بقلم: عبير المنظور
في صحراء نينوى أسدلَ الليلُ ستارَه بعدَ يومٍ عادلَ الدهرَ كُلَّه!
يومٌ فُصِلَ به رأسُ سيّدِ شبابِ أهلِ الجنة عن جسدِه، ولكُلٍّ من الرأسِ والجسدِ مُصيبتُه!
فالرأسُ أُرسِلَ إلى ابنِ زيادٍ في الكوفة مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم..
وُضِعَ الرأسُ الشريفُ في مخلاةٍ، وسُجِنَ في تنورِ بيتِ خولي، وسطعَ منه نورٌ وصلَ إلى عنانِ السماء..
ويا للعجبِ... رأسُ سليلِ خيرِ الأنبياءِ يُهدى إلى أبناءِ الأدعياء!
أمّا الجسدُ فبقيَ مُثخَنًا بالجِراحاتِ والطعناتِ على تلك الرِّمالِ الساخنة..
بينَ الأشلاءِ المُتناثرةِ من الأهلِ والأحِبّةِ وصرخات اليتامى، ونحيبِ الأيامى، ونشيجِ الثكالى في توديعِ العائلةِ لهذا الجسدِ السليبِ والمُهشَّمِ بسنابكِ الخيولِ، وهي مُقيّدةٌ بالحِبالِ والسلاسلِ، ومحمولةٌ على الإبِلِ بغيرِ وطاء في موكبِ السبايا المُتجهِ إلى الكوفةِ، وكلماتُ العِتابِ والتوديعِ تتناثرُ مع الأدُمعِ الهاشميةِ الحرّى..
ترى أيّ المُصيبتينِ أعظم على الحُسينِ (عليه السلام)؛ مصيبة رأسه، أم مُصيبة جسده؟