المتحف ضمّ قاعات تبرز الخزف والعاج والمشغولات المعدنية
بمخطوطات وأعمال خزفية ومعدنية وأحجار كريمة ومقتنيات تنتمي لـ3 قارات ويعود تاريخها لحقب مختلفة، افتتح في قطر متحف الفن الإسلامي في حلّته الجديدة، بعد مشروع إعادة تأهيل استمر عامًا لتحسين المرافق، وإعادة تصميم وتركيب صالات عرض مجموعته الدائمة.
المتحف الذي حضر افتتاحه الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، ورئيسة مجلس أمناء متاحف قطر الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، يقدم في حلته الجديدة 11 مسارا تفاعليا لزواره عبر صالات عرضه الـ18، مع تطوير محتوى تفسيري موسع يضع الأعمال ضمن سياقها، وتوفير موارد جديدة منوعة وملائمة للأطفال.
وتبرز معروضات المتحف، الذي يحوي أكثر من ألف قطعة فنية مقتناة ومحفوظة حديثا، تقاليد عظيمة لمهارة الصنعة الإسلامية على مر العصور، إذ تأخذ الزوار في رحلة شاملة، وتوفر لهم تجربة أكثر عمقا، يتعرفون من خلالها على التاريخ الحافل للعالم الإسلامي.
وفي جولة للجزيرة نت في أول أيام افتتاح المتحف، يظهر تبنّي الحلة الجديدة للمتحف لعملية "التعلم من خلال التجربة"، في ظل وجود قاعات مترابطة تستخدم أحدث أساليب التكنولوجيا التفاعلية في التعبير، وتتيح أنشطة مختلفة للزوار يستخدمون من خلالها حواسهم المختلفة، كالشم والسمع وحتى اللمس في بعض الحالات.
ويهدف المتحف الكائن في منطقة الكورنيش بالدوحة، من خلال الفضاءات التشاركية والتطبيقات والبرامج المعدّة، إلى إلهام مجتمعه المحلي، وتشجيع العائلات والأطفال على المشاركة والقيام بنشاطات تفاعلية.
غرفة معيشة دمشقية تبرز فن الضيافة في العالم الإسلامي
الحُلة الجديدة
تجربة الزائر للمتحف تبدأ من الطابق الأرضي بمقدمة تمهيدية عن المتحف نفسه، مع مساحة مخصصة لتروي سيرة إنشاء متحف الفن الإسلامي، حيث تم تحويل المجلس السابق إلى معرض يوفر تجربة للزوار، يتعرفون من خلالها على القصة الرائعة للمهندس "آي إم باي"، وتصميمه الباهر للمتحف الذي يمثل معلما مميزا.
وتبرز بين قاعات المتحف القاعة الأولى في الطابق الثاني التي تعد محطة تعريفية لأهم المقتنيات من العالم الإسلامي التي تعود إلى حقب زمنية مختلفة، حيث تبدأ بعرض صفحة من مصحف القرآن الأزرق، لآية من سورة البقرة، كتبت بالخط الكوفي المذهّب، وتعد من أندر المقتنيات في العالم الإسلامي.
المسار التفاعلي لهذه القاعة يبرز بعضا من أعظم القطع الأثرية في متحف الفن الإسلامي، بما في ذلك مزهرية الكافور، وقلادة فاراناسي، ومخطوطة رامايانا، وقماش فرانشيتي، مع تسليط الضوء على مجموعة واسعة من المواد المستخدمة في الفن الإسلامي، عبر نطاق جغرافي وزمني واسع.
وتوضح نائبة المدير للشؤون المتحفية بمتحف الفن الإسلامي شيخة النصر أن المتحف بحلته الجديدة يضم 11 جولة تفاعلية، لكل منها رسالة وموضوع معينان، ولكن القاعة الأولى تتحدث عن الفن الإسلامي بشكل عام وتعرض الأعمال الفنية من حقب مختلفة.
وتقول النصر -في تصريح للجزيرة نت- إن هذه القاعة خُصّت بهذا الكم من المعروضات لأن هناك عددا كبيرا من الزوار يأتون إلى المتحف وليس لديهم الكثير من الوقت لتفقّد كل القاعات، لذلك يمكنهم التعرف على جماليات العالم الإسلامي من خلال هذه القاعة فقط.
وتوضح أن المتحف يضم أكثر من ألف قطعة فنية، 70% منها تُعرض لأول مرة للجمهور، ومنها ما اقتني حديثا، ومنها ما تم ترميمه خصيصا لمشروع متحف الفن الإسلامي بحلته الجديدة، كما أن هناك قطعا اشتهر بها متحف الفن الإسلامي، مثل "درع الفارس"، وأعيد عرضها مرة ثانية.
وتلي القاعة الأولى قاعات متعددة، يستكشف الزائر من خلالها بدايات الإسلام وانتشاره، مع صالات عرض مخصصة للقرآن الكريم وتاريخه، وللمجتمع المسلم، والتعليم والتربية في إطار الثقافة الإسلامية، فضلا عن استعراض انتشار الإسلام في كل من الشرق والغرب.
