أفراد إحدى قبائل جبال النوبة جنوبي السودان يشاركون في احتفال بمناسبة اليوم العالمي للشعوب الأصلية (رويترز-أرشيف)
من لغة لا يتحدث بها سوى 20 شخصا في أقصى شمال العراق إلى اللغة المهيرية الضاربة في تاريخ اليمن، تضم خريطة المنطقة العربية العشرات من اللغات المحلية المهددة بالاندثار لاعتبارات تاريخية وسياسية واقتصادية. فمن أصل 22 دولة عربية، ثمة 13 دولة توجد فيها لغات مهددة بالانقراض، يبلغ عددها 78 لغة، أكثر من نصفها في دولة واحدة هي السودان، إذ يوجد فيه 38 لغة معرضة للخطر.
والملاحظ أن العنصر المشترك بين الكثير من اللغات المهددة بالانقراض في العالم عموما -وليس في المنطقة العربية فقط- هو أنه ليست لهذه اللغات المحلية أبجدية مكتوبة، أي أنها لغات محكية فقط.
وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إنه من أبرز عوامل اختفاء اللغات المهددة بالخطر اختفاء المجتمعات الصغيرة والمنعزلة بسبب موجة التحضر المتسارعة، وتمركز النشاط الاقتصادي في مناطق بعينها، وذوبان الكثير من الثقافات المحلية في ثقافات مهيمنة.
وفي انتظار النسخة الجديدة لأطلس لغات العالم الصادر عن منظمة اليونسكو، وعدم توفر النسخة الأخيرة منه، فقد جرى الاستناد في رصد هذه اللغات المهددة في المنطقة العربية على خريطة تفاعلية نشرها القائمون على مشروع اللغات المهددة بالانقراض (The Endangered Languages Project)، الذي قامت بتطويره وإطلاقه شركة غوغل عام 2012، وتشرف عليه حاليا مؤسسة "فيرست بيبولز كلتشر كونسل" (First Peoples Cultural Council)، ومعهد تكنولوجيا وإعلام اللغات التابع لجامعة ميشيغان الشرقية في الولايات المتحدة، وأيضا فريق من جامعة هاواي الأميركية.
السودان
تتمركز كل اللغات المهددة بالانقراض في ولايتي جنوب كردفان في الجنوب (ولا سيما جبال النوبة) وولاية النيل الأزرق الحدودية مع إثيوبيا، في أقصى الجنوب الشرقي للسودان.
وثمة 4 لغات سودانية معرضة لخطر الاختفاء الشديد، إذ يقل عدد المتحدثين بكل منها عن الألف، وهي لغات: الحجيرات (50 شخصا)، ومولو (قرابة 100)، وأكا (بضع مئات)، ولفوفو (600).
الأغلبية الساحقة من اللغات السودانية المعرضة للخطر توجد في منطقة جبال النوبة
في حين تندرج باقي اللغات السودانية المهددة في خانة الهشاشة، وهي ما دون درجة خطر الانقراض، وتشمل 34 لغة يبلغ عدد المتحدثين ببعضها نحو الألف مثل لغات دير ووارنانج، أو قد يزيد على ذلك، مثل: كمدا (3 آلاف)، وتيما (5 آلاف)، وأوتورو (10 آلاف)، ولاروا (40 ألفا).
وترجع أصول الكثير من اللغات السودانية المهددة إلى لغات أفريقية من منطقتي النيجر والكونغو.
ويقول رئيس قسم اللغات السودانية والأفريقية بجامعة الخرطوم الأمين أبو منقة محمد -للجزيرة نت- إن من أهم العوامل التي جعلت الكثير من اللغات المتداولة في السودان معرضة للخطر هي قلة عدد المتحدثين بها، وأيضا حاجة مجتمعات هذه اللغات المهددة للتواصل عبر لغة مشتركة مفهومة مع باقي المجموعات العرقية الأخرى ومع المجتمع السوداني كله، وبالتالي كان اللجوء إلى اللغة العربية.
