يجب أن تكون مدركا لعواقب كونك سائحا على البيئة والأشخاص والحيوانات في المكان الذي تزوره (شترستوك)
موسم الصيف هو موسم الإجازات والعطلات والسياحة والسفر، لكن بعضا من الزوار والسياح قد يتعرضون للمشاكل في أثناء سفرهم، وهو ما سيعكر صفو الوقت الذي اختاروه ليرتاحوا بعد عناء عام طويل من العمل، ويعود ذلك في كثير منه إلى عدم معرفتهم بثقافة البلد الذي يزورونه وعدم احترامهم لعاداته وتقاليده، أو ببساطة لطبيعتهم الشخصية التي قد تكون عنيفة و"غير أخلاقية" أحيانا، فما السفر الأخلاقي وكيف تكون سائحا أخلاقيا؟
قبل الإجابة عن السؤال لنتذكر أن السفر هو امتياز عظيم، والسياحة والتمتع بزيارة بلدان أخرى ليس في متناول الجميع وسط أعباء ومتطلبات الحياة الكثيرة، وبالتالي فهو فرصة عظيمة يجب اغتنامها وتفادي إهدارها لأي سبب كان. وفي كل مرة يخطط أي واحد منا لرحلة ما، سيقوم بمئات الخيارات المختلفة، وسيسأل مثلا: ما أماكن الإقامة التي سأستخدمها؟ أين آكل؟ كيف سأتحرك؟ أين سأقضي وقتي ومع من؟
لتكون سائحا أخلاقيا خلال إجازتك على شاطئ البحر؛ حافظ على نظافته (شترستوك)
إن تصرفاتنا مع كل خيار من خيارات الإقامة والطعام والتحرك وقضاء الوقت خلال السفر؛ لديها القدرة على تغيير العالم ولو بنسبة ضئيلة جدا.
تخيل مكانك المفضل للسفر، أو المكان الذي لطالما رغبت في زيارته، تخيل كيف تتفاعل مع هذا المكان وأهله عندما تكون هناك. ثم تخيل أنك ذهبت إلى ذلك المكان بعد 20 عاما؛ كيف سيبدو؟ هل الشواطئ ستكون نقية ونظيفة أم مغطاة بالقمامة؟ وهل أطفال المنطقة في المدرسة أم يتسولون في الشوارع؟ وهل يبتسم السكان المحليون ويُحيّون السيّاح ويحبونهم أم يتجنبونهم وكأنهم "جرب" ينبغي البعد عنه؟
كل منا يعتقد أن تصرفاته غير مؤثرة لأن ذلك أسهل بالنسبة لنا، ولكن الحقيقة هي أن كل إنسان على هذه الأرض قادر على إحداث الفرق والتأثير بطريقة إيجابية أو سلبية.
وعودة للسؤال ما السفر الأخلاقي (أو السفر المسؤول)؟ نقول إنه يعني أن تكون مدركا لعواقب كونك سائحا على البيئة والأشخاص والحيوانات في المكان الذي تزوره وتسافر إليه.
أفضل 5 نصائح أخلاقية
والمسافر الأخلاقي هو الشخص الذي يدرك قدراته على إحداث تأثير سلبي أو إيجابي، ثم يستخدم هذا الوعي والمعرفة للسفر بطريقة تجلب مزايا وفوائد للمجتمعات المحلية التي يزورها.
وقد اخترنا لكم في هذا التقرير أفضل 5 نصائح أخلاقية يمكنكم اتباعها كي تتمتعوا بإجازة سعيدة خالية من المنغصات، وذلك اعتمادا على منصة "إلاكس ماجازين" (Eluxe Magazine) ومنصة "ورلد بيكرز" (World Packers).
قبل زيارة بلد ما؛ ادرس عاداته وتقاليده وثقافته، واعمل على احترامها. وتعلم آداب الأكل هناك والتحية واتبعها (شترستوك)
1- احترم عادات وتقاليد وثقافة البلد الذي ستزوره
يتمتع الكثير من السياح بسمعة سيئة من حيث احترام عادات وتقاليد البلدان التي يزورونها، فتراهم يتصرفون على هواهم في الشوارع والمقاهي والمطاعم وكأنهم يملكون المكان، وليسوا مجرد زوار عابرين فيه.
