات التي يحتويها الصخر إلى:
    1- صخور حامضية Acidic Rocks وهذه تحتوي على اكثر من 66% من السيليكات ونسبة قليلة من الحديد والمغنيسيوم . لذلك يكون لون هذا الصخر فاتحا, ومن أمثلة هذه الصخور الكرانيت وصخور ابلايت وصخور الرايولايت.
    2- صخور متوسطة Intermediate Rocks تتواجد السيليكات في هذه الصخور بنسبة تتراوح بين 52 % إلى 65 % في حين تزداد فيها نسبة الحديد والمغنيسيوم. يكون لونها متوسطا ولكنه اشد دكنة من الصخور الحامضية, ومن أمثلة هذه الصخور صخور الدايورايت وصخور انديزايت وصخور تراكايت.
    3- صخور قاعدية Basic Rocks وتتراوح نسبة السيليكات في هذه الصخور بين 45 % إلى 52 % وتكثر فيها نسبة الحديد والمعادن المغنيسية ويكون لونها في العادة قاتما يميل إلى السواد ومن أمثلة هذه الصخور صخر الجابرو والبازلت.

    بنية الصخور النارية:
    فبالإضافة إلى الكتل الكبيرة التي تظهر بها الصخور النارية في الطبيعة, هناك أيضا بنيات صغيرة من هذه الصخور تؤثر على معالم التعرية التي تتكون منها. كما تفتقرالصخور النارية إلى الترتيب المنتظم الذي يظهر في التكوينات الرسوبية، حيث أن تأثير الضغط والاضطرابات لا يظهر في الصخور النارية على شكل التواءات فقط، بل أيضا على شكل انكسارات وفواصل أحيانا.
    وتكون الفواصل اكثر انتشارا بالقرب من السطح مما هي عليه في أعماق القشرة الأرضية ما دامت تتوفر للصخور فرصة للتمدد على السطح بتأثير قوى التجوية, فتميل الفواصل في هذه الجهة إلى أن تكون أكثر عرضا بحيث تبدو واضحة رغم أنها تستمر في داخل القشرة على شكل بنيات متماسكة قليلة الظهور.
    إن القوى التي تؤدي إلى ظهور الفواصل في الصخور النارية تشمل عمليات التقلص بفعل برودة الكتل النارية وعملية التمدد والانكماش نتيجة لعمليات التجوية والضغط الناتج من حدوث انبثاقات إضافية لمادة الصيهر, اللافا ( Lava ) . وتحدث هذه الفواصل عادة على شكل مجموعات متوازية وتتقاطع هذه المجموعات في العادة مع بعضها البعض بزوايا تكاد تكون قائمة وتكون الفواصل في غالب الاحيان على شكل سطوح مشوهة, على انها قد تكون في الكتل النارية الكبيرة المتجانسة مقوسة او مجعدة. وتتخذ معظم الفواصل شكلا عموديا خصوصا ما يرجع سبب تكونها إلى حركات في القشرة الأرضية هذا فضلا عن وجود عدد من الفواصل تتخذ شكلا أفقيا

    وتكون الفواصل الناتجة عن الانكماش بفعل البرودة عمودية الوضع على سطح التبريد, فتكون هذه الفواصل في انسيابات اللافا وغطاآتها عمودية الوضع ويكون هذا الوضع سببا في ظهور البنية العمودية ( Columnar Palisade Structure) المتواجدة في التكوينات البازلتية.
    تمتلىء الفواصل الصخرية في بعض الأحيان بمادة معدنية قد تعمل على مقاومة عملية التجوية بشكل اقوى من الصخر نفسه. وتظهر مثل هذه العروق أو السديدات ( Dikelets ) على شكل أضلاع أو سلاسل صغيرة على سطوح الصخور التي تعرضت لعملية التجوية. إن معظم السدود تكون كما
    ذكرنا أقوى بكثير من الصخور المتداخلة معها, لذلك فإنها تظهر في كثير من الأحيان على شكل حيطان وسلاسل وتلال غير منتظمة عندما تتعرض إلى عوامل التعرية.
    ومثل الانكسارات, مثلها مثل الفواصل, مناطق وسطوح ضعف في الصخور. ومن المحتمل أن تتركز التعرية على طول هذه السطوح وتسمى الوديان أو المنخفضات التي تتبع خطوط الانكسارات باسم وديان خط الانكسار (Faultline faults ) تكون مثل هذه الوديان مستقيمة لمسافات طويلة وتتصل مع روافدها بزوايا تكاد تكون قائمة وذلك بسبب النمط المتقاطع من الفواصل , وفي الواقع يمكن ارجاع تكون نمط تصريف مائي قائم الزاوية في الجهات التي تنتشر فيها الصخور النارية الى وجود نظام محكم من الانكسارات والفواصل.

    ثالثاً: الصخور المتحولة:
    تشكل الصخور المتحولة النوع الثالث من الصخور وهذه صخور نارية أو رسوبية في أصلها تحولت بواسطة الضغط والحرارة أو نتيجة ترشح مواد أخرى بحيث زالت الخصائص الأصلية للصخور وأحلت محلها محلها خصائص أخرى. وتظهر في معظم الصخور المتحولة بنية بلورية كما يكون بعضها شديد المقاومة لعمليات التجوية والتعرية. ان التغيرات الحاصلة في درجات الحرارة والضغط أو كليهما, غالبا ما تؤدي إلى تغيير نوع النسيج في الصخور الأصلية أو في تركيبها المعدني, كما يساعد وجود الماء أو المحاليل المائية بصورة عامة على إتمام عملية التحول هذه. وهناك أنواع عديدة من التحول هي:
    1- التحول الحراري أو التماسي Thermal or Contact Metamorphism
    ويحدث هذا التحول في المنطقة الملاصقة أو المجاورة لمادة الصهير وهذه منطقة محدودة محليا وتعرف حلقة التحول (Metamorphysic role) لذلك قد يعرف هذا التحول باسم التحول المحلي (Local metamorphism)
    2- التحول الموضعي أو التحول بتغير الأوضاع: حيث يؤدي الضغط المرتفع إلى تغير أو تحول طفيف نسبيا في الصخور الموضعية الواقعة على جانبي الكسور أو الصدوع الناتجة عن هذا الضغط.
    3- التحول الإقليمي أو التحول الديناميكي:
    ( regional metamorphism or dynamic metamorphism ) و
    يؤدي الضغط المرتفع المصحوب بدرجات حرارة عالية و الناتج عن حركات القشرة الأرضية إلى تحول واسع النطاق يمتد في أقاليم كبيرة ومساحات واسعة.
    وقد يؤدي التحول الحراري إلى تكوين صخور متحولة من اصل رسوبي رملي كما هو الحال في صخور الكوارتزايت التي تتكون من تحول الحجر الرملي, أو يؤدي إلى تكوين صخور متحولة من اصل رسوبي طيني كما هي الحال في صخر الهورنفلس, وينتج الأخير من التحول الحراري للصخور الطينية والطفلية. وقد يؤدي هذا التحول إلى تشكيل صخور متحولة من اصل جيري كما هي الحال في تكون الرخام، إذ تتحول الصخور الجيرية النقية إلى رخام ابيض اللون ذو نسيج موزاييكي. وقد تشتد وطأة التحول إلى درجة تزول معها معالم الصخر الأصلي تماما كما تتفتت الصخور الأصلية أو قد تنصهر وتذوب ثم تستعيد كيانها من جديد فتكون متبلورة ومرتبة بحيث ينتج عن هذا الترتيب تجمع لمعادن في هيئة طبقات رقيقة أو شرائط ( Bands ) أو ورقات ( Folia ) أو صفحات ( Laminate ) متوازية ومتعامدة على اتجاة الضغط. ويوصف النسيج الصخري عندئذ بأنه شريطي ( Banded Texture ) أو ورقي ( Foliate ) أو صفحي ( Laminate ) من أهم أنواع الصخور المتحولة بالضغط والحرارة هي صخور الإردواز ( Slate ) وهذا صخر متحول عن صخور الطفل الرسوبية نتيجة ضغط مرتفع وحرارة منخفضة نسبيا. ومن هذه الصخور أيضا صخر النايس وهو صخر متحول من اصل ناري يتكون هذا الصخر من حبيبات كبيرة متبلورة مرتبة ومصفوفة في هيئة شرائط سميكة قد تكون متقطعة أو عدسية.

    عوامل الضعف الصخري:
    يمكن تصنيف الصخور الى ضعيفة Soft rocks مثل الطباشير والطين والحجر الرملي – وصخور صلبة Resistant \ Hard rocks مثل صخر الجرانيت والبازلت والصوان. ويعتمد هذا التصنيف على مدى قابلية الصخور للتجوية وعمليات الخدش او الحت والهدم المختلفة. وتعتبر الصخور سريعة التحلل والتفكك والحت صخور ضعيفة, في حين توصف الصخور التي تقاوم هذه العمليات وتحافظ على الوضع الاصلي لاشكالها الارضية لاطول فترة زمنية ممكنة بالصخور الصلبة. وقد يكون الصخر ضعيفا او صلبا في الاصل بسبب خصائصة الطبيعية او الكيماوية, كما قد يتعرض الصخر للاضعاف او التصلب بسبب الظروف البيئية او العوامل الجيومورفولوجية المؤثرة. لذا, يمكن التمييز بين ثلاث مجموعات من عوامل الضعف الصخري:
    اولاً: مظاهر الضعف النوعي:
    وهي التي تنشاء مع الصخر نفسة نتيجة لطريقة او ظروف تكوينة. بحيث يمكن ان يرث الصخر ضعفة بسبب نوعية المعادن التي يتكون منها, ودرجة تبلورها او قوامها Texture او مساميتها Porosity او لونها, او بسبب وجود مواد لاحمة Cementing material تعمل على تجميع الحبيبات المعدنية وتكتلها، وفيما يلي اهم الخصائص المحددة للضعف النوعي للصخر:
    1- التركيب الكيماوي:
    يلعب التركيب الكيماوي للصخر دور مهم في صلابته او ضعفه من خلال نسب المعادن والعناصر كيماوية المكونه له, ويمكن تحديد ذلك حسب مقياس موه للصلابة Mohs scale of hardness، ويعتبر الماس في هذا المقياس اقسى انواع المعادن في حين تمثل معادن الجبس والكلس ادنى درجات الصلابة. كما تعتبر معادن الاوليفين والبلاجيوكليز الجيري والاوجايت اقل المعدان مقاومة لهذه العمليات. وعليه, فان صلابة أي صخر او ضعفه تعتمد بالدرجة الاولى على نوعية المعادن والعناصر المكونة له. اذ يمكن ان يصبح الصخر ضعيفا بسبب احتوائه على نسب مرتفعه من المعادن الضعيفة اصلا, والعكس صحيح. فصخر الجرانيت على سبيل المثال, الغني بمعدني الكوارتز والمسكوفايت يعتبر اكثر صلابة ومقاومة للتجوية من جرانيت اخر او صخر اخر, كالجابرو الذي تقل فيه نسبة وجود هذين المعدنين.
    2- التبلور والقوام:
    تعتبر عملية التبلور احدى الطرق التي تعمل على تكون الصخور خاصة من نوع الماجما Magma والتي تتم عادة مع انخفاض درجة الحرارة وانطلاق الغازات منها. وتختلف درجة تبلور المعادن حسب سرعة تبريد الماجما وتصلبها والتي تعتمد على نوع المعادن المكونة والاعماق التي تنتشر فيها. كما ان الاجزاء العليا من الماجما يمكن ان تتبلور خلال ايام او سنوات معدودة في حين تحتاج الاجزاء العميقة جدا الى الاف و ملايين السنين. ويزداد قوام الصخر خشونة مع زيادة درجة تبلور المعادن, في حين يصبح القوام زجاجيا Glassy / Fine او ناعما في حالة ازدياد سرعة التبريد والتصلب بحيث يمتنع معها حدوث التبلور او التحبب. وتتخذ البلورات المعدنية عدة اشكال, منها: النظام المكعب والسداسي والرباعي. وان انتظام ترتيب هذه البلورات ودرجة تداخلها او انضغاطها واندماجها والتحامها وتجانسها يحدد مدى انتشار مراكز الضعف في الصخر. وقد يطغى تاثير درجة وطبيعة التبلور والقوام للمعادن المكونة للصخر على فعل تركيبه الكيماوي.

    3- المسامية والنفاذية:
    المسامية Prosity هي نسبة حجم الفراغات الموجودة في الصخر الى حجمه الكلي, والنفاذية Permeability هي معدل تسرب الماء عبر الفراغات الصخرية في وحدة زمنية معينة. وتختلف الصخور والتجمعات الرسوبية في كل من مساميتها ونفاذيتها. فالصخور الرملية والجيرية اقل مسامية من الصخور الطينية, ولكنها اعلى نفاذية, مما يظهر ان العلاقة بين هاتين الخاصيتين قد تكون عكسية احيانا. وتتضح اهمية كل من المسامية والنفاذية في تسهيل مرور الماء سواء الباطني او السطحي, عبر الفراغات الصخرية – والذي يعمل على اضعاف الصخر عن طريق اذابة المواد اللاحمة او بفعل الضغط الناتج عن زيادة الحجم بالتجمد او بتبلور الاملاح المذابة, او ما يؤدي اليه من تشقق وانتفاخ في التكوينات الطينية اثر تعرضها للتجفف والترطيب. او تمهد لتصعيد الخاصية الشعرية, وتراكم الاملاح على السطح وتكوين قشرات صلبة Duricrusts تعمل على عزل الصخر عن تلك العمليات.

    4- المادة اللاحمة:
    تنتج الصخور الرسوبية عن التحام او التصاق الرواسب المختلفة مما يؤدي الى تحجرها او تصخرها Lithification بفعل المواد اللاحمة Cementing material. ومن المواد اللاحمة الكوارتز والكلس والتكوينات الحديدية مثل الهيماثايت والتورجايت والليمونايت, بالاضافة الى تكوينات الباريوم كسلفات الباريوم وسلفات الكالسيوم وسلفات السترنتيوم وفلوريد الكالسيوم. وتنتج هذه المواد عن ذوبان المعادن المكونة للصخور نفسها خاصة عند زواياها وسطوحها الخارجية, والتي ينقلها الماء المتسرب عبر الفراغات الهوائية الموجودة في الصخر. ويعتمد تركيز المواد اللاحمة في الماء المتسرب على درجة حرارته ومعدل حموضته PH وتكوينه الكيماوي. وتقدر كمية المواد الصخرية التي يفقدها كل ميل مربع من سطح الارض عن طريق الاذابة بنحو 95 طنا سنوياً، تشكل منها كربونات الكالسيوم 50 طنا , وسلفات الكالسيوم 20 طنا والسيلكا سبعة اطنان وكلوريد الصوديوم ثمانية اطنان . كذلك يمكن ان يزود الماء الباطني الرواسب بالمادة اللاحمة مع المحافظة على اشكالها الاصلية كما هو الحال في القشرات الصلبة, مثل القشرات السيليكية Silcretes والحديدية Ferricretes والكلسية Calcretes.
    ويتم تحجر الرواسب بفعل المواد اللاحمة عن طريق التجفف او الانضغاط اللذان يعملان على تحرر الرواسب من الماء وتناقص حجم الفراغات الصخرية باقتراب حبيبات الصخر والمعدن من بعضها البعض. وقد لا يتم تصلب الرواسب الا بعد ان يتناقص حجم الفراغات الصخرية فيها بنسبة 75%. وتعتمد درجة تصلب او ضعف الصخور الرسوبية على التكوين الكيماوي للمواد اللاحمة نفسها، فالكوارتز والمسكوفايت والزركون على سبيل المثال, تعتبر من المواد اللاحمة المقاومة للتحلل الكيماوي, ويتم تزويد الرواسب بها بعد ان تتحرر وتنقل للماء اثر تحلل الصخور او المعادن المحيطة بها, وذلك على العكس من كربونات الكالسيوم سهلة التحلل. وطبيعي ان تنعكس صلابة المواد اللاحمة على صلابة الصخور المكونة لها. فكثير من انواع الصخور يستمد صلابته او ضعفه من خصائص هذه المواد. فاذا ما تاثرت المواد اللاحمة بالتحلل سرعان ما ينفرط الصخر الى حبيبات متفككة, كما هو الحال بالنسبة للرمال الناتجة عن انفراط الصخر الرملي والجروس Gruss الناتج عن انفراط صخر الجرانيت. كذلك, قد تكون المادة اللاحمة اقسى من الصخر نفسه وفي هذه الحالة يتم تحلل الصخر وتبقى المادة اللاحمة على شكل عروق او شبكة معدنية تفصل بين فجوات او حفر متفاوتة الاحجام.
    5- لون المعادن:
    تختلف المعادن المكونة للصخور من حيث اللون. وتبرز اهمية لون المعادن في تحديد مدى تاثرها باشعة الشمس. ومن ثم معدل تمددها وتقلصها. فالصخور داكنة اللون, كالبازلت والجابرو تسخن بسرعة مما يعمل على تمدد معادنها وانضغاطها, في حين تعتبر الصخور فاتحة اللون مثل الطباشير والحجر الجيري قليلة التاثر بالاشعاع الشمسي. وتعتبر الصخور النارية الحمضية فاتحة اللون, كالجرانيت اكثر مقاومة لعمليات التجوية من الصخور النارية القاعدية داكنة اللون , مثل البيوتايت والاوليفين .
    ثانياً: مظاهر الضعف المكتسبة:
    وهي التي تزيد او تنقص من ضعف الصخر نتيجة اتصالة بالظروف البيئية المحيطة بة بعد تشكيلة. وتتمثل هذه المظاهر بوجود المفاصل والشقوق وسطوح الطبقات الصخرية واختلاف سمكها وانحدارها واهمها:
    1- المفاصل: Joints
    وهي عبارة عن شقوق هندسية تمتاز بوجود زحزحة سطحية محدودة بين اجزاء الصخر, وهي بذلك تختلف عن الشقوق العادية Cracks التي تمتد بشكل عشوائي, وعن الصدوع Faults التي تتزحزح عندها الطبقات الصخرية حتى اعماق بعيدة. وتسمى الكتل الصخرية التي تحيط بها المفاصل بالكتل المفصلية Joint blocks ويعتمد تباعدها على ابعاد المفاصل نفسها. وتختلف المفاصل في اشكالها وابعادها، فمنها ما يكون قصيرا او طويلا, مستقيما او منحنيا, منتظما او غير منتظم, مما يسمح بتمييزها الى مجموعات مفصلية Joint sets يرتبط كل منها بعوامل تكوين معينة. وترتبط نشاة المفاصل بقوى الانضغاط Compression والتوتر Tension التي ترافق الحركات التكتونية او التبريد والتقلص او التمدد بفعل التغيرات الكيماوية وينتج عنها مفاصل مائلة Diagonal joints , او مفاصل سداسية الشكل Hexagonal columnar joints , او متعارضة Transverse كما تؤدي ازالة الضغط بفعل الحت المائي الى تكوين مفاصل صفائحية الشكل Sheet joints تمتد بصور موازية لسطح الارض , وتجزء الصخر الى كتل صفائحية مسطحة , كما يحصل في الصخور النارية كالجرانيت. ومثل هذه النوع من المفاصل يشبه سطوح الانفصال الطبقي Bedding planes الموجودة عادة في الصخور الرسوبية.
    وتمتازالمفاصل عموما بحداثة تكوينها بالنسبة للصخر الام, وعدم استمرارها، ومع انتهاء المفاصل في اتجاه معين, يبدا مفصل اخر في نفس الاتجاه او في اتجاهات اخرى وقد تنتهي المفاصل في الطبقة التالية. وتعتبر المفاصل صغيرة اذا تراوح بعدها الافقي ما بين 0.1 – 1 مترا , او كبيرة اذ بلغ طولها 1 - 10 امتار , او ضخمة اذا تراوح طولها ما بين 10 - 100 مترا اما اتساعها فيختلف من مكان الى اخر , ولكنه يتناقص مع العمق , في حين تبلغ اقصى اتساع لها عند سطح الصخر. ويمكن للمفاصل ان تحافظ على فتحاتها لمدة طويلة حتى لو تم تغطيتها بالرواسب. وتكمن اهمية المفاصل في كثرة انتشارها. ومعظم سطح الارض يحتوي على مفاصل. كما ان معظم الاشكال الارضية ترتبط بنظام المفاصل. اذ تقوم بدور هام في تطوير الاشكال الارضية خاصة في صخور الجرانيت ( كاشكال الجلاميد والانسلبرج والحجارة القلبية Core stones ) والحجر الرملي والحجر الجيري. كما تجذب اليها العمليات الجيومورفولوجية من تجوية وحت او ترسيب. وتعمل كاقنية للماء المتسرب قائمة بعمل المسامات الصخرية من حيث تحليل الصخر كيماويا او تفتيتة ميكانيكيا في حالة تجمد الماء وتكون الصقيع, كذلك, يمكن ان تتجمع فيها المحاليل الكيماوية التي تحتوي على نسبة عالية من بعض المعادن مما يساهم في تكوين عروق معدنية Mineral viens تقاوم عمليات الحت

    2- الشقوق:
    يعني التشقق Fissility/cleavage قابلية المعدن للتشقق والانقسام باتجاهات متوازية , او البناء الذي تتمكن الصخور بواسطتة من الانفصال على طول اسطح متوازية معينة تحولها الى رقائق صخرية منفصلة, ويستعمل تعبير الصفائحية او الشيستية Schistosity في وصف تشقق الصخور المتحولة خشنة التحبب, نسبة الى صخر الشيست المتحول متوسط او خشن القوام والذي يتم فية ترتيب حبيبات المعدن بشكل متوازي. وتقاس المسافة بين سطوح التشقق بالمليمترات او السنتيمترات، اما اذا زادت المسافة عن بعضة سنتيمترات فيستعمل في وصفها تعبير المفاصل, في حين اذا رافق ذلك حدوث زحزحة صخرية عميقة فانها تتحول الى صدوع. ويمكن ان تنتج هذه الشقوق عن عمليات الجز sheeting او strain التي ترافق النشلطات التكونية كالالتواءات , او التقلص الناتج عن تبريد اللافا وما يؤدي الية من ضغوط, او نتيجة لتكرر عملية التبلور والتحولات الكيماوية. وتشترك الشقوق مع المفاصل في اضعاف الصخر وذلك من خلال تصعيد عمليات التجوية والهدم المختلفة فيها. كما تساهم في تكوين بعض الاشكال الارضية المميزة على هيئة نصال parting slabs يفصل فيما بينها اودية او صدوع يطلق عليها تسمية الحجارة الناسكة Monk-stones او الحجارة الهائمة ( الصخور المعزولة ) penitent rocks او شواهد الاضرحة Tomb stones . وتسمى الطبوغرافيا التي تشمل على هذه الاشكال بالطبوغرافيا القوامية Textured relief او طبغرافية الاشكال الهائمة Gefuge relief .

    3 – سطوح التطبق:Bedding planes
    تمثل سطوح التطبيق اماكن اتصال الطبقات المتتابعة فوق بعضها في الصخور المختلفة خاصة الرسوبية منها. وتفصل سطوح التطبق عادة بين طبقات صخرية يرتبط كا منها بظروف جيولوجية ومناخية خاصة. فقد تتوضع طبقات صخرية تختلف من حيث العمر الجيولوجي، كان تتبع تكوينات زمن ما قبل الكمبري فالأول، فالثاني، وانتهاء بتكوينات الزمن الرباعي, حسب ما توضحه المقاطع الجيولوجية للمناطق المختلفة. وقد تنتمي الطبقات الصخرية إلى تكوينات جيولوجية مختلفة من حيث نوعية الصخر, كما هو الحال في تكوين أراضي البادلاندز Bad Lands فوق التكوينات الجيرية والتكوينات الرملية. وفي جميع الحالات, فان طبيعة تتابع الطبقات الصخرية وسطوح تطبقها تعكس سطوحا مناخية وجيولوجية مرتبطة بها, كما تترك أثارها فيما يتعلق بالضعف الصخري.
    ثالثاً:عوامل الإضعاف الجيومورفولوجية:
    وتشمل العوامل الجيومورفولوجية غير الصخرية التي تعمل على إضعاف الصخر, أو زيادة ضعفة بسبب طبيعة نشاطها الذي يختلف زمانا ومكانا حسب الظروف البيئية السائدة, ويمكن توضيح ذلك من خلال شرح دور بعض العوامل البنيوية والمناخية والنباتية في إضعاف الصخور، وتشمل كل مما يلي:
    1- العوامل البنيوية:
    تتدخل الحركات التكتونية في إضعاف الصخور أو حمايتها عن طريق التغيرات التي تحدثها في تتابع الطبقات الصخرية وميلانها وانقطاعها أو استمرارها وسمكها اوارتفاعها وهبوطها. ففي حالة الارتفاع التكتوني في بيئة المنابع للأنهار, أو الهبوط التكتوني في بيئة المصب, أو حدوث زحزحة أفقية أو جانبية على طول المجاري المائية تنكشف الطبقات الصخرية العميقة ويزداد الانحدار مما يزيد من نشاط عمليات التجوية وألحت المختلفة. وقد يؤدي ذلك إلى ترتيب أنواع مختلفة من الصخور جنبا إلى جنب أو فوق بعضها البعض مما يمهد لنشاط التجوية وألحت المتغايرين.
    أما قوى الشد والضغط التي تعمل على طي الطبقات الرسوبية فإنها تزيد من ضعف صخورها لما ينتج عنها من شقوق ومفاصل ونقص في سمكها وتزايد في الانحدار وانقطاع في الطبقات وإعادة لنظام ترتيبها، كما يحث عادة في المحدبات والطبقات النائمة أو المستلقية والمختلفة الميل, كما قد يحدث عكس ذلك تماما بحيث تعمل قوى الطي على حماية الصخور من عوامل الهدم، كما هو الحال بالنسبة للمقعرات Synclines.

