متى تجرى عملية كي الشريان الكلوي لعلاج ارتفاع ضغط الدم؟
أ. صادق - الرياض - هذا ملخص رسالتك التي تضمنت أسئلة كثيرة عن هذه الوسيلة العلاجية الحديثة لعلاج ارتفاع ضغط الدم. وبداية، لاحظ معي أن ثمة هرمونات تفرزها الغدة فوق الكلوية، أي الغدة الكظرية، تعمل على التحكم في عملية حفاظ الشرايين على معدلات طبيعية لضغط الدم. والمطلوب أن يكون في الشرايين قدر معتدل لضغط الدم كي نضمن أمرين؛ عدم التسبب بالضرر لأعضاء الجسم التي يصل إليها الدم متدفقا عبر الشرايين، أي أن لا يكون ضغط الدم مرتفعا بدرجة تتسبب في تلف أنسجة الأعضاء كالكلى والدماغ وغيرهما، وأن لا يكون الضغط منخفضا بمقدار يقلل من فرصة تزويد أعضاء الجسم بالكمية اللازمة من الدم لتزويدها بالعناصر الغذائية اللازمة لحياتها ولأدائها عملها على أكمل وجه ممكن.
والأعصاب التي تمر من خلال الشريان الكلوي تسهم في تنظيم نشاط الكلى وتنظيم نشاط الغدد المذكورة التي تقع ملتصقة على السطح العلوي للكلى.
ولاحظ معي أمرا مهما يجب التذكير به، وهو أن سبب غالبية حالات عدم انتظام الحفاظ على ضغط دم طبيعي لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم، هو عدم انتظام المريض في تناول الأدوية التي يصفها الطبيب له، أو عدم انتظامه في المتابعة لدى الطبيب، أو عدم وصف الطبيب الجرعات المناسبة لكي تجعل ضغط الدم ضمن المعدلات الطبيعية. ومن النادر حصول حالة مستعصية لضبط ارتفاع ضغط الدم على الرغم من المتابعة الطبية السليمة وتجاوب المريض في اتباع إرشادات الطبيب. وهناك حالات يكون فيها سبب عدم الاستجابة هو وجود اضطرابات أخرى في الجسم، مثل أورام الغدة الكظرية أو اضطرابات الغدة الدرقية أو تناول المريض أدوية أخرى تتسبب في ارتفاع ضغط الدم.
وعليه، فإن عملية كي الأعصاب في الشريان الكلوي هي إحدى الوسائل الحديثة لمعالجة الحالات المستعصية لضبط ارتفاع ضغط الدم، أي الحالات التي لا تستجيب للأدوية على الرغم من وصفها وتناولها من قبل المريض، التي لا أسباب أخرى لها كما تقدم.
والواقع اليوم، أن هذه الوسيلة بدأت تأخذ القبول من الأوساط الطبية العالمية، ولكن ضمن ضوابط متعددة؛ أي ليس لكل مصاب بارتفاع ضغط الدم. ولذا هي ليست وسيلة بديلة للأدوية؛ بل وسيلة خاصة ومحددة لحالات خاصة من ارتفاع ضغط الدم. وفي الولايات المتحدة وأوروبا ثمة ضوابط لإجرائها، كما أن ثمة تحفظات علمية على إجرائها، وتتطلب تلك التحفظات الطبية إجراء مزيد من الدراسات للتأكد من جدواها وأمانها. ولذا تجرى في الولايات المتحدة في مراكز طبية محددة وتبعا لإجراء دراسات طبية تتضمن تحديد مواصفات وشروط حالات المرضى الذين تجرى لهم.
ومن الشروط الطبية مثلا أن يكون المريض موصوفا له تناول ثلاثة أدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم ويتناولها بانتظام وعلى الرغم من ذلك لا يوجد تحسن في مقدار ارتفاع ضغط الدم. وأن يكون المريض معروفا لدى الطبيب بأنه ملتزم بتناول الأودية، وملتزم بالحمية الغذائية، وملتزم بممارسة الرياضة اليومية، وملتزم بعدم تناول الأدوية التي ربما تسبب ارتفاع الضغط، ومبتعد عن التدخين وتناول الكحول، ومع ذلك كله، لا ينخفض الضغط لديه. وأن لا تكون لدى المريض أسباب أخرى لارتفاع الضغط كما تقدم، إضافة إلى مواصفات وشروط خاصة تتعلق بحجم وطول شرايين الكلى، وأن تكون وظائف الكلى طبيعية.
والأهم أن يخبر المريض بحقيقة أن هذه الوسيلة لعلاجية لا تزال تخضع للتجارب العلمية، وأن الهيئات العالمية التي يكون قرارها حاسما في اعتماد أي وسيلة علاجية في العالم هي بالفعل لم تعط موافقتها عليها بوصفها وسيلة علاجية روتينية، وتحديدا إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
ومن الضروري التأكيد على تطبيق هذه الشروط والمواصفات توافقا مع ضرورة ممارسة الأمانة الطبية مع المرضى وصدق الأطباء في إجراء الوسائل العلاجية للمرضى. ولعلي أشير إلى إحدى الدراسات الطبية المنشورة قبل بضعة أشهر في «مجلة الكلية الأميركية لطب القلب» وفيها أن نسبة من تنطبق عليهم هذه الشروط الضرورية من بين مرضى ارتفاع ضغط الدم لا تتجاوز 2% أو أقل.
نقلا عن:
الشرق الاوسط