إلى الطفلة السورية الّتي عندما سئلوها ماهي أمنيتك في العام الجديد ؟
فقالت بعينين بريئتين : خيمة جديدة .!
أُهدي إليها هذا الكلام ..
.
.
إنَّ العروبة لم تَعُد سوى حديث من الزمنِ الماضي .! لقد أصبحَت مجرّد طُرفة نادرة للسمّار من أطفالنا في الزمن القريب يالَنا من أمّةٍ ضحكَت من جهلها الأُمَم ..! هذي هي مقدّمة الكلام والكلام كلّهُ مقدّمة .!
.
.
إنَّكَ لو تجلِسُ في مقهى لتجِدُ مضامنُ الأحاديث كالآتي : لقد فتحنا البلاد من مشارقِ الأرض إلى مغاربها
ثمّ تسمع من الجانب الآخر رجلٌ يقول :
-هل سمعتُم عن وفاء السموأل؟ وكيف إفتدى إبنه دون أن يعطي الأمانة الّتي اؤتِمَن عليها؟
فيردّ عليه رجلٌ آخر :
-لابُد أنَّ الجمع يا أبا عواد قد سمعوا أيضاً عن معركة ذي قار وكيفَ إتَّحَدَت قبائل العرب ضدّ الغزو الفارسي فهزمتهم شرَّ هزيمة؟
فيعلّق أحدهم وهو يلعب بشاربيهِ الضخمتَين :
-بما أنَّ الشيء بالشيء يُذكر لقد إتّحَدَ العرب أيضاً قبل هذهِ المعركة ضدّ الفرس عندما أراد الملك الساساني أن يتّخذ ليلى العفيفة زوجةً له فهزموهم وإسترجعوا ليلى من بلاد فارس بعد أسرها يا لهُ من زمن .!
وفي لحظةٍ لم تكن في الحسبان قال شابٌّ يجلِسُ في آخر ركنٍ من المقهى
-اللعنة على أنظمتنا الفاسدة ، لقد كنّا أناساً تهابَهم الأباطرة حتّى وُكّلت مقاليد الحكم بيدِ الحمقى والجبناء !
فسكتَ الجميع وسادَ صمتٌ غريب في المقهى وإلتفتَ الجمع إلى صاحب الكلمة و راحوا ينظرونَ إليهِ بأعينٍ تستحوذُ عليها الدهشةُ والحيرة .!
فقالَ لهُ صاحب الشاربينِ الّتي تغطّي نصف وجهه
-صمتاً ، دعنا نأكل الخبز و نعيش بخير!
وقال له أحدهم من جانبٍ آخر :
-مهلاً يا فتى اما تخاف من التفوّه بهذا الكلام !؟
فقال الفتى منتفضاً :
ماذا قلت؟ هل لعنتُ إماماً عادلاً؟ هل إبتعتُ النفط الَّذي يجري في الانابيب إلى بلاد الغرب ليشترون بهِ أسلحة ويقتلون اطفالنا بها؟
هل خدعتُ الجوعى بالخبز اليابس؟ والماء الكدِر؟ ماذا قلتُ سوى أن لعنتُ من يستحقّون اللّعنة ؟!
ويغادر الشاب دون أن يشرب قهوته ثمّ تسمعُ غداً أنّ الشاب قد توفّي بسبب حادث مرور!
خُلاصةُ الكلام :
لو كان النظام السبب في موته -معاذ الله- فإنّ الخطأ ببساطة خطأ الشاب لأنَّه لم ينتقي مفرداتهُ بعناية تامّة ولقد لعنَ الأنظمة والأنظمة لا تريد من ينعتها بالحُمق فهيَ ليست حمقاء إنّما هي تعالجِ الأمور بدهاء المحنَّك وحكمة المُتسامِح فالدهاء هيَ أنَّها تصالح جميع أعداءها خوفاً منهم والتسامُح هو أنَّها لا تريد إسترداد أراضيها المسلوبة لأنّها تحبُّ السلام !
الثقافة الشرجيّة :
قيلَ لسَعيد بن المسيّب : إنَّ قوماً بالعراق يكرهون الشعر فقال : نسكوا نُسكاً أعجمياً
لقد كان الشعر واللغة هَويّة العربي وثقافته أمّا الآن يتحدّث بلغة أعجمية فلا أفهمُ عليه فينعتني بالجهل والإفتقار إلى الثقافة عندها أتحدَّث معه بالعربيّة-الفصحى- محاولاً معرفة مدى ثقافته تجاه لغته فيقول مستنكراً : ماذا تقول لقد تطوّر العالم وتثقّفوا
صحيح العالم تطوّر يا سقراط ولكنّي لم أجِد قوماً تطوّروا بنسيان هويّتهم .!
فأينَ نحنُ تحديداً
هل نحنُ غرباء على خارطة عربيّة أم أنَّنا عرب نعيشُ على خريطة أجنبية؟
دعونا من هذا الكلام الآن ! فخيرهُ ما قلَّ ودَل .
نعودُ إلى الثقافة الشرجيّة الثقافة الشرجيّة لمَن لا يعرفون هذا المصطلح جيّداً هي ثقافة تدخلُ من أبواب الشرج وليس الشرق لأنّ جميع أبواب الشرق مغلقة إنّنا في هذا الشرق كأسرى في سجنٍ كبير يسمّى الوطن العربي !
محاسَبون على الحقيقة ، مذنِبون دائماً ، لذا دعنا نعترف بالحقيقة ، ففي الأصل نحنُ من عقدنا مؤتمر بازل ونحنُ من جلبنا اليهود لفلسطين ونحنُ من آويناهم عندما قاتلهم الفلسطينيون ونحنُ من أصدرنا وعد بلفور وإلّا لن تقتلنا الأنظمة بدون أسباب فلكلّ سببٍ سببٌ آخر ولكلّ علّة معلول وإنّهم ينتقمون منّا لأنّنا السبب في إحتلال الصهاينة لفلسطين..!
ودعنا نعترف بالحقيقة بمنتهى الصدق .!
فنحنُ من ذبَحنا النبيُّ يحيى ، ونحنُ من صلَبنا عيسي بن مريم ونحنُ من حاولنا تسميم النبي محمّد ونحنُ من أرسَلنا عبيدالله بن زياد لقتل الحسين ونحنُ من من أدخلنا المغول لبغداد ونحنُ من أدخلنا البريطانيين لبلاد العرب ونحنُ من اسقطنا الأندلُس!
ونحنُ من أحرَقنا اليهود في الهولوكوست ثمَّ دعوناهم إلى بلادنا خوفاً على إنقراضهم رأفةً بهِم !
وهذا هو عقابنا إذ أنّ القاتل يجازى بالقتل وإنّ حكامنا -لا عدِمناهم ابداً- لا يعفون عنِ القاتل لأنّهم لايعرفون عن العَدالة سوى القتل ، ولابُدّ أن نُمعِن النظر في حكّامنا ولا نسيء الظنّ بهِم إذ أنَّنا دائماً "نحنُ المذنِبون"!
-العيلامي-