جزيئات الماء موزعة في صورة طبقة واحدة فقط من الجزيئات (شترستوك)
تمكن فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة كامبردج University of Cambridge البريطانية من الكشف عن حالات مائية جديدة عبر بناء نموذج حسابي يتمكن بدقة من توقع سلوك الماء في حالة خاصة، الأمر الذي يمكن أن يسهم في تطوير تكنولوجيا الدواء مستقبلا.
نعرف أن الماء يتكون من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين. وفي هذه الحالة، تكون جزيئات الماء موزعة في صورة طبقة واحدة فقط من الجزيئات، تخيل أنها قطعة قماش مثلا أو سجادة ممتدة، لكنها بسمك جزيء ماء واحد فقط.
حالتان للماء
بحسب دراسة جديدة نشرت بدورية "نيتشر" Nature في 14 سبتمبر/أيلول الجاري، فإن الماء في هذه الحالة النانوية يكتسب صفات مختلفة تماما عن الماء الذي نعرفه بحياتنا العادية، حيث يكون فائق التوصيل الكهربائي وتتحرك البروتونات في ذراته بطريقة عجيبة، والبروتونات جسيمات موجبة الشحنة توجد داخل أنوية الذرات.
وبشكل عام، تختلف الخصائص الفيزيائية للعديد من المواد على المقياس النانوي عن خصائصها على المستوى الطبيعي بسبب ما يسمى "تأثير المقياس" Scale effect.
وتوجد لتأثير المقياس أسباب هندسية، مثل اختلاف نسبة السطح إلى الحجم في المقياس النانوي، وأسباب فيزيائية، حيث تميل السلوكيات على المستوى الصغير جدا للتأثر بفيزياء الكم على نطاق أوسع.
وفي بيان صحفي رسمي أصدرته جامعة كامبردج جاء فيه أن هذا الفريق البحثي وجد أن الماء في هذه الحالة يمر بطورين أساسيين، الأول: السداسي hexatic phase وهي حالة لا يكون الماء فيها صلبا ولا سائلا، بل يكون شيئا بينهما، حيث ترتبط ذرات الأكسجين مع بعضها في شبكة صلبة، بينما تتدفق البروتونات مثل السائل عبر هذه الشبكة. ولغرض التقريب، تخيل أن البروتونات بهذه الحالة هي مجموعة من الأطفال الذين يهرولون عبر متاهة (شبكة ذرات الأكسجين).
أما الثاني فيسمى "الطور فائق الأيونية" superionic phase، ويحدث بشكل خاص عن وضع ضغط عال على طبقة المياه الرقيقة جدا، وفي هذه الحالة تحديدا يمتلك الماء قدرة عالية على التوصيل الكهربائي.
فهم الطورين الجديدين للماء يمكن أن يسهم في بناء تقنيات غاية في الأهمية (شترستوك)
فوائد جمة
يشير الباحثون في دراستهم إلى أن فهم هذين الطورين الجديدين للماء يمكن أن يساهم في بناء تقنيات غاية في الأهمية، حيث يعتمد تطوير بعض أنواع العقاقير الطبية على الكيفية التي يتفاعل بها الماء المحبوس في تجاويف صغيرة بأجسامنا أو داخل الأغشية مع الدواء، هذا الماء عادة ما يكون في صورة طبقات كالتي جرت عليها الدراسة.
كما يساعد فهم طبيعة الماء بهذه الحالة على تطوير أنواع خاصة جدا من الإلكتروليتات، وهي المركبات الكيميائية التي تعمل كوسيط لنقل الكهرباء داخل البطاريات، ويتوقع أن تساعد المياه في هذه الحالات على رفع قدرة البطاريات على التوصيل الكهربائي بقيمة أعلى بمقدار 100 إلى ألف مرة مقارنة بالبطاريات الحالية.