ويضيف أبو منقة أن الطبقة الحاكمة منذ استقلال السودان كانت تتبع سياسة لغوية تركز على تثبيت دعائم العربية في مختلف المجالات، وعدم الاهتمام بحماية وتطوير اللغات المحلية، على أساس أن وحدة البلاد في التجانس اللغوي لا في التنوع اللغوي.
ويرى الأكاديمي السوداني أن خيار الوحدة في التجانس أثبت فشله في كل التجارب السودانية، مضيفا أنه من بين أسباب وقوع الحرب الأهلية على مدى 5 عقود في السودان هو إهمال السلطات للغات والثقافات المحلية.
لماذا جبال النوبة؟
وعن أسباب تركز أغلبية اللغات السودانية المهددة في منطقة جبال النوبة، يقول رئيس قسم اللغات السودانية والأفريقية في جامعة الخرطوم إن جبال النوبة تقع في قلب حزام وصفه أحد علماء اللغات في القرن الماضي بحزام السافنا للكثافة اللغوية، ويمتد من الغرب إلى الشرق، ويمر بنيجيريا وتشاد والسودان إلى المرتفعات الإثيوبية.
الأمين أبو منقة محمد: من أسباب وجود لغات سودانية معرضة للانقراض السياسة اللغوية للحكومات المتعاقبة
كما تقع جبال النوبة قرب الموطن الأصلي للغات النوبية الذي يقع في منطقة وسط بين شمال كردفان وجنوب دارفور، كما لا تبعد منطقة جبال النوبة عن الموطن الأصلي للغات البنتوية في منطقة بحيرة تشاد.
ومن المناطق الأصلية لتلك اللغات هاجرت أفواج باتجاه جبال النوبة لأنها منطقة خصبة وجبلية، وهو ما تتوفر معه أسباب العيش والحماية من الاعتداءات، كما دخلت إلى جبال النوبة في فترة لاحقة المجموعات العربية، وأيضا جاء إلى المنطقة نفسها متحدثون ببعض لغات غرب أفريقيا مثل الهوسا والفلاني وغيرهما.
الجزائر
أغلب اللغات المهددة بالانقراض في البلاد هي فروع للغة الأمازيغية، ما عدا واحدة، وهي كما يأتي:
- تحسانيت (أمازيغية في الشرق): يتحدث بها قرابة 3 آلاف شخص.
- ورغلي (أمازيغية في الشرق): 5 آلاف شخص.
- تيديكلت (أمازيغية في الجنوب): 9 آلاف شخص.
- تازناتيت (أمازيغية في الوسط): 40 ألف شخص.
- تمهاق (أمازيغية وهي لغة الطوارق بأقصى الجنوب): 62 ألف شخص.
- شنوية (أمازيغية في الشمال): 76 ألفا و300 شخص.
- تابلبالة/ كوراندجي (عربية في الغرب): 3 آلاف شخص.
اللغات المهددة في الجزائر كلها فروع من الأمازيغية ما عدا واحدة
ويقول الهاشمي عصاد الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية (مؤسسة حكومية) في الجزائر إن باحثين جزائريين أجروا استطلاعات بشأن لغات الجزائر، ومنها اللغات المهددة بالخطر، وذلك لتوفير المعطيات الخاصة بالبلاد في الإصدار المقبل لأطلس اليونسكو للغات العالم.
ويضيف المسؤول الجزائري -بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية في سبتمبر/أيلول 2022- أن "الأمازيغية تحظى بعناية جيدة وليست مهددة بالاندثار مثل بعض لغات العالم"، مشيرا إلى الجهود المبذولة في مجال التعليم والبحث والإنتاج الأدبي والعلمي والنشر والتوزيع.
سلطنة عمان
يلاحظ أن اللغات المهددة في شبه الجزيرة العربية توجد في اليمن وسلطنة عمان (جنوب)، في حين لا توجد أي لغة أخرى مهددة بالاندثار في باقي دول شبه الجزيرة العربية.