    2- العوامل المناخية:
    تتدخل العوامل المناخية في نشأة وتطوير كثير من الإشكال الأرضية والعمليات الجيومورفولوجية بحيث يمكن التمييز بين أقاليم مورفوجينية مختلفة Morphogenetic regions . مثل الإقليم المداري الجاف والإقليم القطبي والإقليم المعتدل، وكل إقليم يلعب دور واضح في صلابة أو ضعف الصخور.
    3- العوامل النباتية:
    وتظهر من خلال تعمق وامتداد جذور النباتات أفقيا وعمودياً في الصخور مما يعمل على إضعافها وتفككها.


    العمليات الجيوموفولوجية: Geomorphological Processes

    أولاً: عمليات التجوية Weathering Processes

    تعني التجوية التحول الفيزياوي Disintegration أو التحول الكيماوي Decomposition أو كليهما لمعادن الصخور على سطح الأرض أو بالقرب منه. إن معظم الصخور والمعادن المنكشفة على سطح الأرض أو بالقرب منه أو تحته مباشرة تكون متواجدة في بيئة لا تتشابه مع البيئة التي تكونت فيها هذه الصخور. وخاصة الصخور النارية والمتحولة التي تكونت في درجات حرارة وضغوط عالية. لذلك يمكن إيجاز تعريف عملية التجوية بأنها عملية تحول الصخور ومعادنها إلى إشكال قد تكون أكثر ثباتا في ظل وضعيات جديدة في بيئتها بفعل الرطوبة ودرجات الحرارة والنشاط البايولوجي.
    والتجوية عملية خارجية لا صلة لها بباطن الأرض. وقد عرفها البعض بأنها عملية ابتدائية تعمل على تمهيد الصخور لعمليات الحمل والنقل والارساب, ولولا عملية الإعداد هذه لما تمكنت عوامل الحت والنقل من تأدية عملها على الوجه الأكمل، وتحتاج عمليات التجوية كافة إلى الطاقة اللازمة لقيامها بعملها سواء كان ذلك العمل ميكانيكيا أم كيماويا أو حيويا، ويهيئ الجو تلك الطاقة من خلال أشعة الشمس وطاقتها الحرارية. حيث أن الطاقة الشمسية هي المسئولة عن أي تغيير يحدث في حالة الغلاف الغازي الذي يحيط بالكرة الأرضية وينعكس ذلك بدوره على فعاليات عمليات التجوية المختلفة.
    وتعتبر عملية التجوية مهمة جدا للحياة على سطح الأرض إذ أنها المسؤول الرئيسي عن تكوين التربة التي تعتبر الأساس الأول لدورة الحياة على سطح الأرض.
    تتميز عمليات التجوية بأنها بطيئة جدا بصورة عامة بحيث لا يمكن ملاحظتها بصورة مباشرة. وقد أمكن من خلال المباني التي أقامتها الحضارات الإنسانية الأولى وما جمع عنها من معلومات أثرية وتاريخية تقدير معدل التجوية لأنواع الصخور المختلفة وعلى فترات طويلة.

    أنواع التجوية:
    تضم التجوية العمليات الكيماوية والفيزياوية (أو الميكانيكية) التي يستطيع الجو من خلالها أن يؤثر على الصخور. ولذلك فهي تقسم إلى التجوية الميكانيكية أو الفيزياوية والتجوية الكيماوية. ويضيف البعض من المختصين نوعا ثالثا من التجوية وهو التجوية العضوية حيث يناقشون فيه اثر الأحياء على الصخور. غير أن عمل الأحياء هذا لا يتعدى كونه عملا فيزياويا (ميكانيكيا) أو عملا كيماويا ولذلك فمن المستحسن أن تقسم التجوية إلى القسمين الأولين فقط.

    وتعمل التجوية الفيزياوية على تتفكك الصخور الأصلية إلى مواد اصغر من حيث حجمها, ولا يصاحب هذه العملية أي تغير ملحوظ من الناحية الكيماوية أو في التركيب المعدن للصخور. أما التجوية الكيماوية فتعمل على تغير التركيب الكيماوي والمعدني للصخور التي تتعرض لهذه العملية. وتحدث هاتان العمليتان بشكل متلازم في الطبيعة بحيث يصعب فصل تأثير أحداهما عن الأخرى. وبذلك فان عمليات التجوية تعمل كأداة تكيف الصخور المكونة للقشرة الأرضية مع البيئة التي توجد فيها، وفيما يلي توضيح لأنواع التجوية:

    أ- التجوية الميكانيكية (الفيزياوية):
    يقوم الجو بوساطة هذه العملية في التأثير على الصخور بأساليب فيزياوية حيث تتحطم الصخور إلى فتات صخري اصغر حجما من الصخور الأصلية، ولا يحدث أي تغيير مهما كان بسيطا في التركيب الكيماوي للصخور الناتجة. ويلعب هذا النوع من أنواع التجوية دورا مهما في زيادة المساحة السطحية للفتات الصخري الناتج عن تحطم الصخرة الأصلية, الأمر الذي يزيد من احتمالات تعرضها إلى عمليات التجوية الأخرى وخاصة التجوية الكيماوية. ويمارس الجو دوره الفيزياوي بأساليب متعددة يمكن إجمالها بالاتي:

    1- تأثير التمدد والتقلص على التجوية:
    إن المعادن لها معاملات تمدد مختلفة عن بعضها البعض, كما أن الزيادة في الحجم نتيجة للتمدد تختلف بين صخر وأخر بعد التسخين. والصخور عدة معادن وهذه المعادن تتمدد بشكل مختلف من معدن لأخر, وهذا التفاوت في التمدد يؤدي إلى إنفراط المعادن لان قوة التماسك بينها تقل, وبعد التقلص لا تعود إلى مكانها بل تبتعد قليلا وهذا يؤدي إلى إحداث فراغات في الصخور مما يزيد التجوية الميكانيكية. أي الذي يؤثر على التجوية هو التفاوت في التمدد والتقلص، والتفاوت في البداية قد يؤدي إلى انفراط أو انفصال في الصخر ( Fritting ). كما أن الصخور بصورة عامة تتلقى الشمس من الأعلى لذلك فان الطبقة العليا هي التي تسخن أولا كذلك هي التي تبرد أولا, أما الطبقة السفلى فتكون الحرارة فيها اقل وعندما تبرد لا تبرد بسرعة, وهكذا كلما زادت الأعماق في هذه الحالة تتفاوت درجات الحرارة في طبقات الصخر كلما انخفضنا للأسفل, أي أصبح لدينا نطاقات حرارية في الصخر, وبالتالي عندما تتمدد الطبقة العليا فإنها تختلف في تمددها عن الطبقات التي أسفلها, وهذا يؤدي إلى تفاوت في التمدد والانكماش الناتج عن التبريد والتسخين بين كل طبقة وأخرى مما ويؤدي إلى انفصال أفقي عن الطبقات التي تحتها، وتفتت الصخر، وهكذا تنفصل كل طبقة عن الأخرى وهذا يؤدي إلى وجود مفاصل أفقية أو دائرية. وبالتالي فان المنطقة التي تتأثر بذلك تتحول إلى طبقات صخرية من نفس النوع وفي هذه الحالة فان الطبقة الأولى تنسلخ عن الطبقة الثانية وتفقد تماسكها مع بقية الكتلة الجبلية ومع مرور الزمن تنتزع الطبقة العلوية على شكل كتل كبيرة, وهكذا تنسلخ كل الكتل الصخرية. وفي النهاية فان جبلا كاملا قد يتلاشى بهذه الطريقة وهذا ما يسمى بالزوال الدائري أو التقشير للصخور، ويبقى قلب الصخور دون تتفتت يكون اصلب جزء في الصخر ولا يتأثر بعوامل التفت بشكل كبير.

    ب- تأثير الحرارة والرطوبة:

    تحدد درجة الحرارة وكمية الأمطار ونوع وشدة عمليات التجوية المختلفة. إذ تتعرض الحبيبات المعدنية والأسطح الصخرية إلى التفتت Fretting والتشقق والتقشر Exfoliation بسبب الاختلافات الحرارية اليومية الشديدة, وما تؤدي إليه من تفاوت في معدلات التمدد والتقلص المعدني. أما الرطوبة سواء كانت متوفرة على شكل مطر أو ندى, فإنها تعمل, أيضا, على إضعاف الصخر كيماويا وميكانيكيا معتمدة في ذلك على نسبة الحموضة PH ومعدل تركيز المطر أو حجم قطراته المائية. فالمعادن المختلفة تتحلل في ظروف حمضية مائية متفاوتة: فالألمنيوم على سبيل المثال, يصبح أكثر تأثرا بعملية الإذابة من السيلكا إذا قل معدل PH في الماء عن 4, في حين يصبح غير قابل للذوبان إذا تراوح هذا المعدل ما بين 5 – 9, وذلك على عكس السيلكا التي تزيد قابليتها للذوبان في هذا المعدل. أما الحديد فان قابليته للذوبان تزيد بحوالي 100000 مرة إذ بلغ معدل PH في الماء 6 عنها إذا كان المعدل 8.5.
    ولا يمكن الفصل بين تأثير كل من درجة الحرارة والرطوبة في إضعاف الصخر. إذ تزيد فعالية التجوية الكيماوية بحوالي الضعف أو الثلاثة أضعاف لكل ارتفاع في درجة الحرارة يعادل عشر درجات مئوية كما أن انخفاض درجة حرارة الماء إلى ما دون نقطة التجمد يزيد من نشاطه الميكانيكي. ففي حالة تجمد الماء يزداد حجمه في الفراغات الصخرية بنسبة 9% مما يضغط على الصخور ويفتتها ويشققها. وقد يصل ضغط الماء المتجمد والمحصورر في الصخور عند درجة الحرارة – 22ْم إلى 2100 طن / قدم مربع.
    من ناحية أخرى, يمكن أن تؤدي الأمطار إلى انجراف التربة وانكشاف الصخر لعوامل الجو مباشرة بفعل ما تقوم به من تعرية متناثرة Splash erosion أو تعرية طبقية Sheet erosion أو قنوية Channel erosion. وتعتمد الأمطار في نشاطها الحتي على طاقتها الحركية Kinetic energy ومدة الأمطار وكذلك على نوعية الغطاء النباتي وتماسك حبيبات التربة، ويمكن أن يؤدي ضغط قطرات المطر إلى رفع حبيبات التراب لعلو قدمين في الهواء ونقلها لمسافة خمسة أقدام مما يساهم في تفتت الصخور.

    أما دور التغيرات في درجات الحرارة في التأثير على التجوية وتفتت الصخور فانه ما زال غير واضح الى حد الآن. إذ يحدث أن تتعرض الصخور في المناطق الجوفية وشبة الجوفية إلى التسخين الشديد أثناء النهار جراء تعرضها إلى أشعة الشمس ولكونها جردا خالية من الغطاء النباتي، فان المعادن ألمكونه لهذه الصخور تتمدد بدرجات متفاوتة. ويعمل انخفاض درجات الحرارة في أثناء الليل على التقلص، وبالنظر إلى عدم تساوي معاملات التمدد والتقلص هذه لكل المعادن ألمكونه للصخور فان تكرار هذه العملية يؤدي إلى تفكك الصخور وتحطيمها.

    وتلعب التغيرات في درجة الحرارة دورا آخر في عملية تحطيم الصخور عندما يحدث نوع من التقشر exfoliation نتيجة تعرض الطبقة العليا من الصخور إلى التغيرات اليومية في درجات الحرارة الأمر الذي يحتم عليها أن تنفصل عن بقية أجزاء الصخرة الواقعة أسفلها والتي لا تتأثر بالدرجة نفسها بالتغيرات الحاصلة في درجات الحرارة. وينتج عن هذه العملية انفصال قشور صخرية بشكل صفائح رقيقة تتساقط عند أسفل المنحدرات. وتتأثر الصخور النارية بهذه العملية أكثر من الصخور الرسوبية لان معظم الصخور الرسوبية كانت في الأصل صخورا نارية مرة بهذه العملية.
    إن الصخور ليست جيدة لتوصيل الحرارة, وان انتقال الحرارة من السطح إلى الداخل يكون قليلا, وبالتالي لا تتمدد الأسطح الداخلية بنفس تمدد وتقلص السطوح الخارجية وهذا يؤثر على مدى انفراط وتكسر الصخر.

    لقد أجرى الباحث الجيومورفولوجي جرجز (Griggs) تجربة كان الهدف منها معرفة كيف يؤدي التسخين والتبريد إلى تفتيت الصخر. واحضر جرجز ثلاثة قطع صخرية من الجرانيت وقام بتسخينها على درجة حرارة 140 5 م لمدة 5 دقائق داخل فرن وبعد ذلك برد القطع الصخرية الثلاثة على درجات حرارة 30 5 لمدة 10 دقائق وكرر العملية 89400 مرة في مدة 3 سنوات ولكن الصخر لم يظهر علية أي تفتت، إذا في هذه الحالة اثبت خطاء النظرية وهذه يحتاج لتفسير، وهكذا لاحظ جرجز لما أعاد العملية في جو آخر واحضر نفس الصخور وسخنها وبردها بواسطة التغطيس بالماء وكان التبريد لمدة (6) ساعات في جو درجة حرارته 12 5 م تحت الصفر, والتسخين لمدة ساعة في ماء لمدة درجة حرارته 20 5 م , وكرر العملية 5000 مرة ولم يحدث أي تغيير على الصخر. ولكن بعد ذلك وقبل بدء تسخين الصخر وضعة في محلول من الماء وسلفات الصوديوم وبعد أن نقع الصخور في هذا المحلول وسخنها وبردها بالماء كرر العملية 42 مرة فقط، وبعد ذلك تفتت الصخر وانفرط. وهذا يدل على عدم وجود تجوية ميكانيكية لوحدها بل تتداخل العمليات الميكانيكية والكيماوية. أي دخلت عوامل الماء والاكاسيد والحوامض وهذه المواد الكيماوية تساهم في تفتت الصخر بدليل تجربة جرجز, والتي دلت على تداخل التجوية الميكانيكية والكيماوية مع بعضهم البعض في تفتت الصخور.
    تشتد عملية التجوية الميكانيكية الناجمة من التغيرات في درجات

    ج- اثر الصقيع:
    يعتبر الصقيع من أكثر عوامل التجويه الميكانيكية تأثيرا، إذا يزداد حجم الماء عند تجمدة إلى حوالي 9% من حجمه السابق. فلو فرضنا أن هذا الماء كان محصورا في مكان ما فانه سوف يولد ضغطا يصل إلى حوالي 2000 باوند على كل 1 بوصة مربعة، أو 125 كغم على كل 1 سم مربع. ومن الطبيعي أن يؤدي تجمد الماء الموجود داخل المفاصل والشقوق أو المسامات الموجودة داخل الصخور إلى زيادة الضغط والى تحطيم تلك الصخور إلى قطع صغيرة. ويؤدي تعاقب عملية الانجماد والذوبان إلى توسيع الشقوق الموجودة بين الصخور حتى تتكسر بعد ذلك إلى كتل منفصلة. ويتركز اثر الصقيع بصورة خاصة في مناطق العروض الوسطى والعالية وكذلك فوق الارتفاعات العالية, حيث تسمح ظروف الحرارة السائدة بتكرار عملية الانجماد والذوبان. وتتأثر الصخور الرسوبية بهذه العملية أكثر من الصخور النارية بسبب كثرة المفاصل والشقوق والفراغات فيها, وتتحول الصخور من جراء هذه العملية إلى حطام صخري ذي جوانب حادة. ويظل ذلك الحطام الصخري في مكانه إذا كان موجودا فوق منطقة ذات انحدار قليل، تتساقط المفتتات ويتجمع عند أسفل المنحدرات مكونا أشكالا مخروطية الشكل تعرف باسم التالوس Talus أو Scree .

  2. #2
    صديق مشارك
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 89 المواضيع: 66
    التقييم: 79
    مزاجي: الحمد لله عال العال
    آخر نشاط: 13/November/2017
    مقالات المدونة: 1
    طرح رائع تسلم الايادي

  3. #3
    في ذمة الخلود
    ابو مصطفى
    يتبع

    د - اثر إزالة الضغط:
    عند إزالة الضغط يحصل تمدد للصخور, والتمدد لا يحصل بصورة متكافئة بل يحدث بصورة تدريجية ويتبعها تشقق في الصخر, مثل المناطق التي كانت مغطاة بالجموديات ( الجليد ) حدث بها خدوش وشقوق بعد زوال الجليد عنها, مما أدى إلى تصدعها على شكل تجوية ميكانيكية, ونفس الشيء ينطبق على المناطق التي كانت مغطاة بالبحار. هذا ويؤدي تناقص الضغط المسلط على الصخور بسبب تعرضها للتعرية وإزالة الطبقات العليا منها إلى حدوث نوع آخر من التقشر إذ تظهر المفاصل والشقوق بوضوح في الصخور الأمر الذي يعرضها إلى المزيد من تأثير التعرية.

    هـ- التمدد الناتج عن التغيرات الكيماوية والنمو البلوري:

    ويتكون من جراء بعض العمليات الجوية الكيماوية التي تتعرض لها الصخور وخاصة إذا رافق ذلك عمليات ترطيب, تتكون أنواع جديدة من المعادن التي تكون اكبر حجما من المعادن الأصلية الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تفكك لمكونات الصخور. وهناك نوع آخر من التمدد الذي يحصل للصخور نتيجة تغلغل البلورات الملحية داخل المسامات الموجودة بين ذرات الصخور. وتسود هذه الحالة في المناطق الجافة وشبة الجافة بدرجة رئيسة حيث يؤدي نمو معادن ملحية اكبر حجما نتيجة لعمليات كيماوية إلى تحطيم المواد اللاحمة لذرات تلك الصخور. وتحدث هذه العملية أيضا عندما يرتفع الماء الجوفي خلال مسامات الصخور نحو الأعلى بموجب الخاصية الشعرية حيث يتبخر في النطاق الأعلى الجاف من الصخور الذي يقع فوق مستوى الماء الجوفي تاركا ما يحمله من أملاح داخل المسامات الصخرية. وبنمو تلك البلورات الملحية تتفكك المواد اللاحمة لذرات الصخور وتتقشر طبقات منها بسبب التمدد الحاصل في حجم البلورات الملحية. ومن أهم المعادن الملحية التي تتسبب في هذه العملية هي الجبس والهاليت ( كلوريد الصوديوم ).

    ب- التجوية الكيماوية:

    تظم التجوية الكيماوية مجموعه من التفاعلات المعقدة التي تقوم بها مواد مختلفة كالماء والأوكسجين وثاني أكسيد الكربون والحوامض والمواد العضوية. وتعمل هذه المواد عند تأثيرها على الصخور إلى تغيير وتبديل المعادن وتركبها الكيماوي.
    وينتج من معظم العمليات الكيماوية للجو تغييرات تشمل:
    1- زيادة في الحجم الذي يؤدي بالتالي إلى زيادة الضغط الداخلي للصخور.
    2- تقليل في كثافة المعادن.
    3- ذرات ذوات أحجام صغيرة ينتج عنها زيادة في المساحة السطحية.
    4- مواد أكثر استقرار أحيانا.
    5- مواد أكثر قدرة على الانتقال.
    وتعتبر الزيادة في المساحة السطحية ( البينية ) ذات أهمية خاصة إذ بموجبها سوف يزيد معدل التفاعل بين مواد الصخور وبين المحيط الغازي أو السائل المجاور لها وتعتبر التجوية الكيماوية وعلى نطاق الأرض كلها أكثر فعالية من التجوية الميكانيكية في تحطيم الصخور. ويبدو هذا النوع من التجوية مسيطرا تماما في بعض الأقاليم التي ترتفع فيها درجات الحرارة مع زيادة في كمية الأمطار.
    وتضم التجوية الكيماوية عدة عمليات هي:
    1- عملية الذوبان Solution
    تأتي عملية الذوبان كمرحلة أولى في التجوية الكيماوية, حيث تظهر هذه العملية أثناء جريان الماء أو عندما يقوم الماء بالاحاطة بذرات الصخور بشكل غشاء رقيق. وتعتمد عملية الذوبان على كمية الماء الذي يمر فوق سطوح الذرات وكذلك على قابلية الذوبان للذرات الصخرية نفسها. فعلى سبيل المثال يكون ملح الطعام ذا قابلية عالية للذوبان في الماء النقي ولذلك فانه لا يظل موجودا في القشرة الأرضية إلا في المناطق الجافة. وتكون قابلية الجبس على الإذابة اقل منه وكذلك الحالة بالنسبة إلى الكاربونات. وتعتبر عملية الذوبان ذات أهمية قليلة في التجوية الكيماوية فيما عدا حالات نادرة عندما تنكشف الصخور الملحية على سطح الأرض, غير أنها تلعب دورا هاما في نقل المنتجات المتخلفة عن عمليات تجوية أخرى وخاصة عملية التحليل المائي وعملية التكربن.
    2- عملية التحلل المائي Hydrolysis
    تعني هذه العملية التفاعل الكيماوي الذي يجري بين الماء ومعادن الصخور. ويحدث هذا النوع من التفاعل حيثما يوجد اتصال بين المعادن الصخرية وبين الماء الذي قد يكون ماء نقيا. وتعتبر هذه العملية من أهم عمليات التجوية الكيماوية بسبب تأثيرها على الفلسبار وهو المكون الرئيسي لمعظم المعادن الصخرية حيث يدخل الماء إلى التركيب الذري للمعدن الصخري مكونا معدنا جديدا. وتعد الحالة التي تحصل لمعدن الارثوكليز مثالا جيدا على هذا النوع من التفاعل الكيماوي، إذ يتمثل الفدسبار بصورة نموذجية في معدن الارثوكليز الذي يؤلف بدوره احد المعادن التي تحتويها صخور الجرانيت. حيث يتفاعل الارثوكليس مع الماء الذي يحتوي بدوره على كميات من حامض الكاربونيك فينتج عن التفاعل معدن جديد هو الكاؤولين كما في المعادلة التالية:
    2k Al Si3 O8 + 2H2 CO3 +9H2O Al2Si2 O5 (OH4) + 4H SiO4 + 2K (HCO3)

    الارثوكليس + حامض الكاربونيك +الماء الكاؤولين +حامض السيليسيك + بيكاربونات البوتاسيوم
    وبذلك فقد تحول احد معادن صخور الجرانيت النارية الصلبة إلى الكاؤولين وهو معدن لا يستطيع مقاومة عوامل التعرية وخاصة المياه الجارية الأمر الذي يجعل الصخرة كلها غير مقاومة لهذه العمليات الجيومورفولوجية. وتكونت بهذه الطريقة معظم معادن الطين وذلك لان الفلسبار شديد الانتشار بين الصخور.

    3- عملية الترطيب ( الاماهة): Hydration
    تحدث هذه العملية عندما تتحد جزيئات الماء مع التركيب الكيماوي لواحد أو أكثر من معادن الصخور. حيث يزداد حجم المعادن تبعا لذلك, إضافة إلى التغير الكيماوي الذي يحصل عليها. وخير مثال على ذلك ما يحدث عن تحول معدن الانهايدرايت anhydrite بعد ترطيبه إلى الجبس كما في المعادلة التالية:
    CaSO4 + H2O Fe2O3 .3H2O
    ماء + انهايدرايت الجبس
    ومن الأمثلة المعروفة على هذا النوع من التجوية الكيماوية ما يحصل عند ترطيب معدن الهمياتايت إذ يتحول إلى معدن الليمونايت كما في المعادلة التالية:
    2FeO3 + 3H2O Fe2O3 .3H2O
    هيماتايت + ماء ليمونايت
    ( احمر اللون) ( اصفر اللون )

    تزيد عملية الترطيب من حجم المعادن الصخرية ويؤدي هذا التغير في الحجم إلى تحطيم الصخور بسبب زيادة التضاغط بين ذراتها. وتتأثر الصخور النارية بهذه العملية أكثر من الصخور الرسوبية فيما عدا بعض الصخور الرملية التي تحتوي على المايكا بكثرة إذ تتأثر هذه بعملية الترطيب وتتحول الصخور الرملية بعدها إلى ذرات منفصلة. وتحضر هذه العملية من سطوح المعادن الصخرية لكي تصبح أكثر قابلية على التأثر بالعمليات الكيماوية الأخرى مثل التأكسد أو التكربن. وترجع ألالوان الجميلة المتباينة للصخور في المناطق ذوات المناخ الجاف وشب الجاف إلى تعرض الحديد في الصخور إلىعملية الترطيب.



    4- عملية التكربن ( التفاعل ألايوني ) Carbonation

    و تتحول بعض المعادن الصخرية مثل الجير والصودا والبوتاس وغيرها من الاكاسيد القاعدية إلى كاربونات بوساطة حامض الكاربونيك في الماء أو في الهواء، ويعتبر ثاني اوكسيد الكربون مصدر تكوين حامض الكاربونيك ويوجد هذا في هواء التربة وكذلك في الغلاف الجوي حيث يتكون حامض الكاربونيك عند ذوبان هذا الغاز بالماء. وتكون لهذا الحامض القابلية على مهاجمة الصخور التي تحتوي معادنها على عناصر الحديد والكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والبوتاسيوم، حيث تذوب هذه العناصر بحامض الكاربونيك فتتحول إلى كاربونات ذات قابلية كبيرة على الذوبان. ويهاجم الماء الذي يحتوي على حامض الكاربونيك الحجر الجيري حيث يتحول إلى بيكاربونات تكون قابلية ذوبانها اكبر بمرات عديدة من قابلية الإذابة للحجر الجيري كما في المعادلة التالية:
    CaCO3 + H2 O + CO2 Ca( HCO3)2
    كاربونات الكالسيوم ( الحجر الجيري ) + ماء + ثاني اوكسيد الكربون بيكاربونات الكالسيوم

    هذا وتنتقل البيكاربونات وهي ذائبة في الماء تاركة المواد الأخرى التي لا تذوب فيه بالسرعة نفسها في مكانها. وقد تكونت بهذه الطريقة معظم الأشكال الكارستية والكهوف. ويزداد تأثير حامض الكاربونيك من خلال أنواع أخرى من الحوامض العضوية الموجودة في التربة والناتجة من تحلل المواد النباتية بالدرجة الأساسية وتهاجم الأحماض العضوية الموجودة في التربة الفلسبار أثناء الفصل المطير وتكون نواتج ذلك مهمة في عملية النمو النباتي.