لا تكن مثل هؤلاء، وقبل أن تقوم بزيارة بلد ما؛ ادرس عاداته وتقاليده وثقافته، واعمل على احترامها. وتعلم آداب الأكل والتحية واتبعها، كذلك ادرس نمط الملابس السائدة، مثلا إذا كنت تزور بلدا محافظا فلا داعي لاستفزاز السكان المحليين بطريقة لبسك الفاضحة وغير المراعية لعادات وتقاليد البلد.
وفي الحقيقة، كثيرا ما تسببت تصرفات بعض السياح الرعناء وغير المراعية لعادات وثقافة البلدان التي يزورونها بالكثير من المشاكل لهم، وكثير منهم وجدوا أنفسهم رهن التحقيق والاعتقال؛ مما أدى إلى تحول عطلتهم وإجازتهم إلى كابوس، والأسوأ أن يتعرضوا لاعتداء جسدي من قبل السكان المحليين بسبب طريقة سلوكهم وتصرفاتهم التي لا تحترم عادات البلد الذي يزورونه.
يمكنك الحصول على كافة تفاصيل البلد الذي تختاره لقضاء إجازتك بما فيه عاداته وتقاليده من خلال بحث سريع في "غوغل" (Google)، أو البحث في بعض المواقع المتخصصة بالسياحة والسفر وهي كثيرة وتعطيك تفاصيل كاملة وشاملة حول البلد الذي ستمضي فيه إجازتك.
الصور شيء خاص جدا، وهناك الكثير من الثقافات التي تنظر إليها بطريقة مختلفة عن ثقافتك وعاداتك وتقاليدك (شترستوك)
2- التقط الصور باحترام
جميعنا يحب التقاط الصور في الإجازات وأثناء السياحة والسفر، فالصور توثق لنا هذه اللحظات التي كنا فيها سعداء، ولكن تخيل أن تكون في الشارع أنت وطفلك وفجأة يأتي سائح ما، شخص غريب عنك تماما، ويركب سيارة سياحية ويلتقط لك صورة من غير استئذان ثم يمضي في طريقه، هل تحب ذلك؟ بكل تأكيد لا.
هذه القاعدة تنطبق على البشر في البلدان والثقافات الأخرى أيضا. تذكر أن الصور هي شيء خاص جدا، وهناك الكثير من الثقافات التي تنظر إليها بطريقة مختلفة عن ثقافتك وعاداتك وتقاليدك.
إذا أردت أن تصور شخصا ما فعليك أن تستأذنه أولا، وتحصل على موافقته، وبالذات إذا كانت هذه الصور سينتهي بها الأمر منشورة على الإنترنت.
أيضا ضع في اعتبارك الحكاية التي ترويها الصور، فالصور ليست مجرد أشياء عابرة، بل حياة كاملة، وقصص تُروى. مثلا، إذا كنت تزور دولة نامية -وهو أمر يفعله الكثير من السياح بسبب التكاليف المادية القليلة التي تتطلبها زيارة مثل هذه الدول- وقمت بتصوير الأحياء البائسة والناس الفقراء الذي يعيشون في هذه الأحياء ثم تنشر هذه الصور على الإنترنت، فما الحكاية التي تريد أن ترويها عن هذه الدول والشعوب؟
بدلا من ذلك تذكر أنه حتى في أفقر الأماكن يمكن أن تجد الجمال والخير، فليس من الصعب العثور على أماكن جميلة وفريدة وأشخاص رائعين، لهذا من الأفضل لك مشاركة ونشر القصة بأكملها، تلك التي تساعدنا في التعرف إلى إنسانيتنا المشتركة بدلا من التركيز على الصور الضيقة والبائسة التي تولد الشفقة فقط.
شراء الهدايا التذكارية الخاصة بك من السوق المحلي يساهم بدعم اقتصاد البلد الذي تزوره (شترستوك)
3- ادعم الاقتصاد المحلي للدولة التي تزورها
هناك أشخاص كثيرون وأسر وعائلات فقيرة تعتمد على السياحة كي توفر المتطلبات الأساسية لعيشها وحياتها، من سائقي سيارات الأجرة، مرورا بمحلات البقالة والمطاعم الصغيرة، ومكاتب السياحة المحلية، وليس انتهاء بأماكن الإقامة.
