محتجون يحملون صورة مقتدى الصدر بمسبح القصر الجمهوري العراقي عقب اقتحامه (رويترز)
أعادت مشاهد اقتحام المحتجين التابعين للتيار الصدري مبنى القصر الجمهوري في العاصمة العراقية بغداد، إلى الأذهان مشاهد اقتحامات سابقة لقصور رئاسية في سريلانكا وقبلها في ليبيا.
وكان المحتجون المؤيدون للتيار الصدري دخلوا القصر الجمهوري الواقع بالمنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، وانتشروا في قاعاته وحديقته ومسابحه.
وتداول رواد شبكات التواصل الاجتماعي الكثير من مقاطع توثّق سيطرة أتباع الصدر على القصر الحكومي واحتشاد المئات منهم داخل مبنى القصر وفي باحاته؛ فعلى تويتر ظل وسم "العراق" محافظا على المراتب الأولى في عدة دول عربية مثل قطر ومصر ولبنان وعمان والجزائر والأردن.
وأظهرت اللقطات المصورة كيف تدفق المحتجون إلى داخل القصر، هاتفين بصوت عال "سلمية.. سلمية.. سلمية"، وعلى الباب المؤدي للقصر ظهرت لافتة رخامية كتب عليها "لا تحزن إن الله معنا".
أما داخل القصر المخصص للمناسبات والمختلف عن القصر الرئاسي؛ حيث المقر الرسمي لرئيس الجمهورية؛ فوثّقت عدسات الهواتف الذكية بعض المحتجين وهم جالسون على مقاعد في قاعة اجتماعات، ورفع بعضهم الأعلام العراقية مرددين "لبيك يا حسين".
صور وتفاعل
وفي حين التقط عدد منهم صور سيلفي، انشغل آخرون بالقفز على الأرائك. وأظهرت مقاطع المحتجين وهم يلوحون بأيديهم مرددين "ثورة ثورة يا علي".
وحظيت مشاهد وصور اقتحام مسبح القصر بمشاركة وتفاعل كبيرين، بينما انقسمت الآراء بين مؤيد ومستنكر.
ورفع بعض المحتجين صور زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في مسبح القصر الرئاسي.
المحتجون الغاضبون صعدوا فوق مبنى القصر الحكومي (الأناضول)
ورغم اختلاف السياقات، فإن عدة بلدان شهدت أحداثا مشابهة واقتحام محتجين لقصور الرئاسة، من ذلك اقتحام القصر الرئاسي في سريلانكا في يوليو/تموز 2022، واقتحام قصر الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وقصر ابنته عائشة إبان أحداث الثورة الليبية في أغسطس/آب 2011.
سريلانكا.. اقتحام واستمتاع
وكانت العاصمة السريلانكية كولومبو شهدت احتجاجات في يوليو/تموز الماضي، اقتحم على إثرها مئات المتظاهرين القصر الرئاسي بعد فرار الرئيس غوتابايا راجاباكسا.
وأظهر بث مباشر على فيسبوك اقتحام مئات المحتجين للقصر الرئاسي، وقد لف بعضهم الأعلام حول أجسادهم، وهم يحتشدون في غرف القصر وممراته ويرددون شعارات مناهضة لراجاباكسا.
محتجون ينامون بالقصر الرئاسي في العاصمة كولومبو عقب اقتحامه (رويترز)
كما أظهرت مقاطع فيديو بعض المتظاهرين يسبحون في حوض السباحة داخل القصر، وجلس آخرون على الفرش والأرائك، وشوهد البعض يفرغ خزائن الأدراج؛ في مقاطع انتشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحوّل القصر الرئاسي السريلانكي الذي بني في الحقبة الاستعمارية وشكّل على مدى أكثر من 200 عام رمزا للسلطة، إلى مقر يجسد "سلطة الشعب" بعد فرار الرئيس وحاشيته.
الاستلقاء في حدائق إقامة رئيس الوزراء بسيريلانكا (رويترز)
وتدفق آلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى المجمع الرئاسي الضخم للجلوس على كرسي الرئيس في الطابق العلوي، في حين كان يلهو أطفال وذووهم على البيانو الكبير في الطابق السفلي.
أما في حديقة القصر التي تحمل تسمية "غوردن غاردن"، فقد تناولت عائلات وجبة الغداء، في حين تأمّل رهبان بوذيون حليقو الرأس الأرضية الرخامية ونظام التكييف المركزي.
كما سادت أجواء مرحة وسط مسارعة العائلات الوافدة على القصر لالتقاط الصور أمام لوحات باهظة الثمن أو أعمال فنية لا تزال معروضة، بينما استمتع آخرون بحمام سباحة بارد أو اختاروا الخلود للنوم في حدائق القصر الممتدة أو على إحدى أرائكه الأنيقة.
