مواصفات شريك العمر في عصر «السوشيال ميديا»
مواصفات شريك العمر في عصر «السوشيال ميديا»
لكل شخص من الصبايا والشباب نظرةٌ خاصةٌ بمواصفات شريك العمر، فهل اختلفت هذه الأيام في عصر السوشيال ميديا، وأصبحت أكثر بساطة، أم أنها باتت أصعب من ذي قبل؟.. وهل يوافق جيل اليوم على الارتباط عن طريق الإنترنت؟ هذا ما يجيب عنه عدد من الشباب والشابات في تحقيقنا الآتي:
الواقع مختلف عن الافتراضي
عمرو بوقري
عمرو بوقري: الزواج رحلة اندماج وقبول مبنية على الحب الحقيقي المتبادل
بداية يعرف لنا عمرو بوقري، 32 عاماً، من السعودية، الزواج من منظوره الشخصي، قائلاً: «الزواج من وجهة نظري الاقتران بشريك الحياة في كل شيء، رحلة اندماج وقبول مبنية على الحب الحقيقي المتبادل».
ويضيف: «من أهم المواصفات، أو الصفات بمعنى أدق؛ لأني من الشخصيات التي تهتم بالجمال الداخلي لشريكة حياتي، أن تكون على خُلُق رفيع، وهذا الأمر لا يمكن معرفته إلا مع مرور الوقت أو العِشْرَة، وكذلك أيضاً وجود التفاهم والقبول والتوافق، فهذه الأمور مهمة جداً بالنسبة إلي، أما عن التنازلات في الصفات فلا يوجد شيء محدد الآن في ذهني لهذه الفترة الحالية؛ لأنها قد تشمل أي شيء غير ما تم ذكره سابقاً في الصفات المهمة».
ويرى «أن صفات شريكة العمر في وقتنا الحالي مختلفة عن السابق، فهي تعتمد على طبيعة فكري ووعي في كل مرحلة، غالباً تتغير لدي بعض الأفكار وصولاً إلى المعتقدات حسب كل مرحلة، فبالنسبة إلي، نعم، قد تتغير، وذلك يعتمد على طبيعة كل شخص، ومدى وعيه وفهمه للعلاقات لشريك العمر أو الزواج».
وختم حديثه بالقول بأنه قد يرتبط عن طريق الإنترنت: «بكل بساطة فكرة الدخول في علاقة مع شخص يتطلب أن تكون بينكم معرفة، سواء عن طريق الإنترنت، أو عبر أرض الواقع، ولا أحبذ أبداً فكرة الارتباط من دون معرفة الشخص بشكل حقيقي، أو عن طريق الإنترنت فقط (الواقع مختلف عن الافتراضي)».
نجاح العلاقة أو فشلها يعتمد على طرفيها
إبراهيم الهويشل
إبراهيم الهويشل: لابد من مواكبة الزمن في مسألة التعرف إلى الشريك
من الرياض، يؤكد إبراهيم الهويشل، طالب في كلية الإعلام، اختلاف نظرة الشباب اليوم إلى الزواج وشروط اختيار الشريك الناجح ومعاييرها، ولا سيما في عصر السوشيال ميديا الذي يحكم صورته عدد من الثنائيات والأفكار التي تؤثر على الشباب، إلى جانب مساحات الرأي وتعدد المواقف بين الجادة والهازلة.
وعن فكرة الزواج والتعرف إلى زوجة المستقبل عبر منصات السوشيال ميديا واعتبار ذلك خرقاً للعادات وتقاليد المجتمع، أشار إبراهيم الهويمل إلى التباين في موقف المجتمع لفكرة الزواج بعد التعارف على الإنترنت، مبيناً أنه يجب عدم التعميم؛ إذ يقول: «لا يجب أن نعمم الحكم؛ فهناك علاقات عبر الإنترنت تكللت بنجاح، ومباركة الأهل وجمعهما بيت واحد وهناك الكثير من النماذج التي لا حصر لها بل على العكس قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتعرف بشكل أكبر إلى شخصية وأفكار الطرف الآخر من الطرق التقليدية المقننة والتي تحكمها العادات والأعراف».
ويستطرد إبراهيم مشيراً إلى أن العلاقة سواء عن طريق الإنترنت أو غيرها هي علاقة نجاحها وفشلها يعتمد على طرفيها الزوج والزوجة، ولابد من مواكبة الزمن الذي تطور بشكل ملحوظ في مسألة التعرف إلى الشريك الآخر وكذلك مواصفات الشريك وشروط الزواج والبروتوكولات المتعارف عليها؛ فبالتأكيد الأزمان تختلف، والأجيال تختلف، ومن هنا تختلف متطلبات الشباب لشريك العمر؛ ففي السابق كانت هناك صفات يختارها الشاب أو الشابة لشريك العمر حسب معاييرهم وقتها، ونحن الآن لدينا معاييرنا الخاصة، وبناءً عليها نرى متطلبات الأجيال السابقة غير منطقية، وبالمثل الأجيال السابقة تنظر إلى أن الجيل الحالي لا يجيد الاختيار، وغير قادر على السير على نهج وعادات وطريقة الآباء.
