أَنَا الَّذِي عَرَفَ الأَيَّامَ، وَانْكَشَفَتْ
لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ
طفتُ البلادَ ، وَ جربتُ العبادَ ، فلمْ
أَرْكَنْ لِخِلٍّ، وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ
خُلِقْتُ حُرًّا؛ فَلاَ قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ
عِنْدَ الْمُلُوكِ، وَلاَ عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ
لا عيبَ فيَّ سوى أني عتبتُ على
دَهْرِي؛ فَقَدَّمَ مِنْ دُونِي، وَأَخَّرَنِي
وَ هذهِ شيمة ُ الدنيا ، وَ منْ عجبٍ
أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي
لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ
يفي بقدرِ الذي يمضي منَ الحزنِ
فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً
وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِربَالِكَ الْخَشِنِ
وَلاَ تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ، إِنَّ بِهِ
شَرَّ الْحَيَاة ِ، وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ
وَ لاَ تسلْ أحداً عوناً على أملٍ
حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ
خَيْرُ الْمَعِيشَة ِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَة ً
هَوْناً، وَثَوْبُكَ مَعْصُومٌ مِنَ الدَّرَنِ
وَعَاشِرِ النَّاسَ بِالْحُسْنَى ، فَإِنْ عَرَضَتْ
إساءة ٌ فتغمدها على الظننِ
فالصفحُ عنْ بعض ما يمنى الكريمُ بهِ
فَضْلٌ يَطِيرُ بِهِ شُكْرٌ بِلاَ ثَمَـــنِ
سامي البارودي