    5- عملية التأكسد ( الاكسده ) Oxidation
    تحدث هذه العملية عندما يتحد الأوكسجين الموجود في الغلاف الجوي مع المعادن المكونة للصخور وعلى الرغم من سعة انتشار هذا النوع من التجوية الكيماوية الا أن أهميتها قليلة.

    6- التجوية الكيماوية العضوية:
    توجد الأحياء في التربة بكميات هائلة وخاصة في الأقاليم المناخية الرطبة حيث تقدر بحدود 30 – 40 طن في الهكتار الواحد. وتحتوي التربة بين 2 – 14 مليون بكتريا في كل 1 سم مكعب، وينتج عن وجود نشاط البكتيريا تكون مادة معقدة تعرف بالمواد العضوية humus. وتذوب هذه في الماء الذي يكون بشكل حامض التركيز ويقوم هذا بدوره بمهاجمة السيليكات الموجودة في الصخور، حيث تتحول حتى المعادن غير القابلة للذوبان فيا بهذه الطريقة إلى محاليل غروية يسهل على الجذور امتصاصها.

    ج- التجوية البايولوجية (النشاط الحياتي):
    ويمكن تقسيم التجوية البايولوجية إلى تأثيرات فيزيائية وكيماوية إلا انه من الملائم دراسة كلا النوعين مع بعضهما, ذلك لأنها تعتبر مهمة في الوقت الحاضر, وبالرغم من أن العمليات التي تنطوي عليها مثل هذه التجوية إلا انه لم يتم دراستها بشكل واف حتى الوقت الحاضر. ودرس التأثير الفيزيائي بشكل بسيط وذلك عند الكلام عن الدور الذي تقوم به جذور النباتات إضافة إلى تأثير الحيوانات التي تعمل على حفر الأرض كما يشار إلى التأثير الكيماوي الحياتي عند التكلم عن ظاهرة اقتناص بعض ايونات المعادن(Chelation )
    على أن التأثير الرئيسي للنباتات والحيوانات يظهر في زيادة ثاني اوكسيد الكربون في التربة وذلك من خلال عملية التنفس, حيث يزداد هذا الغاز إلى بضعة أضعاف ما هو عليه في الغلاف الغازي, لذلك أصبح الدور الذي يقوم به ثاني اوكسيد الكربون يأتي عن طريق الغلاف الحياتي وليس عن طريق الغلاف الغازي.
    وبالإضافة إلى ما سبق تقوم بعض الحيوانات المجهرية بالتفاعل مع ايونات المعادن المكونة للصخور ومن بين هذه الحيوانات بكتريا الانتحاء الكيماوي (Chemotropic bacteria) التي تعمل على أكسدة بعض المعادن مثل الكبريت والحديد. وبالإضافة إلى ذلك فان الكوانكو ( فضلات الحيوانات ) ( Guano ) تكون في الواقع قادرة على تجوية الصخور الجيرية. إن هذه التأثيرات وغيرها قد أثبتت على أنها أكثر أهمية في عملية التجوية مما كان معروفا عنها في السابق. ويمكن للأحياء أن تتسبب في تحطيم الصخور ميكانيكيا بطرق مختلفة إذ تتمكن جذور النباتات أن تتغلغل داخل شقوق الصخور ويساعد نمو تلك الجذور على توسيع تلك الشقوق. ولا تقوم جذور الأشجار الكبيرة فقط بهذه العملية بل تقوم بها حتى جذور النباتات الصغيرة كالحشائش. وتقوم حيوانات الإنفاق أيضا بتحطيم المواد الصخرية عندما تقوم بحفر ممراتها مثل دودة الأرض earth worms التي تقوم بابتلاع التربة من اجل الحصول على غذائها، ويوجد من هذه الدودة في الأرض الخصبة بحدود مليون واحدة في الايكر الواحد، وتستهلك هذه الدودة لغذائها حوالي 50 طن متري من التربة في العام الواحد. كما تعمل حيوانات الأنفاق مثل السنجاب الأمريكي على تجوية التربة والصخور. وان الإنسان ليعجب حقا عند ملاحظتها الاكوام الكثيرة من التربة التي يخرجها ذلك الحيوان عند حفره للممرات والإنفاق.
    قام كل من الإنسان والحيوان وما زالا ونتيجة لحركتهما فوق سطح الأرض بتفتيت الصخور بطريقة ميكانيكية. كما ويحرث الإنسان في العام الواحد حوالي 6% من سطح الأرض. وقد لعب البشر دور آخر من خلال الغطاء النباتي, فعلى سبيل المثال أزال الصينيون مناطق غابات كثيرة منذ قرون طويلة مضت وقد قطع جامعوا الأخشاب مساحات واسعة في نيوانجلند في شمال شرق الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة. وقد أدت إزالة الغابات إلى جرف شديد للتربة بحيث ظهرت الصخور الأصلية في أقسام كبيرة منها وتجويتها كما ساهمت فقد عرض حرفة التعدين في مناطق واسعة من القشرة الأرضية كأحد عوامل التجوية.

  4. #4
    في ذمة الخلود
    ابو مصطفى
    يتبع

    العوامل المؤثرة في التجوية:
    تعتمد سرعة تأثر الصخور بالتجوية، ونوعية عملية التجوية، على عدة عوامل عديدة يمكن إجمالها كما يلي:

    1- نوعية الصخور:

    إذ تختلف الصخور كثيرا تبعا لدرجة صلابتها ويرجع ذلك إلى تباين المعادن المكونة لها، وطبيعة المواد اللاحمة لذراتها ودرجة تضاغطها. وتقسم المعادن حسب درجة صلابتها بموجب مقياس ( Moh) للصلابة إلى درجات تتراوح بين 1 إلى 10، فالجبس على سبيل المثال تكون درجة صلابتة 2 والكالسايت 3, الارثوكليز 6 والكوارتز 7 وهكذا. وتعتبر الصخور الرسوبية في معظمها لينة رغم أنها تحتوي على معادن صخرية صلبة أحيانا، فالحجر الرملي يتكون معظمة من الكوارتز لكنة لينا بسبب ضعف المواد اللاحمة للكوارتز مثل أكسيد الحديد وكاربونات الكالسيوم.

    وان من الأمور المعروفة لدى الجيومورفولوجيين ان لدرجة صلابة الصخور أثرا في مقدار تأثيرها بالتجوية, حيث تتأثر الصخور حتى الصلبة منها بعمليات التجوية الميكانيكية والكيماوية حسب مقدار تعرضها لهذه العمليات. ويؤثر لون المعادن في قابلية الصخور لامتصاص أشعة الشمس وحرارتها مما يؤدي إلى درجات تمدد غير متساوية لهذه المعادن حسب لونها، الأمر الذي سوف يساعد على زيادة سرعة تفكك تلك الصخور بالتجوية، حيث تتسخن الصخور ذوات الألوان الداكنة مثل البازلت والجابرو بسرعة اكبر وتتأثر بعملية التفكك بشكل أوضح مما في الصخور ذوات الألوان الفاتحة مثل الطباشير والحجر الجيري الذي يعكس معظم أشعة الشمس الساقطة علية.
    كما تؤدي زيادة المفاصل إلى زيادة المساحة السطحية من الصخور والتي قد تتعرض لعمليات التجوية المختلفة، إذ يتركز دخول الماء المحمل بالأحماض إلى الصخور من خلال المفاصل الموجودة فيها، كما تساعد المفاصل في عملية تعاقب الانجماد والذوبان إذ يتغلغل الجليد خلالها.

    2- المناخ:
    ويظهر دور المناخ من خلال درجة الحرارة والرطوبة, أي العلاقة بين كمية الأمطار ودرجة الحرارة وبين قيمة وشدة وتنوع عمليات التجوية. حيث انه كلما زادت الحرارة والرطوبة تزداد التجوية الكيميائية والعكس صحيح, وإذا قلت الحرارة والرطوبة زادت التجوية الميكانيكية والعكس صحيح, ويظهر تنوع عمليات التجوية وتفاوتها حسب كميات الأمطار والحرارة حيث تصبح التجوية كيميائية نشطة في المناطق التي تزداد فيها درجة الحرارة والأمطار, أي في الإقليم الاستوائي وتضعف وتنعدم في الأقاليم التي تنخفض فيها درجات الحرارة والأمطار أي في القطبي, أما في الإقليم المعتدل فالتجوية من النوعين، وتنشط التجوية الميكانيكية في المناطق التي تقل فيها الأمطار وتنخفض فيها درجة الحرارة أي في الاقليم القطبي، وينشط في الإقليم الصحراوي الحار التجوية الميكانيكية وتقل الكيميائية. وللمناخ اثر أخر من حيث تكون الصقيع في المناطق التي تتعاقب حدوث الانجماد والذوبان فيها. حيث يستطيع الماء الموجود على السفوح الخالية من الغطاء النباتي والتربة أن ينفذ إلى الشقوق والمفاصل ويكون إسفينا جليديا يفتت الصخور.


    3- التضاريس:
    تؤثر التضاريس في عملية التجوية من خلال تأثرها على نوعية المناخ الذي يسود فوقها. حيث تختلف السفوح الجبلية فيما بينها في درجة ارتفاعها وكذلك مقدار تعرضها لأشعة الشمس ودرجة مواجهتها للرياح الرطبة. وتؤدي كل هذه الاختلافات إلى ظهور أنماط متنوعة من المناخ تؤدي تاى زيادة في تأثير أنواع خاصة من التجوية.
    كما وتختلف التضاريس في درجة انحدار سفوحها ويؤثر ذلك بدورة على سرعة ونوعية عملية التجوية الموجودة عليها. إذ تزداد حدة التجوية الميكانيكية على السفوح الشديدة الانحدار والتي يمكن أن يحصل فيها ظواهر مثل الانزلاق الأرضي, زحف التربة... الخ بحيث تبقى تلك السفوح عارية من التربة وتكون صخورها معرضة لعمليات التجوية الميكانيكية مثل اثر الصقيع أو التمدد والتقلص الناتج عن تباين درجات الحرارة. وتزداد سرعة جريان المياه السطحية فوق هذه السفوح الأمر الذي يزيد حتى من عملية تجوية تلك السفوح تجوية كيماوية.
    ويتبع قلة درجة انحدار السفوح وجود غطاء سميك من التربة فوق الصخور الأصلية التي نتجت هي الأخرى من خلال عمليات التجوية المختلفة، ويقوم ذلك الغطاء بحماية ما تحته من صخور من أن تتعرض إلى التجوية الميكانيكية بالدرجة الأساسية. ولكن وبسبب احتواء تلك التربة على كميات من المياه, على الأغلب, فان ذلك يساعد على قيام تجوية كيماوية عليها.

    4- تأثير الزمن على عملية التجوية:
    من الواضح انه كلما طال الزمن الذي تستمر فيه عملية التجوية, كلما توغلت هذه الظاهرة إلى مسافة أعمق في داخل الأرض. وربما هناك حد لفعالية هذه العمليات, إلا إذا كانت هناك استمرارية واضحة في نقل مخلفات عمليات التجوية.

    5- تأثير النسيج الصخري على عملية التجوية:
    يمكن تعريف النسيج الصخري (Texture) بأنه الوضعية المتبلورة للصخر أي كونه خشن الحبيبات أو ناعم الحبيبات أو زجاجيا. ففي وضعيات معينة تستجيب الصخور الخشنة الحبيبات لعمليات التجوية بسرعة تفوق استجابة الصخور الناعمة الحبيبات رغم أنهما يتكونان من معادن متشابهة على انه من النادر أن نجد بعملية التجوية أن تستجيب جميع المكونات المعدنية في الصخور بدرجة متشابهة.
    نتائج عملية التجوية :
    يتكون الغطاء الصخري بفعل عملية واحدة أو أكثر من عمليات التجوية التي مر شرحها فيما تقدم. ويعني هذا الغطاء الحطام المفكك الذي يتكون من الصخور والمعادن في مختلف مراحل تحللها والذي يغطي بدورة الصخور الصلبة غير المتفككة التي تعرف بالصخور الأصلية bed rock وفي الغالب يسمى هذا الغطاء الصخري المفكك الذي ينقل من مكان إلى أخر باسم يتفق والعملية التي قامت بنقلة وارسابه مثل الثلاجات والرياح والأنهار ... الخ ولذلك فهناك رواسب طموية أو مائية ناتجة عن ترسيب الأنهار ورواسب جليدية ناتجة عن ترسيب الجليد و رواسب اللويس والكثبان الناتجة عن عمل الرياح. ويبقى هذا الغطاء الصخري المفكك دون أن يتحرك إلا قليلا في المناطق السهلية المستوية وفوق قمم الهضاب المسطحة وكذلك في أقاليم الغابات الكثيفة وفي الأقاليم ذوات التربة المتجمدة.

    بعض الأشكال الأرضية الناتجة عن التجوية:
    عندما تتعرض الصخور التي تتباين طبقاتها أو مكوناتها في درجة مقاومتها لعمليات التجوية يحدث أن يكون تأثير تلك العمليات شديدا فوق الجهات اللينة أو القليلة المقاومة بحيث تتآكل تلك الأجزاء في حين تظل الطبقات الصلبة بارزة. ويعرف هذا النوع من التجوية باسم التجوية المتباينةDifferential وتتكون بهذه الطريقة أشكال متنوعة منها، الأشكال الأرضية التي تشبه نبات الفطر Mashroom rock . وينتج من تعرض الركام جليدي وصخور المجمعات البركانية ( البريشيا ) إلى عملية التجوية أعمدة أو أبراج توجد في أعلاها جلاميد صخرية كبيرة صلبه تحمي الحطام الصخري المفكك الموجود أسفلها ويطلق على هذه الأشكال اسم Demoiselles. والتالوس Talus وهو أيضا احد الأشكال الجومورفولوجية التي تنتج عن عملية التفكك الصخري بواسطة تكرار عملية التجمد والذوبان، وينتج عن التجوية عدة أشكال أرضية منها:

    1- الحرافيش أو القشعات: Lapies وهي عبارة عن حزوز أو شقوق واسعة تنتشر فوق الصخور الجيرية التي تختلف في نفاذيتها ونظام مفاصلها أو أسطح تطبقها, وغيرها من الخصائص الطبيعية والكيماوية التي تحدد سير عملية الإذابة المتفاوتة بفعل ماء المطر الحمضي المتسرب.
    2- الأعمدة المسننة: Stylolitites وتتطور هذه الأعمدة الصغيرة بفعل الإذابة المتغايرة التي تحدث على سطح الصخور الجيرية. ففي الأجزاء الضعيفة من الصخر الجيري تتعمق عملية الإذابة بينما تبقى المراكز السطحية الصلبة قائمة فوق مستوى سطح الأرض المحيطة على شكل أعمدة، ويعتمد تطورها على وجود المفاصل المتعمقة, خاصة العمودي منها, ونشاط عملية الإذابة وانجراف نتاج هذه العملية.
    3- حفر التجوية: Weathering pits وتنتشر فوق الأسطح الصخرية المكشوفة قليلة الانحدار خاصة على طول المفاصل الصخرية أو نقاط الضعف المعدني أو نتيجة للتفاوت في تآكل الصخر. وتنشا هذه الحفر بفعل التجوية المتغايرة خاصة في الصخور الصماء وما يتبع ذلك من إزالة للهشيم وتآكل متغاير مركز في نقاط الضعف. ويزيد حجمها باستمرار بتجمع الرطوبة في داخلها وما تقوم به عملية الاماهه أو التميؤ Hydration. ويمكن أن تساهم الجذور المتباينة بما تفرزه من أحماض, في تكون حفر التجوية صغيرة الحجم نسبيا, وتكون في هذه الحالة متجاورة وغير منتظمة، وتسمى هذه الحفر بالتنخربات Honeycombs لارتباطها بالتجوية الحفرية أو التنخبرية (من نخر) / Cavernous Honeycomb Weathering.
    4- الجلاميد: Boulders وتتكون الجلاميد في صخور صلبة قليلة المسامية كالجرانيت بفعل عمليتين متتابعتين هما، التجوية السفلية المتغايرة والتعرية المتفاوتة، فعندما يتسرب الماء الحمضي عبر المفاصل تتعرض أطراف الكتل الصخرية لتجوية مركزة تعمل على توسيع المفاصل واستدارة الكتل الصخرية, حسب نظام المفاصل السائد, وتطويرها إلى جلاميد مستديرة صغيرة الحجم نسبيا تسمى الحجارة القلبية Gore stones/ Kernels وتظهر على السطح بعد إزالة نتاج التجوية. ويحدد نظام المفاصل وطبيعتها شكل الجلاميد المتطورة، ففي حالة وجود مفاصل قليلة الاتساع ومحددة للتسرب المائي, تتطور أنواع أخرى من الجلاميد كبيرة الحجم نسبيا تسمى الانسلبرغ Inselbergs أو القباب أو الأعلام الصحراوية, وتتخذ الشكل المستدير في أماكن المفاصل المكعبة والشكل البيضاوي أو الاسطواني في أماكن المفاصل الأفقية والمستطيله والشكل ألبرجي في أماكن المفاصل العمودية والشكل ألقبابي ( Bornhards ).
    5- الأشكال الناتجة عن التجوية المتباينة المدى: يستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى عملية التجوية التي تعمل على حت وإزالة الأجزاء الضعيفة من الكتل الصخرية المعرضة إلى هذه العملية، وقد تؤدي هذه العملية إلى ظهور سطوح صخرية محفورة, أو أنها تعكس بشكل بارز ظهور النطاقات الصلبة من الصخور والطبقات الرسوبية التي تستطيع مقاومة عمليات التجوية. وتشير الدلائل الموجودة في الطبيعة مثلا إلى أن صخور البريشيا أو الطفل الجليدي إذا ما تعرضت إلى عمليات التجوية المتباينة فإنها تنتهي إلى أشكال تضاريسية تشبه الأعمدة ( pillars ) أو الاسطوانات ( Column) تتغطى هذه بكتل صخرية اكبر أو شظايا صخرية كبيرة الحجم تعمل على حماية الكتل الصخرية المتفككة الواقعة تحتها، ويطلق على هذه الأعمدة ( Demoiselles ). ويعتبر الهشيم الصخري ( Talus ) نتاجا أخر لعمليات التجوية، والهشيم مفتت صخري ينتج عن التفكك الذي يحصل في سفوح شديدة الانحدار، ويتجمع هذا الهشيم عادة عند قاعدة السفوح، وقد يسمى في بعض الأحيان ( Scree ). فإذا اتخذ هذا التراكم شكلا مخروطيا شديد الانحدار فعند ذلك يطلق عليه اسم مخروط الهشيم ( Talus cone ).
    6- ومن أثار التجوية الأخرى للتجوية الكتل الماكثة Residual Boulders وتتقطع مثل هذه الكتل بواسطة سلسلة أو أكثر من الفواصل, فتتحول إلى ألواح كتليه ذات أحجام مختلفة, وليس من الغريب أن تتواجد هذه الفواصل على شكل مناطق أو خطوط ضعف, بحيث تجد الرطوبة والعوامل الفعالة الأخرى, طريقها من خلالها إلى داخل الصخور فتؤدي وبشكل تدريجي إلى استدارة زوايا هذه الكتل حتى تنتهي أخيرا على شكل بيضاوي.
    7- زحف التربة: Soliflustion or Soil Creep ويستخدم هذا المصطلح من الناحية الجيومورفية للدلالة على الحركة البطيئة غير المنظورة لكتل الصخور والتربة المشبعة بالماء, من ارض عالية إلى جهات منخفضة. ومن الجدير بالذكر أن ظاهرة من هذا النوع يمكن تتبعها في الجهات التي تتميز بوجود جهات جبلية ذات مناخ رطب، وتظهر على شكل كتل من الصخور متباينة الحجم ممتزجة مع التربة وتتخللها كمية لا بأس بها من المياه, ويكون مصدر هذه المياه من الجليد الذائب في غالب الأحيان, يتحرك هذا المزيج الثلاثي وبشكل تدريجي عبر منحدر من الأعلى نحو الأسفل. على أن ضخامة هذا المزيج أثناء هذه الحركة تتراوح من مناطق لوحية واسعة ( Extensive Sheets) وثلاجات صغيرة الحجم يطلق عليها اصطلاحا اسم الثلاجات ( Mud Glaciers) وفي الجهات الجبلية اوالتلالية التي تتعرض إلى مثل هذه الظاهرة يظهر تناقص واضح في شدة التضاريس المحلية المتواجدة على السطح، فعلى سبيل المثال نلاحظ آن الجهات التي تتميز بمناخات شبه جليدية ( Sub glacial Regions ) والتي يتساقط فيها الثلج بغزارة في فصل الشتاء تصبح هذه العملية عاملا فعالا في هدم الأشكال الأرضية السطحية البارزة وفي الوقت نفسه, نلاحظ أن المناطق القطبية وشبه القطبية, حيث لا تتغطى الأرض بالجليد فان هذه العملية تكون مستمرة بشكل دائم. أما التدفق الطيني, ويشار إليه في بعض الأحيان على انه انسياب (Mudflow) فانه ظاهرة تتجمع التربة بموجبها ثم تتحرك بصورة بطيئة عبر الثلاجات المحتوية على الصخر والوحل. وفي حالة من هذا النوع تشتمل الحركة على صخور من مختلف الأحجام. ومن ابرز الأمثلة المعروفة عن مثل هذه الحركة هو التدفق الطيني في منطقة ينابيع ندكن سون في مقاطعة كولورادو في أمريكا، وقد أدى هذا التدفق إلى تكوين ما يشبه الدلتا, في غير موضعها بطبيعة الحال و أدى ذلك إلى تكوين بحيرة كرستوبال ( san Cristobel lake) ولقد بلغ مجموع هذا التدفق حوالي أربعة أميال كما بلغ انحداره 2.500 قدم وقد يتراوح سمك الوحل الذي بدا على الوادي بين 200 إلى 300 قدم.
    8- قباب التقشر: ( Exfoliation Domes ) من الملاحظ أن الكتل الصخرية المتجانسة الضخمة تتقشر على شكل أغشية رقيقة عند تعرضها إلى تغيرات متطرفة في درجات الحرارة. وتعود هذه الظاهرة إلى تفكك الكتل الجرانيتية إلى أغشية محدبة وإن هذا التركيب – كما هو معروف, يتصل اتصالا وثيقا بالحالة الصهيرية التي كانت عليها هذه الصخور في بداية تكوينها ومع ذلك هناك نواح عديدة ترجح فرضية أخرى لتفسير هذه الظاهرة ومرجع هذه النظرية، إن ظاهرة تقشر الصخور ترجع إلى التذبذب الحاصل في درجات حرارة البيئة المتواجدة فيها، فمن الملاحظ أن البيئة القبابية لا تمتد باتجاه سفلي أو جانبي إلى مدى لا نهائي، ودليل ذلك أن أغشية التقشر لا تمتد في غالب الأحيان إلى عمق يزيد على 50 قدم، وهذا دليل على أن هذه ظاهرة سطحية وليست ظاهرة تمتد إلى أعماق الغلاف الصخري، هذا فضلا عن أن هذه البيئة لا تقتصر على مظهر القباب بل تتواجد أيضا في خوانق وحوائط وواجهات السلاسل الجبلية وحتى في قيعان الوديان الأخدودية. ولقد اجمع بعض علماء الجيومورفولوجيا على وجود ثلاثة تفسيرات لظاهرة التقشر السطحي هي: (1) تغير فصلي في درجات الحرارة يؤدي إلى تمدد وتقلص بشكل ملائم بحيث يدفعان إلى حدوث التقشر, و (2) تمدد سطح الصخور نتيجة التميؤ ( دخول الماء في تركيب الصخر ) وخاصة صخور الفلسبار وذلك لتكوين الكاؤولين و(3) وجود تضاريس ذات ضغط داخلي، وتنتج هذه التضاريس عن تعرية الكتل الصخرية السطحية.

    إن تمدد وتقلص سطح الصخر, استنادا إلى معامل تمدد صخر النايس المعروف, يؤدي في الواقع, إلى زيادة في طول الصخر يصل إلى حوالي 0.5 بوصة لكل 100 قدم, وذلك عند ارتفاع درجة الحرارة إلى حوالي 100 5 ف. وتصبح هذه الدرجة اقل من ذلك في الأعماق وذلك لان المدى الحراري في هذه الجهات يكون اقل من ذلك بكثير، فيكون التمدد والانكماش على عمق قدم واحد, تحت السطح مقاربا إلى حوالي 1/20 ملم يوجد من نفس هذا المعدل على السطح. لذلك يمكن القول انه ما دامت السطوح التي تتعرض إلى مثل هذه الظاهرة تكون متسعة بحيث تصل إلى ألاف الإقدام فان الضغط المتواجد بين الطبقات العليا والطبقات السفلى يكون كبيرا وواضحا، ومن الضروري الإشارة إلى أن عملية التقشر لا تحدث أو تظهر بشكل بارز إلا إذا توفرت عوامل مساعدة لها منها الشقوق المجهرية الصغيرة التي تعمل على إيصال الحرارة والماء إلى داخل الصخر فضلا عن فعل النباتات المجهرية. ويبدو أن تغيرا بسيطا في درجات الحرارة يحدث على عمق 15 قدم يكون أكثر فعالية من تغيرات مماثلة تحدث على سطح الصخر ذاته، وسبب ذلك أن صخور السطح تكون في وضعيتها الحالية قد تاقلمت مع بيئتها, إذ لا مجال أمامها لمقاومة تغيرات نوعية من هذا الطراز.