الشباب لا يبحثون عن الجوهر
ندى حمبظاظة
ندى حمبظاظة: التطبيقات الافتراضية مليئة بالخداع والتزييف عن الشخصية الحقيقية
من جهتها ترى ندى حمبظاظة، مستشارة سيارات في المنطقة الشرقية، أن السوشيال الميديا تظهر أموراً غير حقيقية في الحياة الزوجية، مبدية استياءها قائلة: «للأسف الشباب، سواء الشابات أو الشباب، يريدون مواصفات شريك الحياة بالمواصفات التي يشاهدونها يومياً عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي من المشاهير التي في أغلب الأحيان لا تمت للواقع بصلة».
وتشير إلى أن «الشاب يبحث عن فتاة مطابقة للأشكال التي يرونها في السوشيال ميديا، وغالبية المواصفات الشكلية ما هي إلا عمليات تجميل ومصطنعة وتقليد للمشاهير، وللأسف لا يبحث شباب اليوم عن الجوهر، ولا يعدّونه من الأمور الأساسية في شريك الحياة وإن وجد فبالنسبة إليهم غير كافٍ».
تدعم ندى قولها بمثل شعبي (أطبخ يا جارة.. كلف يا سيدي)، بمعنى إذا كنت تريد زوجة مصطنعة ادفع تكاليف عمليات التجميل وغيرها، وحالياً بعض البنات يبحثن عن زوج أكثر من مقتدر ليلبي لهن كل مشترياتهن غير المبررة بعد مشاهداتهن لمشهورات السناب شات، وما لديهن من مقتنيات مزيفة، مؤكدة أن الحياة الزوجية لا تقوم على مثل هذه المتطلبات، فالزواج رباط مقدس، ومسؤوليته كبيرة في بناء أسرة وأولاد وتربية وغيرها.
وتختم حديثها بالقول: «الارتباط عن طريق التطبيقات الافتراضية، في وجهة نظري المتواضعة غير سليم، لما فيه من كذب وخداع وتزييف للطبائع والشخصية الحقيقية، ونتائجه الطلاق وضياع حقوق الطفولة بالمحصلة».
اختيار الشريك عملية عقلانيّة وعاطفيّة
لمى التقي
لمى التقي: التعارف وتبادل الأحاديث من خلف الشاشة لها حلقات كثيرة مفقودة
تعدّ لمى التقي، 20 عاماً، تدرس اللغة العربية وآدابها في الجامعة اللبنانية، أن «هذا العصر يسمّى عصر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أصبحت مجتمعاً بحدّ ذاتها، تضمّ أشخاصاً من مختلف البيئات والأفكار والثقافات في مكان واحد، يتشاركون من خلالها اهتماماتهم ونشاطاتهم وأفكارهم. ولعبت هذه المواقع دوراً كبيراً في زيادة فرص التعارف بين الشباب والشابات، فهي باتّساع دورها تختصر ليس فقط المسافات، بل سهلت الوصول إلى معلومات عامة حول الشخص الذي نقوم بالتّعرف إليه من خلالها».
تضيف لمى: «أن تلتقي شريك حياتك عبر هذه المواقع مصادفة طبيعيّة في عصرنا الحالي، ولكن يبقى الأمر عالقاً حتى تلتقي به على أرض الواقع.. فالتعارف وتبادل الأحاديث والخبرات خلف هذه الشاشة لها حلقات كثيرة مفقودة، ولكي تكتمل يجب أن تكون الخطوة الثانية هي اللقاء في الحياة الواقعية، فأنا لا يمكنني القول إنني وجدت شريك حياتي فقط من خلال حديث يدور بيننا من خلف شاشة الهاتف، ولا يمكن لمشاعري أن تنضج وتثمر ما دمت لم ألتقِ به بعد.. فلا شيء أصدق من أن تنظر داخل عينيّ الطرف الآخر، وأن تتفحص هيئته وسلوكياته، وكيف يتعامل مع محيطه، وكيف يتواصل مع الآخرين.. هذه أمور لا يمكنك التفحص منها من خلف الشاشة، إذاً، هذه المواقع هي وسيلة للتعارف وليس أداة يمكننا البناء عليها أحكامنا ومشاعرنا تجاه الطرف الآخر».
وحول ما مواصفات شريك حياتكِ؟ تعلق: «لطالما نسج خيالي صوراً عديدة للشخص الذي سأختاره لكي يتشارك معي حياتي وحياة أولادي أيضاً.. وهي عملية تحقق تحتاج إلى التثبت منها في مواقف ومحطات عدّة، ويستغرق الأمر الكثير من الوقت للتثبت من صحة هذا الشخص، فهي عملية عقلانيّة وعاطفيّة في الوقت ذاته.. ومواصفاته أن يكون طموحاً؛ لأنّه سيساعدني على تجسيد طموحاتي، وبالتالي فإنّ الإنسان الطموح يجاهد دائماً لكي يطور من نفسه، منفتحاً فلا يقيدني بتعقيدات بليّة، مؤمناً فيخاف على روحي ويحافظ عليها، مثقفاً فيكون عميقاً ولا أملّ من الاستماع إليه ولا تتقلص أحاديثنا، محبّاً للحياة، إنسانيّاً، صادقاً... وأن تكون العلاقة التي تربطني به ناشئة من حبٍّ دفين، ومشاعر صادقة ونقيّة؛ لأننا بالحب ننجو ونتخطى الكثير».