بعض اللغات المهددة في سلطنة عمان لا يتحدثها سوى بضع مئات من الناس مثل الهوبيوت
- الهوبيوت (سامية/عربية في الحدود مع اليمن): 400 شخص في السلطنة واليمن.
- الشحرية أو الجبّالي (سامية مع تأثير للغة العربية وتقع في الجنوب): 5 آلاف شخص.
- الكمزارية (مزيج من لغات عديدة ومنها الهندية والفارسية والعربية، وتقع في شبه جزيرة مسندم على الخليج العربي): 4 آلاف شخص.
- اللواتية (مزيج من الهندية والإيرانية في شمال اليمن): 30-50 ألف شخص.
- الحرسوسية (سامية من اللغات العربية الجنوبية الحديثة في وسط السلطنة): قرابة 700 شخص.
- البطحرية (سامية من اللغات العربية الحديثة تقع في الجنوب): 100 شخص.
اليمن
- المهرية (سامية مشتقة من اللغة الحميرية وتقع عند الحدود مع سلطنة عمان): 100 ألف شخص.
- السقطرية (عربية في جزيرة سقطرى): 50 ألف شخص.
- هوبيوت: سبق ذكر تفاصيلها في الجزء الخاص بسلطنة عمان.
- العبرية اليمنية (خليط بين العبرية والعربية تقع في الشمال): 51 ألف شخص.
- الرازحية (سامية من اللغات العربية الجنوبية القديمة وتقع في الشمال قرب الحدود مع السعودية): 24 ألف شخص.
- الشحرية/الجبالية: سبق ذكر تفاصيلها في الجزء الخاص بسلطنة عمان.
ثمة لغات يمنية مهددة ضاربة في القدم مثل المهرية
الصومال
- مشنغولو (الجنوب): 23 ألف شخص.
- لون/ بوني (الجنوب): 59 شخصا.
- بورميس (الجنوب): 50-250 ألف شخص.
- توني (الجنوب): 23 ألف شخص.
- غاري (الجنوب): 57 ألفا و500 شخص.
العراق
- العبرية الآرامية الجديدة (آرامية وعبرية في الشمال): ما بين ألف و10 آلاف شخص.
- لشانا دني (يهودية آرامية في الشمال): 7 آلاف و500 شخص.
- الآرامية العبرية الوسطى (آرامية في أقصى الشمال قرب الحدود مع تركيا): أقل من 20 شخصا.
- الآرامية الجديدة الشمالية الشرقية (آرامية في شمال البلاد): لا تتوفر أرقام.
المغرب
- غمارة (أمازيغية في الشمال): قرابة 10 آلاف شخص.
- صنهاجة السراير (أمازيغية في الشمال): 50 ألف شخص.
- بني يزناسن (أمازيغية في الشرق قرب الحدود مع الجزائر): لا تتوفر أرقام.
- فكيك (أمازيغية في أقصى الشرق قرب الحدود مع الجزائر): 14 ألفا و280 شخصا.
ليبيا
- سوكنة (أمازيغية في الغرب): 4 آلاف شخص.
- أوجلة (أمازيغية في الشرق): ألفا شخص.
مصر
- سيوة (أمازيغية في أقصى الغرب): 10 آلاف شخص.
- كنوزي (نوبية في الجنوب الشرقي): 50 ألف شخص.
سوريا
- الآرامية الغربية الجديدة (سامية في الجنوب الشرقي في بلدة معلولا المسيحية): 15 ألف شخص.
موريتانيا
- زناغة (أمازيغية على الساحل الغربي): أقل من 200 شخص.
تونس
- العربية اليهودية التونسية (خليط من اللغتين توجد في وسط البلاد): 352 ألفا و500 شخص.
جزر القمر
- ماور القمرية (من لغات النيجر والكونغو مع تأثير للغة السواحلية): قرابة 98 ألف شخص.