كان أحدُ الأساتذة الجامعيين يلبسُ ساعة نسائية، وكان الطلاب يتندرون عليه في مجالسهم، حتى كان يوم تجرأ فيه أحدهم وسأله: لِمَ تلبسُ ساعةً نسائية؟
فقال له: هذه ساعة ابنتي المتوفاة!
يا صاحبي في كُلِّ إنسانٍ وجع لو كشفه للآخرين لبكوا عليه!
ولكننا نتجالد ونتصبَّر، لأن نظرات الشفقة في عيون الآخرين موجعة، موجعة جداً!
هذه الحياة معركة طاحنة، فلا تخدعنَّكَ المظاهر!
خلف الابتسامات التي تراها غصات كثيرة يخفيها الناس عن الناس!
ووراء الضحكات دموع لو رأيتها لقلتَ كيف يضحكُ هذا الذي كاد أن يجفَّ من كثرة ما بكى!
الناس كالجبال يا صاحبي، ليس في الصلابة، وإنما في الجزء المخفيِّ منها، يقول علماء الجويولوجيا أن الذي يظهر من الجبل هو ثلثه فقط، هناك ثلثان مدفونان في الأعماق، وهكذا نحن!
ما نخفيه أكثر مما نظهره، وأمراضنا ليست من الأشياء التي نأكلها وإنما من الأشياء التي تأكلنا!
يا صاحبي في كل إنسانٍ وجع مهما أنكره، وفي كل قلبٍ غصَّة مهما أخفاها!
لا تخدعنَّكَ المظاهرُ ، الأشياء ليست كما تبدو!
الهادىء الذي تحسده على اتزانه قد يكون في قلبه نار لا يعلمها إلا الله، والذي لا يخرج منه الدخان، لا يعني أنه لا يحترق!
لا العاصي مرتاح بمعصيته، ولا الطائع ثابتٌ بسهولة!
لا الذي لديه حبيب ممسك به بأسنانه مخافة أن يفقده مرتاح، ولا الذي في قلبه فجوة لحبيب لم تمتلىء بعد مرتاح!
أخبرتكَ أكثر من مرةٍ عن قصة قرأتها، عن رجلٍ دخل يوماً إلى عيادة طبيب، يشكو له وجعاً في جسمه، وانطفاءً في روحه!
فأجرى له الطبيب فحوصاتٍ وأشعة وتحاليل فتبين له أن المريض لا يشكو من شيء!
فقال له: إن مشكلتكَ نفسية، حاول أن تروّح عن نفسك، اقرأْ، سافرْ، تعرَّف على أصدقاء جُدد!
اسمعْ، لكَ عندي نصيحة، في المدينة مهرج بارع اسمه كارلينا ، يجعل الناس ينسون همومهم لكثرة ما يضحكهم، أنصحك بمشاهدته!
فنظر المريضُ إلى الطبيب بعينين دامعتين وقال له: أنا كارلينا أيها الطبيب!
والسلام لقلبك ❤️