يدفع موصليون ثمناً باهظاً لأخطاء الأطباء في المحافظة. ويبدو أن القانون الذي يسمح بنسبة تصل إلى 5 بالمئة من تلك الأخطاء يخلف الكثير من الضحايا.
في الموصل قصص مختلفة عن ضحايا تلك الأخطاء، ومنها فاتن احمد (34 عاماً) من مدينة الموصل التي فقدت أطرافها السفلى بسب خطأ طبي عند ولادة ابنها البكر.
وتقول فاتن، في حديث لـ"ألسومرية نيوز"، "ولادة ابني احمد لم تكن طبيعية وإنما عن طريق عملية قيصرية أجريت في مستشفى البتول في الموصل، وبعد الولادة بعدة ساعات شعرت بخدر في أطرافي السفلى ومع مرور الوقت بدأت افقد الشعور بقدمي وصرت لا أقوى على المشي".
وتضيف فاتن "التجأت الى الأطباء وأجريت فحوصاً كثيرة، وقدم لي الأطباء أنواعاً عديدة من العلاج من اجل إعادة الحياة الى قدمي لكن دون جدوى بل ان بعض العقاقير والأدوية أدت إلى مضاعفات أخرى، حتى أن طفلي أحمد أصابته الأعراض ذاتها".
وتوضح فاتن سوء حالتها "بعد عجز الأطباء عن شفائي قالوا انه يجب أن أتوجه المشايخ أو السادة وفعلت ذلك، لكنني لم أجد أي تحسن في مرضي أو حتى بادرة تشعرني ببصيص أمل فعدت الى الطب مرة أخرى لعلي أجد الأمل في تخليصي من الكرسي المتحرك".
وتستمر قصة فاتن مع الأخطاء الطبية، حيث نصحها الأطباء بأن تلجأ إلى الأعشاب. وتتابع نفذت النصيحة الجديدة، لكنني فشلت من جديد وتضاعفت حالتي إلى درجة تعرضي إلى فما اضطرابات نفسية وجسمية واثر سلبا على أعضاء أخرى من جسمي".
وتكتشف فاتن، أخيراً، إنه وبعد مرور ستة أعوام قضتها على الكرسي المتحرك أن الخطأ كان سببه الطبيبة التي أشرفت على الولادة حيث قطعت جزءاً شعيرياً يغذي أعصاب الساقين بالدم".
وتحمل والدة فاتن القانون العراقي الأضرار التي يسببها الخطأ الطبي. وتقول "لو كان القانون العراقي مع المريض لما جرى لابنتي هذا الشيء ولكنه مع الأسف يقف إلى جانب الطبيب، الذي يرتكب أخطاءً يتحمل مسؤوليتها وتبعاتها المواطن، والذي في حال نجا منها يتحول إلى ضحية كما هو حال فاتن".
وتضيف والدة فاتن "عرضنا فاتن على عدد كبير من الأطباء لكن من دون جدوى. وبرغم ذلك نحن ننتظر أن نجد يوماً علاجاً لمرضها".
ويعتقد ناشطون مدنيون بأن ضحايا الأخطاء الطبية يصلون، في تقديرات غير رسمية، إلى المئات.
ويقول الناشط في حقوق الإنسان حسين الكوياني وهو عضو في إحدى منظمات المجتمع المدني في نينوى "سجلنا في الموصل العديد من الأخطاء وفاتن ليست هي الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة (...) هناك حالات عديدة تصل الى المئات وتتحمل مسؤوليتها الحكومة والبرلمان ومنظمات المجتمع المدني الذي لم يشرع قانون يحمي الإنسان من هذه الأخطاء ويحاسب المخطئ".
ويضيف الكوياني أن "القانون العراقي يعطي نسبة معينة مسوح بها للأخطاء الطبية، وهذه النسبة تجعل الأطباء خارج إطار المحاسبة والرقابة الحكومية".
من جانبه، يؤكد صلاح الدين ذنون، مدير عام صحة نينوى، في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "هناك نسبة 5 % مسموح بها من الأخطاء في مجال الطب والعمليات الجراحية في العالم"، فيما يشدد على أن "دائرة الصحة لم تسجل أي شكوى ضد أي طبيب معالج أو جراح"، لكنه يرجح بأن "الأخطاء في مستشفيات الموصل لكنها تكاد لا تصل الى ما موجود في بقية بلدان العالم".
ويؤكد نقابيون عراقيون أن "الأخطاء الطبية وما يعقبها من مشاكل دفعت بالكثير من الأطباء الى العزوف عن إجراء العمليات تخوفا من أي مضاعفات قد تحدث، مشيرين إإلى أن نسبة العمليات الجراحية قلت الى النصف خلال الأشهر القليلة الماضية.
وطالب مدير صحة نينوى "المواطنين الذين يقولون إنهم تعرضوا الى أمراض أو أضرار بسبب خطأ طبي تقديم شكوى وان ثبت ذلك فان الدائرة ملزمة بمحاسبة الطبيب قانونياً".
لكن الحوادث التي يتعرض لها المرضى في مستشفيات الموصل، توضح إلى حدٍ ما طبيعة الأخطاء التي يرتكبها بعض الأطباء.
ويقول محمود إدريس (28 عاماً) "خضعت لفحوص عديدة وطويلة وعريضة وفي النهاية وجد الطبيب انه لابد من إجراء عملية جراحية لاستئصال المرارة وطلب مني الدخول والرقود في مستشفى الموصل العام من اجل إجراء العملية".
ويضيف إدريس "في اليوم الثاني وبعد المبيت في المستشفى ودخولي الى صالة العمليات تم تخديري ولم استيقظ إلا بعد العملية، وحينها فاجأني بالطبيب بقوله إن خطأ حدث حيث أرجوا لي عملية لرفع الزائدة الدودية".
قصة إدريس هذا انتهت حين أدخلوه إلى صالة العمليات من جديد ليرفعوا له المرارة.
ويصف احد العاملين في مجال الطب التكميلي في الموصل إن "ما يجري في المستشفيات وخصوصا العامة منها والحكومية هو ضرب من الخيال (...) إذا ذهبت للعلاج للمستشفى فانك لن تحصل إلا على البرستول وكبسول الالتهابات أو ربما حقنة من أي نوع أخر".