    التجوية وعمليات تكون التربة:

    تعتبر التربة النتاج المباشر لعمليات التجوية المختلفة، وتطلق هذه التسمية على الطبقة العليا المفككة من القشرة الأرضية والتي تكونت بتأثير عمليات التجوية المختلفة. وترتبط مع عمليات التجوية, وبشكل وثيق, عمليات تكوين التربة على الجزء العلوي من القشرة الأرضية، وقد تبلورت الأفكار العلمية الرئيسية عن التربة وطرق تكوينها على يد العالم الروسي دوكوجيف، وفي واقع الأمر لا يمكن الفصل بين الأفكار المتعلقة بالتربة وخصوبتها فالتربة وبتعريف فلسفي هي الجزء العلوي المفكك من الغطاء الصخري وتحتوي على الحياة العضوية وعلى الأخص النباتية منها, وهي تتكون نتيجة مجموعتي عمليات متلازمة هما عمليات التجوية وعمليات تكوين التربة لذلك فان التربة تتكون بشكل أساسي, من جزأين صلبين هما المادة المعدنية المفككة والمادة العضوية.
    ومن الضروري أن نشير إلى أن مصطلح التربة له معاني عديدة اعتمادا على ماهية الشخص الذي يستعمل هذا المصطلح. فالمهندس, مثلا يعني بمصطلح التربة على انه مادة غير متماسكة, في حين يكون مفهوم هذا المصطلح بالنسبة لعلماء التربة الوسط الذي تنمو فيه النباتات وتزدهر, وقد ذكر جوف ( Joffe ) أن التربة هي جسم طبيعي يتكون من طبقات أو آفاق معدنية وعضوية ذات سمك متباين، وتختلف هذه الآفاق عن الصخور الأم في شكلها وفيزيائيتها وكيميائيتها وخصائصها المعدنية والبيولوجية.

    تكوين التربة:
    تتكون التربة من خلال عمل عدة عوامل وقد تمكن دوجيف وجيني jenny من تمييز خمسة عوامل منها هي : (1) المادة الصخرية الأصلية (صخور الأساس) التي تتكون التربة عليها, و (2) الحياة النباتية والحيوانية و (3) المناخ (4) عمر المنطقة التي تتكون التربة فيها و (5) الطوبوغرافيا المحلية (التضاريس). إن العامل الحياتي, وعلى الأخص النباتات, تلعب دورا مهما في هذه العملية المعقدة، وكان سبب ذلك أن تكوين التربة يكون على أشده في المنطقة التي قد تأثرت بمواد قد تطورت وتكونت بفعل الأحياء المجهرية خلال دورة حياتها وبواسطة نظم جذور النباتات. وإن اغلب المادة العضوية المتواجدة في التربة إنما هي بقايا المادة الكلوروفيلية الخضراء. وتكون بقايا الجذور مهمة جدا وعلى الأخص في منطقة تكون الحشائش ونموها.
    وتسهم الحيوانات المجهرية بشكل فعال في هذه العملية المعقدة وإنتاج المادة العضوية التي يكون لونها اسود أو اسمر عند تجمعها في التربة بعد عملية تفسخ المادة العضوية الأولية وتسمى بالعادة بمادة الدبال ( Humus) وهي كلمة مشتقة من اصل لاتيني، وهذه المادة هي العامل الرئيسي في خصوبة التربة. ويلعب الماء, حينما يعمل على إذابة جزء من مواد التربة دورا مهما في تكوين المقطع العمودي للتربة ( Vertical Profile ) وقد تتحرك المواد الذائبة نحو الأسفل بفعل الماء. وحيثما تكون الظروف ملائمة فان هذه المواد يتكرر ارسابها إما من خلال التبلور أو التخثير Coagulation وتحدث مثل هذه الحركة نحو الأعلى أيضا وذلك من خلال الخاصية الشعرية. وبهذه الطريقة تتلاشى بعض المواد من آفاق التربة في جهة معينة في حين تغتني آفاق أخرى بهذه المواد ذاتها.
    وحيثما تسود الحركة السفلى لهذه المواد, يصبح بالامكان تمييز ثلاثة آفاق أصلية بشكل واضح ضمن مقطع التربة هي:
    1- الأفق العلوي ( A1) ويحدث في هذا الأفق عملية غسل شديد لمكونات التربة ( Leaching ) ومع ذلك فان العملية السائدة في هذا الأفق هي تجمع المادة العضوية.
    2- الأفق التالي ( A2 ) وهو أفق الاستخلاص ( أو الإزالة ) Fluvial ويقع هذا الأفق تحت الأفق السابق, ويتميز هذا الأفق بشكل خاص بكثرة تسرب المواد منه للأسفل. وهذا الأفق يقتصر تواجده على المناطق المناخية الباردة والممطرة.
    3- الأفق المستقبل أو أفق الترسيب: هذا الأفق يحتوي على المواد التي يتم غسلها من الآفاق العليا في التربة.

    يمكن تقسيم التربة من ناحية جيومورفولوجية وجيولوجية إلى نوعين هما:

    1- التربة المتبقية (المتخلفة):
    تعني هذه التربة من اسمها أنها تلك التي اشتقت من الصخور التي تستند عليها وإنها تبقى فوق تلك الصخور وبذلك فأنها تحتوي على المعادن الأولية نفسها الموجودة في صخور الأساس. وتدل التربة المتخلفة العميقة على حدوث عمليات تجوية سريعة أو أن المنطقة لم تتأثر منذ وقت طويل بعمليات تعرية تقوم بنقل الحطام الصخري إلى مكان أخر. ويكون من الصعوبة بمكان معرفة نوعية الصخور الأصلية التي تنشا منها التربة المتخلفة القديمة التكوين وذلك بسبب عمليات التحلل الكيماوي الذي تعرضت له مكوناتها وأدت إلى تغيير في صفاتها الأصلية, وتعرف مثل هذه التربة بالتربة الناضجة.
    تلعب الظروف المناخية دورا مهما في تكوين خصائص التربة المتبقية إذ يطلق على مجموعة التربة التي تتطور عند ظروف مناخية رطبة اسم مجموعة Pedalfers وهي الترب التي تحتوي على الحديد والألمنيوم بشكل خاص، وتتكون هذه الترب في المناطق ذوات المناخ الرطب التي يزيد معدل مطرها عن 60 إلى 75 سم في العام. ويعني هذا أن التربة والصخور الأصلية الواقعة تحتها تكون رطبة بصورة مستمرة. وتتجرد هذه الترب من أملاحها بصورة مستمرة الأمر الذي يجعلها فقيرة بها نسبيا. وتتصف بأنها تفتقر كثيرا إلى المواد القابلة للذوبان مثل أملاح البوتاسيوم والكالسيوم وكذلك فهي فقيرة بموادها العضوية. ومن أمثلة هذه التربة تربة اللاتريت Literate التي توجد في الأقاليم المدارية ذات الأمطار الغزيرة التي تسبب حدوث ظاهرة التجرد leaching فيها. ولا يمكن استغلال هذه التربة للزراعة إلا باستعمال الأسمدة.
    ويطلق على مجموعة الترب التي تتطور تحت ظروف مناخية جافة أو شبه جافة اسم ترب البيدوكال pedocals وتعني الترب التي تحتوي على الكالسيوم، وتنشأ هذه الترب في الأقاليم التي تقل أمطارها السنوية عن 60 سم ولا تسمح هذه الكمية القليلة من الأمطار بحدوث جريان مائي خلال التربة نحو الأسفل، ويكون معظم النبات الطبيعي الموجود عليها من الحشائش والشجيرات الصغيرة، وتحتوي هذه التربة على كل المواد القابلة للذوبان والتي تسبب خصوبتها. وتتباين هذه الترب في خصوبتها من تربة الجرنوزم Chernozem السوداء الخصبة التي تحتوي على كميات كبيرة من المواد العضوية إلى ترب الصحاري الرمادية الفقيرة التي ليس فيها إلا كميات قليلة من هذه المواد.

    2- التربة المنقولة: Transported
    وتشمل التربة المنقولة كل أنواع التربة التي قامت عمليات جيومورفولوجية معينة بإزالتها من فوق الصخور الأصلية التي نشأت عنها ونقلتها ورسبتها تلك العمليات نفسها أو غيرها. وتختلط هذه التربة أثناء عملية نقلها بمواد قادمة من صخور أخرى مختلفة. ولذلك لا يمكن تحديد نوعية الصخور الأصلية بالنسبة إلى التربة المنقولة. كما وتنتقل بعض هذه الأنواع من التربة إلى مسافات قصيرة من خلال حركات الانزلاقات الأرضية المختلفة، وينقل القسم الأخر إلى مسافات قد تزيد عن مئات الكيلو مترات عن منطقة المنشأ كما هي الحالة في التربة الطموية وتضم التربة المنقولة الأنواع التالية:
    1- التربة التثاقلية Colluvial أو Gravity Soil
    تتكون هذه التربة نتيجة تدحرج الحطام الصخري تحت تأثير قوة الجاذبية الأرضية من المناطق المرتفعة باتجاه الجهات المنخفضة ولمسافة قصيرة من منطقة المنشأ. ويكثر هذا النوع من التربة في المناطق الصحراوية أو شبه الصحراوية بسبب سيادة التجوية الميكانيكية وقلة وجود الغطاء النباتي الذي يمنع تساقط وحركة الحطام المفكك. وتعتبر الانزلاقات الأرضية بكافة أشكالها أسبابا رئيسية لهذه الحركة للتربة. ولا تتشابه ذرات هذه التربة في أحجامها إذ غالبا ما تختلط معها الجلاميد الصخرية الكبيرة الأحجام (boulders) وتوجد هذه التربة عند قدمات المنحدرات الشديدة، ولا تظهر فيها عادة صفة طباقية جيدة.

    2- التربة الطموية Alluvial
    تضم هذه التربة كل أنواع التربة التي قامت المياه السطحية الجارية بنقلها وترسيبها أو عند اتصالها بمسطحات مائية بشكل دلتاوات. وتتميز هذه التربة بأنها ذات صفة طبقية جيدة كما وتتصف بتجانس ذرات الرواسب فيها. وهما خاصيتان تميزان الترسيب المائي عن غيره. وتوجد الترب الطموية بصورة خاصة فوق سهول الأنهار الفيضية التي تغمرها مياه الفيضان بين حين وأخر. كما توجد في الدلتاوات والدالات المروحية والبجادا وبنطاق اقل في البحيرات الساحلية lagoons والمستنقعات وفي قيعان المجاري النهرية القديمة. وتمثل السهول الفيضية للأنهار الكبرى في العالم مثل سهل المسيسبي والنيل ودجلة والفرات نماذج جيدة من التربة الطموية. ويوضح نهر النيل جيدا كيفية تكون كل من السهول الفيضية والدلتاوات من خلال نقله للكميات العظيمة من التربة الجيدة إلى الأراضي الواقعة قرب مصبه.
    هذا وتتميز التربة الطموية بأنها سميكة في العادة وخصبة خاصة إذا كانت ظروف المناخ ملائمة لتكاثر المواد العضوية بسرعة فيها وكذلك بسبب التجديد المتواصل الذي يحصل عليها جراء ما تلقيه عليها الفيضانات من ارسابات جديدة كل عام تقريبا.
    3- التربة الجليدية Glacial Soils
    ترسبت التربة الجليدية في مناطق واسعة من اليابسة عندما تراجع الجليد الذي غطى مساحات كبيرة من القارات أثناء عصر البلايستوسين. وقد ألقى ذلك الجليد بالرواسب التي كان يحملها معه مكونا ما يعرف باسم التربة الجليدية، و تتميز التربة الجليدية بأنها غير طبقية وأنها ذات ذرات غير متجانسة في أحجامها كما تتصف بدرجة مساميتها العالية. وتعتبر تربة نطاق الذرة المشهور في الولايات المتحدة من أوضح الأمثلة لهذا النوع من التربة.

    4- تربة قيعان البحيرات: Lacustrine
    تتغطى قيعان كثير من البحيرات التي جفت مياهها لسبب من الأسباب بتربة ذات صفة طبقية جيدة. وتتباين هذه التربة كثيرا في حجم ذراتها تبعا لموقع البحيرة من وادي النهر حيث تكون طبيعة الرواسب أكثر خشونة إذا كانت الأنهار التي تصب في البحيرات في مرحلة متقدمة من مراحل الدورة الجيومورفولوجية. وتختلف تربة البحيرات في خصوبتها أيضا تبعا لدرجة وجود وتحلل المواد العضوية فيها. ويقع نطاق القمح في الولايات المتحدة وكندا, الذي يمتد في غرب ولاية مينسوتا وشمال داكوتا فوق موقع لأحد البحيرات القديمة التي انصرفت مياهها بواسطة النهر الأحمر وروافده, ويتصف هذا الإقليم باستوائه الشديد وبخصوبة تربته بالوقت الحاضر.

    5- التربة الهوائية: Aeolian soil
    تتكون هذه التربة من جراء الترسيب للمواد التي تنقلها الرياح. إذ تستطيع الرياح أن تنقل ذرات الرواسب من مصادر مختلفة بعضها قادم من مواد طموية قامت الأنهار بترسيبها فوق سهولها الفيضية ويأتي قسم أخر من تلك الرواسب من مناطق الارسابات الجليدية إضافة إلى مصادر أخرى مثل الغبار البركاني أو المواد التي تقوم الرياح نفسها بتعريتها وقطعها من الصخور أو تقوم بتفريغها من المناطق والأحواض الصحراوية. وتترسب المواد الخشنة الذرات في مناطق ليست بعيدة عن المنشأ. ومن الأمثلة عليها تربة اللويس في المناطق الجافة وشبه الجافة. كما تعتبر الكثبان الرملية نوع من أنواع هذه التربة التي سندرسها لاحقا عند الحديث عن الدور الجيومورفولوجي للرياح.







    تقدير معدلات التجوية ( قياس التجوية ):

    لقد قدم الباحثين في الجيومورفولوجيا عدد من المعادلات التي يمكن بواسطتها تقدير معدلات التجوية ونقدم مثالا على ذلك, المعادلة التالية والتي تقوم أساسا على تقدير معدلات التجوية في مياه الأنهار على شكل رواسب ومواد مزالة بفعل مياه الأنهار:

    QT1 - PT2
    ــــــــــ ــــــــــ Xn =
    Ab Ab
    Xn: المعدل الصافي للمواد المزالة بفعل التجوية مقاسه بالطن / كم2 في السنة.
    Q : معدل التصريف السنوي للنهر م3 (أو أي وحدة مكعبة).
    T1: معدل تركيز المواد الذائبة بالطن لوحدة تصريفية معينة (طن / م3).
    Ab: مساحة المنطقة (الحوض) كم2.
    P : معدل الأمطار السنوي مقاسا بنفس وحدة قياس التصريف (م 3).
    T2: معدل تركيز المواد الذائبة في مياه الأمطار (طن / م 3).

    الانزلاقات والانهيارات الارضيه: Landslide

    ينظر إلى الانهيارات الارضيه والانهيارات الصخرية (rocks streams ) وعملية زحف التربة على أنها حركه فجائية بشكل متطرف , كما تشتمل هذه الحركة على الفراش الصخري وليس مجرد غطاء التربة. ففي الوقت الذي تتكون فيه تراكمات الهشيم المخروطية نتيجة تكسر طبقات الصخور ( rock ledges ), نجد أن الانهيار الأرضي يشتمل على جزء كبير من الطبقة الصخرية ذاتها في حركه فجائية.
    ويوجد مجموعتين من العوامل المسئولة عن حدوث الانهيارات الارضيه هي:
    1- طوبوغرافيه المنطقة قيد البحث
    2- البنية الجيولوجية, من حيث نوع الصخور وخصائصها الفيزياوية.
    3- تأثير الجاذبية الأرضية
    4- مساعدة المياه الباطنية أحيانا.

    أنواع الانزلاقات الأرضية:

    1- حركات سريعة جدا مثل انزلاق وتساقط الصخور ولا يكون وجود الماء ضروريا في حدوث هذه الحركات وتعرف الأشكال الناتجة بالتساقط الصخري rock falls , الانزلاق الصخري rock slide وانزلاق الحطام الصخري Debris slides .
    1- انسياب بطئ يحدث للمواد التي تشبعت جزئيا بالماء مكونة مظاهر مثل زحف الصخور, زحف التربة, وانهيار التربة.
    2- إنسياب سريع يحدث في المواد التي تشبعت كليا بالماء حيث ينتج عنها مجرى التربة والمجاري الطينية.

    تحدث الانزلاقات الأرضية عند توفر واحد أو أكثر من الظروف التالية:

    1- سفوح شديدة الانهيار وخاصة في السفوح الانكساريه أو المنحدرات التي عملها الإنسان عند شقه للطرق خلال المناطق الجبلية. وتعتبر الجدران الحادة الارتفاع التي تحيط بالخوانق النهرية والوديان الجليدية أماكن مناسبة أخرى لتكوين الانزلاقات الأرضية.
    2- الترطيب الذي ينتج من خلال سقوط أمطار غزيرة أو ذوبان كميات من الثلج أو الجليد. حيث تصبح كثير من الصخور زلقه بعد سقوط أمطار غزيرة على المنطقة كما يكون للوزن الذي تضيفه مياه الأمطار على الصخور أهمية أخرى أيضا. هذا وتحدث كثير من الانزلاقات الارضيه الصغيرة بسبب تشبع الأرض بالمياه المتسربة إليها من الخزانات وقنوات الري ..الخ.
    3- الزلازل التي قد تسبب بداية حركة الانزلاق الأرضي ويعتقد بان كثيرا من الانزلاقات الأرضية القديمة التي حدثت في جبال San Juan في جبال كولورادو كانت قد نتجت عن زلازل قديمة أيضا. ويمكن للبراكين أن تلعب الدور نفسه أيضا.
    4- إزالة الطبقات الارضيه الساندة بوساطة عمليات طبيعية أو بوساطة الإنسان وذلك عندما تتحول بعض الطبقات الصخرية من جراء عمليات تجويه كيماويه إلى طين يقوم عند ترطيبه بتسهيل عملية انزلاق الطبقات والتكوينات الصخرية الواقعة فوقه. ويساعد الإنسان على قيام عملية الانزلاق عندما يزيل طبقات صخريه تحتية بحثا عن المعادن كالفحم مثلا.
    5- وجود بنية صخريه غير اعتيادية كان تكون طبقات تميل كثيرا إلى درجة أنها قد تتطابق مع درجة ميل السفوح نفسها أو حيث توجد مفاصل طبقيه تكون موازية لجدران الخوانق والوديان النهرية العميقة.
    6- اثر الجاذبية الأرضية: وهو عامل مهم جدا في تكوين الانزلاقات الأرضية حيث يقوم بمساعدة العوامل السابقة على الأقل.

    لقد زاد الاهتمام بدراسة الانزلاقات الأرضية في الآونة الاخيره وخاصة بعد الزيادة التي حصلت على أعداد السكان وما أعقبها من زيادة في ظاهرة التحضر والحاجة إلى إنشاء مستوطنات جديدة حول المدن التي تحيط بها المرتفعات بصوره خاصة كما في حالة سان فرانسيسكو إذ ظل المخططون يهملون اثر تلك الانزلاقات مما أدى إلى حصول كوارث عديدة حيث ضربت عل سبيل المثال مدينة كوبي Kobe في اليابان بالانزلاقات الأرضية التي تحدث في جبال Rocco من جراء سقوط الأمطار الغزيرة علما بان هذه المدينة كبيره ويبلغ تعداد سكانها أكثر من مليون نسمه لذلك فانه من الضروري تحديد مواطن الاستيطان في المناطق التي لا تتعرض إلى ظاهرة الانزلاقات الأرضية أو إيجاد الوسائل لحمايتها منها.


    الانكسارات والالتواءات والطيات والصدوع:

    المطلوب مرفق بصفحات مصورة تعطى للطلبة.

    الزلازل والبراكين وحركات الرفع والهبوط:
    المطلوب مرفق بصفحات مصورة تعطى للطلبة.




    الدور الجيومورفولوجي للمياه السطحية الجارية:

    الأنهار:
    تعتبر الأنهار من أكثر العمليات الجيومورفية انتشارا وأكثرها أهمية في التأثير على سطح الأرض وتغيير مظاهره. إذ تقوم الأنهار بنقل معظم المواد الصخرية القارية التي اقتطعتها أو غيرها من العمليات إلى البحر المحيط. وبذلك فإنها تعمل على تخفيض سطوح القارات بشكل متواصل. تنتشر الأنهار عند كل مستويات الارتفاع عن مستوى سطح البحر تقريبا ما عدا تلك التي ترتفع فوق مستوى خط الثلج الدائم وكذلك فإنها يمكن أن توجد في معظم أنواع المناخ فيما عدا المناخ ذي الانجماد الدائم.
    وان المرء ليعجسطح الهضبة يرى بعض الأشكال الأرضية التي قامت الأنهار بتكوينها، باعتبارها العملية الرئيسية فيها كما في الخانق العظيم لنهر كولورادو ذلك الخانق الذي يزيد عمقه في بعض مواقعه عن 1.5 كم عن مستوى سطح الهضبة المجاورة له والذي يبلغ اتساعه حوالي 25كم.

    لقد أطلقStrahler على الأنهار اسم مكائن الأرض حيث أنها تقوم بوظيفتين مهمتين إذ أنها تصرف المياه الزائدة عن سطح اليابسه في بعض المناطق كما وإنها تعمل بقوة في سبيل نحت وتعرية سطح اليابسة, يقوم النهر في سبيل انجاز وظيفته الثانيه بالأعمال التالية:
    1- يقوم بإذابة وتعرية سطح الأرض الذي يتحرك عليه.
    2- ينقل تلك المواد التي قام بتعريتها أو إذابتها.
    3- يرسب المواد التي قام بنقلها بطريقة الدحرجة أو التعلق.
    لا يقتصر عمل النهر كما بينا سابقا على النحت والتعرية فقط وإنما يقوم أيضا بأعمال إنشائية كبيرة كما في السهول الفيضية والدلتا وات. والدالات المروحية وسهول البجاد Bajada. ويمكن أن تكون الأنهار بذلك عوامل إنشائية constructional بقدر ما تكون عليه عوامل هدم destructional في الوقت نفسه أحيانا، فيصبح النهر في هذه الحالة نهرا متوازناgraded إذ يقوم النهر في مناطق معينة من مجراه بعملية النحت والتعرية وبذلك فهو نهر حفار ويرسب النهر في واديه في مناطق معينة من مجراه في واديه بعض المواد التي قام بتعريتها ونقلها فيقال انه مرسب aggraded وليست الأنهار هي العملية الجيومورفولوجية الوحيدة التي تمر بمثل هذه الحالات إذ تشبهها في ذلك بعض العمليات كالثلاجات والرياح والأمواج. غير أن الأنهار وعلى نطاق الأرض كلها يمكن أن تكون أكثرها أهمية وتأثيرا.
    مصادر مياه الأنهار:

    تعتبر مياه الأمطار والثلوج الذائبة المصادر ألمباشره لمياه الأنهار. يغور قسم من مياه الأمطار والثلوج داخل التكوينات الصخرية والتربة. ويتحرك خلالها ثم يخرج بعضه ثانية بشكل عيون أو ينابيع أو حتى بصورة رشح seepage حيث تقوم هذه المياه بتغذية الأنهار ثانية, وتتغذى كثير من الأنهار من خلال البحيرات التي تنبع منها أو تمر فيها. وتتزود تلك البحيرات بدورها بالمياه بوساطة الأمطار الساقطة عليها أو مياه الثلوج التي تذوب وتنتهي فيها.

    وتساعد الظروف التالية على زيادة جريان المياه السطحية بصورة عامة:
    1- ظروف مناخية ملائمة:
    تتمثل بسقوط الأمطار ناتجة عن زوابع رعدية الأمر الذي يؤدي إلى زيادة نسبة الجريان السطحي وذلك لعدم إتاحة المجال الكافي للتربة والنبات الطبيعي لامتصاص واخذ كمية كبيرة من مياه الأمطار. تؤثر الظروف المناخية على كمية الجريان السطحي من خلال تأثيرها غير المباشر المتمثل في كثافة النبات الطبيعي حيث تتناقص نسبة المياه السطحية الجارية مع زيادة كثافة ذلك الغطاء التي تؤدي بدورها إلى تقليل سرعة جريان مياه الأمطار فوق سطح الأرض فتضيع نسبة كبيرة منها بسبب نفاذها خلال مسامات التربة والصخور وكذلك عن طريق التبخر – النتح. وكلما قلت كثافة الغطاء النباتي كلما كبرت حصة المياه السطحية الجارية من مياه الأمطار. كما ويزيد ارتفاع الرطوبة النسبية في الهواء من حصة المياه السطحية الجارية بسبب تناقص نسبة الضياع المائي عن طريق النتح – التبخر. وتساعد معدلات الحرارة الواطئة على زيادة حصة المياه السطحية الجارية أيضا إذ تقل بسببها فعالية عملية النتح – التبخر.

    ظروف جيولوجية وتضاريسية ملائمة:
    نزداد حصة المياه السطحية الجارية في المناطق التي تتكون من صخور ذوات درجات مسامية قليلة مثل الطين وصخور الطفل shale وكذلك في حالة قلة وجود الشقوق والمفاصل, ويحصل العكس عندما تكون التكوينات الصخرية مسامية بدرجة كبيرة كصخور الطباشير أو صخور المجمعات مع وجود نظام مفصلي واضح في المنطقة حيث يضيع قسم كبير من مياه الأمطار والثلوج وتنضم إلى المياه الباطنية.
    كما وتزداد حصة المياه السطحية الجارية في المناطق التي تزيد فيها درجة الانحدار حيث تتعاظم سرعة جريان مياه الأمطار والثلوج الذائبة على السطح في هذه الحالة وبذلك لا يبقى مجال للصخور والتربة والغطاء النباتي ولعملية التبخر أن تأخذ نسبة كبيرة من تلك المياه ويحصل العكس تماما عندما تكون درجة الانحدار للسطح قليلة.


