سوف تستمر الكاميرا "دراغون" على متن المسبار بالتقاط صورة للكويكب كل 5 ساعات على مدار الأيام المتبقية قبل موعد الاصطدام، وذلك كي تحدد المسار الأدق من أجل أن تصطدم بالكويكب القمر في المكان المحدد الذي سيؤثر على مداره
مسبار "دارت" يسعى لحرف أحد الكويكبات التي تهدد الأرض عن مساره (ناسا)
منذ بدء رحلته التي انطلق فيها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 يتجه مسبار "اختبار تغيير مسار الكويكب الثنائي- دارت" (DART) نحو القمر "ديمورفوس" ذي القطر 163 مترا والذي يدور حول الكويكب "ديدايموس" ذي القطر 780 مترا.
واستطاع مسبار "دارت" أن يلتقط صورة لكويكب "ديدايموس" لأول مرة في يوليو/تموز الماضي من على بعد 32 مليون كيلومتر، وها هو يقترب منه يوما بعد يوم.
وسوف تستمر الكاميرا "دراغون" الموجودة على متن المسبار بالتقاط صورة للكويكب كل 5 ساعات على مدار الأيام المتبقية قبل موعد الاصطدام، وذلك كي تحدد المسار الأدق من أجل أن تصطدم بالكويكب القمر في المكان المحدد الذي سيؤثر على مداره، حيث سيبلغ الكويكب أدنى مسافة له من الأرض في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول القادم عند مسافة 10.66 ملايين كيلومتر.
صورة الكويكب "ديدايموس" الملتقطة لأول مرة بواسطة كاميرات مسبار "دارت" (ناسا)
قانون الجاذبية العام يحرف مسار الكويكب
المهمة المنوطة بهذا المسبار هي الاصطدام بالقمر "ديمورفوس" لعله يحرفه ولو بقدر يسير عن مداره حول كويكبه الأب "ديدايموس"، فإن فعل فإن مدار الكويكب سيتغير تبعا لذلك، وهذا يعني أن مسار الكويكب المهدد للأرض سيتغير، وبهذا سيتمكن العلماء من تحييد الكثير من تلك الكويكبات المقتربة في مدارها مع الأرض والتي تشكل خطرا عليها.
وتقوم الفكرة من كل هذه المهمة على مبدأ قانون نيوتن العام للجاذبية الذي ينص على أن "كل جسمين يجذبان بعضهما بقوة تتناسب طرديا مع كتلتهما وعكسيا مع مربع المسافة بينهما"، فتغيير مسافة الكويكب القمر عن الكويكب الأب ولو كان قليلا بسبب الاصطدام سيؤدي إلى تغيير مركز الكتلة بينهما، ومعه سينحرف اتجاه مسار الكويكب الأصلي.
المناطق التي يحتمل أن تكون قادرة على تصوير الاصطدام إن كانت السماء صافية ومعتمة (ناسا)
تصوير الاصطدام فرصة لا تعوض
يذكر أن موعد الاصطدام سيكون يوم الاثنين 26 سبتمبر/أيلول الجاري عند الساعة 23:14 بالتوقيت العالمي فجر الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول الجاري الساعة 02:14 بتوقيت مكة المكرمة.
ويترقب هواة التصوير الفلكي الحدث بفارغ الصبر، إذ من المحتمل أن يتمكنوا من تصوير الومضة التي سيخلفها الاصطدام في تلك اللحظة، وهو تحد ينتظر المصورين الذين سيبحثون عن سماء صافية نقية ليحصلوا على تلك اللقطة التي ستكون نتاج تركيب عدد كبير من الصور المتتالية والمعالجة رقميا والتي سيتم التقاطها من وراء عدسات التلسكوبات التي لا يقل قطر مراياها عن 20 سنتيمترا.
خريطة موضع التصادم في كوكبة النهر (ناسا)
أين يُرى الحدث؟
سيكون موقع الاصطدام في كوكبة النهر أسفل الجوزاء (الجبار) في النصف الجنوبي من السماء، مما يصعب عملية تصويره لسكان خطوط العرض الشمالية.
أما الدول الواقعة أسفل خط 25 عرض شمالا فستكون قادرة -في حال صفاء السماء وتوافر الإمكانات- أن ترصد هذا الحدث، وسوف تحظى بعض الدول العربية بهذه الفرصة، حيث سيعمل مصورو الفلك على التقاط صورة للاصطدام الذي سيلمع لفترة وجيزة بعد وصول الضوء إلى الأرض من خلال تقنية التصوير الفلكي المحترف، وسيتم التقاط عشرات وربما مئات الصور التي سوف تدمج معا لإخراج صورة واحدة نهائية خالية من التلوث الضوئي ومن جميع التأثيرات السلبية للكاميرا من جهة وللغلاف الجوي الأرضي من جهة أخرى.
ولأن سرعة الضوء محدودة -رغم أنها السرعة القصوى في الكون (300 ألف كيلومتر في الثانية)- فإن شعاع الضوء الناتج عن الاصطدام سوف يستغرق 45 ثانية بعد لحظة الاصطدام كي يصل الأرض، فالمسافة الفاصلة بين الأرض وبين الكويكب تعادل 15 مليون كيلومتر أو 0.1 وحدة فلكية (المسافة بين الأرض والشمس).
ولمتابعة أحداث هذا الاصطدام توفر وكالة ناسا قناة للبث المباشر عبر تلسكوبات أرضية ستقوم برصد هذا الاصطدام وتصويره للجمهور على القناة.
وفي قطر وبعض البلدان العربية سيقوم هواة التصوير فجر يوم 27 سبتمبر/أيلول الجاري بالتقاط صور للحدث من خلال كاميرات احترافية مركبة على عدسات مجموعة تلسكوبات محوسبة تتابع حركة النجوم.
زخة شهب جديدة
وحيث إن هذا التصادم سيحدث قريبا من مدار الأرض حول الشمس فمن المحتمل أن ينتشر غباره في الفضاء ليتقاطع مستقبلا مع الأرض أثناء دورانها حول الشمس، مما يولد زخة شهب جديدة تشاهد خيوطها الضوئية لامعة في سماء الأرض في نفس اليوم من كل سنة.
ولأنها ستكون زخة جديدة فمن المحتمل أن تكون شهبها لامعة ومميزة، ومن المبكر إطلاق اسم عليها، فذلك مرتبط بخلفية النجوم التي سترى أنها تدخل إلينا منها.