شخصيتان تاريخيتان أحببتهما لخاتمتيهما اللتين انتهتا بهما حياتهما رغم تاريخهما الأسود ومواقفهما المخزية وهما (بشر الحافي والحر بن يزيد الرياحي) ولكن الخاتمة السعيدة كانت لهما بمثابة جواز المرور إلى السعادة فسجلا اسميهما ضمن أسماء الخالدين والفائزين برضا الله ورسوله وآله.
الأول كان يعاقر الخمر ويعاشر النساء ولا يبارح قصره الغناء والطرب ولكن حدث له موقف قلب حياته رأساً على عقب، عندما أبلغته جاريته بما قاله الإمام موسى الكاظم عليه السلام في حقّه عندما قال: “لو كان عبداً لما عصى الله”، وهنا أدوت الكلمة في عقله وأحدثت صدعاً في قلب بشر الحافي، تسرّبت إليه الهداية واليقظة وعلم أن منعطف حياته الجديد انطلق بعد هذا الموقف فهرول ناحية الإمام وانكب على قدميه يقبلهما ويطلب منه الصفح والتوبة وتحولت حياة بشر منذ تلك اللحظة إلى حياة النور والهداية والعبادة والاستغفار.

الشخصية الثانية ارتبطت قصته بالإمام الحسين عليه السلام وهو قائد عسكري في جيش ابن زياد وكُلّف باقتياد ركب الحسين ناحية مكان لا يوصله للكوفة ولا يعيده للمدينة وشهدت مواجهته بالإمام الحسين بعض الأحداث -تعرفونها جيداً- أعادت تشكيل شخصية الحر من جديد وخلقت منه إنسانًا آخر جعلته يختار موقف الحق ويختم حياته بشكل يمجّده التاريخ ويثني على خاتمته السعيدة حتى هذه اللحظة.
يقول علماء الإدارة إن تقييم الأمور في خواتيمها ولذلك ملامح النجاح الحقيقية لا يعوّل عليها منذ الأشواط الأولى فالخاتمة لها كلمة أخرى قد تعكس التوقعات لذلك يجب علينا أن نعقد العزم على تخطي الأمتار الأخيرة بنجاح وألاّ نتعرض للخيبة والفشل كما حدث لخاتمة إبليس الذي كان عند الله من الملائكة العابدين وبسبب عناده وغروره وطمعه عصى الله ولم يسجد لآدم وقال قولته الشهيرة “أأسجد لمن خلقتهمن طين وأنا خلقتني من نار”، وتكررت هذه الخواتيم
لكثير من الناس الذين ظنّوا أن السعادة الحقيقية في الدنيا ونسوا أنها في الآخرة وهذا ما وقع فيه عمرو بن سعد حيث وجد نفسه محاصراً بين ملك الريمن جهة ونصرة الإمام الحسين (ع) من جهة أخرى وآثر خاتمة إبليس فخسر الدنيا والآخرة.
الختام هو مسك رحلتنا في هذه الدنيا القصيرة وهي تلك النقطة التي نبحث عنها في آخر سطر من سطور حياتنا، فلنجعل نهاية هذه العلاقة جميلة وسعيدة حتى نلقى الله بوجه أبيض “لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.