07 - March - 2013
هل نحن نواجه فعلا حربا إلكترونية؟

هناك مخاوف متزايدة من احتمال وقوع هجمات إلكترونية


جوناثان ماركوس_ مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية
قبل أسابيع قليلة، كنت واقفا قرب أحد خطوط السكك الحديدية في بلدة غيترسبيرغ بولاية ميريلاند، عندما قطع قطار شحن من نوع "سي إس إكس" أحد المزلقانات، وهو يصدر نفيرا تحذيريا من بوقه، إضافة إلى الأجراس المعلقة في ذلك المزلقان.
وعلى الرغم من أن المسافرين في الغالب أصبحوا لا يعتمدون على السكك الحديدية الأمريكية في سفرهم، فإن قطارات الشحن مازالت تعتبر وسيلة أساسية تساعد على تقوية الاقتصاد الأمريكي.
وكما هو الحال مع كل قطاعات البنية التحتية الأخرى، فإن السكك الحديدية يتحكم فيها من خلال أنظمة رقمية معقدة.
وتتزايد المخاوف من أن تقع أجهزة الحواسيب تلك فريسة لهجمات قرصنة، شأنها في ذلك شأن كل أنظمة الدعم الإلكتروني التي يعتمد عليها المجتمع الحديث.
وتحدث ليون بانيتا العام الماضي، عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع الأمريكي، عن احتمال تعرض البنية التحتية، ومرافق النقل في الولايات المتحدة الأمريكية، لهجمة إلكترونية "مدوية".
كما أن الرئيس الأمريكي أوباما كان قد حذر منذ بضعة أسابيع، في خطاب "حالة الأمة"، من وقوع مثل تلك الهجمات.
وقال "نحن نعلم أن هناك مجموعة من قراصنة الإنترنت تقوم بسرقة الحسابات الإلكترونية للناس، ويمكنها التسلل إلى بريدهم الإلكتروني الخاص.

السكك الحديدية إحدى البنى التحتية المعرضة لهجوم إلكتروني

كما ندرك أيضا أن بعض الدول والشركات تتلصص لمعرفة أسرارنا الداخلية. ويعمل أعداؤنا الآن للوصول إلى ما يمكنهم من تهديد شبكات الطاقة، ومؤسساتنا المالية، وأنظمة المراقبة الحيوية لدينا".

خدمات رئيسية

واستجابة للمخاطر الرقمية المحتملة الحدوث، بدأت مئات الشركات الخاصة في الظهور. ويمكن لتلك الشركات أن تعمل على مواجهة تلك المخاطر التي أخبرني شون هنري "بأنها عالية".
وقال هنري، وهو مدير تنفيذي مساعد سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي كان مسؤولا عن تحقيقات المكتب الخاصة بالإنترنت حول العالم "بخلاف وجود سلاح دمار شامل يتهدد مدينة كبيرة، يعتبر التهديد الإلكتروني واحدا من أهم التحديات التي نواجهها".
ويشغل هنري الآن منصب رئيس شركة "كراود سترايك"، التي تعمل في مجال حماية الشركات من قراصنة الإنترنت.
وأضاف هنري "يعتمد كل ما نقوم به يوما بعد يوم، على الاتصالات الإلكترونية، بما في ذلك كل بياناتنا التي يجري تزويد الشبكة وقطاع الخدمات المالية بها، إضافة إلى البنى التحتية الرئيسية لدينا، وشبكة الطاقة الكهربائية، وأنظمة توزيع المياه".
وأكد هنري على يقينه بأن هناك مجموعات تعمل وبنشاط على استهداف العالم الغربي، وإلحاق الضرر به، من خلال هجمات على الشبكة الإلكترونية.
وأردف قائلا "إذا ما حدث شيء من هذا القبيل، أعتقد أننا سنكون في مواجهة مضاعفات خطيرة".
وقد أظهر إعصار كاترينا، الذي ضرب الولايات المتحدة، السرعة التي يمكن لمجتمع متقدم من خلالها، أن يبدأ في الانهيار، إذا ما لحق الدمار بالخدمات الرئيسية فيه.
وقد أخبرني مايكل تشيرتوف، الذي كان وزيرا للأمن القومي آنذاك، أن التهديد الذي تمثله الهجمات الإلكترونية يعد أمرا حقيقيا.
وأضاف "نحن نتحدث الآن بينما تتعرض -وكما هو الحال في كل يوم- البنية التحتية للملايين من الهجمات، التي قد تستهدف سرقة المعلومات، أو قد تستهدف أيضا الملكية الفكرية".
وأكد تشيرتوف على وجود احتمالات كبيرة لأن يلحق الضرر والدمار بالأنظمة المتصلة بشبكة الإنترنت التي قد تكون مسؤولة عن التحكم في بعض العمليات".

