معرض "حياة الترحال من منظور جديد" بمتحف قطر الوطني يستكشف حياة الرعاة الرحّل في منغوليا وقطر والصحراء الوسطى
يستضيف متحف قطر الوطني معرضا بعنوان "حياة الترحال من منظور جديد" افتتحته رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني مساء أول أمس الأربعاء ويستمر حتى 14 يناير/كانون الثاني المقبل.
المعرض يسلط الضوء على جمال وتعقيدات الحياة الاجتماعية للرعاة الرحّل وشبه الرحّل الذين ينتقلون بحثا عن الماء والمراعي، ويستكشف تفاصيل هذه الحياة في 3 مناطق رئيسية، وهي الصحراء الوسطى وقطر ومنغوليا، وما تتضمنه تلك الحياة من مظاهر متعددة.
المعرض يضم أكثر من 400 قطعة فنية تشمل لوحات وصورا تاريخية
ويضم المعرض أكثر من 400 قطعة فنية تشمل لوحات وصورا ولقطات تاريخية وأرشيفية، بالإضافة إلى التصوير الفوتوغرافي المعاصر، ويستكشف كيف أنشأت مجموعات الرحّل حياة اجتماعية غنية ذات مغزى وحافظت عليها وشكلت أنماطا ثقافية عميقة وجميلة في بيئات مليئة بالتحديات.
وقالت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه "إن المعرض نافذة تطل على ماضينا لنستقي الحكمة من أجدادنا، بغية استشراف مستقبل أكثر إشراقا، فنحن فخورون بثقافتنا البدوية للرحّل، وها قد جاءتكم الفرصة لتعيشوها معنا".
رفع مستوى الوعي بالتاريخ
بدورها، أوضحت الشيخة آمنة بنت عبد العزيز آل ثاني نائبة الرئيس التنفيذي بالوكالة للمتاحف والمقتنيات وحماية التراث ومديرة متحف قطر الوطني أن المتحف منذ افتتاحه عام 2019 دأب على أن يكون منصة ثقافية ترفع مستوى الوعي بالتاريخ والبيئات التي عاش فيها الرحّل، وكذلك الجوانب المعاصرة لحياة الرحّل البدوية.
وأضافت "نتطلع إلى استقبال المجتمع بأسره في المعرض الرئيسي لكأس العالم قطر 2022 لخوض تجربة مفعمة بالثقافة".
البدو الرحّل في صحراء منغوليا كان لهم نصيب وافر في محتويات المعرض
ويضم المعرض مجموعة من القصص التاريخية المركبة وثقافات الرعاة الرحّل وشبه الرحّل، وتشمل المواضيع التي تناولها المعرض التصورات والتمثيلات الخاطئة وفضاءات العيش والمساكن، كما يتناول علاقة الرعاة بالحيوانات وبالبيئة.
الصورة النمطية في الإعلام والأدب
كما يبرز المعرض دور وسائل الإعلام والفنون والأدب والبيئة الأكاديمية في استمرار الصورة النمطية حول المجتمعات البدوية، فضلا عن تسليط الضوء على الأماكن والمساكن التي كان يعيش فيها الرعاة، والتي تتطلب معرفة مسبقة بتقنيات البناء.
علاقة الرعاة بحيواناتهم كانت حاضرة أيضا في المعرض، فعلى الرغم من أن العديد من الحيوانات توفر التغذية الأساسية لهذه المجموعات البشرية المتنقلة فإن وظيفتها لا تقتصر على ذلك فقط، فالأغنام والماعز على سبيل المثال توفر الجلود والصوف وغيرهما.
كما تحظى الإبل بقيمة عالية، لارتباطها الوثيق بالمكانة الاجتماعية، وكذلك لاستخدامها في النقل، وفي بعض الثقافات تعتبر الخيول ذات أهمية خاصة في التنقل والرعي، أما الصقور فتستخدم للصيد.
المعرض يوضح أوجه الاختلاف في طرق تعامل الإنسان مع البيئة وكيف استفاد منها لكسب معيشته
مفهوم واسع للتنقل والترحال
من جهته، أكد مدير إدارة الآثار في متاحف قطر فيصل عبد الله النعيمي أن المعرض يتزامن مع بطولة كأس العالم لكرة القدم (قطر 2022)، ومن ثم فهو فرصة لتعريف الزائرين على جزء من ثقافتنا عن حياة التنقل والترحال.