معلومات مغلوطة
لينا سعيد
لينا سعيد: أعتمد الواقعيّة والعقل في تحديد مواصفات فارس أحلامي
تقول لينا سعيد، 17 عاماً، طالبة تونسية في السّنة الثالثة من التّعليم الثّانوي - شعبة اقتصاد: «رسمتُ في مخّيّلتي صورة لشريك حياتي بقدر كبير من الواقعيّة والعقلانيّة، وأفضّل أن يكون أكبر منّي سنّاً نسبياً، ناضجاً وقادراً على تحمّل المسؤوليّة، وأن يكون ميسور الحال وكريماً ليوفّر لي حياة مترفة كالتي أعيشها في منزل والديّ. أريده أيضاً أن يكون متفتّحاً، ويسمح لي بالسّفر لاكتشاف العالم والتبضّع، كما آمل أن يشترك معي في بعض الميولات والأفكار». ترفض لينا التعرّف إلى شريك حياتها عبر «السوشيال ميديا»، فهي تخشى من التعارف الافتراضي، مضيفة: «لأختار شريك حياتي، أحتاج إلى معلومات إضافية ودقيقة عنه، وللأسف لن تتوافر لي عبر تلك المواقع؛ إذ عادة ما تكون المعلومات التي تتوافر فقط هي معلومات مغلوطة أو كاذبة».
وتستطرد أنّها ليست مستعدّة للتّنازل عن هذه المواصفات أو التّفريط في بعضها. لذلك لن تجازف وتبحث عن شريك حياتها عبر مواقع التّواصل الاجتماعي. وتستدرك بالقول «إنّ التّعارف عبر المواقع الافتراضية أفضى ببعض صديقاتها إلى الزّواج، لكن بالنسبة إليها فمواصفاتها لن تجدها إلّا في علاقات واقعيّة في الفضاء العامّ وداخل الأسر»، مضيفة «أنّها لا تؤمن بالتعارف السّريع، وأنها ليست على عجلة من أمرها، فهي في مقتبل العمر، كما أنّها على درجة من الانفتاح والنّضج؛ ما سيجعلها تجد شريك حياتها عاجلاً أم آجلاً ووفقاً للصّورة التي رسمتها في ذهنها».
الاتصال المباشر والتجربة المشتركة
شذى إبراهيم
شذى إبراهيم: الإنترنت خطوة أولى للعلاقة المستقبلية
تقول شذى إبراهيم، طالبة مصرية في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا: «لا تختلف مواصفات شريك العمر في عصر السوشيال ميديا عن ذي قبل، فهي شبه متطابقة بأن يكون شكله جميلاً ومظهره أنيقاً، ولا بد أن يكون زوج المستقبل في مستوى تعليمي نفسه أو أعلى، ولا بد أن يكون لديه وظيفة مناسبة، ويكون مرتبها مناسباً يغطي متطلبات المعيشة، كما أتمنى أن يكون رومانسياً وحنوناً وطيباً».
وعن إمكانية الارتباط عن طريق الإنترنت، ترى شذى أنه «ربما يمكن أن نعدّ الإنترنت ميزة العصر الحديث التي خلقت ظاهرةً اجتماعيةً جديدةً نسبياً. كما أفرزت مشاكل تكاد توازي المشاكل التي قدمت لها حلولاً، فانتقل الاتصال بالآخرين من كونه سلوكاً هادفاً إلى كونه هوساً يومياً لدى معظم سكان العالم يمارسونه من باب التسلية والإدمان. وكذلك الحبُّ، انتقل من علاقة تحكمها التجربة المشتركة والتفاعل المباشر بين الطرفين، إلى علاقة لاسلكية بين شخصين قد يكون التقاؤهما ضرباً من المستحيل، لكني أعد أن الإنترنت خطوة أولى للعلاقة المستقبلية، وهي الزواج، وأنَّ عدم إدراك مفهوم الحبِّ أو الإدراك المنقوص له هو السبب الرئيس لكلِّ المشاكل التي ترتبط بهذه العلاقة المميزة بين الذكور والإناث».
وتضيف: «لكن فيما يتعلق بالحبِّ عبر الإنترنت، يمكن أن نحدد العامل الجوهري الذي تفتقده هذه العلاقة، وهو الاتصال المباشر والتجربة المشتركة، فكلنا على اتفاق بوجود اتصال فعلي بين طرفي العلاقة، وضرورة وجود تجربة مشتركة تجمعهما ليتمكنا من معرفة بعضهما معرفةً دقيقةً تؤهلهما للاستمرار في هذه العلاقة، وهذا هو وجه النقص الأساسي والمأخذ الرئيس فيما يتعلق بالحب عبر الإنترنت».