    تصنيف الأنهار:
    كما هي الحالة في كثير من الظواهر الطبيعية الأخرى يمكن للأنهار أن تصنف إلى عدة تصانيف تبعا للمقياس المستخدم في ذلك، إذ تقسم الأنهار استنادا إلى:

    أولا: طبيعة جريان الماء في الوديان النهرية إلى الأقسام التالية:
    1- الأنهار الدائمة الجريان Permanent
    نعني بهذه الأنهار تلك التي يستمر جريان الماء فيها طيلة العام وتسبب ظروف كثيرة حالة الجريان ألدائمي للأنهار منها:
    1- تكون كمية التساقط كبيرة وموزعة توزيعا منتظما طيلة العام. كما في انهار الأقاليم الاستوائية مثل الامازون والكونغو...الخ.
    2- ينبع النهر من بحيرة أو من عدة بحيرات أو يمر مجراه خلالها كما في النيل ومكنزي.
    3- ينبع النهر من نهائيات الغطاءات الجليدية أو الثلاجات كما في نهري الدانوب والراين في قارة أوربا ونهر مزوري في قارة أمريكا الشمالية.
    4- يصبح النهر دائمي الجريان إذا قام بتعميق أقسام من واديه إلى ما دون مستوى الماء الباطني ألدائمي الأمر الذي يجعله يتغذى بكميات ثابتة من المياه الباطنية.

    2- الأنهار المتقطعة Intermittent
    وهي الأنهار التي تتقطع عنها مصادر المياه في فترات. وتوجد هذه الأنهار على الأغلب في الأقاليم التي يكون التساقط فيها فصليا وتكون شائعة في الأقاليم شبه الجافة. تقسم هذه الأنهار بدورها إلى قسمين هما:
    (أ) الأنهار المتقطعة التي تتغذى بوساطة الينابيع.
    (ب) الأنهار المتقطعة التي تتغذى من الجريان السطحي للماء.
    ينقطع الجريان بالنسبة للحالة الأولى من الانهار بسبب أنها لم تقم بتعميق واديها إلى دون المستوى الدائم للماء الباطني خلال الفترة الجافة من السنة ( شكل رقم 34) ز وينقطع الجريان في حالة النوع الثاني عندما يتوقف التساقط في منطقة تغذية النهر لكونه ذا تساقط فصلي. ويصبح النهر فصليا إذا لم ينبع من مناطق مرتفعة تغطيها الثلوج أو انه لا يمر في بحيرة أو ينبع منها.
    3- الأنهار الوقتية Ephemeral
    تظهر هذه الأنهار في المناطق الجافة وشبه الجافة, ولا يحدث أي جريان مائي فيها إلا عقب سقوط الأمطار على أحواض ووديان تلك الأنهار ويعتمد مقدار طول الفترة التي تجري فيها المياه في مثل هذه الأنهار على كمية الأمطار الساقطة وعلى الفترة التي استغرقتها عملية التساقط.

    ثانيا – تصنيف الأنهار تبعا لنظمها:
    نعني بنظام النهر أو رجيم النهر Regime الطريقة أو الأسلوب الذي تتصرف بموجبه مياه النهر, أي الفترات التي تكون فيها كمية التصريف عالية في النهر ( الفيضان) والفترات التي تنخفض فيها كمية ذلك التصريف ( الصيهود).

    تصنف الأنهار تبعا لذلك إلى:
    1- الأنهار ذوات النظام البسيط:
    ترتفع مناسيب المياه في النهر وتزداد كمية التصريف في هذا النوع من النظام مرة واحدة في السنة ترتبط مع فترة التساقط الكبيرة أو مع فترة زيادة التجهيز المائي من منطقة التغذية. وتنخفض كمية التصريف وتهبط المناسيب للنهر في فترة معينة أخرى من السنة تتفق مع انقطاع التساقط أو تناقصه وقلة كمية التجهيز المائي من منطقة التغذية كما في نهري دجلة والفرات.

    2- الأنهار ذوات النظام المزدوج:
    يظهر على انهار هذا النظام فترتان يرتفع فيهما منسوب المياه في النهر تحصران بينهما فترتين للمناسيب الواطئة والتصريف المائي القليل. وتعتبر الأنهار الاستوائية مثالا جيدا على هذه الحالة حيث توجد في المناخ الاستوائي قمتان للمطر تتفقان مع فترتي تعامد الشمس على الأقاليم الاستوائية الأمر الذي يؤدي معه إلى رفع مناسيب المياه في الأنهار. وتنخفض تلك المناسيب المناسيب في فترتي قلة المطر النسبية المحصورة بين هاتين القمتين, كما في نهري الامازون والكونغو. ويمكن لهذه الحالة أن تحصل أيضا للأنهار التي تتزود بالماء من الأمطار الغزيرة في الخريف والشتاء ثم تقل الأمطار بنهاية الشتاء ويقل معها التصريف النهري. وتحدث زيادة ثانية للتصريف عندما ترتفع درجات الحرارة في بداية الفصل الحار وتؤدي إلى إذابة الثلوج المتجمعة في منطقة التغذية وتعتبر انهار جنوب أوربا التي تنبع من جبال الألب خير الأمثلة على ذلك.

    3- النظام المركب:
    عندما تكون مساحة حوض النهر كبيرة جدا بحيث يمكن أن تضم أنواعا متباينة من الأقاليم المناخية أو تشمل تضاريس متنوعة فان من غير المعقول أن يكون نظام الجريان في كل أجزاء النهر الذي يصرف مياه ذلك الحوض متشابهه وتتبع نظاما واحدا ولذلك يصبح نظام الجريان مركبا فيها. وتعتبر انهار المسيسبي والدانوب أمثلة جيدة على ذلك. وتتصف هذه الأنهار بكثرة روافدها وتباعد المسافات بين تلك الروافد.

    ثالثا - تصنيف الأنهار تبعا لمراتبها: River Orders
    جرت محاولات عديدة لتصنيف الأنهار تبعا لمراتبها كان من بينها محاولة هورتن Horton في سنة 1945, ومحاولة سترالر عام 1952 وشريف Shreve سنة 1957 وشايدكر Scheidegger سنة 1965. تهدف كل تلك المحاولات إلى تصنيف الوديان النهرية تبعا لبدء تسلسلها في تكوين المجرى النهري. ولا تهدف عملية ترتيب المجاري النهرية إلى هذا فقط بل يمكن لها أن تعطي دليلا تقريبيا عن كمية الجريان الذي يمكن أن يكون في شبكة نهرية معينة حيث كلما زادت مرتبة النهر فان من المتوقع أن تكون كمية المياه فيه كبيرة بسبب الروافد التي تغذي. ويعتبر الدليل الذي وضعة هورتون اكثر تلك المحاولات بساطة حيث قام بتصنيف الانهار الى مراتب. وقبل ان نصنف الانهار حسب رتبتها لا بد من التعرف على الخصائص المورفومترية للاحواض المائية لان الرتبة واحدة من هذه الخصائص.

    الخصائص المورفومترية للاحواض المائية:
    تمثل دراسة الاحواض المائية جانبا كبيرا من اهتمام الجومورفولوجيين, لما لهذه الأحواض من دلالات بيئية عديدة. فالخصائص المورفومترية للاحواض المائية عامة ترتبط ارتباطا مباشرا بالعوامل الطبيعية, خاصة البنية الجيولوجية (Structure ) والمناخ والغطاء النباتي وأية تغيرات تطرأ عليها كما تلقي دراسة تلك الخصائص الضوء على هايدرولوجية المجاري المائية وإنتاجها الرسوبي ( Sediment Yield ). ودورها في تطوير الأشكال الارسابية والحتية المختلفة. يضاف إلى ذلك. إن هذه الدراسة تمثل قاعدة ضرورية لاهتمامات علمية أخرى, كتلك المتعلقة بالمصادر المائية, والتربة, والهندسة الجيولوجية. تحدد العوامل الطبيعية السائدة في بيئات الأحواض المائية خصائصها المورفومترية إلى حد كبير. إذ تتفاعل هذه العوامل لتساهم, في النهاية, في تطوير السمات الجيومورفولوجية المميزة لتلك الأحواض, ولما كانت الأحواض المائية حساسة جدا بالنسبة للتغييرات التي تتعرض لها العوامل الطبيعية, بحيث تتمكن من استيعابها بواسطة.
    وتستعمل الخرائط الطبوغرافية للحصول على مختلف القياسات المورفومترية التي, بطبيعتها, يمكن حسابها مباشرة, أو بتطبيق الطرق الرياضية المتعارف عليها، وتقسم هذه الخصائص إلى:
    أ- الخصائص المساحية والشكلية وتشمل:
    1- مساحة الحوض/ كم2.

    2- نسبة الاستطالة (Elongation Ratio ) =
    طول قطر دائرة بنفس مساحة الحوض / كم
    اقصى طول الحوض / كم
    * مساحة الدائرة = نق مربعا X ثابت النسبة التقريبية (3.14 )
    3- استدارة الحوض ( Circularity ) =

    مساحة الحوض / كم2
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
    مساحة دائرة يساوي محيطها محيط الحوض نفسه / كم2
    • المحيط = 2نق×3.14
    • نق مربعا = المساحة ÷ 3.14
    • نق = جذر مربع نصف القطر ( المساحة ÷ 3.14 )


    4- معامل شكل الحوض (From Factor ) (2) =
    مساحة الحوض/ كم2
    مربع طول الحوض/كم2
    ب- الخصائص التضاريسية:
    1. نسبة التضرس (Relief Ratio ) =
    التضرس ( الفرق بين أعلى واخفض نقطة في الحوض ) م
    طول الحوض/ كم

    2. المعامل الهبسومتري ( Hypsometric Index )(3) =
    الارتفاع النسبي ( النسبة يين ارتفاع أي خط كنتوري
    مختار إلى أقصى ارتفاع في الحوض.
    المساحة النسبية ( النسبة بين المساحة المحصورة بين أي خط كنتوري
    ومحيط الحوض إلى المساحة الكلية لنفس الحوض)

    ج- خصائص الشبكة المائية:
    1. الكثافة التصريفية (Drainage Density )=
    طول المجاري المائية بجميع رتبها / كم .
    مساحة الحوض / كم 2

    2. التكرار النهري (Stream Frequency )=
    عدد المجاري المائية بجميع رتبها.
    مساحة الحوض / كم 2
    3. رتبة النهر ( Stream Order ).
    وتعني مركز النهر أو المسيل المائي بالنسبة لبقية المجاري المائية في نفس الحوض , وحسب منهاج ستريلر تسمى المجاري التي لا تصب فيها اية مجاري مائية بمجاري الرتبة الاولى , في حين تنتمي الى الرتبة الثانية المجاري الناتجة عن التقاء مجريين او اكثر من الرتبة الاولى وهكذا .
    4. نسبة التشعب النهري ( Bifurcation ratio) =
    عدد الانهار من رتبة معينة
    عدد الانهار في الر تبة التالية
    5. معدل النسيج الحوضي ( Texture Ratio ) =
    مجموع النتوءات البارزة في أي خط كنتوري في الخوض المائي
    طول محيط الحوض نفسه

    6. معدل النسيج الإقليمي (The Weighted mean value ) =
    مجموع ( المساحات الحوضية × معدلات النسيج ألحوضي )
    مجموع المساحات الحوضية
    وبعد أن أكملنا الخصائص المورفومتريه نعود الآن إلى تصنيف الأنهار حسب رتبتها, بحيث حددت الشبكات المائية بجميع رتبها حسب منهاج كل من هورتون وشوم وستريلر. بحيث وصل بين التعرجات المتتابعة في خطوط الارتفاعات المتساوية باتجاه المنابع, ثم صنف المجاري المائية المتشكلة حسب الرتبة وفقا لمنهاج ستريلر.

  5. #5
    في ذمة الخلود
    ابو مصطفى
    يتبع

    مراتب الأنهار بموجب دليل هورتون
    1- انهار المرتبة الأولى, وهي الأنهار التي ليست لها أية روافد.
    2- انهار المرتبة الثانية, وهي الأنهار التي تصب فيها انهار المرتبة الأولى فقط.
    3- انهار المرتبة الثالثة: وتنشأ هذه الأنهار من ارتباط الأنهار التي تعود إلى المرتبة الثانية. وتأتي بعد ذلك بقية المراتب بشكل متسلسل(9).

    رابعا – تصنيف الأنهار تبعا لنمط التصريف Drainage Pattern
    تأخذ شبكة التصريف النهري لأية منطقة شكلا خاصا يعرف بنمط التصريف وهو الذي تبدو فيه مجاري ووديان الأنهار عندما ترسم على خارطة تلك المنطقة. ومن الطبيعي أن لا يكون وضع الشبكة النهرية هذا اعتباطيا بل انه يكون نتيجة للعلاقات بين نوعية المناخ السائد وطبيعة التضاريس وكذلك نوعية الصخور وبنيتها. وبذلك أمكن تقسيم أنماط التصريف النهرية إلى:

    1- نمط التصريف النهري الشجريDendritic
    يرتبط وجود هذا النمط من التصريف بالمناطق التي تكون صخورها متجانسة وتكون على الأغلب ذوات طبقات صخرية أفقية الامتداد أو تميل ميلا بسيطا. كما ويتصف السطح فيها بأنه ذو تضاريس واطئة كأن يكون سهلا أو سطح هضبة. وتبدو الأنهار في هذا النمط وكأنها تفرعات أغصان الأشجار. وتختلف كثافة التفرغ النهري في هذا التصريف تبعا لدرجة صلابة الصخور ومساميتها وكذلك لنوعية المناخ إذ تزداد كثافة التفرغ كلما كانت الصخور ذوات صلابة قليلة كما هي الحال في الصخور الرسوبية في حين يقل التفرع في مناطق الصخور النارية الصلبة المقاومة. وتزيد درجة التفرع أيضا مع زيادة كمية التساقط وتقل بقلته..
    2- نمط التصريف المستطيل Rectangular
    تعتبر المفاصل مناطق ضعف في التكوين الصخري لأية منطقة من المناطق حيث تحاول الوديان النهرية أن تثبت امتداداتها فوق مناطق الضعف تلك، ويحدث أن تأخذ المفاصل في المنطقة نظاما متعامدا ينعكس بدوره على شكل التصريف حيث تلتقي الأنهار مع بعضها بزاوية قائمة تقريبا.
    3- نمط التصريف التكعيبي Trellis
    يتطور نمط التصريف النهري التكعيبي فوق المناطق ذوات البنيات الالتوائية التي تكون في مرحلة النضج من الدورة الجيومورفولوجية، حيث تثبت الوديان النهرية الرئيسية نفسها فوق المناطق الصخرية اللينة. وتتصل بهذه الوديان روافد عديدة بشكل متعامد تقريبا يكون بعضها موافقا في اتجاهه مع اتجاه الميل الأصلي للصخور ويكون البعض الأخر معاكسا لاتجاه ذلك الميل.
    3- نمط التصريف المدور(الدائري) Annular
    يرتبط وجود هذا النمط فوق الجهات التي تكون بنيانها قبابية وفي مرحلة النضج من الدورة الجيمورفية حيث تتعاقب الطبقات الصخرية المختلفة في درجة الصلابة وتحيط كلها بالمركز الذي يتكون من صخور نارية متبلورة. تثبت الأنهار الرئيسية وديانها فوق مناطق الصخور اللينة الدائرية الامتداد وتلتقي بها روافد تنبع من الحافات المرتفعة التي تمثل الصخور الأكثر صلابة.
    نمط التصريف النهري الإشعاعي Radial
    يمثل هذا النمط من التصريف فوق أنواع مختلفة من التضاريس إذ يظهر فوق المخاريط البركانية وفوق القباب التي تكون في مرحلة الشباب وكذلك على الدلتاوات والدالات المروحية. وتتباعد خطوط التصريف عن بعضها كلما ابتعدنا عن نقطة مركزية مرتفعة.
    وتوجد بالإضافة إلى ما تقدم من أنماط التصريف أنماط أخرى ذوات صبغة محليه على الأغلب مثل التصريف المركزي حيث تلتقي خطوط التصريف مع بعضها في منخفض مركزي كما في مناطق الحفر البالوعيه والفوهات ألبركانيه و بقية الأشكال الحوضية، ونمط التصريف المتوازي الذي يوجد في العادة في المناطق التي تمتد فيها المجاري على شكل مسافات منتظمة أو بشكل متوازي كما في مناطق الركام الجليدي.

    خامسا: تصنيف الأنهار تبعا لنشاتها Genetic Classification
    تصنيف الأنهار تبعا لنشاتها وطبيعة العلاقة بينها وبين ميل الطبقات الصخرية التي تجري عليها إلى:
    1- الأنهار التابعة Consequent
    نعني بها الأنهار التي تتبع في اتجاة جريانها الميل الأصلي للصخور في الإقليم. ترجع معظم انهار الأرض إلى هذا النوع. وتظهر الأنهار التابعة فوق كل الأشكال الأرضية التي تكونت لتوها كان تكون جبلا بركانيا.
    2- الأنهار التالية: Subsequent
    يطلق على هذه الأنهار اسم انهار المضارب Strike لان امتدادها العام يكون مع اتجاة مضارب الطبقات الصخرية. وتثبت هذه الأنهار وديانها فوق الطبقات اللينة نسبيا. ولذلك تتميز تلك الوديان بأنها عميقة بسبب شدة تأثير التعرية الراسية أو العمودية فيها.
    3- الأنهار العكسية Obsequent
    ونعني الأنهار التي تجري باتجاه معاكس لاتجاة ميل الطبقات الصخرية أي عكس اتجاه جريان الماء في الأنهار التابعة Consequent الموجودة في الإقليم. وتتصف وديان هذه الأنهار بأنها قصيرة وذوات درجة انحدار شديدة ولا تكون عميقة لأنها تجري فوق التكوينات الصخرية الصلبة عادة وتعتبر الأنهار العكسية روافد للأنهار التالية Subsequent على الأغلب.
    4- الأنهار الحديثة Resequent
    يطلق على الأنهار التي تجري مع اتجاه الميل للطبقات الصخرية عادة اسم الأنهار الحديثة، وتجري تلك الأنهار مع اتجاة جريان الأنهار التابعة وتختلف عنها في أنها انهار نشأت بعد نشو الأنهار التابعة. وتكون الأنهار الحديثة روافد للأنهار التالية على الأكثر.
    5 – الأنهار العشوائية Isequent
    وهي الانهار التي لا يمكن أن نجد سببا مقنعا لتحديد مجراها إذ أنها لا تتبع ترتيب البنية الصخرية كما أنها لا تجري باتجاة الميل للطبقات غير أنها تجري في كل اتجاة مناسب. ويكون نمط التصريف النهري المرتبط معها شجريا.
    وتعتبر الأنواع الخمسة السابقة أكثر أنواع الأنهار من حيث النشأة شيوعا غير أن هناك انهارا أخرى تعرضت وديانها لعمليات باطنية أعطتها صفات نشأة خاصة بها وهي:
    1- النهر السالف Antecedent
    حيث في بعض الحالات ينحرف مجرى النهر بعد أن كان قد طور مجراه بشكل جيد نتيجة للحركات الأرضية أو بسبب الطفوح البركانية أو انكشاف التكوينات الصخرية النارية الباطنية. ويطلق على النهر اسم النهر السالف إذا كان من القوة بمكان يجعل في مقدوره البقاء في مجراه رغم قوى الانحراف التي يفترض أن تكون بطيئة جدا وتكون هذه الأنهار ومجاريها غير منسجمة مع المنحدرات المجاورة لها.
    2- النهر المنطبع: Superimposed
    يقوم النهر بعملية تعميق لواديه ضمن تكوينات صخرية معينة وضمن بنية معينة أيضا. ومع استمرار عمليات التعرية تكشف الأنهار تكوينات صخرية مطمورة تختلف كثيرا في تكوينها وفي بنيتها ولذلك تجد الأنهار نفسها وهي واقعة في أماكن غير مناسبة كان تكون على قمة أو على جوانب التواء محدب شديد أو أنها تعبر صخورا ذات صلابة كبيرة كان من الممكن أن تتحاشاها في ظروف التصريف الاعتيادية ومما يساعد على سرعة كشف تلك التكوينات من قبل النهر المنطبع تعرضه إلى حالة إعادة الشباب حيث تقوم الأنهار بعد ذلك بتسوية الإقليم مع بقاء التكوينات الصلبة أكثر ارتفاعا عن المستوى العام لها وتكون وديانها ضيقة وعميقة عند عبورها لتلك الصخور المقاومة. وتكون معظم هذه الأنهار غير منسجمة تماما مع البنيات المحيطة بها ويصعب تمييزها كثيرا عن الأنهار السالفة.

    الفيضانات: Floods
    وهو عبارة عن مرحلة امتلاء الضفاف bank full بحيث يصل النهر إلى هذه المرحلة عندما يكون مستوى سطح الماء في المجرى النهري مع المستوى نفسه للسهل ألفيضي المجاور له و يطغى الماء فوق ضفاف النهر حيث يحدث الفيضان. وقد عانت كل الأنهار من حالة الفيضان في وقت ما من تاريخها, وتعرض الكثير منها له في كل عام تقريبا. وتتسبب الفيضانات نتيجة لظروف وحوادث كثيرة إذ قد يسببها انهدام سد من السدود كما في سد St.Francis في كاليفورنيا في سنة 1928. ويؤدي غلق المجاري النهرية بواسطة الجليد إلى تراكم المياه خلفها وبالتالي حدوث الفيضانات على الأراضي الواطئة المجاورة مثل الذي يحدث كثيرا في نهر كونيتكتConnecticut في نيوانكلند. وتسبب معظم الفيضانات من الذوبان السريع للثلوج المصحوب بأمطار غزيرة كما في دجلة والفرات ونهر الكنج والسند. وتؤدي الأمطار الغزيرة التي تسقط بشكل غير اعتيادي إلى حدوث الفيضانات في كثير من الأنهار خاصة إذا كانت أرضية الحوض النهري متجمدة أو مشبعة بالمياه من إمطار سابقة بحيث لا يكون فيها مجال لامتصاص كمية كبيرة من مياه تلك الأمطار التي تتجه كلها تقريبا في هذه الحالة إلى المجرى النهري فتسبب الفيضان.
    تتعاظم قوة النقل والتعرية كثيرا وبشكل سريع لدى الأنهار من جراء زيادة حجم الماء وزيادة سرعته ويعني ذلك أن الأنهار تستطيع أن تؤدي عملا جيومورفولوجيا خلال الفيضان أسرع واكبر من ذلك الذي تؤديه في الظروف الاعتيادية. حيث تقوم الأنهار بتعميق وتوسيع مجاريها وقد تقوم بتكوين مجار جديدة لها وتلقي الأنهار رواسبها خلال الفيضان بشكل غير منتظم فوق سهولها الفيضية مما يؤدي إلى تكوين بعض المنخفضات التي تمتلىء بالمياه بشكل برك أو بحيرات. فقد حفر نهر هوانك هو في فيضانه سنة 1892 مجرى جديدا واخذ يصب في المحيط في مكان يبعد حوالي 480 كيلو متر عن مصبه القديم.
    تعمل الكثير من الأنهار السدود الطبيعية natural levees فوق سهولها الفيضية من جراء تكرار عملية الفيضان. والسدود الطبيعية عبارة عن مناطق طويلة مرتفعة تمتد بموازاة مجاري الأنهار في السهل الفيضي وبشكل مجاور لها ويكون مستواها أعلى من مستوى بقية جهات السهل الفيضي. يمكن تصور كيفية تكون تلك الضفاف ببساطة إذ تكون سرعة جريان النهر قبل وصوله إلى مرحلة فوق الضفاف ( الفيضان ) كبيرة وقابليته على حمل الرواسب تكون كبيرة أيضا، وتتناقص سرعة النهر فجأة بعد طغيانه على جوانبه ووصوله إلى مرحلة الفيضان بسبب اتساع مجراه فيسبب ذلك إلقاءه كميات كبيرة من الرواسب ذوات الذرات الكبيرة بشكل خاص في المناطق المجاورة له مباشرة في حين لا تتلقى الجهات البعيدة عن المجرى النهري في السهل الفيضي إلا المواد الناعمة الذرات من الرواسب والتي يمكن أن تبقى عالقة في المياه لفترة أطول، وتكون كمية الرواسب التي تتجمع فوق تلك المناطق قليلة أيضا. وتصبح المناطق المجاورة للنهر نتيجة لتكرار عملية الفيضان هذه أعلى منسوبا من بقية جهات السهل الفيضي.

