أن تقول للعراقيين أنكم تحت المُراقبة والتنصّتْ، بالتأكيد ستجد من يستهزئ بهذا القول ويقول لك:"وماذا في ذلك؟ إنه شيءٌ عادي!" نعم..وماذا في ذلك ببلد إنتُهِكتْ سيادته وخصوصيته منذ أن وَطأت قَدم أول جُندي مُحتّل شوارع بغداد، فهل هي المُفاجأة في أن يكتشف العراقيين أن هناك من يتنصّتْ عليهم وهم يعلمون أن ساحتهم مَرتعاً خصباً يتبارى فيها كافة لاعبي مُخابرات دول العالم
ربما تكون الذاكرة العراقية المُثقَلة بالكمّ الهائل من الأحداث التي تجري يومياً في هذا البلد لم تَعد تستوعب أو توثّق ماكشفته وسائل إعلام غربية عن تعرّض هاتف الرئيس العراقي برهم صالح للمُراقبة والتجسّس ضمن قائمة كانت تضم أكثر من (50) ألف رقم أُختيرت بِعناية من أجل إستهداف أصحابها للتنصّتْ والمُراقبة ضمن برنامج (بيغاسوس) حيث كان صالح ضمن ثلاثة رؤوساء وعشر رؤوساء للوزراء وِضعتْ هواتفهم على لائحة المراقبة المُحتملة.
ونظام (بيغاسوس) للتجسّس الذي أسسته شركة إسرائيلية عام 2011 في شمال تل أبيب يُتيح بموجبه هذا البرنامج التجسّسي إختراق الهاتف المحمول للوصول إلى الرسائل والصور وجهات الإتصال وحتى الإستماع إلى المُكالمات وصولاً إلى البريد الألكتروني وكأنها ألغام وِضِعتْ في أجهزة الهواتف الخلويّة لأهداف مُختارة بِدقة تُحددها أولويات العمل الإستخباري التجسّسي لكل من يُريدون إستدراجه إلى شِباكهم للإنقضاض عليه أو مُحاولات إبتزازه، فيكفي بِضغطة زِر أن ترى حجم الدمار والفوضى التي تُحدِثُها هذه التقنيّة الشريرة ليكون أي هدف أو بلد بأمنه الوطني وأسراره العسكرية ومُستنداته السريّة مكشوفة ومفضوحة وقابلة للإنفجار كقنبلة موقوتة
توصيف لبرنامج (بيغاسوس) هو كأنك وضعت هاتفك بين يَديّ شخصٍ آخر، تُرى ماذا يحدث لهذا الكم الهائل من المحظورات أو الخصوصية السياسية والأمنية عندما تقع بين أيدي الغير؟، وهذا فعلاً ماحَدث ويحدث للساسة العراقيين عندما أُستبيحتْ كُل أسرار البلد وأمنه في خِضمّ تصارعهم المحموم على السُلطة ومغانمها وتناسيهم شروط الأمن والأمان.
لايُريد الكثير أن يعترف بل حتى يتجاهل أضرار فتح بوابات وأسرار البلد في جميع مجالاته أمام الآخرين لأن إعترافهم يعني فشلهم وبأنهم غير قادرين على حماية أسرارهم الشخصية فكيف بأسرار البلد؟.