كتبتُ هذا الموضوع بعد بحوث استغرقت مني وقتاً طويلاً وعنونتهُ بـ أكذوبة أرض الميعاد والتي هي دولة الإحتلال(اسرائيل) وحاولت من خلاله تقديم بعض الأدلة التي إرتأيتها كافية لتفنيد هذه المزاعم الباطلة ألا وهي أحقية بنو اسرائيل بارض فلسطين ويحتوي الموضوع على خمس عناوين وهي كالآتي(الفرق بين اليهود والصهاينة ،الصهاينة او بني صهيون ،من استوطن فلسطين أولا ، هجرة ابراهيم واكذوبة الميعاد ، الطريق الى تأسيس دولة ، كما ان هذا العمل عصارة من الكتب التي تناولَت هذه الاباطيل-ومن الله التوفيق-
الإهداء
إلی :
غسان کنفاني صاحب کتاب «أرض البرتقال الحزين» إلی «ناجي العلي» شهيد الرسوم الکاريکاتيرية إلی علي حسن سلامة القيادي البطل إلی أحمد ياسين مؤسس وزعيم حماس إلی جميع الشهداء أهدي هذا العمل ولن ننساکم أبداً وسنولد ونموت حاملين ذکراکم جيلاً بعد جيل ...
الفرق بين اليهود والصهاينة :
هناك خطأ شائع في الأوساط العربية المُناهضة لدولة الاحتلال وهو الخلط بين اليهود والصهاينة وهذا خطأ سوف أقوم بتصحيحه لیحکم فيه القارئ بإنصاف وبذلك يتبين لنا الفرق بين الدين والدولة ، إذ أن هنالك حرکة يهودية تُدعی(ناطوري کارتا) والّتي تعني باللغة العبرانية (حارس المدينة) وتتراوح اعدادهم ما بین الخمسة إلی عشرة آلاف فرداً(حسب الإحصائيات) وهم يعارضون بشدّة وجود دولة تسمّی إسرائيل علی الأراضي الفلسطينية وأماکن تواجدهم القدس ، لندن ، نيويورک وقد تأسست في عام 1935 وقامت الحرکة طوال سنين نشاطها تدعو إلی خلع الکيان الإسرائيلي - الصهيوني وإعادة الأرض إلی الفلسطينيين إذ أن عقيدتهم تقوم علی أن دولة إسرائيل لاتتم إلا بظهور المسيح ويعتبرون أي محاولة لإسترداد أرض إسرائيل هي مخالفة للإرادة الإلهية ..
وقد رفضت هذهِ الحرکة بقيادة الحاخام "أمرام بلو" دفع أي ضرائب لدولة الإحتلال وقد بلغ الأمر بأعضاءها أن يرفضوا الإقتراب من حائط البراق حيث قد تم تدنيسه من قبل الصهاينة وما إلی ذلك ...
او حرکة اخری تدعی (لیف طاهور) و التي تعني قلب نقي وهي حرکة صارمة دینیاً و سیاسیاً و لشدة معارضتها للصهیونية اطلق علیها تسمیة(طالبان الیهود) والحرکات الیهودیة المعارضة لدولة الاحتلال کثیرة وقد ذکرت الأشهر منها.
الان وقد ذکرت الحرکات المعارضة لدولة الصهاینة فقد توجب علي تبیین الفرق بین الیهودیه(الدیانة) و الصهاینة(الحرکة أو الدولة) :
الیهودیة کما هو معلوم هي دیانه ابراهیمیة ينسب المدینون بها إلی النبي یعقوب_علیه السلام_ واسمه اسرائیل في التوراة ولذلك سموا ببنو اسرائیل أي نسبةً لاسرائیل(یعقوب علیه السلام)
وهي دیانة قوميَّة أي أن الیهودي هو من ولدَ لأم یهودية لذا فإعتناق الیهودیة یتطلب من الشخص أن یتميّز بالعرق الیهودي –إلا في حالات نادرة-
الصهاینة او بني صهیون :
من واجبي ك مقارن بین الیهودیة والصهیونیة ينبغي علي أولاً:
البحث في دلالات کلمة صهیون وما معنی هذه الکلمة إصطلاحاً : تاریخیاً تعني کلمة (صهیون) الحِصن وهو تل قامت علیه مدینة القدس القدیمة وکما ورد فی العهد القدیم (2صموئيل7:5) انها المنطقة التي أقیمَ علیها حصن الیبوسیین إذن فکلمة صهیون هي في الواقع تلٌّ کانت تُقام علیه مدینة أو حصن للیبوسیین العرب(سیرد ذکرهم فی الفصل القادم) إلی أن وقع الحصن بأیدي العبرانیین ومن ثم أُقیمَ علیه هیکل سلیمان فإذا ذُکِرَت کلمة صهیون في العهد القدیم فإنها تعني مدینة اورشلیم هذا هو معنی کلمة صهیون إصطلاحاً أما أول ظهور سیاسي للصهیونیة(الديانة)کان من قِبَل مؤسسها والأب الروحي لها وهو النمساوي المجري (ثیودور هرتزل) وذلك بعد أن نشر کتابه (الدولة الیهودیة) وقام بعقد مؤتمر بازل في سویسرا عام 1897م والذي کان یدعو لإقامة وطن آمن ومعترف به قانونیاً للیهود في فلسطین!