مدينة إلكترونية

وفي ولاية نيوجيرسي الأمريكية، يستعد إيد سكاوديز لمجابهة حدوث محتمل لمثل تلك الكوارث.
وفي مكتبه الذي يحوي عددا من التحف القديمة الباهظة الثمن، يوجد هناك نموذج لسكك حديدية تستخدمها الهيئات الحكومية والشركات الخاصة، لمحاكاة ما يمكن أن يحدث، إذا ما حاول قراصنة الإنترنت السيطرة على البنية التحتية الرقمية للمدينة.
وقال سكاوديز "عملنا على إنشاء نظام مدينة إلكترونية (سايبر سيتي)، يضم 15 ألفا من السكان تمثلهم بيانات تضم سجلات المستشفيات لديهم وعلاقاتهم الأسرية، حيث يمكنك، على سبيل المثال، معرفة الرابط بين اثنين من أولئك الأفراد".
وتابع قائلا "يضم النظام سجلات هؤلاء البنكية، كما أن لديهم حسابات شخصية على الموقع الاجتماعي لدينا، ومن ثم فإن قراصنة الشبكات يمكنهم الاطلاع على العلاقات المختلفة، ثم يحاولون معرفة ما يمكنهم استخدامه في الهجمات التي سيوجهونها إلى المدينة".

مخاطر حقيقية؟

ومن المؤكد أن لغة قراصنة الشبكة مدمرة. إلا أنه، ومع الانخفاض في ميزانيات الدفاع، يعتقد البعض أن التهديد الإلكتروني قد أصبح شديد الخطورة.
إلا أن توماس ريد، وهو محاضر في قسم دراسات الحروب بكلية "كينغز لندن"، له نظرة أخرى حول مدى إمكانية وقوع ذلك الخطر، ويحمل عنوان كتابه الجديد اسم "الحرب الإلكترونية لن تحدث!".
ويرى ريد أن الحديث عن وقوع سيناريو هجمة إلكترونية عارمة أمر مبالغ فيه.
وقال: "إذا ما تحدثت إلى بعض المسؤولين في البنتاغون، فمن الممكن أن يعترفوا أن مثل تلك التصريحات مبالغ فيها، حيث إنها مفيدة للأغراض السياسية، وذلك للضغط على الكونغرس من أجل تمرير قانون الأمن الإلكتروني".

مدينة إلكترونية صغيرة أنشئت لتخيل الهجمات المحتملة

كما أن سكاوديز يعترف أن ثمة تضخيما في الحديث عما يخص القرصنة الإلكترونية، إلا أنه يؤكد على أنه لا تزال هناك مخاطر حقيقية وراء ذلك.
وتابع قائلا "كما يمكننا رصد بعض هجمات القرصنة التي نجحت، واستطاع قراصنة الإنترنت من خلالها التحكم في العناصر داخل شبكة الكهرباء، أو أي من البنى التحتية المهمة الأخرى، وكان بإمكانهم أن يستغلوا ذلك للقيام بأشياء خطيرة".
لذا، فإن المخاوف من حدوث هجمة إلكترونية مدمرة دفعت الولايات المتحدة لتعزيز دفاعاتها، ويعمل البنتاغون على تكليف 4000 من موظفهم لمجابهة تلك الهجمات الإلكترونية.
كما وقع طلب رئاسي من شأنه أن يعمل على حماية البنية التحتية الأساسية في الولايات المتحدة من هجمات قراصنة الإنترنت، إذ إن مجال الحماية في مواجهة هجمات القرصنة آخذ في الاتساع بطريقة تتنافس فيها الشركات الخاصة والعسكرية على الاستئثار بالنصيب الأكبر.
مواضيع سابقة

الجيش الامريكي يتدرب في "مدينة الكترونية" ضد الاختراق


يتدرب الجنود عادة على نماذج للمدن والبلدات

انشأ الجيش الامريكي نموذجا مصغرا "لمدينة الكترونية" في نيو جيرسي كاملة المرافق من حيث وجود مصرف مالي ومستشفى ومحطة مياه ونظام سكك حديدية وشبكة كهرباء ومقهى بغية توفير دفاعات ضد الاختراق. وتتميز المباني بصغر الحجم لكنها تخضع لانظمة كمبيوتر تحاكي حالها في الواقع.
وتهدف التدريبات الى تدريب "محاربين الكترونيين" تابعين للحكومة الامريكية على التصدي للهجمات.
ويعتقد الخبراء ان تلك الهجمات التي تشن على البنى التحتية المهمة ربما تصبح الاوسع انتشارا على ارجح التقديرات.

