في ثقافةِ العترة: توسّلُ بني إسرائيل بأهلِ البيتِ كان سببَ نجاتِهم مِن الاضطهاد الفرعوني
:
❂ يقولُ تعالى في الآيتين (49، 50) مِن سورة البقرة:
{وإذ نجّيناكم مِن آلِ فرعونَ يسومُونكم سُوءَ العذابِ يُذبّحونَ أبناءكم ويستحيونَ نساءكم وفي ذلكم بلاءٌ مِن ربّكم عظيم* وإذ فرَقنا بكم البحرَ فأنجيناكم وأغرقنا آلَ فرعونَ وأنتم تنظُرون}
أكثرُ المُفسّرينَ حين يأتونَ لهاتينِ الآيتين يتحدّثونَ عن نجاةٍ واحدةٍ فيهما وهي نجاةُ بني إسرائيل عند عبورِ البحر،
بينما الآية 49 في غاية البُعدِ عن هذا المعنى
نعم الآية التي بعدها هي التي تتحدّثُ عن نجاةِ بني إسرائيل عند عبورِ البحر،
بدليل أنّه حتّى الّلفظةَ التي تُعبّرُ عن النجاةِ تختلف في الآيتين
فالآية 49 قالت: (نجّيناكم)
أمّا الآية 50 فقالت: (أنجيناكم)
وفارق بين المعنيين
• فالأولى تتحدّثُ عن نجاةٍ جُزئيّةٍ حصلت لبني إسرائيل وهم في داخلِ الوسطِ الفرعوني
(حين كان فرعونُ يُذِلُّهم ويُذبِّحُ أبناءهم)
• أمّا النجاةُ الثانيةُ (الكاملة) فكانت حين خرجوا مِن مصرَ نحو البحرِ وأتبعهم فرعونُ وجنودُه
فما هو العذابُ الأوّلُ الذي نجّى اللهُ منه بني إسرائيل حين كانوا في الوسط الفرعوني؟
هذه الآيةُ لن تُفهم بشكلٍ صحيح إلّا بالرجوع لتفسيرِ إمامِنا العسكري،
فهو التفسيرُ الوحيدُ الذي يُجيبُنا عن هذا التساؤل
✦ يقولُ إمامُنا العسكري في معنى الآية 49 مِن سورةِ البقرة:
(وكان مِن عذابِهم الشديد -أي اليهود- أنّه كان فرعونُ يُكلّفُهم عَمَلَ البناءِ والطينِ ويخافُ أن يهربوا عن العمل، فأمر بتقييدِهم،
فكانوا ينقلونَ ذلك الطين على السلاليم إلى السطوح؛
فربُّما سقطَ الواحدُ مِنهم فمات أو زَمِن -أي أُصيبَ بعاهة- ولا يحفلونَ بهم -أي لا يعبؤون بهم- إلى أن أوحى اللهُ عزّ وجلّ إلى موسى؛
قل لهم: لا يبتدئونَ عَمَلاً إلّا بالصلاةِ على محمّدٍ وآلهِ الطيّبين لِيَخُفَّ عليهم،
فكانوا يفعلونَ ذلك فيَخُفَّ عليهم،
وأمر كُلَّ مَن سقَطَ وزَمِنَ مِمّن نَسِيَ الصلاةَ على محمّدٍ وآلهِ الطيّبينَ أن يقولَها على نفسِهِ إنْ أمكنَهُ -أي يذكرَ الصلاةَ على محمّدٍ وآله- أو يُقالَ عليه -يعني أن يقرأها شخصٌ عليه- إن لم يُمكِنه، فإنّه يقومُ ولا يضرُّهُ ذلك، فَفَعلوها، فَسَلِموا،
وقولِهِ: {يُذبِّحونَ أبناءكم} وذلك لمّا قيل لفرعون: أنّه يُولَدُ في بني إسرائيل مولودٌ يكونُ على يدِهِ هلاكك وزوالُ مُلكك.. فأمر بذبْحِ أبنائهم،
فكانت الواحدةُ مِنهنَّ تُصانعُ القوابل عن نفسِها -أي تُقدِّمُ الرشوةَ والهديّةَ للقوابلِ وهُنَّ المسؤولاتُ عن توليدِ النساء- لئلا يُنَمَّ عليها ويَتِمَّ حَمْلُها،
ثمَّ تُلقي وَلَدَها في صحراءَ أو غارِ جبلٍ أو مكانٍ غامضٍ وتقولُ عليه عشرَ مرّات: "الصلاةَ على محمّدٍ وآله" فيُقيِّضُ اللهُ له مَلَكاً يُربِّيه ويُدِرُّ مِن إصبِعٍ له لَبَناً يَمُصُّه ومِن إصبعٍ طعاماً ليّناً يتغذّاه،
إلى أن نشأ بنو إسرائيل، وكان مَن سَلِم مِنهم ونشأ أكثرَ مِمّن قُتِل،
وقولِهِ:{ويستحيونَ نساءكم} أي يُبقونَهنَّ ويتّخذونهُنّ إماءً -أي جواري- فضجُّوا إلى موسى وقالوا له: يفترعونَ بناتِنا وأخواتِنا - أي يغتصبونهنَّ!-
فأمر اللهُ تلك البناتِ كُلّما رابهُنَّ ريب مِن ذلك صلّينَ على محمّدٍ وآله الطيّبين،
فكان اللهُ يردُّ عنهنَّ أولئك الرجالَ إمّا بشغلٍ أو مرضٍ أو زمانةٍ -أي تعويقٍ وعاهة- أو لُطفٍ مِن ألطافه،
فلم يُفترَش مِنهنَّ امرأة، بل دفع اللهُ عزّ وجلّ ذلك عنهُنَّ بصلاتِهنَّ على محمّدٍ وآلِه الطيّبين،
ثمّ قال اللهُ عزّ وجلّ: {وفي ذلكم} أي في ذلك الإنجاء الذي أنجاكم منهم ربُّكم {بلاءٌ} نعمةٌ {مِن ربّكم عظيم} نعمة كبيرة -كما يُقال في كلامِ العرب: إنّ بلاءَ فلانٍ عليَّ عظيم: أي إحسانُهُ عليّ عظيم،
قال اللهُ عزّ وجلّ:
يا بني إسرائيل اذكروا إذ كان البلاءُ يُصرَفُ عن أسلافِكم ويَخُفُّ بالصلاةِ على محمّدٍ وآلهِ الطيّبين،
أفما تعلمون أنّكم إذا شاهدتموه وآمنتم به كانت النعمةُ عليكم أعظمُ وأفضلُ، وفضلُ اللهِ عليكم أكثرُ وأجزل؟!)
[تفسير الإمام العسكري]
〰️〰️〰️〰️〰️
ومضات
رد مع اقتباس