حين تزور بلدا ما اشترِ ما تحتاج إليه من مياه وبقالة من محلات البقالة الصغيرة في الحي الذي تسكنه، لا تشتر من مراكز التسوق الكبيرة، وتذكر أنها غنية بما فيه الكفاية، وكذلك الحال في التعاقد مع مكاتب السياحة الصغيرة لتنظيم رحلات داخلية لك، وتذكر شراء الهدايا التذكارية الخاصة بك من السوق المحلي بدلا من متجر الهدايا في المطار. في كل هذه الحالات، من المحتمل أن توفر المال، وتتمتع بتجربة أكثر متعة وأصالة، وربما تكوّن صداقات دائمة ترافقك إلى ما بعد انتهاء سفرك وإجازتك.
أيضا حين تزور بلدا ما، فلا تتناول طعامك في "ماكدونالدز" (McDonald’s) أو "كنتاكي" (KFC) أو "بيتزا هت" (Pizza Hut)، ما الذي ستكسبه أصلا من تناول مثل هذا الطعام الموجود في كل مكان في العالم. بدلا من ذلك لم لا تجرب الطعام المحلي للشعوب التي تزورها، وهل هناك أطيب وأجمل من تناول وجبة طعام تايلندية في المطاعم الشعبية الصغيرة الكثيرة المنتشرة في شوارع بانكوك مثلا؟
بهذه الطريقة ستتعرف إلى وجبات جديدة بالنسبة لك، وعادات شعوب أخرى في الطبخ والطهو، وتدعم الاقتصاد المحلي لهذه الدول، وكذلك ستوفر الكثير من المال في هذه المطاعم الشعبية الرخيصة واللذيذة، بدلا من الأكل في مطاعم شهيرة وغالية موجودة في كل مدينة في العالم.
احرص على ترك المكان نظيفا كما وجدته في الشوارع والأماكن الطبيعية والسياحية والأثرية الأخرى (شترستوك)
4- حافظ على البيئة
إذا كنت تستمتع بشاطئ رملي أبيض نظيف في جزيرة أو مدينة ساحلية ما فحافظ على نظافة هذا الشاطئ، لا تترك خلفك زجاجات المياه البلاستيكية الفارغة أو بقايا الطعام، واحرص تماما على أن تترك المكان نظيفا كما وجدته. كذلك احرص أثناء تجوالك في الشوارع والأماكن السياحية والأثرية الأخرى على نفس المبدأ، لا تلق بنفاياتك كيفما تشاء، بل ضعها في الأماكن المخصصة لها في هذه الأماكن.
أما إذا كنت من هواة الغوص في أعماق البحار والاستمتاع بالتجول في الشعاب المرجانية النابضة بالحياة فقم بدورك في الحفاظ عليها، ولا تتعمد تدميرها أو العبث بها. تذكر أنها تمنحك البهجة والمتعة وهي مليئة بالكائنات الحية التي تعتاش عليها وتتخذ منها بيوتا وملاجئ.
في رحلات السفاري في البراري احرص على عدم تعذيب الحيوانات أو أسرها أو سجنها أو جعلها ملهاة للبشر (شترستوك)
5- لا تستغل الحياة البرية
نقطة أخرى ذات علاقة وهي الرفق بالحيوان وعدم استغلال الحياة البرية، مثلا أن تركب فيلا فهذا يعني تجربة مثيرة لك، وبعض الصور التي ستتشاركها مع أصدقائك في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن تذكر أنها حياة من البؤس بالنسبة للفيل الأسير مثلا.
وكذلك الأمر في السباحة مع الدلافين الأسيرة والتي يتم استغلالها بأبشع الطرق من قبل سجانيها البشر. الأفضل أن لا تشارك في هذا الاستغلال الظالم للحيوانات، فبمجرد ركوبك الفيل أو زيارة حديقة الدلافين يعني دعمك للسجانين وتشجيعهم على الاستمرار فيما يفعلونه.
وهذا لا يعني مطلقا أنه لا يمكنك قضاء وقت ماتع في التفاعل مع الحيوانات المحلية، فهناك دائما منظمات اجتماعية وسياحية تقدم تجارب عن قرب، مثل رحلات السفاري في البراري بدون تعذيب هذه الكائنات البريئة، أو أسرها وسجنها وجعلها ملهاة للبشر.
وأخيرا.. نتمنى لك إجازة سعيدة مليئة بالبهجة وخالية من المنغصات.