كسوة الكعبة المشرفة تعود إلى عصر السلطان العثماني عبد المجيد الأول
شهادة عمرة
تخصص قاعة "أساسيات الحضارة الإسلامية" ركنا للقرآن وتاريخه، يضم مخطوطة تعود للعام الأول الهجري، وتتميز القاعة بترتيل للقرآن ووسائط تفاعلية متعددة.
وتضم قاعة "العبادات في العالم الإسلامي" مقتنيات فريدة، منها كسوة الكعبة المشرفة التي تعود إلى عام 1260 هجرية في عصر السلطان العثماني عبد المجيد الأول، وشهادة عمرة تعود لمواطن عراقي يدعى "يوسف بشهاق" دوّن فيها الأماكن التي زارها وهي الكعبة المشرفة والمسجد النبوي وقبة الصخرة في القدس والحرم الإبراهيمي (وكانت تصدر هذه الشهادة خلال الفترة من القرن الـ12 حتى الـ20)، بالإضافة إلى كسوة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم تعود للحقبة العثمانية في القرن الـ18 أعدّت بتكليف من السلطان العثماني أحمد الثالث.
ويستكشف الزائرون في قاعة "الممارسة الدينية" المخصصة للعروض الدائمة فن الضيافة في العالم الإسلامي عبر "غرفة دمشقية كاملة" مأخوذة من أحد بيوت دمشق، وترجع إلى الحقبة العثمانية في القرن الـ19، منحوت عليها أسماء الله الحسنى، واستغرق ترميم الغرفة المؤلفة من نحو 170 تحفة و280 قطعة حجرية قرابة 3 سنوات.
وستكون قاعة الأسلحة المصممة بطراز جديد ومختلف محل اهتمام الزوار، في ظل عرضها لمجموعة نادرة من السيوف والخناجر والبنادق والمسدسات مرصعة بالمرجان والأحجار الكريمة.
القرآن الأزرق في مستهل جولة الزائرين لمتحف الفني الإسلامي (الجزيرة)
قاعة الأسلحة
ومن أبرز المعروضات في هذه القاعة سيف يرجع إلى القرن الـ16 إلى زمن السلطان العثماني بيازيد، نُقش عليه بحروف مذهبة اسم السلطان والصانع، فضلا عن خنجر يعود إلى الحقبة المغولية، صُنع خصيصا للإمبراطور المغولي شاه شاهان.
وتسرد صالات المتحف المترابطة للزائرين أبرز الأحداث التاريخية التي أدت إلى إقامة الخلافة الإسلامية، وتوسعها شرقا في إيران وآسيا الوسطى، وتطور ثقافة البلاط في الأندلس، واستمرار التراث الإسلامي في إسبانيا ما بعد الإسلام.
وقال بيان لمتاحف قطر -وصلت الجزيرة نت نسخة منه- إن صالات المتحف بحلتها الجديدة تبرز للزائرين مجموعة متنوعة من المواد المستخدمة في الفن الإسلامي، بما في ذلك السجاد، والمنسوجات، والمخطوطات، والخزف، والخشب، والعاج، والمشغولات المعدنية، والحجر، والزجاج، والتي تمتد من إسبانيا وشمال أفريقيا إلى الشرق الأقصى، منذ أقدم العصور في الإسلام حتى القرن الـ20 الميلادي.
وتشمل أبرز المعروضات، وفقا للبيان، أجزاء من القرآن الحجازي العتيق، وستار الكعبة الشريفة، والقوس المغربي، ونسخة ثمينة من كتاب صور الكواكب الثابتة للصوفي، والجفنة العباسية باللونين الأزرق والأبيض، ولوحا من الجص السلجوقي، والسقف الإسباني بالطراز الفني لما بعد الإسلام.
إمبراطوريات البارود
أما الطابق الثالث فيأخذ الزوار عبر العالم الإسلامي من البحر الأبيض المتوسط غربا إلى المحيط الهندي شرقا، مع التركيز على الفنون والمجتمعات بين القرنين 11 و19، حيث تركز قاعات العرض الرئيسة على إمبراطوريات "البارود" الثلاث: العثمانيين، والصفويين، والمغول، الذين يملكون تراثا تاريخيا وفنيا ذا تأثير كبير، لا يزال يشمل هويات السكان في هذه المناطق.
وترى نائبة المدير للشؤون المتحفية بمتحف الفن الإسلامي أن الهدف من تخصيص قاعة جديدة لجنوب شرق آسيا هو "إرضاء العدد الكبير من الوافدين من الفلبين وإندونيسيا الذين يعيشون في قطر، لذلك بحثنا عن الفن الإسلامي في هذا الجزء من العالم لأهميته".
ويظهر "المسار العائلي" مكونا رئيسا في الحلة الجديدة للمتحف، يهدف إلى إشراك الزوار الصغار في المواضيع التي تتعلق بحياتهم وتجاربهم الخاصة، حيث يؤدي استخدام التقنيات الحديثة، والعروض التفاعلية، والتطبيقات المتعددة الحواس، إلى زيادة إشراك الزوار والأطفال والكبار على حد سواء في جميع أنحاء المتحف.
وسيكون للزوار من الأطفال خلال رحلتهم في المتحف فرصة تجربة الأشياء، حيث يمكنهم التعرف على طريقة عمل الإسطرلاب (آلة فلكية قديمة) واستخداماته مع مشهد تظهر فيه النجوم المختلفة في سماء قطر.