إلی هنا إنتهیت من تبیین الفرق بین الیهودیة والصهیونیة وقلتُ إنّ الیهودیة دیانة تنتسب إلی إبراهیم -علیه السلام- ورسولها النبي موسی ولکن هذا لا یعني إطلاقاً ان الصهیونية في وادي والیهودية في آخر بل من الجدیر ان أذکر أن غالبیة الأفکار الصهیونیة مأخوذة من الدیانة نفسها والدلیل ما ذکرته عن مؤتمر بازل وما قاله ثیودور هرتزل في کتابه (الدولة الیهودیة) إن هدف الحرکة الصهیونیة هو : تنفیذ شریعة التلمود القائمة علی أسس الأسفار الخمسة بإنشاء وطن قومي یهودي فی فلسطین ثم یکمل : إن فلسطین وطننا القومي الذي لن ننساه .!
الفصل الثاني
من إستوطنَ فلسطین أولاً؟(الیبوسیین)
ساستهلُّ هذا الفصل بذکر مثال بسیط وأرید من القارئ أن یتمعَّن في المثال
لو کنتَ علی سبیل المثال زعیماً علی قوم ولسببٍ ما قمتَ بالهجرة من موطنك إلی أرض أخری خالیة من البشر وهناك وضعتَ حلّك وترحالك وبعد توالي العقود قمت ببناء منازل لقومك ثم جاء من بعدك أحفادك وشيّدوا فيها مدينة و بنوا بعدها مملکة وأقاموا فیها حکمهم ووضعوا قوانینهم(فکأني أقول الأرض لمن یطأها أولاً) والسؤال هاهنا من الأولی بهذه الأرض أنت وأحفادك أم قومٌ جاءوا من بعدکم بألفي عام؟ طبعاً وممّا لاشك فیه الأحقّية لك ولقومك وهذا موضوع لا یختلف فیه إثنان إلا إذا کانا هذان الإثنان صهیونیان!
ذکرتُ هذا المثال تمهیداً للفصل(من استوطن فلسطین اولاً؟) سأقول لك الیبوسیین العرب وقد تسألني ما الدلیل علی ذلك؟ اقول تابع القراءة.
هاجر الیبوسیین الشعب السامي الکنعاني مباشرةً من الجزیرة العربیة الی فلسطین وتحدیداً منطقة القدس(قبل تأسیسها)وذلک في الالف الثالث قبل المیلاد فضلاً عمّا إذا کانت هناك شعوب أخری تقطن هذهِ المدینة فلم تکن الیهود منها ابداً وسأثبت هذا بالأدلة في النصوص الآتیة.
وهناك قام الیبوسیین بقیادة ملکهم "ملکي صادق" ببناء مدینة یبوس(القدس) واطلقوا علیها اسم شالِم وهو اسم إله السلام عند الکنعانیین ثمّ حرّفت لاحقاً الی اورشالیم وقد کانت تسمی ایضاً ب "یبوس" نسبة لهم وإستقروا في المنطقة زمناً طویلاً حتی وصول بني اسرائیل في القرن الثاني عشر -أي بعد استیطان الیبوسیین للقدس بألفي عام!- واستولی بنو إسرائیل علی المدینة بقیادة داود وطردوا الیبوسیین منها وأقاموا فیها مملکتهم وحصّنوا المدینة وشیّدوا فیها الهیکل وبعدها تشتتَ شمل الیبوسیین ولم یرد لهم ذکر فی التاریخ إنتهی.
