كنيسة مارجرجس المستديرة هي كنيسة أرثوذكسية رومية داخل حصن نابليون (ويسمى أيضا قلعة بابل) في القاهرة القديمة
عرفت مصر الديانة المسيحية منذ عصورها الأولى، فاحتضنت مسار "العائلة المقدسة" من فلسطين إلى أراضيها. وتعدّ المنطقة المحيطة بـ"مجمع الأديان" في منطقة مصر القديمة بالعاصمة القاهرة، من أهم نقاط مسار العائلة التي هربت من بيت لحم إلى مصر، قبل أن تعود إلى الناصرة بعد وفاة الملك هيرودس الأول.
وجود بعض الأديرة والكنائس إلى جانب مسجد الصحابي عمرو بن العاص -أول مسجد في مصر وربما في أفريقيا- ومعبد بن عزرا اليهودي -أقدم معبد يهودي في مصر- أضفى أجواءً تاريخية وروحية على المنطقة الواقعة في قلب القاهرة الكبرى.


وتضم منطقة "مجمع الأديان" أيضًا الكنيسة المعلقة، وكنيسة أبو سرجة، وكنيسة السيدة العذراء، وغيرها من الكنائس والأديرة.
ويعدّ دير وكنيسة مارجرجس الروماني من أقدم الأديرة في مصر والعالم، إذ تأسس في القرون الأولى بعد الميلاد، وتعود تبعيتها لبطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس.
توصف كنيسة القديس جرجس الروماني بأنها من أهم الآثار الأرثوذكسية في العالم؛ وهي واحدة من بين 7 كنائس في منطقة "مجمع الأديان"، يصفها شيخ المؤرخين المصريين أحمد بن علي المقريزي بأنها أجمل كنائس ذلك "الحصن الروماني".



قبة كنيسة مارجرجس المستديرة من الداخل


الكنيسة المستديرة الأشهر

كنيسة مارجرجس الروماني الرئيسية (ويطلق عليها أيضا كنيسة القديس جورج) تعد جزءا من الدير، وهي الكنيسة المستديرة الوحيدة في مصر، تم بناؤها على قمة المنطقة الرومانية في حصن بابليون الذي شيده الرومان في القرن الثاني الميلادي بأمر من الإمبراطور تراجان (53-117 للميلاد). ويعرف الحصن الروماني أيضا بـ"قصر الشمع" أو "قلعة بابليون".
واستعمل الرومان في بناء الحصن بعض الأحجار التي أخذت من معابد فرعونية قديمة، ولم يبق من معالمه إلا القليل.



مقابر حول كنيسة مارجرجس الروماني في مصر القديمة

شيّدت كنيسة القديس جرجس الروماني سنة 684 للميلاد، وفق بوابة محافظة القاهرة الإلكترونية، والهيئة العامة للاستعلامات. وتعدّ من المعالم الدينية المسيحية الشهيرة، حيث مرت وأقامت العائلة المقدسة بتلك المنطقة أثناء هروبها إلى مصر.
يصعد الزوّار إلى الكنيسة من خلال درج أسفلها، وإلى جوارها برج مرتفع، حيث توجد أجراس ضخمة تُقرع في الأعياد والمناسبات المختلفة.




تنتشر اللوحات الفنية والرسوم الملونة للرسل والقديسين في الديانة المسيحية على جدران صحن الكنيسة وكذلك القبة المرتفعة، كما يضمّ الدير أيقونات لقديسين من القرن الحادي عشر إلى الخامس عشر الميلادي.



كنيسة القديس جرجس الروماني من الداخل

وغير بعيد منها، توجد كنيسة أخرى في وسط مدافن الدير لأبناء الروم الأرثوذكس، ويقول أحد القائمين على المكان "يوجد بئر ماء أسفل الكنيسة شربت منه العائلة المقدسة بحسب تقليد الكنيسة، ولا يزال ينضح بالماء النقي الصالح للشرب".



البئر الذي شربت منه العائلة المقدسة بحسب التقليد الأرثوذكسي

وأوضح للجزيرة نت أن المكان بالأسفل بمثابة قبو وفيه غرف صغيرة جدا، ويأتي البعض خصيصا -من مصر وخارجها- للشرب من مياه البئر والتبرك به، والدعاء وطلب الأمنيات، وهو ماء عذب.



كنيسة مارجرجس الروماني يأتيها الزوار من الداخل والخارج

تعرّضت كنيسة مارجرجس الروماني لحريق كبير أتى على معظم معالمها الأثرية، لكن أعيد ترميمها عام 1904، واستغرقت أعمال الترميم 3 سنوات. ولم يبق من الكنيسة القديمة إلا قاعة استقبال تعرف "بقاعة العرسان"، يرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر.
وكان الصحابي عمرو بن العاص قد أقام موقعا عسكريا شمال حصن بابليون، وبنى مدينة الفسطاط إلى جوارها لتكون أول عاصمة لمصر تحت الحكم الإسلامي.



كنيسة مارجرجس الروماني هي كنيسة أرثوذكسية يونانية في مصر القديمة


من مارجرجس؟

ولد القديس جرجس (أو مارجرجس) في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي في ولاية فلسطين السورية الرومانية، لأبوين مسيحيين، وهو سليل عائلة من الأمراء. عاش في فلسطين مع والدته ابنة الأمير ديونسيوس حاكم مدينة "اللد" (غرب القدس). وفي المقابل تقول المصادر اليونانية إن جرجس (أو جورج) كان جنديا من أصل كابادوكي (وسط شرق الأناضول التركية حاليا).
تعود شهرة مارجرجس إلى مقاومته الشديدة للإمبراطور "داديانوس" حاكم فينيقيا الفارسي الوثني، أثناء مطالبته بأحقيته في حكم فلسطين، وبعد أن فشل في إثنائه عن المسيحية اضطهده وأذاقه من العذاب أصنافا وألوانا لمدة 7 سنوات، قبل أن يأمر بقطع رأسه في 23 مايو/آذار 263 للميلاد، ومنذ ذلك الحين تحول إلى أيقونة شهداء المسيحية في تلك الحقبة.
أطلق على القديس جرجس العديد من الألقاب المسيحية، مثل: "أمير الشهداء"، و"سريع الندهة"، في إشارة إلى استجابته السريعة لإغاثة الآخرين، بحسب التراث المسيحي.