    عمل النهر وسرعة النهر:
    تعتمد سرعة النهر بشكل رئيسي على درجة انحدار الوادي وكذلك على مقدار الاحتكاك في قاع وجوانب المجرى النهري وكذلك على كمية الماء وعلى مقدار الحمولة التي ينقلها النهر نفسه. تزداد سرعة الجريان في حالة ثبات بقية العوامل الأخرى مع زيادة درجة الانحدارفي الوادي النهري وتقل تلك السرعة مع القلة في درجة انحدار الوديان النهرية. حيث تزداد قوة الجاذبية الأرضية المؤثرة على الماء في الحالة الأولى. ويؤدي الاحتكاك الذي يحصل بين الماء المتحرك وبين قاع وجوانب الوادي النهري إلى تخفيض سرعة الجريان في النهر. ويزداد ذلك التأثير مع زيادة حالة عدم الانتظام والدوامات الذي يحصل في مواقع معينة من قطاع لنهر. وعلى الرغم من عدم تشابه القطاعات العرضية لمجاري الأنهار إلا أن القسم السطحي من ماء النهر الذي يقع فوق جزئه العميق يكون أكثر جهات النهر سرعة. وتتناقص سرعة الجريان بالابتعاد عن ذلك المكان باتجاة القاع والجوانب.
    تزداد سرعة جريان الأنهار مع زيادة كمية تصريفها وتقل تلك السرعة مع بقاء بقية المتغيرات على حالها, حيث أن هناك علاقة وثيقة بين سرعة الجريان وبين كمية التصريف تبينها المعادلة التالية:
    Q = AV
    حيث أن Q = كمية التصريف مقاسة بوحدة حجمية ( متر مكعب مثلا)
    A = مساحة المقطع العرضي (متر مربع)
    V = معدل سرعة الجريان (متر/الثانية مثلا)
    وتوجد علاقة وثيقة بين سرعة الجريان وبين مقدار حمولة النهر إذ مع ثبات بقية العوامل التي تؤثر في السرعة تكون سرعة جريان الأنهار ذات الكمية العالية من الحمولة اقل بكثير من سرعة جريان الأنهار التي تكون ذات حمولة اقل.
    تلعب السرعة دورا مهما في تقرير كمية حمولة النهر وخاصة تلك التي تكون على قاعه فقد ذكر جلبرت Gilbert أن قابلية النهر على تحريك المواد القاعية تزداد 16 مرة إذا ما تضاعفت سرعة ذلك النهر. كما ان لدرجة الاضطراب أثرها في طبيعة الحمولة التي ينقلها النهر إذا تزداد نسبة المواد الصغيرة الذرات في الأنهار التي تسودها تيارات تزيد من حالة الاضطراب في النهر.
    وتلعب طبيعة الصخور التي يجري عليها النهر دورا مهما في تقرير نوعية وكمية حمولته إذ يحدث أحيانا أن تجري انهار سريعة وقوية فوق صخور صلبة ومقاومة فتكون حمولتها في هذه الحالة قليلة. ويحدث العكس عندما تجري بعض الأنهار البطيئة الجريان فوق تكوينات هشة مفككة فيؤدي ذلك إلى حمولة نهرية كبيرة, ويعتبر نهر هوانك هو في الصين مثالا جيدا لهذه الحالة حيث انه يجري فوق منطقة اللويس غير المتماسكة فينقل كميات كبيرة منها تغير من شكل مياهه نحو اللون الأصفر ومنها جاءت تسمية هذا النهر بالنهر الأصفر. أما بالنسبة إلى المواد المنقولة الذائبة فإنها تعتمد على مقدار قابلية ذوبان الصخور ودرجة نقاوة المياه. ويقوم النهر بترسيب المواد الخشنة الذرات ثم يلتقطها ثانية ويرسبها وهكذا, وتوضح هذه القابلية كيفية تنقل السدود والحواجز الرملية والحصوية التي يبنيها النهر ثم يحطمها وينقلها إلى مكان أخر.
    ملاحضة: إلى هنا مصحح.
    الحمولة النهرية: River Load
    يضل النهر عاملا مؤثرا من الناحية الجيومورفولوجية عندما تبقى له القابلية على تحريك الحمولة المختلفة. إذ ينقل النهر حمولته المختلفة بأساليب متعددة تبعا لنوعية تلك الحمولة والتي تقسم إلى:
    1- الحمولة الذائبة Solution Load
    تحمل الأنهار الكثير من المواد بشكل ايونات ذائبة وتكون تلك الايونات جزء من الماء نفسه وتتحرك مع حركتة. وتعتبر الكاربونات والكبريتات والكلوريدات والاكاسيد من بين أهم تلك الايونات. ويأتي معظم تلك الأملاح من الماء الباطني الذي يترشح بشكل بطيء من خلال الصخور والتربة التي تعرضت لعمليات التجوية. ولا يأتي إلا القليل منها من خلال عمليات الإذابة التي تحصل على جوانب وقاع المجاري النهرية ما عدا تلك الأنهار التي تجري فوق الصخور الجيرية أو الجبس.
    ينقل عدد من الأنهار حمولة ذائبة تزيد عن الالف جزء بالمليون، ويقترب المعدل العام لهذه المواد في حدود 200 جزء بالمليون. وتعتبر عملية الإذابة مهمة جدا ليس فقط في الأقاليم الجبلية بل وفي الأقاليم ذوات التضاريس المنخفضة والجريان السطحي البطيء كما في القسم الجنوبي الشرقي من الولايات المتحدة حيث يعتقد أن عملية الذوبان استطاعت أن تخفض من مستوى سطح الأرض بمعدل متر واحد كل 250.000 سنة. وتتجاوز حمولة النهر الذائبة في مثل هذه المناطق الأنواع الأخرى من الحمولة النهرية. وقد قدر موري Murray كمية المواد المذابة بحوالي 762.587 طن في الميل المكعب الواحد من مياه الأنهار يتكون نصفها تقريبا من كاربونات الكالسيوم. وتنقل الأنهار إلى البحار كمية من الماء تقدر بحوالي 6.500 ميل3 فإذا كان تقدير موري صحيحا فان الأنهار تنقل ما مقداره 5 بلايين طن من المواد بطريقة الذوبان من اليابسة إلى البحر في كل عام.
    - الحمولة العالقة Suspended
    تتألف الحمولة العالقة للأنهار من ذرات الطين الناعمة جدا والتي يمكن أن تكون حتى غروية Colloidal وتبقى هذه المواد عالقة في المياه حتى تتوقف حركة الجريان عند وصول النهر إلى جسم مائي راكد. ولا تعتمد كمية حمولة النهر من هذه المواد العالقة على مقدار سرعة فقط بل على عوامل أخرى مثل طبيعة الأمطار ومقدار حجم ذرات التربة السطحية وكذلك على مقدار الغطاء النباتي وخاصة المتكون من الحشائش. وتساعد حالة الاضطراب الناتجة عن حركة الماء في النهر على حمل كميات من مواد ذوات ذرات اكبر حجما، فقد أظهرت التجارب التي أجريت على بعض الأنهار إن قليلا من الأنهار السريعة الجريان فقط يستطيع أن يرفع مواد رملية ذوات ذرات متوسطة الحجم على قيعانها. وتلعب التيارات الصاعدة دورا مهما في رفع المواد المنقولة وإبقائها عالقة في المياه. ويزداد تكرار حدوث التيارات الهابطة في مياه النهر كلما تحرك النهر باتجاه المصب بحيث تفوق في عددها مقدار التيارت المائية الصاعدة ولكن مثل هذه التيارات لا تؤدي إلا إلى حدوث حالة الاضطراب التي تبقي المواد عالقة في مياه النهر.

    3- الحمولة القاعية Bed load
    إن بعض المواد خشنة الذرات والتي لا يستطيع النهر رفعها أو نقلها بطريقة التعلق يقوم برفعها ودحرجتها على طول القاع النهري لتكون الحمولة القاعية، وتتألف الحمولة القاعية من الصخور الصغيرة والحصى والرمال ويمكن أن تظم إليها حتى ذرات الغرين الخشنة تبعا لطبيعة جريان النهر والتضاريس. ولقد أظهرت المشاهدات لأحدى المجاري النهرية المخبرية التي جرت من خلال نافذة جانبية موجودة على جانب ذلك المجرى النهري أن قسما من الحمولة القاعية يتدحرج وينزلق قسم أخر منها ويطفو القسم الأخر منها بشكل يبدو معه وكأنه جزء من الحمولة العالقة. ويكون من الصعوبة بمكان قياس كمية الحمولة القاعية حيث لا يمكن تقرير الحدود بين المواد القاعية والحمولة العالقة التي تكون غير واضحة. وبشكل عام تكون نسبة الحمولة القاعية إلى الحمولة العالقة كبيرة في الأنهار الصغيرة منها في الأنهار الكبيرة. ولقد أجريت تجارب عديدة لتقدير مدى قابلية النهر على تحريك حمولته القاعية. غير أن أية نتيجة لهذه التجارب لم تكن مقنعة بصورة تامة.
    ويمكن أن تعرف قابلية النهر على النقل من خلال مفهومين هما:
    السعة Capacity وتعني مجموع الوزن الإجمالي لحمولة الرواسب ذوات الذرات المتباينة الإحجام. والكفاءة Competence وتعني وزن أو حجم اكبر الذرات التي يمكن للنهر أن يحركها على طول قاعة. إذ تستطيع كثير من الأنهار أن تحرك كتلا صخرية يزيد قطرها عن 3 م. فقد استطاع تيار الماء المتدفق أثناء تهدم سد St.Francis في جنوب كاليفورنيا في سنة 1928 أن يدفع ببعض الكتل الكونكريتية التي يبلغ وزنها 10000 طن لمسافة كيلومتر واحد باتجاه أسفل النهر. واستطاع نهر Lyn في انجلترا أن يحرك خلال فيضانه صخورا كبيرة تزن حوالي 15 طن.

    التعرية النهرية:
    تعمل المياه الجارية على إضعاف الصخر وحته من خلال عمليات الحت الكيماوي والآلي Corrosion والكشط أو النخر Abrasion والحفر evulsions والاقتلاع المائي Hydraulicking التي تنتهي عادة بحفر جانبي Bank- caving أو تقويض من الأسفل Under-cutting أو النحت الصاعد Headword erosion وتحدد صلابه الصخر الاتجاه الذي يتبعه الماء الجاري في نشاطه الحتي, كان يشتد الحت الراسي في الصخور الضعيفة، وتعتبر الأنهار من العمليات الجيومورفولوجية المهمة التي تلعب دورا أساسيا في تغيير مظاهر التضاريس على سطح الأرض وتوجه الأنهار قسما من طاقتها إلى عملية التعرية التي يمكن أن تتم من خلال الطرق التالية:
    1- الذوبان Solution
    ونعني بها عملية الإذابة التي تقوم بها المياه عند جريانها فوق الطبقات الصخرية. وتختلف كمية المواد الذائبة في مباه الأنهار من نهر إلى أخر تبعا لدرجة نقاوة المياه وكذلك تبعا لطبيعة الصخور التي يجري عليها ذلك النهر. وقد سبق لنا أن بينا عند دراستنا لعملية التكربن في موضوع التجوية كيف أن لبعض الصخور قابلية كبيرة على الذوبان في الماء الذي يحتوي على حامض الكاربونيك المخفف مثل الصخور الجيرية والطباشيرية. كما تقوم المياه الباطنية هي الأخرى بتزويد مياه الأنهار بكميات كبيرة من المواد الذائبة. وتنقل كل هذه المواد الذائبة نحو المكان الذي ينتهي فيه ذلك النهر.

    2- الأثر الهيدروليكي
    ونعني به عملية النحت التي تقوم بها الأنهار من جراء ضغط المائي المسلط على الصخور المختلفة ألمكونه للمجرى النهري. ويندفع تيار الماء خلال الشقوق ومواقع الضعف الموجودة في الصخور فيسبب توسيع تلك المناطق واقتطاع أجزاء صخرية منها. ويؤدي الانفجار الفجائي للفقاعات التي تحتوي بخار الماء في تيار النهر الشديد الاضطراب إلى توليد موجات قوية تضرب السطوح الصخرية المجاورة الأمر الذي يتسبب عنه تمزيق وتحطيم الصخور.

    3- النحت abrasion
    ويعني عملية الصقل أو النحت الميكانيكي الذي تقوم بها الأنهار. تنجم هذه العملية من خلال عمليات عديدة مثل اصطدام المواد الصلبة التي يحملها النهر وذرات الغرين والحصى المختلفة الأحجام, بجوانب المجرى النهري, أو من خلال التصادم المتكرر الذي يحدث بين الصخور الكبيرة الأحجام وبين قاع المجرى النهري خلال الفيضانات بشكل خاص, أو نتيجة لتحطم مواد الحمولة نفسها إلى ذرات اصغر حجما بسبب اصطدام ذراتها مع بعضها الأخر, أو اصطدامها بقاع وجوانب المجرى النهري، ونتيجة لذلك تتناقص أحجام ذرات المواد المنقولة ويصبح من السهل على النهر حملها. تكون قوة النحت للمياه الصافية قليلة وتتعاظم هذه القوة كثيرا في حالة وجود ذرات الرمل والصخور الصغيرة والحصى التي تصقل وتزيل الصخور التي تكون على اتصال معها ويدل وجود الحصى المدورة أو المصقولة جيدا فوق قاع المجرى النهري على حدوث عملية نحت طويلة الأمد قد حولت تلك الحصى إلى هذه الأشكال. ولا يمكن إيجاد تقدير مقنع لمعدل التعرية التي تقوم بها الأنهار، وذلك لتعقد العمليات التي تتحكم فيها وتغيرها. ففي المناطق التي تسود فيها تلال الصخور الطينية يمكن لهذه التعرية أن تصل إلى حوالي 30 سم في العام في حين لا يظهر أي تأثير سريع على المناطق ذوات الصخور النارية الصلبة. وقد أمكن من خلال المسح الجيولوجي للولايات المتحدة أن تقدر كمية التعرية النهرية في حوض ألمسيسيبي حيث قدرت بحوالي 30 سم لكل 5000 – 6000 عام. وبالنظر لوجود مناطق أخرى في الولايات المتحدة يكون تأثير الأنهار عليها قليلا لأنها مغطاة بالغابات والحشائش, فقد قدر مجمل التعرية النهرية لعموم الولايات المتحدة بحوالي 30 سم لكل 8000 – 9000 سنة.

    الترسيب النهري:
    يرسب النهر عندما تتناقص سرعته إما بسبب القلة في كمية المياه أو بسبب تناقص درجة الانحدار بالنسبة للمجرى النهري، حيث يصبح جزء من الحمولة فوق طاقته على النقل فيقوم بترسيبها. يبدأ النهر بترسيب المواد الأكبر حجما من حمولته حالما تبدأ سرعته بالتناقص فيرسب الصخور ثم الحصى الكبيرة تتبعها الحصى الصغيرة والرمال ثم الغرين. ويعني ذلك أن الترسيب النهري يكون منتظما ومتدرجا من أعالي المجرى حتى أسفله. وتظهر بعض الاستثناءات لهذا التدرج في بعض الحالات كأن توجد سدود تعترض النهر أو وجود بعض البحيرات التي تعترض مجرى النهر نفسه حيث يلقي النهر بمعظم ارساباته داخل تلك البحيرة ويخرج منها وهو يكاد يكون خاليا من الرواسب. وخير مثال على ذلك نهر الراين الذي يدخل بحيرة كونستانس وهو محمل بالطمي ويخرج منها بمياه صافية رائقة. أو نهر النيل عند دخوله منطقة مستنقعات السدود في جنوب السودان حيث يلقي بمعظم رواسبه فيها ويخرج من تلك المنطقة ومياهه تكون خالية من الرواسب حيث يسمى النيل بعدها بالنيل الأبيض.
    لا ترتبط عملية الترسيب بالقسم الأسفل من المجرى النهري فقط وإنما توجد على كل قطاعات المجرى تقريبا غير أن نوعية تلك الارسابات تختلف من مكان إلى أخر من المجرى النهري إذ تقل حجوم ذرات الرواسب مع الاقتراب من الجزء الأسفل من مجرى النهر بشكل عام, هذا ويلقي النهر بجزء من الرواسب التي يحملها معه عندما تتناقص سرعته كما ذكرنا ذلك قبل قليل وفي إحدى الظروف التالية:

    1- عند حصول تغيير واضح في درجة الانحدار كما يحدث على سبيل المثال عندما ينتقل النهر من منطقة جبلية شديدة الانحدار نحو مناطق هضبية أو سهلية ذوات درجة انحدار قليلة نسبيا حيث تتكون المراوح الطينية في مثل هذه ألاماكن عادة.
    2- عندما يجري النهر فوق وديان عريضة وواسعة بحيث تكون الظروف مواتية فيها لحدوث الفيضانات وبالتالي حدوث عملية الترسيب فوق تلك الوديان النهرية.
    3- عندما ينتهي نهر سريع الجريان محمل بالرواسب في بحيرة الأمر الذي يؤدي إلى إلقاءه لمعظم رواسبه فوق قاع البحيرة مكونا دلتا أو مغطيا لقاع البحيرة بالرواسب بصورة تدريجية.
    4- عندما يصل نهر من الأنهار إلى إقليم صحراوي أو شبة صحراوي حيث تتناقص أو تتلاشى مياهه بسرعة تاركا المواد التي يحملها معها بشكل رواسب.
    5- عندما ينتهي النهر في البحر حيث تتكون الدلتاوات إذا كانت الظروف في البحر ملائمة لتجمع الرواسب وتكون الدلتاوات.

    بعض التغيرات التي تعرض لها الأنهار:
    من المحتمل أن تحدث للأنهار أمور كثيرة بعد أن تكون قد نشأت وبدأت بقطع أوديتها. حيث تحاول الأنهار الوصول إلى مستوى القاعدة الصخرية الصلبة، أو يتعرض البعض منها إلى حالة الأسر النهري أو تصبح أجزاء من وديانها غارقة. كما تقوم الثلاجات الجليدية بتغيير مجاري بعض الأنهار، وتغلق الانزلاقات الأرضية والطفوح البركانية بعض الوديان النهرية حيث تشكل بحيرات خلفها أو تقوم بتغيير اتجاة مجرى النهر. ويحدث أن ينقطع مصدر المياه التي تغذي الأنهار بسبب الحركات الأرضية أو نتيجة لتصريف مياه بعض الأنهار وتضع العقبات في وديانها وتمنع التطور الطبيعي لها. وسنتناول فيما يأتي بعضا من تلك الحالات المهمة:

  6. #6
    في ذمة الخلود
    ابو مصطفى
    يتبع

    - مستوى القاعدة: Base Level
    قبل أن ندخل في دراسة تفاصيل الأشكال الجيومورفية التي تكونها الانهار لا بد لنا من معرفة مفهوم مهم جدا ألا وهو مستوى القاعدة للتعرية النهرية. ونعني به المستوى الذي يحاول النهر بكل روافده أن يوصل كل جهات حوضه إليه من خلال عملة في التعرية والترسيب. هناك نوعان من مستويات القاعدة هما مستوى القاعدة ألدائمي الذي يتمثل في حالات عديدة مثل ظهور طبقات صخرية اشد صلابة في مكان ما من مجرى النهر، ومستوى قاعدة مؤقت يتمثل في مستوى تلك الطبقات الصخرية الصلبة نفسها بالنسبة للقسم الواقع اعلاة من المجرى النهري. ويحدث الشيء نفسه إذا كان النهر يصب في بحيرة حيث تعتبر تلك البحيرة مستوى القاعدة المؤقت بالنسبة للقسم الواقع اعلاة من النهر. كما تعتبر قيعان الأحواض الداخلية مستويات قاعدة مؤقتة للأنهار التي تنتهي فيها. أما لماذا اعتبرت هذه المستويات مؤقتة فذلك يرجع إلى أن الأنهار تستطيع بعملها المستمر في تعميق وديانها في بعض الحالات أو من خلال عمليات الترسيب في حالات أخرى أن تقضي على تلك الظروف التي كونت مستوى القاعدة المؤقت وترجع ثانية نحو مستوى القاعدة ألدائمي.
    يهدف كل نهر من الأنهار إلى تكوين قطاع بشكل منحن متوازن مع مستوى القاعدة بحيث يزداد ارتفاع ذلك المنحنى النهري كلما اقتربنا من أعالي حوض النهر ومنابعه ويتناقص ارتفاع هذا المنحنى من مستوى القاعدة كلما اقتربنا من المكان الذي ينتهي فيه النهر أو المكان الذي يمثل الأساس لارتفاع مستوى القاعدة. ويعني ذلك أن على النهر أن يسرع في تعميق واديه في المناطق التي يكون مرتفعا فيها كثيرا عن مستوى القاعدة وعليه أيضا أن يتباطأأ في هذه العملية في الأجزاء السفلى من الوادي النهري القريبة في ارتفاعها من مستوى القاعدة. وتوضح لنا هذه الفكرة كيف أن النهر علية أن يوجه معظم طاقته في عملية النحت العمودي وتعميق واديه في المناطق الجبلية المرتفعة وان علية أن يوجه طاقته في المناطق المنخفضة نحو توسيع ذلك الوادي بدلا من تعميقه. بل ويضطر النهر أحيانا حتى إلى رفع مستوى قاع الوادي من خلال عمليات الترسيب من اجل أن يتباطأ في عملية التعميق وبذلك يمكن لكل أجزاء الوادي أن تصل إلى مستوى القاعدة في وقت واحد تقريبا. ويكون النهر متوازنا graded إذا استطاع من الناحية النظرية أن يكون له منحنى يتوافق مع كمية المياه الجارية فيه وكمية الحمولة التي ينقلها بحيث انه لا يحاول أن يقوم بأية عملية للتعرية وفي الوقت نفسه لا يحاول أن يرسب شيئا من الحمولة التي ينقلها. وبذلك تكون الطاقة التي يختزنها النهر متوازنة مع العمل الذي يقوم به وهو نقله للحمولة فقط.

    2- الأسر النهريCapture Stream
    تحدث عملية الأسر النهري عندما يقوم احد الأنهار بالاستيلاء على جزء أو كل منابع نهر أخر مجاور موسعا بذلك مساحة حوضه على حساب حوض ذلك النهر. ويحصل نتيجة لظروف متعددة أن تكون عملية النحت العمودي لوادي احد الأنهار أسرع من عملية النحت العمودي لنهر أخر الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في طول ذلك الوادي باتجاة المنابع. وتعرف هذه العملية باسم عملية النحت التراجعي. ويمكن أن يكون سبب الأسر زيادة درجة الانحدار بالنسبة إلى احد الأنهار الأخرى, يعقبه زيادة في سرعة جريان ذلك النهر، وبالتالي زيادة عملية تعميقه لواديه، وتحدث مثل هذه الحالة كثيرا عندما ينبع نهر من أسفل إحدى الحافات الجبلية.

    التضاريس الناتجة عن التعرية النهرية:
    تتشكل معظم التضاريس الناتجة عن التعرية النهرية عندما يكون النهر في مرحله الشباب من الدورة الجيومورفولوجيه أو عندما تجري تلك النهار فوق أقاليم ما تزال في مرحله الشباب كمناطق الجبال الوعرة أو الهضاب ألمرتفعه. وتتصف كل تلك الأقاليم بان سطوحها ترتفع كثيرا عن مستوى سطح البحر ( مستوى القاعدة ألدائمي للتعرية في الأنهار) الأمر الذي يجعل الأنهار التي تجري عليـها تحاول أن تعمـق وديانـها بسرعة لكي تصـل إلى مستـوي القاعدة. تتصف هــذه الأنهار بأنها ذوات درجات انحدار كبيره وتجري داخل خوانق ذوات جوانب شاهقة الارتفاع أو في وديان عمـيقة تشبه حرف ( v ) ويكثر فيها وجود الشـلالات والجنادل. تقــوم هــذه الأنهار بتعميق وديانها رغم أن بعضها تصبح ذوات حمولات فائضة بسبب المواد الكثيرة التي تلقيها في بعض روافدها لذا لا تقوم هذه الأنهار بتعميق وديانها وترسب على تلك الوديان أحيانا. ويمـكـن إجمال أهم التضاريس التي تتكون من أجزاء التعرية النهرية في هذه المرحلة بالاتي:

    1- الخوانق النهرية والوديان العميقة:
    وهي عبارة عن وديان نهرية ذات جوانب شديدة الانحدار، وتكون تلك الجوانب مرتفعه ارتفاعا كبيرا قياسا إلى سعتها. وتبين هذه الوديان ما ينتج عن اثر التعرية النهرية التي تحصل في انهار تقوم بتعميق وديانها بسرعة أعظم بكثير من عملية توسيع تلك الوديان والتي تقوم بها إضافة إلى النهر نفسه عمليات أخرى مثل التجويه بأنواعها المختلفة أو عمليه تعميق الروافد لوديانها. تتكون جوانب الوديان العميقة والأخاديد من صخور مقاومه لعمليات التعرية المختلفة الأمر الذي لا يجعلها تتباعد كثيرا عن بعضها. ويساعد وجود مناطق الضعف المختلفة مثل المفاصل والانكسارات على زيادة سرعه عملية تعميق الوادي النهري كما ويساعد تراجع الشلالات السريع إلى توضيح عملية تعميق النهر لواديه. تنشأ معظم الخوانق فوق مناطق مرتفعه ذوات مناخ جاف أو شبة جاف حيث يكون اثر الجوية قليل فوق جوانب الوادي مما لا يؤدي إلى تباعد تلك الجوانب. كما هي ألحاله في الوديان العميقة التي توجد في القسم الغربي الجاف وشبة الجاف من الولايات المتحدة. وأشهرها الخانق العظيم لنهر كولورادو Grand Canyon ويبلغ طوله حوالي 500كم ويقرب عمقه من 2كم. ويشق طريقة خلال طبقات صخرية أفقيه تكون هضبة كولورادو. وقد نشأت معظم الخوانق هنا من جراء تعرض المنطقة إلى حركه رفع صاحبتها عملية اعادة للشباب وتعميق لوديان تلك الأنهار. وتتصف حافات هذا الوادي العليا بأنها واسعة وتظهر فيها أشكال أرضيه مختلفة ناتجة عن التعرية المتباينة لصخور رسوبية مختلفة في درجة صلابتها. ويصل أقصى عمق لهذا الخانق 1905 متراً عن تلك الحافات ألمرتفعه. وتكثر داخل هذا الخانق الجنادل التي ساعدت بدورها على سرعه تعميق هذا الخانق. وقد تكون بسبب بناء سد هوفر Hoover dam بحيرة اصطناعية تعرف باسم بحيرة ميد mead أدت إلى إيقاف التعرية في القسم الذي شغلته مياه تلك البحيرة من وادي النهر وكذالك قيام النهر بالترسيب داخلها. وقد عمل نهر النيل في مصر خانقاً اقل وضوحا من حالة الخانق العظيم في كولورادو فوق الهضبة الافريقيه يتراوح اتساعه بين اقل من نصف كيلو متر في الجوانب حيث يقطع مجراه خلال صخور الجرانيت ألصلبه إلى حوالي 16كم في الشمال حيث تسوده الصخور الجيرية ويكون الوادي محاطا بجدران تشبه الجروف ترتفع في بعض الأماكن إلى أكثر من 304 متر فوق النهر.

