امرأة من كل 8 حوامل تعاني من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة في الولايات المتحدة (غيتي)
أجريت دراسة حديثة هي الأولى من نوعها من حيث حجم العينة الذي شمل مليون امرأة من 138 دولة، لفحص عوامل الخطر لأعراض اكتئاب ما بعد الولادة والتعرف على الأمهات المعرضات أكثر من غيرهن لهذا النوع من الاكتئاب والذي أثبتت دراسات أخرى أنه يؤثر على ذكاء الأطفال ومستقبل تطورهم المعرفي والتعليمي.
وأجابت جميع النساء في العينة على "مسح ما بعد الولادة" -الذي أتيح بـ10 لغات وصممه باحثون من كلية الطب بجامعة فيرجينيا وجامعة جون هوبكنز- عن أسئلة حول مزاجهن وحالتهن العاطفية بعد الولادة، وذلك خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2018 إلى أبريل/نيسان 2020.
وتراوحت الردود من كونهن في حالة "معنويات عالية" إلى "القلق"، و"عدم الرضا" أو "الشعور باليأس والحزن".
وأظهرت نتائج الدراسة المنشورة في مارس/آذار 2022 في مجلة "الاضطرابات العاطفية" (Affective Disorders)، أن الأمهات اللاتي تجاوزن سن الأربعين واللاتي ولدن توأمين أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. كما أن خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة أعلى أيضا بالنسبة للأمهات ممن ينجبن لأول مرة والأمهات ممن ينجبن دون سن الـ25.
وتقول "جينيفر إل باين"، دكتوراه في الطب والمؤلفة الرئيسية للدراسة ومديرة برنامج أبحاث الطب النفسي الإنجابي في كلية الطب بجامعة فيرجينيا، لموقع "فيري ويل فاميلي" (Very well family)، إن "أهمية هذه الدراسة تكمن حقا في أنها كبيرة ومتعددة الثقافات ومتعددة الجنسيات وتوضح أن حالات الحمل بتوأم تؤدي إلى مخاطر أعلى من حالات الحمل الفردي وأن الإنجاب في سن صغيرة له مخاطره".
وتضيف مؤلفة الدراسة أنه من المرجح أن يكون الحمل في توأم أكثر تعقيدا، والحمل المعقد تكون له معدلات أعلى من اكتئاب ما بعد الولادة. كما أنه توجد أسباب نفسية واجتماعية تجعل النساء فوق سن الـ40 ممن يحملن قد يكون لديهن معدل أعلى في الإصابة بالاكتئاب.
علامات اكتئاب ما بعد الولادة تشمل الحزن الشديد والبكاء المتكرر ووجود أفكار لإيذاء النفس أو الطفل (مواقع التواصل)
اكتئاب ما بعد الولادة
واكتئاب ما بعد الولادة وفقا لموقع Webmd، هو شكل حاد من الاكتئاب السريري المرتبط بالحمل والولادة وهو أكثر شيوعا مما يعتقد البعض، كما أن بعض النساء أكثر عرضة من غيرهن للإصابة به بعد ولادة أطفالهن.
وتوجد بعض الأشياء التي تجعل الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة أكثر احتمالا والتي تشمل:
- الإصابة باكتئاب سابق.
- تاريخ عائلي للإصابة بالاكتئاب.
- المرض العقلي.
- التعرض لحدث مؤلم أثناء الحمل.
- تعاطي الكحول أو المخدرات.
- مشاكل أثناء الولادة.
- مشاكل تتعلق بصحة الطفل.
- مشاعر مختلطة حول الحمل.
- عدم وجود نظام دعم قوي.
ووفقا لمركز السيطرة على الأمراض الأميركي CDC، تعاني امرأة من كل 8 حوامل من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة في الولايات المتحدة.
وتشمل علامات اكتئاب ما بعد الولادة:
- الحزن الشديد.
- البكاء المتكرر.
- وجود أفكار لإيذاء النفس أو الطفل.
- قلة الطاقة أو صعوبة التركيز ومشاكل النوم. ووفقا للخبراء فإنه إذا استمرت الأعراض لأكثر من أسبوعين فإنه يجب التواصل مع طبيب.
الأمهات اللاتي يعانين من أعراض اكتئاب يمنحن أطفالهن دعما ماديا وعاطفيا أقل (غيتي)
تأثير اكتئاب الأم على ذكاء الأطفال
ووفقا لموقع "هيليو" (Healio) المتخصص في الرعاية الصحية، من المهم جدا تحديد ومعالجة اكتئاب ما بعد الولادة ليس فقط لجعل الأم تشعر بتحسن ولكن لأن نتائج الدراسات أكدت أنه إذا ما كانت الأم مكتئبة بعد الولادة تكون لدى الأطفال معدلات ذكاء أقل وتطور لغوي أقل ويكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ولديهم مشاكل سلوكية وخطر متزايد للتطور اللاحق للاضطرابات النفسية.
وأظهرت نتائج إحدى الدراسات على الأمهات في التشيلي أن الأمهات اللاتي يعانين من أعراض اكتئاب يمنحن أطفالهن دعما ماديا وعاطفيا أقل، مما يؤثر سلبا على نموهم وتطورهم المعرفي.
في هذه الدراسة التي استمرت على مدى 16 عاما، درس الباحثون 875 من الأمهات و1790 من أطفالهن ممن ينتمون إلى الطبقة المتوسطة أو الدنيا، عندما كان الأطفال في سن 1 و5 و10 و16 عاما. وأكملت الأمهات مقياس الاكتئاب عن طريق المقابلة وأكمل الأطفال التقييم المعرفي كما فحص الباحثون بشكل منفصل الدعم المادي واللفظي والتعليمي المقدم من الأم لأطفالها داخل المنزل.
وأظهرت النتائج أن أعراض الاكتئاب الأكثر شيوعا لدى الأم أثناء الرضاعة كانت مرتبطة بشكل كبير بانخفاض معدل الذكاء لدى الأطفال في سن 5 و10 و16 عاما، وقد ارتبط الدعم العاطفي اللفظي والدعم المادي أثناء الطفولة بقوة مع الدرجات المعرفية للأطفال في نفس النقاط الزمنية.
وتُظهر الدراسة كذلك أن نوبات اكتئاب ما بعد الولادة قصيرة المدة قد لا تؤثر على نمو الأطفال وإن كانت مؤذية للأمهات. ولكن عندما يستمر الاكتئاب بعد الأشهر الستة الأولى عقب الولادة وخاصة عندما تكون الأعراض شديدة فإن مخاطر الآثار السلبية على المدى القصير والطويل لكل من النساء وأطفالهن تزداد بشكل ملحوظ.
وتؤكد هذه النتائج التأثير الدائم للاكتئاب على قدرة الأم على تربية أطفالها ونموهم، مما يستلزم الانتباه لأعراض الاكتئاب لدى الأمهات مع ضرورة المساعدة في تقليل خطر الإصابة به من خلال إحاطة الأم بنظام دعم اجتماعي قوي، والخروج في الهواء الطلق وممارسة الرياضة وتوفير وقت للهدوء والتأمل وتناول الأدوية التي يصفها الطبيب بانتظام.