لبنان وإسرائيل.. اتفاق الترسيم يبصر النور و"حزب الله" يلوذ بالصمت
تطورات متسارعة تضبط ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على إيقاع متناغم وسط صمت مطبق من حزب الله.
إيقاع يكتب شهادة ولادة الاتفاق عقب إعلان الرئاسة اللبنانية، الثلاثاء، أن الصيغة النهائية "مرضية" بالنسبة لبيروت، قبل أن يصفه الجانب الإسرائيلي لاحقا بالاتفاق "التاريخي".
لكن وسط دوي الترحيب بالحدث، غاب صوت اعتاد بتر جميع الخطوات اللبنانية نحو تسوية ملفاته العالقة، في موقف أثار الفضول والتساؤلات حول المغزى من صمت يحمل أكثر من دلالة وموقف.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد أن بلاده ولبنان توصلتا لاتفاق تاريخي لترسيم الحدود البحرية، بين البلدين.
لابيد أوضح أن مجلس الوزراء الأمني المصغر سيجتمع غدا الأربعاء، قبل اجتماع موسع تجري فيه الموافقة على اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان.
بدوره، رحب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس بإعلان الرئيس اللبناني ميشال عون، موافقة بلاده على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين.
وقال جانتس: "أرحب بإعلان رئيس لبنان قبول الاتفاق، إسرائيل معنية بلبنان كجار مستقر ومزدهر، والاتفاق الذي نتجه نحوه لائق وجيد للطرفين".
من جهته، قال مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية: "الصيغة النهائية للعرض مرضية للبنان وتلبي مطالبه وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية".
وأضاف: "نأمل أن يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في أقرب وقت ممكن".
شعارات تسقط
تعقيبا على الموضوع، يرى العميد الركن اللبناني خالد حمادة، مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، أن التزام حزب الله بالصمت بسبب الانضباط الإيراني؛ يأتي استجابة لرغبة واشنطن.
وفي حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، يقول حمادة إن "معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي كان يرفعها دائما حزب الله، سقطت بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل برعاية واشنطن"، التي تريد حاليا التهدئة على جميع الجبهات.
وأضاف أن: "هناك ظروفا ساهمت في التوصل لهذا الاتفاق وتمثلت في الحاجة الأوروبية للغاز، والإصرار الأمريكي على التوصل لاتفاق، علاوة على ضعف الدولة اللبنانية اقتصاديا وسياسيا ما جعلها تقدم تنازلات من اجل الاتفاق".
وتابع :"دخلنا مرحلة جديدة تتمثل في استخراج النفط من شرق المتوسط برعاية أمريكية، وجميع الحيثيات التي رافقت المفاوضات عكست ميزان القوى الحقيقي الحالي".
وأوضح أن "لبنان يفاوض أمريكا التي تشرف على المفاوضات، ويفاوض إسرائيل الدولة المدعومة من القوة العظمى، في حين أنه يعيش أسوأ ظروفه، وهو ما ترجمته الورقة التي أقصت لبنان عن جزء من حقوقه، وفرضت عليه الالتزام بقبول الخط 23 (كحد فاصل لترسيم الحدود بين الجانبين) ، والإيحاء بعدم الاستناد في الترسيم إلى آخر نقطة برية تفصل لبنان عن فلسطين".
صمت ملغوم
وأشار "حمادة" إلى أن الاتفاق أوضح بأن الولايات المتحدة ممسكة بملف الغاز بالمنطقة، ومصممة على تزويد أوروبا بالغاز من شرق المتوسط".
وتساءل الخبير اللبناني: "ماذا سيكون الثمن سيدفعه لبنان، إضافة إلى الثمن الاقتصادي.. هل ينتج عن الاتفاق محاولة لتطوير النفوذ السياسي لحزب الله في البلاد لقاء صفقة ما مع طهران؟، أم أن واشنطن أخذت قرارها بالانتهاء من نفوذ ذراع إيران في لبنان؟".
ومضى متسائلا: "هل سنشهد خطوات أمريكية إضافية تقصي حزب الله عن دوره العسكري".
وبالنسبة للخبير، فإن الاتفاق أصبح في ساعاته النهائية بعد أن فرض الموفد الأمريكي مسودته على الطرفين اللبناني والإسرائيلي.
وخلال تسلمه من نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بوصعب، نسخة عن المسودة النهائية لاتفاق الترسيم الذي تم التوصل إليه، أشاد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم، بجهود الوسيط الأمريكي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل أموس هوكشتين.
وأضاف أن الموقف اللبناني الموحد في هذا الملف وتشبث لبنان بحقوقه ومطالبه أفضى إلى هذه النتيجة الإيجابية، معربا عن أمله في أن تبلغ الأمور خواتيمها، ومن ثم المباشرة بالخطوات الفعلية للتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية.
وشكر ميقاتي الإدارة الأمريكية على الجهد الذي قامت به من أجل التوصل إلى الاتفاق، معتبرا أنه قاد عملية التفاوض بدقة وحرفية وصبر.