    2- الشلالات والجنادل:
    تتكون ظاهرة الشلالات أو المساقط المائية نتيجة إلى وجود هبوط مفاجئ في مجرى النهر. وتوجد الشلالات في كل القارات وخاصة داخل الأقاليم الجبلية والهضبيه منها. أما الجنادل فإنها توجد عاده إلى الأعلى أو إلى الأسفل من مواقع الشلالات في الأنهار ويمكن للجنادل أن توجد لوحدها أحيانا. وتعتبر الشلالات والجنادل احد المقاييس التي تعتمد عند تحديد مرحله الشباب في النهر. وتتألف من نوعين أولهما تلك التي تكونت من خلال التاريخ الطبيعي لتطور النهر ويدل وجودها على أن النهر لم يكمل انحداره المتوازن المطلوب. وثانيهما نتيجة لظروف خارجية معينه تجبر النهر على تكوين الشلالات، ويعرف النوع الأول منها بأنه النمط العادي من المساقط المائية، ويرجع تكونه كلياً إلى الاختلافات في درجة صلابة الصخور التي يقوم النهر بتعميق واديه خلالها. إذ يؤدي ظهور تكوين صخري صلب إلى جعل الجزء الواقع أعلاه من النهر يتصرف وكان ذلك التكوين الصخري مستوى القاعدة المؤقت له في حين مازال جزء النهر الواقع أسفل ذلك التكوين الصخري يعتبر مستوى القاعدة له مختلفا عن القسم الأول. وبذالك يقسم ذلك التكوين الصخري عملية تعميق النهر لواديه بشكل مفاجئ مكونا المسقط المائي أو الشلال. ومن أشهر الامثله على ذالك شلالات نياغارا الشهيرة على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا. وهذا ويكون وضع التكوينات الصخرية الصلبة في هذا النوع من المساقط المائية إما أفقيا أو عامودياً. تتراجع الشلالات في الحالة الأولى عادة بسبب النحت التي تتعرض له التكوينات الصخرية أللينه الواقعة أسفل الصخور ألصلبه من جراء تساقط الماء وحصول الدوامات ويؤدي ذالك إلى تكسير الطبقات الصخرية ألصلبه وترجع الشلالات نحوا الخلف. ويختلف ارتفاع الشلال عند تراجعه في هذه الحالة تبعا لاتجاه الميل للطبقات الصخرية ألصلبه. إذ يقل ارتفاع الشلال تدريجياً عند تراجعه في حاله إذ كانت تلك الطبقة الصخرية تميل باتجاه باطن الأرض ويحدث العكس عندما تميل الطبقات الصخرية نحو الخارج إذ يزداد ارتفاع الشلال عند تراجعه تدريجياً. ولا يتراجع الشلال إلى الوراء في حالة كون الصخور ألصلبه بوضع عامودي غير أن ارتفاعه يتناقص في هذه الحالة بشكل تدريجي ويتحول إلى نوع من الجنادل.

    كما يؤدي الاضطراب الذي يصيب تطور النهر إلى تكوين الشلالات والجنادل، والذي يمكن أن يحصل في الحالات التالية:

    أ. الانخفاض الذي يطرأ على مصب النهر من جراء:
    1- حدوث عمليه نحت عامودي سريعة لبعض الأنهار التي تتعرض إلى حاله إعادة شباب قويه الأمر الذي يبقى بعض روافدها وكأنها روافد معلقه فتتساقط المياه منها نحو النهر الرئيسي بشكل شلالات.
    2- تسبب بعض حالات الأسر النهري اختلافاً كبيراً وسريعاً في مستويات قيعان المجاري النهرية المأسورة والاسره مما يؤدي إلى سقوط مياه الأنهار المأسورة على هيئه شلالات أو مساقط مائية في وديان الأنهار الآسرة التي تمثل الموقع المنخفض عادة.
    3- يمكن للتعرية الجلدية التي حدثت في الإقليم الجبلي أن تكون الشلالات وذالك عندما تتراجع الثلاجات وتحتل وديانها الأنهار. فتساقط مياه الأنهار التي تحتل الوديان الجلدية المعلقة بشكل مساقط مائية نحو الأنهار التي تحتل الوديان الجلدية الرئيسية.
    4- يؤدي النحت الذي تقوم به الأمواج أحيانا إلى عمل الأجراف المرتفعة وبسبب ذالك تكون الشلالات عندما تتساقط مياه بعض الأنهار من أعالي الأجراف باتجاه البحر.
    5- يمكن لبعض حالات الانكسار والالتواء أن تخفض من الأقسام السفلي لبغض الأنهار مما يؤدي إلى تكوين المساقط المائية.

    ويعمل الغلق الذي يصيب بعض المجاري النهري أشكال من الشلالات والجنادل، وقد يحدث هذا الغلق نتيجة لما يلي:
    1- الانزلاق الأرضية.
    2- بواسطة الركامات الجليدية.
    3- بواسطة الثلاجات التي تجبر بعض الأنهار على تغيير مواضعها دافعه إياها نحو مواقع أعلى ارتفاعاً.
    4- أية ظروف مصاحبه أخرى تجعل النهر يأخذ موقعاً جديداً وتجعله يجري فوق تضاريس غير منتظمة.
    وتنشأ الجنادل كما ذكرنا سابقاً عند المنحدرات الشديدة وليست ألعاموديه من قيعان الأنهار نتيجة لتراجع الشلالات إلى الوراء في معظم الحالات. وتعتبر الجنادل الخلابة الموجودة عند أسفل شلالات نياغارا مثالاً لهذا النوع. ويظهر نوع أخر من الجنادل عندما تقوم الأنهار بنحت صخور غير متشابهة في مقاومتها، كما في الجنادل الموجودة في نهر سانت لورنس فوق مدينه مونتريال مباشرة وكذالك يتمثل هذا النوع من الجنادل في منطقه الخانق العظيم لنهر كولورادو. وتشكل الجنادل والشلالات عقبات أمام الملاحة في الأنهار. وكثيراً ما تضطر الدول معها إلى أن تقوم بحفر قنوات على جوانب المناطق التي تظهر فيها الجنادل من الأنهار إذا كانت بقيه جهات النهر الواقعة أعلى الجنادل والشلالات وأسفلها صالحة للملاحة. وتحتاج تلك القنوات إلى منشآت هندسية معقدة تتمثل بالأحواض التي تساعد على خفض أو رفع القوارب والسفن إلى مستوى أخر.

    3. الحفر الوعائية:potholes
    وتعرف أحيانا بالحفر الدردوريه وتوجد عند قدمات المساقط المائية حيث يؤدي سقوط الماء القوي إلى تكوين حركة دورانية تقوم بواسطة ما تحمله من رمال وحصى بنحت القاع النهري الصلب وتكوين حفر باسم الحفر الوعائية. ولا تكون هذه الحفر إشكالا تضاريسية مهمة غير أنها يمكن أن تعتبر دليلا ًعلى مقدار النحت العمودي الذي تقوم به الأنهار التي تكون في مرحلة الشباب. وتتكون الحفر الوعائية بشكل سريع فوق التكوينات الصخرية اللينة مثل صخور الطفل ولكنها تضل محافظة على شكلها بصورة جيدة عند تكونها في صخور نارية صلبة كالجرانيت والبازلت والكوارتز. وتتحول بعض الحفر الدردورية من جراء تراجع الشلالات إلى الوراء إلى ما يعرف باسم البرك الغاطسة Plunge Pool وأشهر هذه البرك تلك التي توجد في كراندكولي الذي يعتبر بمثابة المجرى السابق لنهر كولومبيا في ولاية واشنطن وقد تكونت تلك البرك الغاطسة من جراء تساقط الماء من فوق جرف يبلغ ارتفاعه حوالي (122) متراً.

    التضاريس الناتجة عن الترسيب النهري:
    وتشمل ما يلي:

    1- السهول الفيضيه:
    تتصف السهول الفيضيه للا نهار بأنها ذوات مستويات منخفضة وقريبه إلى حد ما من مستوى قاعدة التعرية أن لم تكن عندها فعلا. وتكونت تلك السهول من جراء تجمع الإرسابات الطمويه فوق قيعان الوديان التي قامت الأنهار بتوسيعها. وتتميز هذه السهول بقله درجه الانحدار فيها. وتنتشر فوقها مظاهر تضاريسيه متعددة مثل الالتواء النهرية والبحيرات الهلالية والمستنقعات والبحيرات غير المنتضمه في توزيعها والتي تشغل المنخفضات الموجودة هنا وهناك من السهل الفيضي. تنتج معظم تلك المنخفضات من جراء عدم انتظام عمليه الترسيب فوق كل أجزاء السهل الفيضي حيث تتلقى بعض المناطق كميات كبيره من الرواسب في حين لا تستلم الأخرى إلا رواسب قليله فتتحول إلى منخفضات كما في مناطق الاهوار في جنوب العراق. ويمكن لهذه المنخفضات وغيرها من إشكال التضاريس الصغيرة أن تنشا من جراء التغيرات التي تحصل لمجاري بعض الأنهار إثناء الفيضانات أو من خلال تطور الالتواءات ألنهريه.

    2- الالتواءات ألنهريه Meanders
    تطلق صفة الأنهار الملتوية على الأنهار التي تجري فوق سهول فيضيه عريضة ولها مجار متعرجة وقد أخذت هذا الاسم من نهر مياندر meander في تركيا الذي تتمثل فيه هذه الميزة بشكل واضح. وتطهر كل الأنهار ميلا واضحا لتكوين الالتواءات بسبب ميلها إلى تكوين تأرجح متعاقب في جريانها من جانب إلى آخر. ولا يكون هذا التأرجح مرتبطا بالأنهار فقط وإنما نجدة واضحا في تحرك الأجسام الكبيرة الأخرى كما يحصل ذالك عند حركه الهواء وتكوينه للتيارات النفاثة jet streams في الغلاف الجوي. أو عند تحرك مياه المحيطات في بعض التيارات المحيطية كتيار الخليج في المحيط الأطلسي. وكان يعتقد سابقا أن السبب الرئيسي في حدوث الالتواء النهرية يمكن إرجاعه إلى وجود العقبات التي تواجه النهر مما يجعله يدور أو ينثني حولها مكوناً الالتواء. إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت انه من الممكن للالتواء أن يتكون حتى في مجار نهرية مستقيمة وليس فيها أي نوع من العقبات, وقد أثبتت ذلك تجربة مخبريه في Imperial College في لندن، وكان جريان الماء فيه ثابتاً ومنتظماً. وقد ظهرت بعد مضي وقت ليس بالطويل بعض المناطق الضحلة على مسافات منتظمة من قاع المجرى، ثم بدا النهر بالدوران حول تلك المناطق الضحلة وبدا يطور الدورانات النهرية ويعتقد بعض الباحثين أن اختلاف سرعة تيار النهر خلال قطاعه وقله تلك السرعة في الجهات القريبة من القاع مسئول عن نشوء المناطق الضحلة التي سبق ذكرها قبل قليل. وينتج عنها ايضا حدوث تيار حلزوني يكون مسئول عن تطور الالتواءات النهرية. فعندما تتحرك الطبقات السفلى من المياه في النهر بسرعة اقل من الطبقات العليا يلحق الجريان السطحي بالجريان القاعي من الضفة المقعرة نحو الضفة المحدبة
    ويربط بعض الباحثين بين سبب حدوث الالتواءات النهرية وبين طبيعة ونوعية المواد المكونة لقيعان المجاري النهرية حيث يؤدي وجود مواد رسوبية دقيقة مثل ذرات الغرين والطين وبعض الرمال الناعمة إلى جعل المجرى النهري يميل إلى التعرج والالتواء. في حين إذا كان مثل هذه المواد غير متوفرة بدرجه كافية على جوانب وقاع المجرى النهري فإن ذلك المجرى يميل إلى التمزق وينقسم إلى عده مجاري على قطاع عريض من السهل الفيضي ويطلق على مثل هذه المجاري اسم الانهار المظفوره BRAIDED STREAMS وقد أظهرت دراسة نموذجية لحاله نهر طموي في السهول العظمى بالولايات المتحدة أن الالتواءات الكبيرة تكون مرتبطة بالأنهار التي تتصف بتماسك حدود مجاريها.
    وتساهم الالتواءات في عمليه تكوين وتسويه السهل الفيضي حيث يتبع تغير مواقع الالتواءات من مكان إلى أخر فوق السهل الفيضي إلى تغطيه ذلك السهل بطبقه من الارسابات وتلعب الالتواءات دورا مهما في توسيع الوديان النهرية إذ تقترب بعض الثنيات النهرية من جانب الوادي النهري فيؤدي ذلك إلى تعرض تلك الجوانب من الوادي إلى التعرية النهرية وتراجعها إلى الخلف وتكون هذه العملية واضحة في مرحلة النضج من مراحل تطور الوديان النهرية. وذلك لان سعه قيعان الوديان في هذه المرحلة تكون قريبه من سعه نطاق الالتواءات النهرية. في حين يكون نطاق الالتواءات في الوديان النهرية التي في مرحلة الشيخوخة أضيق بكثير من قيعان تلك الوديان ولذا لا تستطيع أن تؤدي هذا الدور في هذه المرحلة. ويؤدي تغير مواقع الالتواءات النهرية المستمر إلى امكانية حدوث حالات اسر نهري ذلك عندما يقوم النهر بازالة المرتفعات التي تفصله عن رافده فيحول قسم من منابع ذلك الرافد إليه تاركا إياه نهرا طويلا.

    3- السدود الطبيعية: Natural Levees
    يقوم النهر بإنشاء سدود طمويه عندما يجري فوق سهله الفيضي في مرحلتي النضج والشيخوخة. وتوازي تلك السدود مجاري الأنهار وتكون على أكثر حالاتها ارتفاعاً عند جهاتها القريبة من النهر وتنحدر تدريجيا كلما ابتعدت عنه. ويتراوح اتساعها بين كيلو متر والنصف أو أكثر. يرجع السبب في ارتفاعها الكبير بالقرب من مجاري الأنهار إلى حاله الترسيب الفجائي للمواد التي تنقلها الأنهار عندما تطغي فوق ضفافها. يرتبط وجود السدود الطبيعية مع الأنهار التي تتكون فيها ظاهرة الالتواء. وبالنظر إلى الموقع المرتفع نسبياً لهذه السدود قياسا إلى بقية أجزاء السهل ألفيضي فإنها تكون محمية عادة من الفيضانات الاعتيادية. في حين تكون بقية أجزاء السهل ألفيضي منخفضة فتتأثر بالفيضان. فعلى سبيل المثال يكون ارتفاع السدود الطبيعية لنهر بو Bo في ايطاليا وهوانك هو ويانجتسي في الصين أعلى من ارتفاع المنازل الموجودة في السهل الفيضي المجاور ومن هنا يتضح مقدار الخطر الذي قد يصيب تلك المناطق المنخفضة جراء الفيضان. فقد غمر نهر المسيسبي في فيضانه المشهور سنه 1951 مساحه واسعة بحيث فقد أكثر من 000ر200 نسمه مساكنهم الواقعة في المناطق المنخفضة البعيدة عن تلك الضفاف العالية. هذا وتقدم مناطق السدود الطبيعية للانهار مواقع جيده للاستيطان في السهول الفيضيه بسبب قله تعرضها للفيضان كما ذكرنا قبل قليل كما أن خشونة نسيج تربتها يساعد على القيام بالأعمال الزراعية فيها اضافة إلى قله الملوحة فيها نتيجة للتصريف السطحي وقابلية النفاديه العالية نسبياً في هذه التربة قياسا بالتربه ذات النسيج الناعم والتصريف الرديء التي توجد فوق قيعان الأحواض النهرية البعيدة عن الأنهار.

    4- الدلتاوات ( ) Deltas
    الدلتاوات مناطق رسوبية طموية تقع عند مصبات الأنهار وتكون في العادة محاطة بتفرعات النهر التي تتباعد عن بعضها كلما اتجهنا نحو المكان الذي ينتهي فيه ذالك النهر. وقد أعطي هذا الاسم أول الأمر إلى دلتا نهر النيل التي تشبه تماما حرف دلتا الإغريقي والمرسوم أعلاه. ولكي تتكون الدلتاوات لابد من أن تكون كمية ما يتجمع من الرواسب أمام مصب النهر اكبر من الكمية التي تزيلها التيارات المائية والأمواج. يتوقف تيار النهر عاده عند وصوله نحو جسم مائي مستقر أو قليل الحركات كان يكون بحيرة أو بحرا أو غير ذالك الامر الذي يؤدي إلى إلقائه إلى القسم الأعظم من ارساباتة وبسرعة. وخير مثال على ذلك ما يحدث في دلتا نهر Terek على بحر قزوين بين مدينه باكو ونهر الفولغا الروسي. حيث يمكن حتى مشاهدة عملية تقدم هذه الدلتا السريعة داخل بحر قزوين إذا أنها تتقدم بمعدل يبلغ 5ر1 كم لكل 5 أو 6 سنوات. وعلى الرغم من أن مقدمتها بدأت تصل إلى المياه العميقة لبحر قزوين إلا أن معدل تقدمها ما زال اكبر من معدل تقدم دلتا نهر الراين في بحيرة جنيف بعشرة أضعاف.
    ولكي تكون الأنهار دلتاوات عند التقائها بالمسطحات المائية المستقرة، لا بد من توفر ظروف عديدة لكي تستطيع الأنهار أن تقوم ببناء الدلتاوات منها أن تكون كمية الارسابات التي تجلبها الأنهار كبيرة نسبياً وان لا يكون الساحل الذي ينتهي فيه النهر عميقا بدرجة لا يمكن معها نمو الدلتا فيه. ولا تنشاً الدلتاوات مثلاً فوق السواحل التي تتعرض لظاهرة الانغمار وكذلك يجب أن لا تكون التيارات والأمواج قويه على ذالك الساحل. وليست هذه الظروف أساسيه جدا لتكون الدلتاوات غير أنها يمكن أن تكون قاعدة عامه لامكانية نشوؤها. فهناك انهار لا يتوفر فيها بعض هذه الظروف إلا أنها استطاعت أن تقوم بإنشاء الدلتاوات. هذا وتتجمع معظم الارسابات التي تنقلها الأنهار أمام القسم الأوسط من النهر في منطقه اتصاله بالجسم المائي المستقر فيتكون من جراء ذلك حاجز طموي يزداد ارتفاعا مع الوقت ومع حدوث الفيضانات العالية الاستثنائية. وتنمو الدلتا وتتشعب الأنهار بهذه الطريقة. وتظل المناطق المنخفضة المحصورة بين تلك الفروع بشكل بحيرات ساحليه مالحة في أول الأمر ثم تمتلىء تدريجيا بالارسابات التي تصلها خلال الفيضانات حيث يؤدي ذلك إلى ردم تلك البحيرات لتضيف بذلك أراضي جديدة إلى الدلتا. وتؤدي الارسابات الطموية التي تجلبها الأنهار إلى رفع مستوى قيعان البحيرات والبحار التي تنتهي فيها تلك الأنهار. وتقوم تلك الرواسب التي نقلتها الأنهار العظيمة والتي استمرت لنقلها لفترة طويلة إلى إيجاد نوع من الثقل العظيم الذي قد يضغط بدوره على القاع فيكون نوعا من الهبوط فيه. وقد لوحظت هذه الظاهره على سواحل خليج المكسيك الشمالية حيث أدت الرواسب التي ألقاها نهر المسيسبي إلى حدوث ظاهره هبوط فيه.


    4- الدالات المروحية: Alluvial Fans
    تعرف أحيانا باسم السهول المروحية أو باسم المراوح الطينية. وتنشا هذه المراوح عند مناطق الانتقال بين المناطق ذوات الانحدار الشديد كالسلاسل الجبلية والتلال العالية والهضاب وبين الجهات المنخفضة المجاورة لها والتي تتميز بقلة درجة انحدارها كالسهول مثلا أو بطون الوديان التي تتميز بان مناخها جاف أو شبه جاف حيث تكون الأنهار التي تجري فيها وقتية عادة. وتحمل تلك الأنهار عند جريانها بسرعة فوق المنطقة الشديدة الانحدار كميات كبيرة من الرواسب التي كانت قد هيأتها عمليات التجوية المختلفة. وتتناقص سرعة جريان تلك الأنهار فجأة عند انتقالها نحو المناطق المنخفضة المجاورة. ويؤدي ذلك إلا إن الأنهار تقوم بإلقاء معظم ما تحمله من الرواسب فوق منطقة الانتقال. وتترسب معظم الرواسب الخشنة الذرات أولا وخاصة في منتصف المجرى النهري حيث يتكون حاجز يضطر النهر معه إلى الانقسام إلى فرعين ينقسمان بدورهما أيضا ويزداد تفرع الأنهار وتقل كمية مياهها والرواسب التي تحملها كلما ابتعدت عن المنطقة الجبلية المرتفعة. ولذلك نجد أن المروحة الطموية ذات سمك كبير ورواسب خشنة في جزئها الأعلى القريب من المنطقة المرتفعة ويتناقص سمكها ويقل حجم ذراتها ويزداد اتساعها كلما ابتعدنا عن تلك المنطقة المرتفعة. ويظهر عند الحافات السفلى لكثير من السهول المروحية مجموعة من الينابيع والعيون الناتجة عن خروج مياه الأنهار النافذة خلال التكوينات المسامية للمروحة.

    خصوبة الرواسب الطموية:
    لا بد لنا ونحن ننهي دراستنا للأشكال الناتجة عن الترسيب النهري أن نذكر أن هذه الأشكال تتميز بخصوبة تربتها حيث تكون تربتها متجددة من جراء تعرض غالبية هذه الأشكال لعملية الفيضان التي تجلب طبقة جديدة من التربة التي تضاف فوق التربة السابقة التي أنهكتها النباتات فتجدد من نشاطها وخصوبتها. وتصبح هذه المناطق من انسب المناطق للزراعة إذا كان المناخ ملائما لذلك حيث أنها ذوات تضاريس منخفضة تجعلها ملائمة للاستيطان البشري وللقيام بالأعمال الزراعية المختلفة. وعلى الرغم من خصوبة الأرض في السهول الطموية الواقعة عند قدمات المرتفعات والدالات المروحية ولكن البعض منها يحتوي على الحجارة والصخور الكبيرة التي تجعل الزراعة الممكننه غير سائدة فيها.

    انجراف التربة:
    يتم حساب معدل الانجراف من أية منطقة باستخدام عدد من المعادلات وذلك كما يلي:
    1- تقدير كمية الناتج الرسوبي (Sediment Yield) باستخدام معادلة معادلة فورنيه (Fournier) التالية:
    Log Qs = 2.65 log p2 / p + 0.64 (log H) (tan s) – 1.56
    حيث أن:
    المعدل السنوي للناتج الرسوبي / طن/م مربع/السنة = Qs Log
    مربع معدل أعلى شهر مطري في السنة / ملم = p2
    معدل الأمطار السنوي / ملم = p
    معدل ارتفاع الحوض/م = H
    ظل زاوية الانحدار بالدرجات = tan s

    * لحساب Log Qs لو كانت مثلا 5 هذا يعني اللوغاريتم الطبيعي وهو 10 مرفوعا للقوة 5 وعلى الآلة الحاسبة نضع رقم 10 ثم نضع رمز X مرفوعة إلى Y ثم الرقم 5 ويخرج الجواب النهائي.

    2- تقدير معدل مقاومة التربة للانجراف بواسطة المعادلة:
    R= 100 – C
    حيث أن:
    التماسك الحقيقي للتربة = C
    معتمدا على معدل الطين والرمل في التربة ويحدد كما يلي:
    C = 34.7 + 0.9 X1 – 0.3X2 – 0.4X3
    X1 X2 X3 حيث تمثل كل من أحجام حبيبات التربة بحجم اكبر من 0.001 ملم و 0.05 - و0.25اكبرومن 0.25

    3- تقدير القوة الحتية للماء (Eroding Force) بالمعادلة:
    Fe = w d sin 
    12
    حيث أن:
    Fe تمثل قوة الحت بالرطل لكل قدم مربع
    W = وزن قدم مكعب من الماء
    d = عمق الماء بالبوصات
     = زاوية الانحدار

    فعمق المجرى وعرضه يمثلان كمية التصريف المائي Stream Discharge الذي يزداد مع زيادة انحدار بمجرى, ويحدد السرعة التحاتيه للماء الجاري Erosion velocity مع الأخذ بعين الاعتبار عنصر الضعف الصخري للمجرى نفسه. وينتج عن تفاوت النشاط الحتي على طول المقطعين العرضي والطولي للمجرى عدم انتظام في شكله ودرجة انحداره, بالإضافة إلى تكوين أشكال أرضيه مميزه. فقد تتعدد الأجزاء والعناصر الانحدارية Slope Facets, Segments وتختلف في درجة انحدارها مؤديه إلى عدم انتظام المنحدر Segmentation وتكوين مساقط مائية أو جروف أو أوديه معلقه أو مصاطب صخرية, خاصة في حالة تتابع طبقات مختلفة الصلابة والسمك, كما يمكن أن تنشا المسلات والتلال المنعزلة أو الشواهد, وجميعها تمثل بقايا صخريه مقاومه للحت المائي.

