يعد تلسكوب جيمس ويب الفضائي المرصد الأول لعلوم الفضاء في العالم، حيث من المنتظر أن يحل ويب ألغاز نظامنا الشمسي، وينظر إلى ما وراء ذلك إلى عوالم بعيدة حول النجوم الأخرى ويسبر أصول الكون ومكاننا فيه.
المبهر في الصور الجديدة لجيمس ويب هو وضوح رؤية حلقات كوكب نبتون (موقع جيمس ويب)
مرة أخرى وبالتأكيد ليست الأخيرة، يذهلنا تلسكوب جيمس ويب التابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا NASA بصور جديدة وشديدة الدقة لكوكب نبتون -الكوكب الأبعد عن الشمس في نظامنا الشمسي- والحلقات المحيطة به التي لم نرها منذ أن مر مسبار فوياجير 2 إلى جانبه منذ 30 عاما.
يذكر البيان الصحفي المنشور على موقع "تلسكوب ويب" على الإنترنت أن المبهر في الصور الجديدة لجيمس ويب هو وضوح رؤية حلقات كوكب نبتون، بالإضافة لظهور حلقات ساطعة وضيقة، وحزم خافتة من الغبار، حيث تقول هايدي هاميل الخبيرة في نظام نبتون وعالمة متعددة التخصصات لموقع تليسكوب ويب "لقد مرت 3 عقود منذ أن رأينا آخر مرة تلك الحزم الباهتة والمغبرة، وهذه هي المرة الأولى التي نراها في نطاق الأشعة تحت الحمراء".
ويذكر البيان أيضا أن جودة صورة ويب شديدة الثبات والدقة تسمح باكتشاف هذه الحلقات الخافتة جدا قرب نبتون، ذلك الكوكب الذي أذهل الباحثين منذ اكتشافه عام 1846، فهو يقع على بعد يعادل 30 ضعفا للمسافة بين الشمس والأرض، ويدور في المنطقة المظلمة البعيدة من النظام الشمسي الخارجي، حيث تكون الشمس صغيرة جدا وخافتة لدرجة أن وقت الظهيرة على نبتون يشبه وقت الشفق الخافت على الأرض.
المظهر الأزرق المميز لنبتون في صور تلسكوب هابل المأخوذة بأطوال موجية مرئية، ناتجة عن غاز الميثان (شترستوك)
الكوكب الأزرق
يتميز نبتون بأنه عملاق جليدي بسبب التركيب الكيميائي الداخلي له، فبالمقارنة مع عمالقة الغاز (كوكب المشتري وزحل)، فإن نبتون أغنى بكثير من العناصر الأثقل من الهيدروجين والهيليوم، ويتضح هذا بسهولة في المظهر الأزرق المميز لنبتون في صور تلسكوب هابل الفضائي المأخوذة بأطوال موجية مرئية، ناتجة عن كميات صغيرة من غاز الميثان.
تصور كاميرا ويب التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRCam) الأجسام في نطاق الأشعة تحت الحمراء القريبة من 0.6 إلى 5 ميكرون، لذلك لا يظهر نبتون باللون الأزرق، إذ يمتص غاز الميثان الضوء الأحمر والأشعة تحت الحمراء بقوة بحيث يكون الكوكب مظلما تماما عند هذه الأطوال الموجية القريبة من الأشعة تحت الحمراء، باستثناء الأماكن التي توجد فيها السحب على ارتفاعات عالية، وتظهر غيوم الميثان الجليدية مثل الخطوط والبقع المضيئة التي تعكس ضوء الشمس قبل أن يمتصها غاز الميثان.
يعني مدار نبتون الذي يبلغ 164 عاما أن القطب الشمالي (في الجزء العلوي من هذه الصورة) بعيد عن رؤية علماء الفلك، لكن صور ويب تشير إلى سطوع مثير للاهتمام في تلك المنطقة، حيث تظهر الدوامة المعروفة سابقا في القطب الجنوبي من وجهة نظر ويب، ولكن للمرة الأولى كشف ويب عن مجموعة مستمرة من السحب في خطوط العرض العالية المحيطة بها.
رصد تلسكوب جيمس ويب 7 من أقمار نبتون الـ14 المعروفة (موقع جيمس ويب)
أقمار نبتون
رصد ويب أيضا 7 من أقمار نبتون الـ14 المعروفة، وتظهر بوضوح في صور ويب نقطة مضيئة جدا تتميز بارتفاعات الحيود المميزة التي شوهدت في العديد من صور ويب، لكن هذا ليس نجما؛ إنه قمر نبتون الكبير وغير العادي "تريتون" المغطى بلمعان متجمد من النيتروجين المكثف، الذي يعكس في المتوسط 70% من ضوء الشمس الذي يضربه.
يتفوق تريتون كثيرا على نبتون في هذه الصورة لأن الغلاف الجوي للكوكب يصبح داكنا بامتصاص الميثان عند أطوال موجات الأشعة تحت الحمراء القريبة، ويدور تريتون حول نبتون في مدار غير عادي للخلف، مما دفع علماء الفلك إلى التكهن بأن هذا القمر كان في الأصل جسما في حزام كايبر تم التقاطه بواسطة جاذبية نبتون، ومن المقرر إجراء دراسات إضافية بمساعدة ويب لكل من نبتون وتريتون في العام المقبل.
ويعد تلسكوب جيمس ويب الفضائي المرصد الأول لعلوم الفضاء في العالم، حيث من المنتظر أن يحل ويب ألغاز نظامنا الشمسي، وينظر إلى ما وراء ذلك إلى عوالم بعيدة حول النجوم الأخرى ويسبر أصول الكون ومكاننا فيه.