من بدأ حرب الخليج الأولى؟
زاهر موسى
برغم اننا نعيش الذكرى السنوية لنهايتها، إلا أن جزءا من شعبنا في مواقع التواصل - وفي كل عام - يستغل ذكرى انتهاء حرب الخليج الأولى لتحميل مسؤولية بدئها العراق او إيران، حتى بات الموضوع جدليا عند المتطرفين او الجهلة، والواقع ان الأمر ليس جدليا ابدا.
المثير للاهتمام هو انشغال العراقيين بالجدل حول مسؤولية نشوب الحرب في الذكرى السنوية لنهايتها - الثامن من آب - وليس في الذكرى السنوية لبدايتها - الرابع من أيلول بحسب نظام صدام - لسبب مجهول، وربما لان العقل الباطن للمتجادلين غير واثق من موعد بداية الحرب على كل حال وليس مستعدا لتبني رواية محددة عنه، وعلى العكس، يحتفل الإيرانيون بأسبوع الدفاع المقدس سنويا انطلاقا من 22/ 9 وهو موعد بدء الحرب ضدهم كما يؤمنون.
بالمحصلة، قيل الكثير عن البادئ للحرب عراقيا، وللحيلولة دون ذهاب البعض نحو الاتهامات الجاهزة، يفترض ان نلجأ إلى الجهة التي قبل بها العراق وإيران ضامنا دوليا لعدم غدر أحدهما بالآخر لاحقا وهي الأمم المتحدة، وهذه المؤسسة ليس افرادها من جنسية واحدة او دين واحد أو لون واحد، وقبول الطرفان بقراراتها يعني بالضرورة حيادها، فما الذي قالته الأمم المتحدة عن بدء حرب العراق وإيران؟.
بعدما صادق مجلس الامن الدولي على القرار 598 تم اختیار وفد بلجيكي في اطار تنفيذ البند الـ6 لهذا القرار وتكليفه للكشف عن الدولة البادئة بالاعتداء والحرب وتقديمها الى الامين العام للامم المتحدة وهو خافيير بيريز ديكويلار.
وقدم هذا الوفد تقريرا في 9 من شهر كانون الاول عام 1991 الى الامين العام للامم المتحدة فی حینه؛ لیتم الاعلان بان العراق هو من بدأ الحرب على ايران وذلک وفقا للوثائق التي عرضها الامین العام على مجلس الامن خلال جلسة رسمية فی هذا الخصوص.
هكذا هو الأمر وببساطة، ولمن سيقول بأن شعارات تصدير الثورة ودعم المعارضة العراقية هي من تسببت بالحرب، فليكن في علمه ان العراق استضاف كل أصناف المعارضة الايرانية (اسلاميون، ملكيون، شيوعيون، قوميون) منذ الستينات وحتى قبل أعوام، وأن العراق بدأ دعاية استعادة الأحواز منذ مطلع السبعينيات باعتبارها "كشمير العرب"، كما أن العراق وقّع ميثاق الدفاع العربي في شباط 1980 وهو ميثاق عدائي عن جزر في منتصف الخليج لا شأن لنا بها.
ولمن سيقول ان إيران اطالت أمد الحرب، فهذا خلاف لرفض العراق قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 479 في 28 أيلول 1980 الداعي لوقف إطلاق النار رغم انه كان داخل الأراضي الايرانية بعمق 200 كلم بل انه اعتبر هذه الأراضي ملكه وهي مليئة بآبار النفط كما هو موضح في الخارطة، ولكن وفي حزيران 1982 وبعد استعادة الجيش الإيراني عبادان والمحمرة وبدأ شن هجمات في عمق الأراضي العراقية، عاد العراق متأخرا وقبِل قرار وقف إطلاق النار الصادر عن مجلس الأمن بعد أن اصبح بلا قيمة.