    الرياح ودورها الجيومورفولوجي:
    يمكن أن يصنف ثلث مساحة سطح الأرض باعتباره مناطق جافة أو شبه جافة ويعني ذلك أن الظروف الصحراوية تسود في هذا الثلث من سطح الأرض. وليس من السهولة بمكان استعمال بعض المصطلحات الجغرافية كالصحراء أو الجفاف قبل أن نتأكد مما نقصده بالصحراء وما يعنيه المناخ الجاف فليس هناك تعريف مقبول ومتفق عليه كليا عن الصحراء غير انه يمكن القول, على أية حال, إن الصحراء تتميز بقلة الرطوبة، وينعكس هذا بدوره على قلة الكائنات الحية التي يمكن أن توجد في هذه البيئة الصحراوية فندرة الغطاء النباتي تعتبر من بين أهم المظاهر الصحراوية ويكون النبات الموجود من الأنواع التي تتكيفت تماما للعيش في الظروف الصحراوية. وينطبق الشيء نفسه بالنسبة إلى الحياة الحيوانية. ويمكن أن يعرف المناخ الجاف بأنه ذلك المناخ الذي يتبخر فيه كل المطر الذي يبقى على سطح الأرض بعد سقوطه. ومن المهم أن نؤكد هنا انه ليس شرطا أن يرتبط الجفاف بقلة كمية الأمطار الساقطة ذلك لان هناك مناطق لا تستلم إلا كميات قليلة من الأمطار دون أن تصبح مناطق صحراوية جافة. وبذلك فان عملية التبخر هي العامل المهم في تقرير ذلك. وتحاول معظم التصانيف المناخية أن تؤكد ذلك عندما تقرر طبيعة المناخ الجاف.
    ولا توجد في الحقيقة حدود فاصلة في المناخ والتضاريس بين الأقاليم الرطبة والمناطق شبه الجافة وسوف نعتبر على اآية حال المناطق شبه جافة إذا كانت كمية مطرها السنوي بين 30 – 60 سم. ونعتبر المناطق صحراوية إذا كانت كمية أمطارها اقل من ذلك. ويعرف بعض الباحثين الصحاري بأنها المناطق التي لا يمكن لها أن تنشأ تصريفا مائيا خارجيا يصل إلى المحيط.
    تكون الأنهار عوامل التعرية الرئيسية في الأقاليم الرطبة ويقل فيها التأثير الجيومورفولوجي للرياح على خلاف ما يحدث في الأقاليم الصحراوية التي تعتبر الرياح فيها عوامل التغيير الأساسية لمظاهر سطح الأرض. هذا وتكون الأنهار الدائمة نادرة الوجود في مناطق الصحاري وهي من نوع الأنهار الداخلية exioted إذا ما وجدت فيها كما في انهار النيل ودجلة والفرات والسند ونهر كولورادو.... الخ وتنتشر في الأقاليم الصحراوية الأنهار الوقتية والفصلية الجريان التي تتكون من جراء الأمطار الوقتية الغزيرة أو من جراء ذوبان الثلوج في الجهات المرتفعة المجاورة. وتسود الصحاري التجوية الميكانيكية أكثر مما عملية التجوية الكيماوية ولا يظهر وجود للغطاء النباتي في كثير من جهات الأقاليم الصحراوية ويكون نادرا في مناطق أخرى.
    تنشأ التضاريس في الأقاليم الصحراوية من خلال النشاطات المترابطة لعدة عمليات للتعرية كالرياح والتجوية والمياه الجارية.

    عمل الرياح:
    لا تختلف الرياح عن بعض عوامل التعرية الأخرى مثل الأنهار والثلاجات إذ أنها تقوم بتعرية الصخور التي تواجهها وتنقل الحطام الصخري المفكك من مكان إلى أخر وتقوم أيضا بعملية الترسيب في مواقع معينة أخرى. وتشبه الرياح الأنهار والجليد في أن عملها في تعرية الصخور يكون أسرع إذا كانت محملة بذرات الصخور المختلفة. وينشأ من جراء عمل الرياح مجموعة متنوعة من التضاريس الأرضية التي توجد في ثلاثة أنواع من الصحاري هي:


    1- الصحاري الصخرية: Hamada
    وتعرف عادة باسم صحاري الحمادة وتتألف هذه الصحاري من سطوح صخرية تنكشف فيها الصخور الأصلية عادة مع وجود بعض البقع التي تغطيها الحصى والرمال.
    2- الصحاري الحجرية Stony Deserts
    وتغطي سطوحها الحجارة المحطمة والحصى المتنوع وتسمى عادة بصحاري الرق Reg في الجزائر والسرير في ليبيا وجمهورية مصر العربية.
    3- الصحاري الرملية وتعرف عادة بصحاري العرق Erg.

    تعرية الرياح
    تقوم الرياح بتعريتها للصخور من خلال عمليتين هما:

    1- عملية التفريغ Deflation
    وتعني عملية إزالة المواد الصخرية المفككة إما برفعها أو دحرجتها. وتعرف أحيانا بعملية التذرية. كما أن عملية التفريغ تعني الإزاحة الكاملة للذرات الدقيقة من الصخور من منطقة ما بوساطة الرياح تاركة المواد ذوات الذرات الثقيلة التي لا تستطيع الرياح رفعها. ويمكن لهذه العملية أن تتم في مختلف الأقاليم المناخية غير أنها تسود أكثر ما تسود في الأقاليم الجافة وشبه الجافة, فقد قدر بعض الباحثين على سبيل المثال بأنه ما سمكه 2.4 مترا من تربة أجزاء دلتا النيل قد فرغت بوساطة الرياح خلال أل 2600 سنة الأخيرة. وقد تعرضت أجزاء واسعة من منطقة السهول العظمى في الولايات المتحدة لعملية التفريغ خلال هذا القرن عندما قامت الرياح بنقل كميات هائلة من التربة التي تعرض تماسكها للتفكك بسبب عمليات الحراثة المتواصلة لها. وقد تسبب عن ذلك حدوث كثير من العواصف الغبارية التي تتجه شرقا حتى ساحل المحيط الأطلسي أحيانا. ويعني ذلك أن عملية التفريغ تزداد حدة في الأقاليم الصحراوية التي تكون الرياح فيها أكثر استمرارية واشد نشاطا وسرعة.
    يوجد في الجهات الجنوبية من ولاية نيومكسيكو وفي ولاية تكساس في الولايات المتحدة أحواض تقع بين الجبال تعرف باسم البولسون Bolson وهي منخفضات ناتجة عن عملية التفريغ التي تقوم بها الرياح. ويتغطى سطح بعض هذه الأحواض برواسب طموية سميكة قامت بترسيبها الأنهار الوقتية التي تنبع من الجبال التي تحيط بتلك الأحواض. غير أن قسما أخر من تلك الأحواض تكون ذوات قيعان صخرية، ويعتقد أن السهول الصحراوية الموجودة في صحراء كلهاري تعود إلى عملية التسوية التي تقوم بها الرياح. وتعتبر صحاري الحمادة نتاجا أساسيا لعملية التفريغ أيضا حيث تقوم الرياح بالتقاط ذرات الرواسب الدقيقة وتترك الحصى والحجارة في مكانها مكونة ما يعرف باسم الصحاري المرصوفة Desert Pavements أو الحمادا. وتستطيع الرياح حتى في الأقاليم الأقل جفافا أن تعمل بعض التجاويف الضحلة الدائرية الشكل في المناطق التي تكون الصخور فيها ذوات صلابة اقل من الصخور الأخرى المجاورة لها وحيث يكون النبات قليلا وتعرف هذه باسم blowouts. هذا ويعتقد أنه قد تكون بهذه الطريقة كثير من المنخفضات الموجودة في الصحراء الغربية في مصر كما في منخفض القطارة والمنخفضات الصغيرة الاخرى المجاورة له والتي تقع كلها دون مستوى سطح البحر وكذلك الحال في مناطق الواحات الصحراوية المشهورة في مصر مثل واحة الفرافرة والداخلة والخارجة.

    2- عملية النحت ( الصقل ) Abrasion
    وهي التي تقوم بها الرياح من خلال ضربها للسطوح الصخرية بوساطة ما تحمله من ذرات الرمل وذرات الصخور الأخرى. وبذلك فان عملية التفريغ تتم من خلال حركة الهواء فقط بينما لا يمكن لعملية الصقل أن تتم دون وجود أدوات القطع والنحت المتمثلة بذرات الصخور المختلفة. ولاتعمل الرياح القليلة السرعة إلا تعرية ميكانيكية قليلة لصخور غير أن الرياح القوية تستطيع بوساطة ما تحمله من حطام صخري كذرات الرمال والحصى الصغيرة أن تقوم بصقل وتعرية ما يواجهها من صخور. وتشبه الرياح في هذه الحالة المياه الجارية. ويزداد تأثير الرياح بوساطة عملية الصقل إضافة إلى ما تقدم, في المستويات القريبة من سطح الأرض حيث من النادر أن تكون الرياح قادرة فيها على أن ترفع ذرات الرمل إلى مسافة تزيد عن 0.9 من المتر أو المتر الواحد علما بأن معظم ذرات الرمل التي تستخدمها الرياح كأدوات للنحت والتعرية تتركز خلال 0.5 متر من سطح الأرض. كما تلعب درجة مقاومة الصخور دورا مهما في تقرير مقدار تأثرها بالتعرية الناتجة من عمل الرياح حيث تكون الصخور اللينة أكثر تأثرا بتلك العملية منها في الصخور الشديدة الصلابة.
    يزداد تأثير الرياح في الصقل بوضوح في الأقاليم التي تسود فيها رياح هابة من اتجاه واحد تقريبا. فقد تآكلت من جراء ذلك أسلاك التلغراف التي مدت على طول سكة حديد عبر قزوين إلى حوالي نصف أقطارها خلال إحدى عشر سنة فقط. وقد قطعت أعمدة التلغراف الخشبية الموجودة في جنوب غرب الولايات المتحدة بوساطة الرمال التي تعصفها الرياح الأمر الذي أدى إلى ضرورة حمايتها بالكونكريت أو الصخور.
    تعتبر الحصى والصخور ذوات الأوجه ventifacets و dreikanter وتعني ( ذوات الجوانب الثلاث في اللغة الألمانية ) نتاجا مهما من نتائج عملية الصقل التي تقوم بها الرياح في الصحاري الحجرية حيث تسود رياح قوية. إذ تقوم الرياح بصقل الجانب المواجه لها من تلك الصخور بصورة مستمرة بوساطة ما تحمله من ذرات الصخور كالرمال مثلا. ويختلف شكل أوجه تلك الحصى تبعا لاتجاه الرياح ومقدار سرعتها، ويعتبر الياردانك Yardang مظهر ارضي أخر من المظاهر الناتجة عن التعرية الميكانيكية ( النحت والصقل ) الذي تقوم به الرياح. ويتكون الياردانك من مجموعة من الحافات المرتفعة والوديان المتوازنة مع بعضها البعض. ويصل حجم بعض الوديان إلى عدة كيلو مترات طولا وكيلومومتر واحد عرضا وتكون قيعانها حجرية في بعض الحالات وقد تغطيها الرمال أحيانا وترتفع إلى حوالي 50 مترا. وتمثل الوديان مناطق الصخور القليلة المقاومة التي استطاعت تعرية الرياح أن تؤثر فيها بشكل كبير في حين تحتل الحافات مناطق الصخور الصلبة التي لم تؤثر فيها تعرية الرياح كثيرا. واشهر المناطق التي تتمثل فيها هذه الظاهرة في جنوب غرب الولايات المتحدة وفي صحاري وسط أسيا وإيران. وحين تكون الطبقات السفلى اقل صلابة من الطبقات العليا تتعرض إلى تعرية شديدة في حين تظل الطبقات العليا بعيدة عن التعرية المركزة ويطلق على الأشكال الناتجة عن هذه العملية اسم الصخور التي تشبه نبات الفطر mushroom أو تعرف باسم الأعمدة الصخرية Pedestal Rocks.

    نقل الرياح:
    تنتقل المواد الصخرية المفككة بوساطة الرياح بطرق ثلاثة هي التعلق Suspension والقفزSaltation والدحرجة. إن تفسير ميكانيكية عملية النقل التي تقوم بها الرياح تعتبر معقدة غير انه يمكن إيجازها بالآتي: يوجد نطاق رقيق جدا يقع فوق سطح الأرض مباشرة حيث لا توجد في هذا النطاق أية حركة للهواء إن لم تكن توجد فيه حركة ضعيفة جدا. ويعتمد سمك هذا النطاق على حجم ذرات الصخور التي تغطي سطح الأرض. ويبلغ سمكه حوالي 1/30 من قطر ذرات الصخور الموجودة على سطح الأرض. فإذا كان معدل الذرات 30 مليمتر فان سمك ذلك النطاق سيكون مليمترا واحدا. وتزداد سرعة الرياح بسرعة فوق ذلك النطاق مع الارتفاع وتظهر فيها الدوامات وحركات اضطراب سريعة نحوالاعلى أو الأسفل أو نحو الجانبين إضافة إلى الاتجاه العام لحركة الرياح. وقد دلت التجارب على أن سرعة الحركة الصاعدة للهواء خلال تلك الدوامات يبلغ حوالي 1/5 معدل السرعة العامة للرياح.
    لقد أظهرت تحاليل المواد التي تنقلها الرياح أنها تقع من حيث الحجم ضمن مجموعتين: مواد ذوات أقطار تقل عن 0.06 مليمتر والتي تصنف على أنها غبار, ومواد تزيد أقطار جزيئاتها عن ذلك والتي تصنف على أنها رمال. وتلتقط ذرات الغبار التي تضم الذرات الناعمة من الطين والغرين إلى الأعلى بوساطة الرياح وتنقل بطريقة التعلق، وتظل هذه الذرات مرفوعة بوساطة الحركات الدوامية وبذلك يمكن أن تنقل إلى مسافات بعيدة تصل حتى 1610 كم. ويمكن للهواء أن يرفع الغبار لارتفاعات كبيرة، فعلى سبيل المثال وصل سمك عاصفة غبارية حدثت في تشرين الثاني من عام 1933 في الولايات المتحدة إلى ارتفاع 2740 مترا، وكانت هذه العاصفة قد بدأت في ولاية نبراسكا وولايتي داكوتا الشمالية والجنوبية وسارت باتجاه نيويورك بمعدل سرعة يبلغ 69كم في الساعة. وقد غطت هذه العاصفة حوالي 1.500.000 كم2. ويعتقد بعض الباحثين انه يوجد فوق كل منطقة من سطح الأرض غبار قادم إليها من مناطق أخرى ويتأكد هذا القول من حقيقة أن الرياح يمكن لها أن تنقل الغبار إلى أماكن بعيدة عن مصادرها. فعلى سبيل المثال يصل الغبار القادم من الصحراء الكبرى إلى انجلترا أحيانا رغم أنها تبعد عنها بحوالي 3200كم. وقد سجل وصول كميات من الغبار البركاني القادم من أيسلندا إلى شبه جزيرة اسكندنافية مرات عديدة. ولقد قذف الرماد البركاني إلى مستويات عالية في الهواء عند ثورة بركان كاركاتوا في اندونيسيا في عام 1883 ظل عالقا في الهواء لفترة طويلة بعد أن أحاط بالأرض احاطة كاملة.
    وتستطيع عواصف الغبار أن تنقل كميات هائلة من ذرات الغبار من مكان إلى أخر ففي عاصفة واحدة حدثت بين 9 و 12 مارس 1901 غطت مساحة قدرت بحوالي 750000 كم2 من اليابسة و 440000 كم2 من المحيط ورسبت كمية كمية من الغبار تقدر بحوالي 1.960.420 طن وكانت هذه العاصفة قادمة من الصحراء الكبرى باتجاه المحيط الأطلسي. وقد سجلت مثل هذه الكمية من الترسيب في عواصف الغبار التي تحدث في استراليا والأرجنتين وشرقي آسيا وفي كثير من الأقاليم الصحراوية الأخرى.
    تنقل المواد التي تزيد أقطار ذراتها عن 0.06 ملم بطريقتي القفز والدحرجة على سطح الأرض. وتشبه عملية النقل بالقفز تلك التي تقوم بها الأنهار عند نقلها للمواد الخشنة الذرات على طول مجاريها. إذ تقوم تيارات الهواء المرتفعة إلى الأعلى بسبب الحركة الاضطرابية للرياح بنقل ذرات الرمال نحو الأعلى ثم تسقط هذه الذرات خلال حركتها الأفقية مع الاتجاه العام للرياح. ومن ثم يتكون مسار لذرات الصخور المتحركة يتألف من صعود قصير شبه عمودي مع نزول منحدر طويل نسبيا وتعيد تلك الذرة عند سقوطها على سطح الأرض حركتها ثانية أو أنها تبدأ القفز ثانية عند ارتطام ذرة رمل أخرى بها. يعتمد مقدار الارتفاع الذي تصل إليه ذرات الصخور عند قفزها على مقدار سرعة الرياح وكذلك على طبيعة سطح الأرض. إذ يكون ذلك الارتفاع على السطوح الحصوية أكثر من الارتفاع الذي ينجم عن القفز فوق سطوح رملية. ولا يمكن للقفز أن يزيد بأية حال من الأحوال عن 1.8 مترا فوق سطح الأرض.

    ترسيب الرياح:
    تترسب كافة المواد الصخرية التي نقلتها الرياح والتي تتباين طرق نقلها تبعا لأحجامها من ذرات دقيقة تنقلها الرياح بطريقة التعلق إلى ذرات خشنة تنقل بطريقتي الدحرجة والقفز، ويتم ذلك الترسيب حالما تبدأ سرعة الرياح بالتناقص. وتتناقص سرعة الرياح أما عند اقترابها من مناطق الضغط الخفيف التي سببت حركة تلك الرياح أو من جراء وجود عوارض متنوعة. إن أهم الأشكال الجيومورفوجية الناتجة عند ترسيب الرياح هي:
    1- تربة اللويس:
    اللويس كلمة ألمانية تطلق على تجمع الرواسب الدقيقة الذرات التي قامت بنقلها الرياح، وتنتقل تلك الترسبات عبر مسافات طويلة بوساطة الرياح القوية والثابتة من مناطق صحراويه أو شبه صحراويه نحو أقاليم أكثر رطوبه حيث تقوم الأمطار بإنزالها من الغلاف الجوي ثم تتراكم وتستقر في تلك الأقاليم. ولقد درست ترسبات اللويس لأول مره من قبل الجيولوجي الألماني فون رشتهوفن Von richthofen في شمال غرب الصين، حيث تنتشر تلك الترسبات فوق مساحات واسعة. إن أهم ما تتميز به رواسب اللويس أنها تتكون من ذرات دقيقه وتكون مسامية ولا تظهر فيها خاصية الطبقية. وتدل الصفة الاخيره على أنها ليست ناشئة من ترسيب نهري بل أنها ناتجة عن ترسيب هوائي Aeolian. ويظهر بها نوع من البنية العاموديه نتيجة لتأثير سيقان وجذور النباتات التي دفنت خلال تراكمات اللويس. ويكشف لنا المقطع ألعامودي لتكوينات اللويس وجود عدد هائل من أنابيب عاموديه دقيقه تكون مرتبطة في العادة برواسب من كربونات الكالسيوم المتخلف من تحلل المواد النباتية. وتفسر لنا هذه الخاصية كيف أن رواسب اللويس تبقى ثابتة, رغم سهولة تعريتها, على شكل حوائط شديدة الانحدار. وتختلف مصادر ترسبات اللويس من مكان إلى أخر إذ يرجع اصل تربة اللويس الموجودة في الصين إلى صحراء غوبي في وسط منغوليا. ويبلغ سمك تلك الرواسب حوالي 350مترا في بعض الأماكن. وقد أزالت انهار الصين الكبرى مثل نهر هوانك هو واليانجتسي وروافدهم كميات هائلة من هذه التربة وإعادة ترسيبها ثانية داخل سهولها الفيضيه.
    وتوجد ارسابات اللويس في الولايات المتحدة في المناطق ألمجاوره للأنهار الكبرى في وادي نهر المسيسبي و ويبلغ سمك هذه الرواسب قرب الأنهار حوالي 30 مترا أو أكثر من ذلك. ويتناقصص سمك تلك الرواسب بشكل سريع كلما ابتعدنا عن المجاري النهرية. وقد قامت الرياح بنقل تلك الرواسب من السهول الفيضية فترة انخفاض مناسيب المياه حيث تتعرض خلالها مساحات من الغرين والرمال الجافة إلى الرياح القوية التي تهب في الإقليم. وقد كنت الأنهار قد نقلت تلك الرواسب في الأصل من رواسب جليدية تقع إلى الشمال. ويكمن بذلك الاختلاف بين رواسب اللويس في الصين والولايات المتحدة. في حين أن رواسب اللويس في الصين تكون ناتجة أصلا من نقل الرياح ثم قامت الأنهار بإعادة ترسيبها، إلا أن رواسب اللويس في الولايات المتحدة نهرية في الأصل ثم قامت الرياح بنقلها.
    تبدو رواسب اللويس في أوربا وكأنها جلبت من المناطق المجاورة التي تعرضت لأثر الجليد والتي تقع شمالها حيث قامت الرياح بنقل هذه الرواسب ثم أجرت الأنهار تحويرات طفيفة عليها. وتتمثل تربة اللويس في أوربا بنطاق واسع الامتداد متقطع يمتد من حوض باريس عبر منطقة المرتفعات الهرسينية في ألمانيا وبولندا حتى جنوب روسيا. وتوجد ارسابات أخرى للويس في مناطق أخرى من العالم كما في تركيا وفي الأرجنتين واستراليا.

    2- الكثبان الرملية:
    تختلف الرواسب الرملية عن الرواسب الغبارية ( اللويس ) في أنها تتجمع بشكل تلال متباينة في أحجامها وامتداداتها وأشكالها. يطلق على مثل هذه الرواسب الرملية اسم الكثبان Dunes. وتتحرك هذه الكثبان عادة بصورة بطيئة مع الاتجاه الذي تهب إليه الرياح، وتختلف الكثبان كثيرا في أحجامها من أمتار قليلة في الارتفاع وعدة أمتار في الامتداد إلى أن يزيد ارتفاع البعض منها أكثر من 200 مترا ويزيد ارتفاع قواعدها عن 900 مترا. ويتراوح ارتفاع معظم الكثبان الرملية في حدود 30 مترا. وعلى الرغم من إمكانية وجود الكثبان الرملية بصورة منفردة إلا أن الشائع في وجودها أن يكون بشكل مجموعات تغطي مساحات واسعة تزيد عن الاف الكيلومترات المربعة في بعض الأحيان. ولا يقتصر وجود الكثبان الرملية على الجهات الصحراوية فقط إنما يمكن أن توجد في بعض المناطق الساحلية التي تنكشف فيها مناطق رملية عند انحسار الماء عنها خلال عملية الجزر. حيث يؤدي هبوب رياح قوية من المحيط باتجاه اليابسة إلى نقل بعض تلك المواد الرملية وترسيبها في المناطق القريبة من الساحل. ولا تكون تلك الكثبان بنفس الحجم الذي عليه الكثبان الصحراوية ولا بنفس المساحة التي تشغلها. وتعتبر المنطقة التي تمتد على طول خليج بسكاي في فرنسا وكذلك سواحل بلجيكا وهولندا من المناطق المشهورة في العالم بالكثبان الرملية الساحلية. وتنشأ الكثبان الرملية أيضا على طول مجاري الأنهار التي تجري فوق وديان عريضة في مناطق جافة أو شبه جافة حيث تقوم الرياح بنقل المواد الرملية وترسبها بشكل كثبان رملية.

    تقسم الكثبان الرملية إلى:
    1- الكثبان الاعتراضية: Transverse
    وهي التي يكون امتدادها العام عموديا مع الاتجاه العام للرياح في المنطقة، وتنشأ من رياح معتدلة في سرعتها وتهب من اتجاه واحد. ومن أمثلتها التموجات الرملية وسلاسل الكثبان الرملية الاعتراضية والتي تتكون من سلاسل من كثبان ذوات قمم متموجة, ويتصف جانبها المواجه للرياح بأنه ذو درجة انحدار قليلة في حين تزداد شدة الانحدار على الجانب الأخر المعاكس للرياح. وتمتد بعض الكثبان الاعتراضية بضورة مستمرة لمسافات طويلة. وتتحول هذه السلاسل في المناطق التي لا يكون وجود الرمل فيها كافيا إلى تلال هلالية الشكل تعرف باسم الكثبان الهلالية البارخان ( Barchan’s). وتمتد اذرع البارخان مع الاتجاه العام لهبوب الرياح, ويكون الجانب المواجه للرياح من الكثبان الهلالية مقوسا وذو درجة انحدار قليلة في حين يكون الجانب الأخر مقعرا وشديد الانحدار. وتنشأ هذه الحالة من وجود دوامات هوائية ترفع قسما من المواد الرملية التي تسقط على هذا الجانب. وتتقدم تلك الكثبان إلى الأمام مع حركة الرياح التي تقوم بإلقاء الذرات الرملية من فوق قمة الكثيب نحو الجانب العاكس لها. وتكون سرعة هجرة بعض الكثبان كبيرة في الأقاليم التي فيها الرمال جافة جدا وسرعة الرياح فيها كبيرة. ويتباين معدل سرعة تقدم الكثبان الهلالية بين 5 – 30 مترا في العام. وقد غمرت الكثبان المتحركة أراضي الغابات والأراضي الزراعية في المناطق الرطبة المناخ كما دفنت كثير من القرى والمدن في الأجزاء الجافة من العالم. إذ وصف احد الباحثين المدن التي دفنت بالرمال في تركستان, وتجري مثل هذه الحالة في كثير من مناطق الصحاري الكبيرة في العالم, حيث يفاجىء المرء بسرعة التغيرات الطبوغرافية فيها. فقد سجل احد العلالواحد. للكثبان الرملية في صحراء قزل – قوم بمعدل 19.8 مترا في اليوم الواحد . وقد لاحظ البعض الأخر وجود معدل لحركة الكثبان الهلالية الكبيرة بمعدل 61 مترا في خلال 20 سنة في كارو لاينا الشمالية.
    - الكثبان الطولية: Longitudinal
    وتمتد هذه بشكل سلاسل من الرواسب الرملية بصورة موازية للاتجاه العام للرياح السائدة وتسير هذه الكثبان في بعض الأحيان وبصورة متصلة لمسافة تصل لعدة مئات من الكيلو مترات. وقد أظهرت الدراسات أن هذه الكثبان تنشا في المناطق التي توجد فيها تيارات هوائية متجاورة قوية حيث تتناقص سرعة التيارين كليهما على الجوانب مما يؤدي إلى إلقاء الرواسب الرملية التي تحملها. وتعرف هذه الكثبان باسم الكثبان السيفية Sief ويصل ارتفاع بعض كثبان السيف في بحر الرمل في مصر إلى حوالي 100 متر ويصل بعضها في إيران إلى حوالي 210 مترا ويبلغ مقدار عرض كثبان السيف ستة أضعاف ارتفاعها عادة. ويكون ظهر بعض الكثبان الطويلة عريضا فتعرف آنذاك باسم كثبان (ظهر الحوت).

    3- الكثبان الرملية الثابتة:
    وتنشأ هذه الكثبان في المناطق التي تهب فيها الرياح من كل الجهات، حيث تتحول الكثبان الهلالية إلى ما يعرف باسم الكثبان الثابتة، ويعتقد بعض الباحثين أن السبب الرئيسي في ثبات بعض الكثبان الرملية هو قلة مصادر الرمال التي تتزود بها.

    انتهى

  7. #7

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال