يُعد قانون التسلل أحد القوانين الرئيسية في عالم كرة القدم، ويلعب دورا كبيرا في تحديد نتيجة المباراة، على شاكلة ضربة الجزاء.
تكمن أهمية مادة التسلل رقم 11 في قانون كرة القدم بالدرجة الأولى، بإلغاء هدف لفريق ما، بسبب وضعية غير قانونية للاعب المستفيد من الكرة، أو حتى تداخل زميله بطريقة غير مشروعة.
ولا يخلو هذا القانون من إثارة الجدل، وهي الصفة الملاصقة بكرة القدم على وجه العموم، ويمكن اعتباره من أهم الأسباب وراء القرار التاريخي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) باعتماد تقنية "فار" (VAR)، ثم إدخال نظام "التسلل شبه الآلي" اعتبارًا من كأس العالم 2022 في قطر.
حسب بعض المراجع الخاصة بكرة القدم فإن قانون التسلل وُجد في السنوات الأولى لنشأة كرة القدم بشكلها الحديث في بريطانيا، وبالتحديد في عام 1863.
وكان القانون المتعلق بالتسلل أكثر صرامة في الماضي، حيث اعتُبر اللاعب متسللاً إذا لم يكن أمامه 3 لاعبين (بمن فيهم حارس المرمى).
وتم إدخال بعض التعديلات عام 1925، ليصبح أكثر مرونة من قبل، حيث جرى تقليل اللاعبين من 3 إلى 2 لوجود حالة تسلل، أما في عام 1990 فتم اعتبار اللاعب الموجود على نفس الخط مع ثاني آخر مدافع أو مدافعين غير متسلل.
ما قانون التسلل ؟
يُعتبر اللاعب في موقف تسلل، إذا كان أقرب إلى خط مرمى منافسه من آخر مدافعين، (حارس المرمى ولاعب) أو (لاعبين دون حارس المرمى أو أكثر)، في أي مكان في النصف الخاص بالفريق المنافس، وبأي جزء من جسمه سواء كان برأسه أو قدميه باستثناء اليدين، في اللحظة الذي تُمرر الكرة من زميله.
في هذه الحالة، يرفع الحكم المساعد الموجود على الخط الجانبي للملعب رايته، في دلالة على وجود اللاعب في موقف تسلل، الأمر الذي يُوجب على حكم الساحة إطلاق صافرته، واحتساب ركلة حرة غير مباشرة تنفذ من مكان اللاعب المتسلل.
ويتم استثناء أيدى وأذرع اللاعبين من تقدير عملية التسلل، من الفريقين، كون أن هذين الجزأين لا يمكن تسجيل الأهداف فيهما، ويجب أن يكون الجزء العلوي من الذراع (الكتف) موازيا للجزء السفلي من الإبط.
وجاء في نص التفسير الذي نشره مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم "IFAB" (إيفاب): "لا يُعد الكتف جزءا من الذراع في لمسات اليد، فهو جزء من الجسد ويمكن تسجيل الأهداف بواسطته، ويجب أن يوضع ذلك في الاعتبار عند احتساب التسلل".
حالات احتساب التسلل
يرفع الحكم المساعد رايته في حال وجود لاعب في مكان هو أقرب فيه إلى خط مرمى منافسه من آخر مدافعين، وإذا تداخل اللاعب الموجود في وضعية غير قانونية، في لعبة نشطة ومنع مدافع الفريق الآخر من الوصول إلى الكرة.
ويُحتسب التسلل أيضا، حتى لو لم تكن الكرة بحوزة اللاعب المتسلل، وذلك لوجوده في مكان يحد من رؤية حارس المرمى للكرة، أو يشغله ويسهم في تشتيت تركيزه.
ويرفع الحكم المساعد راية التسلل، إذا تابع اللاعب الموجود في موقف تسلل منذ البداية الكرة المرتدة من العارضة أو القائمين، أو من حارس المرمى، أو حتى التي تصل إليه من بعد ارتطامها بالمدافع بطريقة غير متعمدة، وهذا ما يطلق عليه الاستفادة من وجوده في موقف تسلل.
التسلل المشروع
بإمكان اللاعب الاستمرار في اللعب حتى إذا كان موجودا في موقف التسلل في بعض الحالات الخاصة بموجب القانون وهي: إذا ارتدت الكرة إلى اللاعب من مدافع الفريق المنافس بشكل مباشر، أو وصلته مباشرة من ضربة مرمى أو رمية تماس أو ركلة ركنية.
وآخر هذه الحالات هو أن يكون اللاعب المستفيد من الكرة في نصف الملعب الخاص بفريقه، ولا يوجد أي لاعب من المنافسين أمامه.
الكرة تغطي التسلل
ويمكن أن تغطي الكرة التسلل بمعنى أنه إذا مرر مهاجم الكرة التي كانت أقرب لخط مرمى المنافسين من زميله الذي مررها إليه فلا توجد أي مخالفة حتى لو لم يوجد مدافعين اثنين لتغطية التسلل، وهي حالة تحدث كثيرا في المباريات وتسبب إرباكا لجماهير كرة القدم بل ولبعض المدربين واللاعبين أيضا لأنهم يعتقدون أنه في موقف تسلل.
مواقف خاصة
ونتيجة للتحايل الذي شهدته بعض المباريات من المدافعين الذين يريدون كشف التسلل، أدخل الفيفا تعديلا قبل نحو 15 عاما بأنه في حال غادر مدافع ما أرضية الملعب دون إذن من الحكم، فإنه يُعتبر وبشكل تلقائي موجودا على خط مرمى فريقه، حتى أول توقف للكرة، أما إذا تجاوزت الكرة خط منتصف الفريق المدافع، فإن اللاعب المغادر يُعتبر موجودا على حدود منطقة الجزاء.
من جهة أخرى، يسمح القانون للاعب الموجود في موقف التسلل، بالابتعاد عن مكان اللعب وعدم المشاركة فيه حتى لو كان قريبا من الكرة (طالما لم يشغل المنافسين)، كي يسمح لزميل له يتمركز في مكان شرعي أن يستفيد من الكرة.
تطور تكنولوجي في مونديال قطر 2022
أكد السويسري جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، في وقت سابق حرصه على تقديم نظام "التسلل شبه الآلي" بالنسخة الـ22 من كأس العالم التي تقام في دولة قطر.
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، وافق مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم "IFAB" على اعتماد تقنية الرجل الآلي (الروبوت)، والاستعانة به من أجل ضبط عملية التسلل خلال نصف ثانية.
وستظهر الروبوتات للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم، خلال مونديال قطر، خاصة أن التجهيزات قد اكتملت، بعد سلسلة من التجارب الناجحة، التي تم اختبارها في بطولات "فيفا" السابقة، مثل بطولتي كأس العالم للأندية 2019 و2021، وكأس العرب التي أقيمت في قطر نهاية العام الماضي.
ويستعين "الروبوت" بـ10 كاميرات تتبع 29 نقطة جسدية لكل لاعب بدقة متناهية، لتحديد ما إذا كان اللاعب متقدمًا بأي جزء من جسده خلال نصف ثانية، وهو أسرع بكثير من تقنية حكم الفيديو "فار" (VAR).
الحكم المساعد
"رجل الخط" هو المسمى القديم الذي كان يُعرف به الحكم المساعد، وكانت مهمته تقتصر على كشف التسلل والإعلان عن خروج الكرة من الملعب من عدمه، وذلك حتى بداية تسعينيات القرن الماضي.
وتوسعت صلاحيات الحكم المساعد بدءًا من مونديال الولايات المتحدة الأميركية الذي أُقيم عام 1994، حتى أصبح مشاركًا فعالا في الكثير من القرارات الحاسمة والمصيرية، وعلى رأسها احتساب ضربات الجزاء، إذا كان في وضع يسمح له بكشف الخطأ، ولم ينتبه له حكم الساحة.
لكنه ومؤخرا بعد التكنولوجيا الجديدة بدأت تتقلص صلاحياته، فمنذ مونديال روسيا 2018 تلقى الحكام المساعدون تعليمات بعدم الإشارة لوجود تسلل في حال وجود أدنى شك ممكن، وهو ما جعلهم لا يرفعون الراية حتى في بعض حالات التسلل الواضحة.
والحكمة من ذلك هو منح الفريق المهاجم الفرصة كاملة للتسجيل وفي حال انتهاء الهجمة دون هدف يستمر اللعب، أما إذا أسفرت الهجمة عن هدف أو ضربة جزاء أو ضربة حرة على المدافعين تراجع ويشار للحكم باحتساب تسلل إذا كان موجوداً.
وفي مونديال قطر 2022، سيجرد الحكام المساعدون من احتساب التسلل بشكل شبه تام في ظل وجود التسلل شبه الآلي الدقيق جدا.
aljazeera.net