"الحبس وإسقاط الحضانة".. كيف يتعامل القانون العراقي مع الخيانة الزوجية عبر الهاتف؟




السومرية نيوز – بغداد
الخيانة الزوجية كجريمة ينبغي أن تتوفر فيها بعض الشروط الشرعية لكي تكتمل أركانها وهذه الشروط هي العناصر المادية الذي ينبغي توافرها في أي جريمة كالعمل وكذلك توفر النية المسبقة للخيانة، وتوفر أداة الجريمة، وكذلك وجود الإثبات المادي للجريمة كوضع التلبس أو الأحاديث المسجلة أو ما إلى ذلك فإذا اكتملت الأركان المادية اكتملت بالبينة والإقرار اكتملت أركان الجريمة. وبالمقابل فليس أمام الزوجة أو الزوج سوى أن تطلب التفريق للضرر الحاصل جراء هذه الخيانة.

يقول القاضي ستار ورور عيسى إن "مفهوم الخيانة بشكل عام يعني الإخلال بوعد الوفاء والإخلاص كقيمة تبنى عليها العلاقة الشخصية، أما مفهوم الخيانة في العلاقة الزوجية فتعني ممارسة الجنس مع شخص آخر غير الشريك. ولم ترد في قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 النافذ والمعدل الخيانة الزوجية عبر الهاتف وإنما اخذ من القانون الخيانة سبباً للتفريق بين الأزواج إذا ثبتت.

أ

ما في حالة رضا الزوج باستئناف الحياة الزوجية رغم علمه بحدوث الخيانة الزوجية عبر الهاتف، يذكر عيسى أن "المشرع العراقي ذكر في المادة 378 من قانون العقوبات في الفقرة الأولى منه (لا يجوز تحريك دعوى الزنا ضد أي من الزوجين أو اتخاذ أي إجراء فيها إلا بناء على شكوى الزوج الآخر)، وهنا يمكننا إن نقول انه في حالة رضا الزوج باستئناف الحياة الزوجية لا يحق له إقامة دعوى الزنا ضد زوجته".

وأوضح عيسى انه "في حالة ثبوت الخيانة الزوجية عبر الهاتف وحصول التفريق فانه يعد سبباً لإسقاط الحضانة إلا أن القانون العراقي لم يعالج ذلك في نص واضح وإنما نستنبط ذلك من نص الفقرة (2) المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 التي نصت على ان "يشترط أن تكون الحاضنة بالغة عاقلة أمينة قادرة على تربية المحضون وصيانته" وهنا دليل واضح على إن الام الزانية قد فقدت احد شروط الحضانة ألا وهي الأمانة على تربية المحضون وصيانته فقد يشاهد الطفل ما لا يقبله العقل والمنطق على والدته مما يستحيل معه تربيته تربية صحيحة".

من جانبه، يقول القاضي جاسم محمد كاظم قاضي تحقيق محكمة بغداد الجديدة، "لم يرد تعريف خاص بجريمة الخيانة الزوجية عبر الهاتف في القانون العراقي لأن اغلب التشريعات وضعت قبل انتشار أجهزة الهاتف لاسيما منها الأجهزة الحديثة في العراق إذ أن قانون العقوبات العراقي رقم 111 شرع عام 1969 في حين انتشرت الأجهزة الحديثة والهواتف النقالة بعد عام 2003".

وأشار كاظم إلى انه "من الناحية الجزائية لا يوجد نص عقابي صريح عالج الفعل المذكور في حالة وقوع الخيانة الزوجية عبر الهاتف بل أن التوجهات القضائية اختلفت في معالجة هذه الحالة واتجهت في اتجاهين بين الأول بأنه لا توجد جريمة اسمها الخيانة الزوجية عبر الهاتف وأن الأمر يتعلق بحق المتضرر من هذا الفعل أن يطلب التفريق للضرر وفق مفهوم المادة 41 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل على اعتبار وقوع هذا الفعل اضر بالعلاقة الزوجية وبالتالي فإن محكمة التحقيق ترفض الشكوى وتغلق الدعوى نهائياً لعدم وجود نص عقابي استنادا إلى أحكام المادة 130 / أ من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 لعدم وجود فعل يعاقب عليه القانون".

وأضاف كاظم إن "مفهوم الخيانة الزوجية عبر الهاتف يختلف عن مفهوم زنا الزوجية التي يعاقب المشرع مرتكبها بالحبس استنادا إلى أحكام المادة 377 من قانون العقوبات والتي نصت على أن:
1-"يعاقب بالحبس الزوجة الزانية ومن زنا بها ويفترض علم الجاني بقيام الزوجية ما لم يثبت من جانبه انه لم يكن في مقدوره بحال العلم بها".
2- "يعاقب بالعقوبة ذاتها الزوج إذا زنا في منزل الزوجية".

ويرى كاظم أن "الاتجاه الثاني قد اعتبر الخيانة الزوجية عبر الهاتف جريمة فعلٍ مخلٍ بالحياء وفق مفهوم المادة 401 من قانون العقوبات التي عاقبت مرتكبها بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين على اعتبار أن الخيانة الزوجية عبر الهاتف وما يلحق به من إرسال الصور ومقاطع الفيديو يقترن بفعل فاضح مخل بالحياء ويستوجب معاقبة مرتكبها".

وتابع كاظم "يتطلب مراجعة الزوج لإقامة الشكوى ‏في حال وقوع زنا الزوجية لأن هذه الجرائم لا يمكن تحريكها إلا ممن وقعت عليه أو من يقوم مقامه استنادا إلى أحكام المادة 3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 والتي أشارت انه (أ -لا يجوز تحريك الدعوى الجزائية إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو من يقوم مقامه قانونا في جرائم زنا الزوجية)".

ولفت كاظم إلى إن "المشتكي يجب أن يقوم بمراجعة المحكمة لطلب الشكوى أو مراجعة مركز الشرطة ثم فتح محضر بالإجراءات وتدوين أقواله وربط ما لديه من أدلة وإحضاره أمام المحكمة لتدوين أقواله وضبط المبارز الجرمية مثل الصور والمحادثات التي بحوزته ويجب التثبت من حقيقة هذه المراسلات التي يمكن أن تكون مصطنعة بأن يتم دمج الصور بأخرى فاضحة أو عمل فيديوهات أو مراسلات غير حقيقية ونسبها للمتهم ويرجع في تحديد ذلك إلى الجهات الفنية المختصة مثل مديرية الأدلة الجنائية قسم الجرائم الإلكترونية، ويتطلب إرسال جهاز الهاتف ليتم تفريغه والاطلاع على محتوياتها وبيان هوية المرسل ورقم الهاتف لكي يتم ربط عائديه الهواتف و معرفة الفاعل وقد تستعين المحكمة بتدوين أقوال الشهود ثم تصدر قرارها بعد ربط ما يؤيد قيام الزوجية إحضار المتهمين بورقة التكليف بالحضور أو بإصدار أمر قبض وفق ظروف وأدلة الدعوى و سماع أقوالهم ثم تصدر قرارها بضوء الأدلة المحصلة إما بالإفراج عن المتهم أو إحالته إلى محكمة الجنح لإجراء محاكمته وفرض العقوبة المناسبة بحقه.