الشركة الناشئة "مودرن سينثيسيس" واحدة من الشركات القليلة التي تحاول إنشاء "فئة جديدة" من المواد المستدامة القابلة للتحلل.
صنعت شركة "مودرن سينثيسيس" نموذجا أوليا للأحذية في المختبر (شركة مودرن سينثيسيس)
تهدف شركة بريطانية لإنتاج فئة جديدة من المواد من شأنها أن تستعيض عن الأحذية الرياضية التقليدية بأخرى متينة وقابلة للتحلل البيولوجي. الحذاء الجديد مصنوع من البكتيريا التي تنتج النانوسليلوز بشكل طبيعي ويمكن تعديلها وراثيا للصبغ الذاتي أيضا، ويتم تشكيلها على الحذاء عن طريق استخدام تقنيات الأحذية التقليدية.
وحسب تقرير -نشر بدورية "نيتشر بيوتكنولوجي" (Nature Biotechnology) في التاسع من أغسطس/آب الجاري- فإن جين كين وبن ريف أسسا خلال عام 2020 في لندن شركة "مودرن سينثيسيس" (Modern Synthesis) للتكنولوجيا الحيوية، التي تعمل على متابعة "النسيج الميكروبي" وتوسيع نطاق الإنتاج.
وأعدت شركة "مودرن سينثيسيس" نموذجا أوليا لصناعة الأحذية في المختبر، وجمعت الشركة الناشئة في مجال المواد الحيوية 4.1 ملايين دولار من التمويل الأولي لدعم منصة المنسوجات الميكروبية التي تهدف إلى جعل صناعة الأزياء أكثر استدامة.
وتستخدم الشركة منصة النسيج الميكروبية الخاصة بها لتنمية شكل جديد تماما من النسيج المصنوع من النانوسليلوز، وهو شكل قوي جدا ورائع من السليلوز، وهو اللبنة الطبيعية لمواد مثل القطن والكتان والخشب.
كيف تعمل التقنية
تستفيد تقنية النسج الميكروبي من البكتيريا لتحويل السكر من المخلفات الزراعية إلى مادة نانوسليلوز، وهي مادة قابلة للتحلل الحيوي وتتميز بقوتها، وتستخدم عملية النسيج الميكروبي للشركة الناشئة لإنشاء مادة حيوية في غضون 10 إلى 14 يوما تقريبا. ويقوم الموظفون في الشركة بإنشاء سقالة باستخدام الروبوتات لوضع الألياف بالشكل أو الهيكل المطلوب، وتنمو البكتيريا المعدلة وراثيا حول تلك الهياكل لتكوين المادة النهائية.
وعلى غرار الطباعة ثلاثية الأبعاد -وعلى عكس النسيج التقليدي- يمكن تصميم القطع لتشكيلها، مما يعني عدم وجود قصاصات من المواد المتبقية، وبالتالي عدم وجود نفايات. وحتى الآن، تمكنت الشركة من بناء الجزء العلوي من الحذاء باستخدام هذه العملية. وتقول الشركة إنها سلمت موادها إلى "عميل رئيسي للملابس الرياضية" لعمل النماذج الأولية. وتخطط الشركة في نهاية المطاف للاستفادة من الميكروبات لتحل محل مجموعة متنوعة من الجلود والمنسوجات المشتقة من الحيوانات والبتروكيماويات.
أهمية المواد الجديدة
وتتخصص الشركة في تصنيع مواد جديدة باستخدام علم الأحياء بهدف المساعدة في الحد من انبعاثات صناعة الأزياء والتلوث البلاستيكي، وتخطط لأن تستعيض عن المنسوجات الحالية القائمة على البتروكيماويات والجلود بمجموعة من المواد الطبيعية المتجددة التي يمكن تخصيصها بشكل فريد.
وبدلا من محاولة إنشاء نسخة طبق الأصل من مادة مثل الجلد، تقول الشركة إنها تركز على تطوير نوع جديد تماما من المواد. وفي هذه العملية، قامت ببناء فئة منفصلة تماما من المواد الجديدة، وهي مادة هجينة/ مركبة من شأنها أن تحل محل الأحذية الرياضية المصنوعة من الحيوانات والبتروكيماويات بأخرى قابلة للتحلل البيولوجي، ولكنها متينة.
تقنية النسيج الميكروبي تحول السكر إلى مادة نانوسليلوز قوية وقابلة للتحلل الحيوي (شركة مودرن سينثيسيس)
وفي مقابلة مع مجلة "ديزين" (Dezeen)، وهي مجلة الهندسة المعمارية والتصميمات الداخلية الأكثر شهرة وتأثيرا في العالم، تحدثت كين المدير التنفيذي للشركة عن دور وأهمية المواد الجديدة في ما يتعلق بتغير المناخ والدور الذي يمكن أن تلعبه الميكروبات في تمهيد المستقبل للأزياء، وكيفية استخدام المواد الحيوية في الصناعات اليدوية التي يعتمد بعضها على الممارسات التقليدية والتقنيات التراثية.
أمر مثير حقا لصناعة الأزياء
وتقول كين لموقع "آغ فندر نتورك" (AgFunder Network) إن "ما نحاول القيام به هو بناء هذه الفئة الجديدة من المواد الأكثر استدامة، ولكنها تسمح لنا أيضا بالتصميم والإبداع بطرق جديدة، وهو أمر مثير حقا لصناعة الأزياء". حيث يأتي أكثر من 70% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في صناعة الأزياء من عمليات إنتاج المواد الخام وإعدادها ومعالجتها.
وتضيف كين "في نهاية المطاف، نحاول بناء نظام تصنيع دائري باستخدام هذه الميكروبات. وهذا يمكّننا من الاستفادة من المخلفات الزراعية، واستخدام الميكروبات كوحدات تصنيع وتحويلها إلى مواد أكثر قابلية للتطبيق. على الجانب الآخر، نرى الفرصة للحصول على مواد جديدة تكون سليلوزية بالكامل، حتى نتمكن من إعادة تدويرها مرة أخرى".
عملية النسيج الميكروبي تستخدم لإنشاء مادة حيوية في غضون 10 إلى 14 يوما تقريبا (شركة مودرن سينثيسيس)
الشركة الناشئة هي واحدة من الشركات القليلة التي تحاول إنشاء "فئة جديدة" من المواد. قالت شركة "بوشا بيو" (Bucha Bio) -التي تتخذ من نيويورك مقرا لها- الشيء نفسه عام 2021 بشأن نسيجها الحيوي الشبيه بالجلد المصنوع عن طريق التخمير، وحصلت شركة "ميكووركس" (MycoWorks) مؤخرا على 125 مليون دولار لمواصلة تطوير البديل الجلدي المعتمد على الفطريات.
ومع ذلك، وجد تقرير عام 2021 الصادر عن "مبادرة الابتكارات المادية" (MII) أنه حتى إذا وصلت مساحة النسيج الحيوي إلى سوقها المتوقع 2.2 مليار دولار بحلول عام 2026، فإنها ستظل تمثل حوالي 3% فقط من سوق المواد، مع 69% من المواد القائمة على الحيوانات، والمواد البترولية التي تشكل الباقي.
تقول كين "هدفنا هو نشر هذه المواد في العالم بأسرع وقت ممكن وعلى نطاق واسع وبمسؤولية. وللقيام بذلك، نحتاج إلى الاستفادة من أكبر عدد ممكن من موارد البحث والتطوير لتسريع هذه العملية".