لانا، طفلة في الثالثة عشر من عمرها، فتاة ذكية ذات حسٍ عال ومُرهف، ومهارات اجتماعية فذّة قدّر عليها أن تُكبت، وثقة جميلة بالنفس أخذت في التلاشي حتى بهُتت...كلّ هذا بسبب بيت الأسرية المرهَق الذي عاشت فيه لانا حيث تصحرت المودة وأخذت الفجوات تزداد عددًا بين أفراد المنزل ويرتفع صوت الجدل ويُخنق صوت الضحكات.. انتقلت لانا للعيش مع والدها بعد انفصاله عن والدتها وبدورها احتلّت مقعدًا دراسيًا جديدًا في مدرستها الجديدة في صفها الجديد. وبطبيعة حال الحياة الجديدة التي أُقحمت فيها بطلتنا الصغيرة من دون أي اعتبار لما قد تقاسيه، لم يكن أمام لانا أيّ حيز لصداقات جديدة أو حتى للزمالة، فأخذت تنعكف بعد يومها الدراسي على هاتفها المحمول لتغوص فيما قد ينسيها واقعها الجديد ويشغل شاغر الوحدة فيه.
وفي يوم ما، تلاحظ لانا اهتمام أحدهم بها في الأرجاء.. صبي يغدق عليها الإعجابات على صفحتها في إحدى منصّات التواصل الاجتماعي، إنه يراها ويلاحظها.. وهي بدورها بادلته بعضًا من اهتمامها، وأخذ الاهتمام في التبادل على مدار أسابيع حتى أضحى صداقة وثيقة لينتهي بعلاقة عاطفية إلكترونية
أخيرًا وجدت طفلتنا لانا من بمقدورها أن ترمي إليه ببعض ما يثقلها، حتى وإن لم تقابله يومًا فإنه أفضل شخص حاضر بوسعها أن تسُرّ إليه ما كان يجوب في بيتها وكيف أن انفصال أبيها عن أمها كان مشهدًا دراميًا لن تنساه، وكيف أن حياتها الجديدة لا تتسع لها لكي تنمو أو تنتمي. نامت لانا يومها وهي أخفّ من أي وقتٍ مضى، نامت وهي مطمئنة لحقيقة أنها ليست وحيدة بعد الآن، لتذهب في صباح اليوم التالي إلى مدرستها متجهة إلى صفها الذي لم يكن أقل غربة مما بدا عليه من قبل... الجميع يحدقّ بها، تلونت النظرات بين شفقة مريرة واستهزاء وسخرية واستنقاص؛ لتستوعب لانا وأخيرًا أن صديقها الإلكتروني لم يكن سوى إحدى زميلات صفها التي أخذت من فضولها عن الفتاة الانطوائية الجديدة عذرًا كي تقتحم عزلتها ووسيلة للترفيه والتسلية بين أصدقاء مجموعتها.
يا لها من طريقة ثقيلة يلعب بها المتنمر دور البطولة ويقتات على ضحية تقبع في الكفة الأضعف والأكثر تكشفًا