بقلم: عبير المنظور

شمسٌ أثخنَتْها الجراحُ!
وامتلأ جسدُها بالسهامِ والنِبال!
وتُرمى بينَ حينٍ وآخرِ بالحجارة!
وهي لا زالتْ تقاتلُ لطلبِ الإصلاحِ في أُمّةِ جدِّها...
بقيَتْ شمسُ الإمامةِ وحيدةً...
لا من أبناء يذبّون عنها، ولا أبناء عمومةٍ، ولا أصحاب...
ولا من قمرٍ مُنيرٍ يُنيرُ حلكةَ تلك السويعاتِ رغمَ ظهيرتِها اللاهبة!
فالقمرُ قُطِعتْ ذراعاه...
وأُطفئت عينُه، وتهشّم رأسُه...
وبقيَ رهينَ شريعةِ الفرات...
ولا من نجومٍ تحيطُ بسماءِ قمره...
تتعلّمُ منه الإيثارَ والوفاء...
أو تطلبُ منه شربةً من ماء ...
لم تبقَ من النجومِ إلا نجمةٌ علويةٌ ...
استقرّتْ في لُـجـّةِ الخيام...
تجمعُ حولَها أراملَ وأيتاماً ...
وشمسٌ عليلةٌ هي البقيةُ الباقيةُ...
لكنّها تتهيّأ للبزوغِ بعد لحظاتٍ ...
فشمسُ الحُسينِ (عليه السلام) شارفتْ على المغيب...
جلسَ الحُسين (عليه السلام) على الأرض ...
في مشهدٍ من مشاهدِ الطّفِّ أكثر وجعًا من فقدِ الأحِبّةِ من الأهلِ والصحابة ...
وأشدّ إيلامًا من الجراحاتِ والإصابة...
إنّها لحظةٌ لم يقوَ فيها على إكمالِ نهجِه في الوقوف بوجه الطُغاةِ والمُستكبرين الذين شوّهوا معالمَ دينِ جدِّه (صلى الله عليه وآله)...
جلسَ على الأرضِ ينوءُ برقبته...
فقد أزِفَ الموتُ وحانتْ تباشيرُه ...
فتطلّعَ إلى وعدِ اللهِ (تعالى) على الأرض ... العدالةِ الإلهيةِ المُتجسّدة ...مهدي هذه الأُمّةِ من عِترتِه... الذي سيملأُ الأرضَ قسطًا وعدلًا بعدَ أنْ مُلئت ظلمًا وجورًا...
وأيّ ظلمٍ أكبر وأشدّ من هذا المشهدِ الذي انتهى إليه مالكُ بن النسر، وريحانةُ النبي على هذه الحالة، ثم شتمَه، ضربَه بالسيفِ على رأسِه، وكانَ عليه برنس فامتلأ البرنسُ دمًا!
هو ذا سيفُ شمرٍ قد هوى يسجُدُ على أعتابِ القداسةِ...
سيفٌ سجدَ نصلُه في محرابِ المَلَكوتِ...
وتوضّأ من دمِ نحرِ الحُسين ليُحرِمَ في رحبةِ الملائكةِ الحافّين بجسدِ الحسين يومَ عاشوراء...
ففي كُلِّ شلوٍ من أشلائه نورٌ إلهيٌ وجمعٌ ملائكيٌ، وعيٌ وعزمٌ وإباء...
هو ذا السيفُ يعتذرُ من نحرِ الحُسينِ (عليه السلام) بأنّ كفَّ اللعينِ تُمسِكُ مقبضَه لتهوي على نورِ اللهِ (تعالى) المُتجسِّدِ على الأرض ...
في سجداتِ السيفِ الاثني عشر تلك.. كانَ يُحاكي الإمامَ الحُسينَ (عليه السلام) فيها آلامَ ومُعاناةَ الأئمةِ الاثني عشر!
وأطالَ الفكرةَ في الضربةِ الثانيةِ عشر؛ ففيها آلامٌ وآمالٌ، لا يعرفُها إلا من قدّمَ نفسَه وأهلَ بيتِه قُربانًا لتحقيقِ وعدِ اللهِ (تعالى) على أرضه.
وا إماماه
وا حسيناه