هجرة ابراهیم وأکذوبة المیعاد :
هاجر النبی ابراهیم الذی ولد في بابل الی عدة بلدان وظلّ یتنقل حتی إستقر اخیراً في فلسطین –وذلک فی عهد الیبوسیین- أي بعد هجرة الیبوسیین بألف وخمسمائة إلی ألفي عام ق.م وولدَ لهُ إسحاق ومن بعده یعقوب(اسرائیل) جد الیهود فإذا کان ابراهیم قد هاجر الی ارض فلسطین وعاش فیها غریباً الا یُعد توریث ابراهیم ومن بعده یعقوب لهذه الأرض من قبل الله تناقضاً؟ إلیکم أدلة غربة الیهود في أرض فلسطین
قصة الرجل الغریب الذی وفد مع جماعة له إلی مشارف یبوس وفیما هم عند یبوس والنهار قد انحدر جداً قال الغلام لسیده : «تَعالَ نمیلُ إلی مدینةِ الیَبوسِیَّین هذِهِ ونبیتُ فیها» فقال له سیَّدهُ: لا نَمیلُ إلی مدینةٍ غریبةٍ حیثُ لیسَ أحدٌ من بني إسرائیلَ هُنا.(سفر القضاة 11:19) ألیسَ من الغرابة أن یقول السید الإسرائیلي لغلامه : لا نَمیلُ إلی مدینةٍ غریبةٍ حیثُ لیسَ أحدٌ من بني إسرائیلَ هُنا؟لماذا عساه أن یقول هذا الکلام عن أرض أجداده
والآن لنذكر قصّة إبراهيم عندما همّ بتزويج ولده إسحاق :
2وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: «ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، 3فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ وَإِلهِ الأَرْضِ أَنْ لاَ تَأْخُذَ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، 4بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لابْنِي إِسْحَاق(سفر التكوين الإصحاح الرابع والعشرون 2:24)
عجيب !! إبراهيم صاحبُ الأرض يعدُّ نفسه ساكنٌ بين الكنعانيّين وأنّه غريبٌ بينهم وهذا حسب ماوردَ على لسانه ثمّ تأتي الصراحة التامّة والطامّة في آنٍ واحد في سفر التكوين عن يعقوب-عليه السلام-
وَسَكَنَ يَعْقُوبُ فِي ارْضِ غُرْبَةِ أبيه فِي ارْضِ كَنْعَانَ» سفر التكوين ، 1 : 37
أينَ سكَن يعقوب؟ يجيبنا سفر التكوين بصراحة فيقول في أرضِ غُربةِ أبيه! في أرضِ كنعان! ليست أرض فلّان ولا علّان بل أرضِ كنعان
فكيف يعيشُ المرءُ في أرضِ الميعاد غريباً؟ أقول لكم أنّ أرض الميعاد هذهِ أكذوبة وردَت في العهد القديم لجمع شتات اليهود وأدعو جميع إخوتي المسلمين عموماً والعرب خصوصاً إلى توحيد شملهم و النهوض من نومهم لأنّ أرض الميعاد هذهِ ليست فلسطينٌ فقط بل هي أبعد حدوداً وأكثر كما جاء على لسان أول رئيس وزراء لدولة الصهاينة بن جوريون :
حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ثمّ يكمل ومن البحر المتوسّط حتّى الفرات ومن لبنان حتّى نهر النيل أي المعني من كلامه أنّ دولتهم لا تكتمل إلّا بوجود بلاد الشام - لبنان ، الأردن ، سوريا ، فلسطين - العراق و مصر !!
هذهِ هي الآمال الصهيونية وهذا هو المُراد من أرض الميعاد أن تكون جميع هذهِ البلاد تحت سلطتهم إنتهى .
