يعتقد بعض الخبراء أن إطلاق "روس" سيحتاج لمعجزة ليتم في الوقت المحدد خاصة في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا والعقوبات الناجمة عنها


نموذج المحطة الفضائية الروسية الجديدة الذي عرض مؤخرا في معرض للصناعات العسكرية الروسية (روسكوزموس)
كشفت وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" (Roscosmos)، لأول مرة عن نموذج مادي يظهر شكل محطتها الفضائية الجديدة التي تعتزم إطلاقها خلال السنوات المقبلة، بعد إعلان عزمها الانسحاب من محطة الفضاء الدولية بعد عام 2024.
النموذج المصغر للمحطة كان قد عرض مؤخرا في معرض للصناعة العسكرية الروسية في موسكو، وأطلق عليها اسم "روس". وبدت المحطة -بحسب وسائل إعلام مختلفة- مجهزة بوحدات مختلفة تنبثق من محور مركزي في 4 اتجاهات وقد حفتها ألواح شمسية متنوعة.


بينما شوهدت المركبة "أوريول" (Oryol) سفينة الإمداد الجديدة التي تعتزم روسيا إطلاقها العام المقبل، وهي راسية في نموذج المحطة





مم تتكون المحطة الفضائية الروسية الجديدة؟

يتضمن تصميم المحطة الفضائية عند الانتهاء من بنائها، 7 وحدات منفصلة مقابل 16 وحدة تتشكل منها المحطة الفضائية الدولية بما في ذلك الوحدات الأساسية والعلمية والبوابة. وبحسب بيان صحفي نشر على موقع الوكالة، ستتضمن المحطة في المرحلة الأولى 4 وحدات بحجم إجمالي يبلغ 228 مترا مكعبا تُمكن من إيواء طاقم مكون من شخصين.
وفي المرحلة الثانية، من المخطط أن تستكمل المحطة المدارية الروسية بوحدات الهدف والإنتاج إضافة إلى منصة الخدمة. ونتيجة لذلك، سيزداد الحجم الإجمالي للمحطة إلى 667 مترا مكعبا بما يتيح إيواء طاقم مكون من 4 أشخاص.
لكن، وعلى عكس محطة الفضاء الدولية، لن يكون لمحطة "روس" مقيمون دائمون على مدار العام. وستستضيف، بدلا من ذلك، رواد الفضاء مرتين في السنة ولفترات طويلة.
ما المهام الأساسية التي ستقوم بها المحطة؟
لا يزال مشروع المحطة الفضائية الروسية محاطا بالسرية، لكن وبحسب تقرير نشر على موقع "إنفرس" (Inverse) نقلا عن وسائل إعلام روسية، فإن المحطة ستدور على الأرجح عند خطوط عرض أعلى من محطة الفضاء الدولية، الأمر الذي سيوفر لها رؤية أفضل للمناطق القطبية والتي يمكن للباحثين الروس تحليلها باستخدام الأدوات البصرية والأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية.






محطة "روس" الفضائية ستضم 7 وحدات مختلفة بعد اكتمال إنشائها (الفرنسية)

ومن المحتمل أن تستخدم محطة "روس" لرسم الطرق البحرية الشمالية حيث يؤدي تغير المناخ إلى ذوبان الجليد البحري بشكل متزايد، خاصة وأن حدود روسيا تغطي حوالي 53% من ساحل المحيط المتجمد الشمالي بأكمله.
كما ستستخدم المحطة -وفقا لتصريح مسؤول في الوكالة الروسية- في تجارب الأشعة الكونية واختبار تقنيات الفضاء الجديدة والبحث في علوم الفضاء وتقنيات النانو. هذا إلى جانب تخصيص إحدى وحدات المحطة للسياحة الفضائية.
ولا يستبعد بعض المراقبين أن تستخدم المحطة كذلك في المستقبل البعيد كمنصة انطلاق للبعثات المستقبلية إلى القمر والمريخ، وربما أيضا لأداء دور عسكري كإيواء أسلحة تدمير الأقمار الصناعية.
متى سيتم إطلاقها؟
وعلى الرغم من أن الوكالة الروسية لم تحدد بعد مواعيد رسمية لإطلاق محطتها الفضائية الجديدة، فإن وسائل إعلام روسية أفادت، وفق تقرير لموقع "إنترستنغ إنجينيرنغ" (Interesting Engineering)، بأن إطلاق المرحلة الأولى مخطط له أن يجري خلال عامي 2025 و2026 ولن يتجاوز الموعد الأقصى عام 2030. أما المرحلة الثانية والأخيرة فمن المقرر إطلاقها خلال الفترة بين عامي 2030 و2035.



عمل المحطة الفضائية الدولية يتواصل إلى نهاية العقد رغم انسحاب روسيا (غيتي)

غير أن الجدول الزمني لا يبدو واقعيا، وفق موقع "إنفرس"، إذ أظهرت التجارب السابقة أن إقامة مثل هذه المشاريع الضخمة تعاني من التأخر الكبير، ففكرة إقامة محطة فضائية دولية على سبيل المثال، طرحت منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي ولم يكتمل إنشاؤها إلا عام 2011.
ويعتقد بعض الخبراء أن إطلاق "روس" سيحتاج لمعجزة ليتم في الوقت المحدد خاصة في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا والعقوبات الناجمة عنها.
وفي هذه الأثناء، ستواصل "ناسا" وشركاؤها تشغيل المحطة الفضائية الدولية إلى غاية نهاية العقد الجاري بالتوازي مع تشغيل برنامج " أرتميس" (Artemis) الذي تعتزم إطلاقه قريبا مع شركائها الأوروبيين للهبوط على القمر. وستكون الصين قد أكملت بناء محطتها الفضائية تيانغونغ (Tiangong) المتوقع عام 2023.
هذه العوامل ستدفع روسيا إلى تجنب أي تأخير محتمل في برنامج محطتها الفضائية الجديدة، مستعينة بخبرتها التي اكتسبتها سابقا في محطة "مير" ثم في المحطة الفضائية الدولية.