خسائر واقعية

انشأت مؤسسة سانس انستيتيوت المعنية بتنظيم التدريبات الامنية مدينة نيت وورس سايبر سيتي الالكترونية استجابة للتحديات التي تواجه الجيش الامريكي.
وسوف تبدأ المؤسسة في ارسال مخترقين تابعين للحكومة في مختلف المهام اعتبارا من ديسمبر/كانون الاول.
وستتضمن التدريبات التصدي لهجمات افتراضية على شركة كهرباء ومستشفى ومحطة مياه وخدمات المواصلات.
وقال اد سكوديس مدير مدينة سايبرسيتي " صممنا ما يزيد على 18 مهمة كل منها بمثابة تحديات للمشاركين بغية ابتكار استراتيجيات وتوظيف المهارات في سبيل احباط هجمات بالكمبيوتر تفضي الى خسائر جسيمة في الواقع".
وتتباين فترات اتمام المهام بين ساعات وايام.

فقدان السيطرة

قال اريك باسيل مدير مؤسسة سانس انستيتيوت ان تعزيز الفهم الجيد لمكامن الضعف في المدينة قد يكون بالغ الاهمية لاسيما بعد تزايد الهجمات بالكمبيوتر التي تشنها الدول وكونها صبحت اكثر تطورا.
واضاف "عندما تفقد السيطرة على الفضاء الالكتروني، حينئذ تفقد السيطرة على العالم المادي".
وقال باسيل "شاهدنا ادلة تفصيلية لدول اجنبية تخترق شبكات الكمبيوتر لدى شركات الخدمات المالية لدينا والبنى التحتية المهمة."
واضاف ان مثل هذه الهجمات استمرت لسنوات، غير ان جهود التصدي لها محدودة.
وقال انه بالاستعانة بمدينة نيتوورس سايبرسيتي "يراودنا الامل في تحقيق انجاز مذهل من خلال تقديم خط جبهة من المدافعين الالكترونيين يتميزون بمهارات لازمة وتدريب ذاتي على التصدي لهجمات الانترنت واستعادة السيطرة على الفضاء الالكتروني."
وبالنسبة للمستشار الامني ألان وودوورد، تمثل مثل هذه المدنية عملا فعالا.
وقال ان هذه النماذج من المدن ستصبح اكثر تطورا وان كانت دوما محدودة.
وأضاف "كل ما في الامر هو توفير تدريب على الدفاع والاستجابة لوضع ولكن دون منع الهجمات."
الولايات المتحدة تستعد لأول هجوم إلكتروني كاسح

الهجمات الإلكترونية قد تلحق أضرارا بالولايات المتحدة بنفس قدر الأضرار التي ألحقتها هجمات 11 سبتمبر

حذر وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا من أن الهجمات الإلكترونية قد تلحق أضرارا بالولايات المتحدة بنفس قدر الأضرار التي ألحقتها هجمات 11 سبتمبر2001.
وقال ليون بانيتا إن بلاده بصدد التحضير لتدابير استباقية إذا تبين وجود خطر إلكتروني محدق، مشيرا إلى أن المخابرات الأمريكية أفادت بأن " ناشطين أجانب" يستهدفون أنظمة التحكم التابعة لهياكل الخدمات والصناعة والنقل، وأنه يجري إعداد وسائل متطورة لحماية الحواسيب الأساسية في أنظمة التحكم، من أي ضرر.
وأوضح بانيتا في خطاب أمام رجال أعمال على متن حاملة الطائرات إنتربيد التي حولت إلى متحف، ان "أي دولة معادية أو جماعة متطرفة يمكنها أن تتحكم في محولات أساسية وتحرف قطار مسافرين عن السكة، وقطار شحن مواد كيماوية قاتلة".
وأضاف أنه "بإمكانهم تلويث المياه في المدن الهامة، أو قطع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من البلاد"، " فإن هجوما إلكترونيا بمثل هذه القوة يمكن أن يشل الأمة، ويبث شعورا جديدا بالهشاشة"، موضحا أن " هجمات إلكترونية أقل حجما، أصبحت معتادة اليوم".
وأفاد أن العديد من الشركات الأمريكية الكبيرة تعرضت الأسابيع الماضية إلى هجمات تمثلت بقصفها بحجم كبير من المعلومات. هذا إضافة إلى استهداف الشركات البترولية في قطر والعربية السعودية إلى هجمات فيروس شامون، الذي حاول استبدال معلومات الحاسوب. وقد ألحق شامون أضرارا بنحو 300 ألف جهاز.
وأضاف أن "وزارة الدفاع الأمريكية طورت وسائلا حديثة لتتبع المهاجمين، وتعد قوة إلكترونية للقيام بعمليات عبر شبكة الحواسيب. وتجري حاليا تغييرات على قواعد نشاطها، التي تحدد متى يمكنها أن تواجه التهديدات الكبيرة بسرعة".
وقال إنه "على المهاجمين المحتملين أن يدركوا أن الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على تحديد مواقعهم ومحاسبتهم على الأضرار التي يلحقونها بأمريكا وبمصالحها".