إن البقع العاكسة اللافتة للنظر المتموضعة على جسم عنكبوت ثويتيسيا (Thwaitesia) هذا، تجعل منه بالتأكيد واحداً من أجمل العناكب. ”يشبه كرة الديسكو مع الكثير من المرايا“ هو الوصف الذي قدَّمه روبرت وايت، خبير العناكب في متحف كوينزلاند، وأسهب بالقول: إن البقع المتلألئة ”تُبَدِّد الضوء وتجعل من رؤيته أمراً صعباً بالنسبة للحيوانات المفترسة“.1
تُعرف شعبياً باسم ”عناكب المرآة“ أو ”العناكب البرَّاقة“، وهي نوع من الثويتيسيا التي وحتى الآن لم تتم دراستها إلا بشكل محدود نسبياً. أما في الأنواع التي تمت دراستها بشكل أوفى والتي تتمتع ببُقَع مماثلة سواء كانت بيضاء اللون أو فضية، فإنه من المعروف أن الصِّبغة المسببة [لذلك] هي الجوانين (التي بدورها تشكّل أحد مكونات الحمض النووي DNA). التي وعلى عكس صِبغة البيلين الزرقاء أو الخضراء (كما في العناكب الصيادة [huntsman]) أو الأصبِغَة الحمراء- البُنِّية- الذهبية- الصفراء- الأرجوانية- والسوداء (على سبيل المثال كما في العناكب ذات الظهر الأحمر [redback])، لا يُعتبر الجوانين صِبغة ”تقليدية“ كونه وببساطة يعكس للضوء.
ان الجوانين هو منتج ثانوي [فضلات] تقوم العناكب بتخزينه بشكل بلّوريّ آمن وغير مائع في خلايا متخصصة تُدعى guanocytes [أي خلايا الجوانين اللمفاوية]، تتموضع بشكل مباشر تحت الجلد [القشرة]. يُحَدِّد كل من الشكل البلوري وترتيب [هذه الخلايا] اللون واللمعان [الناتج].2
رُقَع ”المرآة“ ليست ثابتة، إنما يمكنها أن تتغير من ناحية الحجم في غضون جزء من الثانية
”إن بقايا الجوانين ليست متواجدة في قشرة [غلاف] العنكبوت عن طريق الصدفة، وليست مجرَّد ترسُّب عشوائي غير مرغوب به للجوانين تحت البشرة المتصلّبة“، هذا ما كتبه أحد خبراء العناكب، مشيراً إلى الثبات [التكرار] في الشكل والتموضع بين أنواع العنكبوت البيضاء أو الفضية.3 وأكثر من ذلك، إن رُقَع ”المرآة“ ليست ثابتة، إنما يمكنها أن تتغير من ناحية الحجم في غضون جزء من الثانية.
حين تتعرض للازعاج – خاصّة عندما يضطر العنكبوت للسقوط المفاجئ من شبكته – فإن بُقع الجوانين العاكسة4 تتقلّص وبشكل مفاجئ أو حتى أنَّها ”تختفي بشكل شبه كامل“.2 وهكذا يغيّر العنكبوت لونه إلى لون أقرب إلى الأسمر، بحيث أنّهُ يكون أكثر تجانساً مع لون مُحيطه. ويستغرق الأمر عدّة دقائق إلى أن يستعيد ”المرايا“ مرّة أُخرى. في حين ”أنَّه ليس من الواضح تماماً الكيفية التي تتم من خلالها هذه الظاهرة المثيرة للإعجاب“، تم العثور على عضلات محزّزة ناعمة في خلايا الجوانين في أحد العناكب. وربما يكون تقلّص هذه العضلات سببا في الإنكماش السريع لبقع الجوانين.