وأوضح النعيمي أن مفهوم التنقل والترحال واسع جدا، فالإنسان الذي عاش في فترة ما قبل ظهور النفط استطاع التكيف مع البيئة المحيطة به وسخرها لأغراضه، كما اكتسب معرفة في النبات والبيئة والفلك والنجوم والأمطار، واستطاع أيضا استخدام الأشياء البسيطة التي ضمنت له الاستمرارية والبقاء.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن المعروضات تركز على التطرق لمناحي الحياة القديمة التي عاشها الإنسان في البيئات الثلاث التي يجسدها المعرض، ومنها بيوت الشعر التي تم غزلها من الصوف، وكذلك أمتعة الإنسان القديمة وطرق نقلها.
وقال النعيمي "ما زلنا نجد رغم تطور وحداثة أهل قطر واتخاذهم أماكن جديدة لسكناهم أنهم ينصبون بيوت الشعر قرب بيوتهم الحديثة تعبيرا عن حبهم لثقافتهم وتاريخهم".
فيصل النعيمي: المعرض فرصة لتعريف الزائرين على جزء من ثقافتنا عن حياة التنقل والترحال
ورأى النعيمي أن الإنسان القديم كان يتنقل في مواسم معينة، وقد استمر هذا الأمر، خاصة في القارات المتشابهة، وأن يتبع الرحّل أحوال العيش المتغيرة والأمطار.
وأكد أن ما يجمع هؤلاء الرحّل هو الأشياء المشتركة مثل النباتات والبيئة ومصادر المياه.
وأشار إلى أن لحياة السفر والترحال قيمة كبيرة عند القطريين، وأن هناك من الشعر التراثي ما يجسد ذلك، مثل القصائد التي تمتدح المطر والبرق ونجم سهيل، ذلك النجم المشهور في السفر والترحال، والذي كان يتم الاعتماد عليه في احتساب المواسم وممارسة الحرف المختلفة.
بدورها، قالت القيّمة الفنية في متحف قطر الوطني تانيا الماجد إن المعرض يسلط الضوء على ممارسات وخبرات بدو الإموهار من الصحراء الوسطى، والرعاة الرحّل من منغوليا، وأهل البر في قطر الذين عملوا في رعاية الحيوانات خلال الشتاء قبل اكتشاف البترول.
وأشارت إلى أن المعرض يوضح أوجه الاختلاف في طرق تعامل الإنسان مع البيئة وكيف استفاد منها لكسب معيشته دون أن يضر بالبيئة، وهو جانب مهم يود المعرض إلقاء الضوء عليه.
المعرض يتناول جمال وتعقيدات الحياة الاجتماعية للرعاة الرحّل الذين يتنقلون بحثا عن الماء والمراعي
الترحال وبساطة العيش
وأضافت الماجد في تصريح للجزيرة نت أن تنظيم المعرض خلال مونديال قطر 2022 لكرة القدم سيكون له مردود إيجابي في نشر ثقافة الترحال والتنقل بين قطاع كبير من الجمهور وتعريفه بتاريخ وتراث هذه المجتمعات الثلاثة، موضحة أن إلقاء الضوء على 3 ثقافات مختلفة سوف يسهم في جذب أكبر عدد من الجمهور متعدد الثقافات الذي قد يجد في المعرض معارف جديدة.
وأشارت إلى أن القطريين عُرفوا قبل اكتشاف النفط بحبهم الترحال والتنقل بحسب المواسم بحثا عن المعيشة، ففي فصل الصيف كان موسم الغوص لاستخراج اللؤلؤ، وفي فصل الشتاء كان الانتقال إلى البر لكسب معيشتهم من خلال البحث عن مصادر المياه والنباتات.
واعتبرت أنه مع ظهور البترول تغيرت هذه الوجهات وحدث تطور اقتصادي وعمراني، ومن هذا المنطلق يأتي هدف المعرض وهو تناول هذه الفترات الزمنية ومدى بساطة المعيشة وقتذاك.
الماجد: عُرف القطريون قبل اكتشاف النفط بحبهم للترحال والتنقل
وحول نقاط التشابه بين المناطق الثلاث موضوع المعرض، قالت إن التنقل في حد ذاته هو وجه الشبه، لافتة إلى أن من أهم القطع التي تميز المعرض الخيام والمساكن القديمة، ومنها اليورت المنغولي المصنوع من النبات، والخيام المصنوعة من جلد الماعز، بالإضافة إلى بيت الشعر المصنوع من الصوف المنسوج من شعر الماعز والإبل.