واحدة من صور عمليات النهب لقصر المعاشيق في اليمن (مواقع التواصل)
قصر المعاشيق
وفي اليمن وتحديدا في 16 مارس/آذار 2021، اقتحم محتجون قصر معاشيق الرئاسي في مدينة عدن (جنوبي البلاد)، احتجاجا على تردي الأوضاع الخدمية وارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية.
ودبت حالة من الفوضى في المجمّع الرئاسي الواقع على رابية جنوبي مدينة عدن، بعد اقتحام عشرات الأشخاص بواباته من دون مقاومة، وحاصروا بعض الوزراء داخل مقر سكنهم في القصر، قبل أن ينسحبوا في وقت لاحق.
وأظهرت صور بُثت على فيسبوك تجوّل متظاهرين داخل القصر، وكان لافتا أن عددا منهم كانوا يحملون شعارات المجلس الانتقالي الجنوبي، وقد خلا المكان من قوات الحراسة والأمن.
ويحتوي المجمع الرئاسي على مجمعات إدارية وسكنية، في حين ما يزال القصر الرئاسي أطلالا؛ إثر غارات مكثفة إبان سيطرة الحوثيين عليه منتصف عام 2015.
بعض من مقتحمي الكابيتول الأميركي في أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021 (الأوروبية)
اقتحام الكونغرس
أما الولايات المتحدة الأميركية، فعاشت السادس من يناير/كانون الثاني 2021 أحداثا غير مسبوقة، عندما اقتحم أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مبنى الكونغرس، في سياق احتجاجاتهم على نتائج الانتخابات الرئاسية، التي أظهرت فوز المرشح المنافس جو بايدن.
المحتجون اجتازوا الحواجز الأمنية وصولا إلى مبنى الكابيتول (الكونغرس) الذي كان يشهد فرز أصوات الهيئة الانتخابية ومناقشتها من أجل التصديق على فوز بايدن، واقتحم أنصار ترامب أروقة الكابيتول وقاعاته ومكاتبه وعبثوا بمحتوياتها.
واجتاح مثيرو الشغب الحواجز الأمنية وهشموا النوافذ وسرقوا تذكارات تاريخية، ودخلوا مكاتب الكونغرس وقاعاته، والتقط بعضهم صورا مع أفراد الشرطة، وحمل آخرون ما عدّوه "جوائز" لما فعلوه لدى خروجهم.
ووقعت مواجهة مسلحة بين المقتحمين والشرطة التي أطلقت قنابل الغاز، وسقط 4 قتلى من المقتحمين، فضلا عن إصابة أكثر من 140 ضابط شرطة، وقد وجهت سلطات التحقيق الأميركية تهما جنائيا لما لا يقل عن 725 شخصا في أحداث الاقتحام.
ويعد هذا الاقتحام أسوأ هجوم على الكونغرس منذ حرب 1812.
ليبيا.. قصر القذافي وعائشة
وقبل أكثر من 11 عاما وتحديدا في 23 أغسطس/آب 2011، استهدفت غارات حلف شمال الأطلسي (ناتو) قاعدة باب العزيزية التي تضم قاعدة عسكرية مدججة بالسلاح والتي أنشأها العقيد الليبي الراحل معمر القذافي واتخذها مقرا رئيسيا له.
وبعد أن دكت مقاتلات الناتو تحصيناتها، استولى المقاتلون المناوئون للقذافي على كميات من الأسلحة والذخائر.
وخلال ساعات، بدأ المواطنون العاديون يتدفقون عبر الأسوار الخرسانية العالية التي كان محظورا عليهم الاقتراب منها، ليتفقدوا المساكن الفاخرة أو لمجرد أن يحتفلوا بسقوط القذافي.
كما اقتحم المحتجون قصر ابنته عائشة القذافي التي ظلت لسنوات عديدة تعيش خلف أسوار عالية في قصر شديد الحراسة شرقي العاصمة طرابلس.
ووثقت الصور والفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حينها حياة البذخ والرفاه التي كانت تعيشها ابنة العقيد الراحل.
وانتشر المحتجون الغاضبون والمناوئون لنظام القذافي في كل أرجاء المكان وصوروا حوض السباحة الفاخر وصالة الرياضة المجهزة بأحدث المعدات وغرف الجلوس والنوم، ولعل صورة أريكة مكسوة ومطلية بالذهب على شكل عروس البحر كانت الأكثر تداولا وشيوعا في ذلك الوقت.