القصة الممسرحه وتأثيرها على الطفل
القصة هي لون رفيع من الوان الادب ، تمد سامعيها بشيء من غذاء العقل والخيال والذوق ، وقد كانت في القديم تعتبر وسيلة من وسائل نشر الثقافات والمعارف بين الامم ، اما الان وبسبب التطور الهائل الذي حققته البشرية في حقول العلم والمعرفة واختصار المسافات بين الشعوب اصبح للقصة شأن كبير وبالأخص عندما تم استخدامها في اعمال فنية تقدم على خشبة المسرح للاطفال .
ونظرا لما تحدثه القصة من اعجاب في نفوس الاطفال ، فقد رد بعض علماء النفس هذا الاعجاب الى كون القصة او الحكاية لونا من الوان الايهام الذي يشكل جزءا مهما من ذهنية الطفل التي تدفع به دائما للقيام بأعمال تجسيدية او تمثيلية يشبع من خلالها عنصر الخيال لدية .
كما يرى علماء نفس اخرون ان القصة اضافة الى كونها لونا من الوان اللعب الايهامي فهي تشبه الحلم بالنسبة للاطفال الصغار ففي القصة مجال لهم لاعادة الاتزان الى حياتهم حيث يجدون فيها شخصيات تشبه من بعيد او قريب الشخصيات التي يقابلونها في الحياة والتي يتعاملون معها .
ان الاطفال من خلال اندماجهم باحداث القصة يستطيعون ان يكشفوا انفسهم ،ومن الناحية العقلية يدفعون حدود عالمهم المحدود الى كما يتخطون الحدود التي فرضتها عليهم القوى الاجتماعية ومستويات العالم المالوف . حيث تجدر الاشارة هنا الى ان الاطفال باطلاعهم على القصص يكونون قد تخطوا ابعاد الزمان والمكان اذ من خلال هذه القصص يستطيعون كشف حقائق الماضي وقيمه وافكاره ومعارفه ، اضافة الى حقائق الحاضر الذي يعيشوف فيه ... وما القصة الممسرحة سوى وسيلة لتقديم ذلك بطريقة ممكنة ان نجعل الاطفال يأنسون بها وبأحداثها ،وتكون بالنسبة لهم مصدرا من مصادر الاثارة والمتعة والبهجة والفرح . كما وان وظيفة القصة تذهب الى ابعد من ذلك بكثير لأنها تقدم للطفل ينبوعا معرفيا يستطيع من خلاله الرد على كثير من التساؤلات التي تتعلق بطبيعة وحقائق الامور من حوله ، فالقصص التي تدور من حول افكار واشخاص وحوادث خارجة عن نطاق شخصية الطفل .، تعتبر مصدرا مهما لتنمية افكاره عن الاشياء فالطفل اليتيم الاب قد يكون متعطشا الى الاستماع الى القصص التي تمنحه فكرة واضحة عن الاباء ماذا يفعلون ، والطفل الذي يشاجر والده تكون حياته المنزلية مشحونة بالتوتر ،وينقصها الاستقرار ،قد يكشف من خلال القصص التي يسمعها او يقرأها ان ثمة اسرا تعيش في طمأنينة وتسود بين افرادها علاقات طيبة وان هناك طرقا اخرى لمواجهة المشكلات غير المشاجرات وخلق الاجواء المتوترة التي يعاني هو منها في بيته ، وفي اثناء سرد القصة او عند قراءته لها قد يجد خبرات جديدة تعوضه عما يتعرض له في بيته من كبت وتوترات كما يجد فيها ما يرضي حاجاته النفسية الملحة .
ان مدى تأثير القصة الممسرحة على الاطفال نراه واضحا كل الوضوح من خلال الاندماج الشديد يبدو انه حيال المشاهد التي تعرض امامهم فهم احيانا يستغرقون في الضحك لفترة طويلة ، ويعمدون للصياح والاختباء تحت المقاعد احيانا اخرى اذا ما شاهدوا موقفا مثيرا يدعوهم لذلك . كما يمكن تمثيل القصة غرس قيم كثيرة في نفوسهم كالشجاعة والصدق والجمال ... فمثلا اذا اردنا ان نغرس في نفوسهم صفة من الصفات الحميدة ، يمكننا ذلك عن طريق تقديم مسرحية بسيطة تتالف من مشهد واحد ويمكن لمعلم الصف في هذه الحالة ان يسمح لكل تلميذ ان يقوم بدور البطولة وبهذا تكون الفرصة كافية امام الواحد منهم لكي يتقمص شخصية البطل الشجاع . ومن ثم لا يلبث هذا السلوك الشجاع ان يلتبس الشخصية المؤدية ويصبح جزءا لا يتجزأ من كيان التلميذ النفسي والعقلي ويصير سلوكا في حياته العامة .
اضافة الى ما تقدم ، فأننا نرى بأن القصة التي يجري تمثيلها على خشبة المسرح تساعد الاطفال على تطهير ذواتهم ، ومعالجة ما فيها من سلوك مستهجن ، حيث لاحظ علماء النفس ان التمثيل له اثره في علاج المشاكل الفردية التي تشمل الخجل وعدم الرغبة في التعامل مع الناس . وبالاخص عندما يقوم التلميذ المجسد بتجسيد السلوك الشاذ فيه . وشكرا