الفصل الثالث :
الطريق إلى تأسيس دولة(وعد بلفور) :
قال هربرت أسكويث رئيس وزراء بريطانيا والّذي إستقال من الوزراة بعامٍ واحد قبل صدور وعد بلفور
بعد إهماله مطالب الصهاينة في إقامة دولة في فلسطين :
(مازلتُ أعتقد كما إعتقدت من قبل أنّ الحديث في إتّخاذ فلسطين وطناً قوميّاً لليهود ضربٌ من الأوهام)
وبعدها بعامٍ من إستقالته من منصبه أي في الثاني من شهر نوفمبر 1917 تلقى ليونيل والتر روتشيلد( زعيم مالي البريطاني للحركة الصهيونية و صديق لحاييم وايزمان الّذي لعب دوراً مهمّاً في إستصدار وعد بلفور) خطاباً من آرثر بلفور(وزير الخارجية البريطانية) يقول فيه :
《يسرُّني كثيراً أن أُبلّغكم بالنيابةِ عن حكومة جلالةِ الملك أنّها تنظر بعين الرضا والإرتياح إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وإنها ستبذل خير مساعيها لتيسير الوصول إلى هذهِ الغاية ، على أنّه يجب أن يفهم فهماً صحيحاً أنه لن يُسمح بإجراء ما من شأنهِ أن يلحق الضرر بالحقوق المدنيّة والدينية للطوائف غير اليهودية التي تقيم في فلسطين أو تمس الحقوق والمزايا السياسية التي يتمتع بها اليهود في البلدان الأُخرى》
هذا هو ما يسمّى بوعد بلفور إختصاراً والوعد الّذي وعدهُ بلفور للصهاينة أيقضَ اليهود من آمالهم الّتي كانوا ينظرون إليها بالعين المستحيلة وأبدى لهم أحلامهم الّتي لطالما سعوا إلى تحقيقها و رأوا في وعد بلفور ثمرةً -يستطيعون أن ينالوها بأيديهم في وقتٍ قريب- بعدما كانت جلّ ثمارهم فاسدة !
ولذلك كان هذا الوعد الصادر من دولة عظمى كبريطانيا لا يجعلهم يشكّكون فيه وممّا جعلهم أشدُّ إستعداداً هو الضعف في الوطن العربي أثناء الحرب العالمية الأولى دول متفكّكة ، بلاد مستعمرة ، شعوب ثائرة ، والأهمُّ من ذلك لم تكن أي وحدة في البلاد العربيّة ..!
فقد إستطاعت بريطانيا أن تعقد إتفاقاً مع الشريف حسين لقيادة ثورة عربية ضد الترك وبذلك ستعترف بريطانيا بإستقلال البلاد العربيّة وتعمل على تطبيقها
وفي نفس الوقت كانت بريطانيا تبرم الإتّفاقات السريّة مع حلفائها وأبرزها الإتّفاقية المشهورة وهي إتفاقيّة سايكس _بيكو إنتهى .
.
.
منَ الإنتداب البريطاني إلى النكبة إلى حربِ حزيران وحتّى حربِ أكتوبر لم يستيقظ الضمير العالمي عموماً والعربي خصوصاً وبريطانيا الّتي أصدرت وعد بلفور بأمر ملكي والّذي جاء فيه : أنه لن يُسمح بإجراء ما من شأنهِ أن يُلحق الضرر بالحقوق المدنيّة والدينية للطوائف غير اليهودية التي تقيم في فلسطين ! لم تقف في صفّهم أبداً ولماذا وفت بجميع وعودها إلّا هذا؟ وما قيمةُ الوعد إذا كان يوفى حسب المصالح السياسيّة؟ ولماذا لم تقف بريطانيا في صف الفلسطينين الّذين ظلموا قهراً بالقتل والأسر والترحيل وإرتكاب المذابح والمجازر بحقّهم كمجزرةِ صبرا وشاتيلا الّتي راح ضحيّتها ثلاثة آلاف إنسان بريء وغيرها كثر لا تعدُّ ولاتحصى وماخفي كان أعظم
لماذا منظّمة حقوق الإنسان تغدو كالنعامة فتدفن رأسها عندما يتعلّق الأمر بالإنسان العربي ؟
وعلى أيّةِ حال كما نهضَ هذا الشعب قبل الفٍ واربعمائةِ عام وإستوعبَ شتاته فعلِمَ أنّ بالوحدة عزُّ الشعوب وبنى أعظم دول العالم وحضاراته من لاشيء فلابدّ أن يرجع هذا اليوم
ولا يَخفى علينا أنّ الشعوب تحيا وتموت ولكنّ خيرها تلكَ الّتي تموت من أجلِ قضِيّة
والحمدللهِ ربّ العالمين.
العيلامي