خليليّ عُوجا ساعَةً، وَتَهَجَّرا
ولُوما على ما أَحْدثَ الدهرُ، أَوْ ذَرَا
ولا تَجْزَعا إنّ الحياةَ ذَميمةٌ،
فَخِفّا لِرَوْعاتِ الحوادثِ، أو قِرَا
وإنْ جاءَ أَمْرٌ لا تُطيقان دَفْعَهُ،
فَلاَ تَجْزَعا ممّا قضىَ اللَّهُ، وَاصْبِرا
أَلمْ تَرَيا أَنّ المَلامَةَ نَفْعُها
قَليلٌ، إذا ما الشيْءُ وَلّى وَأَدْبَرا
تَهيجُ البُكَاءَ والنّدَامَةَ ثُمّ لا
تُغيّر شَيئاً، غَيْرَ ما كان قُدّرا
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، إذ جاءَ بِالهُدى،
وَيَتْلو كِتاباً كالمجرّةِ نيِّرا
خَليليّ قد لاقَيْتُ ما لمْ تُلاقِيِا،
وَسيّرتُ في الأحياءِ ما لم تُسيِّرا
تذكرْتُ، والذكرى تَهيجُ لذي الهَوَى،
ومن حاجةِ المَحْزونِ أن يتذكّرا
نَدامايَ عِنْدَ المُنْذِرِ بْن مُحرِّقٍ،
أرى اليَوْمَ مِنْهُم ظاهر الأرض مقفرا
كُهُولاً وشُبّاناً، كأَنّ وجوهَهُم
دَنَانيرُ ممّا شِيفَ في أرضِ قَيْصَرَا
وما زِلْتُ أَسْعى بَيْنَ بابٍ ودارِهِ،
بِنَجْرَانَ، حتى خِفْتُ أن أَتَنَصَّـــرا
النابغة الجعدي