يقع قصر الرحاب في جانب الكرخ، بجوار معرض بغداد الدولي الحالي، وكان يطل على نهر الخر. والأرض التي بني عليها القصر تعود للملك غازي وأهداها لابن عمه وخال ابنه الأمير عبد الاله بن الملك علي، وتقع مقابل قصر الزهور الذي أنشئ من قبل. بينما يقع قصر الزهور في حي الحارثية، فإن قصر الرحاب يقع في حي المنصور. وكان الهدف من بناء القصر هو لإقامة العائلة المالكة التي كانت لحد ذلك الوقت تسكن في منزل مستأجر في منطقة السكك.
ويعود سبب تسميته ب(الرحاب) نسبة إلى قصر كبير في مدينة الطائف السعودية، كانت العائلة المالكة تمتلكه قبل قدومها إلى العراق وانتهاء سلطتها في الحجاز في عهد عميد الأسرة الشريف حسين.
بناء القصر
كان القصر يشبه فيلا مصرية راقية حيث قام ببنائه مهندس مصري رشحه السفير المصري في العراق الذي كان صديقاً للأمير عبد الاله. وكان القصر بسيطاً عموماً لا يختلف عن بيوت الوزراء والوجهاء العراقيين في تلك الفترة. تم بناء القصر عام 1939 .
يتألف القصر من طابقين، الأرضي يضم صالات الاستقبال والطعام وجلوس العائلة ومكتب الأمير عبد الاله. والطابق العلوي لغرف النوم وجلوس العائلة وسكن الأمير عبد الاله وزوجته هيام بنت أمير ربيعة.
لا يبعد مدخل القصر كثيراً عن سياج القصر وبوابته الحديدية القصيرة التي تزينت بالشعار الملكي. وعلى جانبي البوابة يرتفع عمودان مربعان على كل منها مصباح كهربائي على شكل فانوس. وإلى جانبيه توجد غرف الحرس والسواق والمرافقين. وكانت توجد سرية مشاة تابعة للجيش العراق.
أما واجهة القصر فتتوسطها طارمة تستند على أربعة أعمدة ، تعلوها أقواس بين عمود وآخر. وأمام الطارمة توجد نافورة بشكل صحن مرتفع تنساب المياه منه نحو الأسفل.
وقد رفعت في مدخل القصر الآية القرآنية (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ? بِيَدِكَ الْخَيْرُ ? إِنَّكَ عَلَى? كُلِّ شَيْءٍ قَدِيــــرٌ ).
العائلة المالكة
سكنت القصر بنات الملك فيصل الأول وهن الأميرات عابدية وجليلة وزوجته حزيمة، والسيدة نفيسة زوجة الملك علي ووالدة عبد الاله. كما انتقل إليه الأمير فيصل الثاني بعد وفاة والده غازي عام 1939. مقارنة بقصر الزهور ، كان قصر الرحاب عموماً هادئاً، قليل الحركة إلا في بعض المناسبات كعيد ميلاد أحد أفراد العائلة أو مناسبة عائلية كالخطوبة وعقد القران. وكانت سيدات العائلة نادراً ما يخرجن خارج القصر، وإذا خرجن يرتدين العباءات العراقية السوداء.
في عام 1946 استضاف القصر حفلة للسيدة أم كلثوم حيث حضرها الوصي عبد الاله وعدد من الوزراء والسياسيين والسفراء وأصدقاء الوصي.
مجزرة قصر الرحاب
النهاية المأساوية التي حلّت بالعائلة المالكة في قصر الرحاب كانت أبشع الجرائم التي بدأ بها حكم عبد الكريم قاسم ورفاقه الضباط. إذ تم قتل جميع أفراد العائلة ومرافقيهم بوحشية وبلا رحمة. وتم إعدامهم بلا محاكمة ولا تهمة ولا دفاع ولا قاضي ولا محامي. إذ تم قتل الملك فيصل الثاني والأمير عبد الاله وأخواته وأمه العجوز نفيسة التي كانت تمسك بالقرآن الكريم بيد ومسبحتها بيد. حفل اعدام جماعي لم يستغرق سوى دقائق نفذه نقيب في الجيش ورفاقه.
اليوم السابق للمجزرة
في يوم الأحد الموافق 13 تموز 1958 كان الملك في قصر الرحاب يجتمع مع عائلته بمناسبة عيد ميلاده الذي تخللته فقرات ترفيهية لأحد السحرة الاستعراضيين. وبعد الحفل تداول موضوع سفره إلى تركيا ولندن في 14 تموز لزيارة خطيبته الأميرة فاضلة والاتفاق على موعد زواجه. كان الملك خجولاً وهادئاً ومتعلماً في جامعة بريطانية. كما تناول الحديث خططه للانتقال إلى القصر الملكي الجديد في كرادة مريم. وكانت زوجة خاله هيام محمد الحبيب تقول للملك: قل إن شاء الله، وتكررها بعد كل حديث للملك الشاب. عندها قال لها مازحاً: نعم نعم ، إن شاء الله، إن شاء الله، ولكن لماذا هذا الالحاح وكأننا سنموت غداً؟
عند الغروب وصلت سيارة توقفت أمام القصر وترجل منها ضابط يحمل رسالة سلمها للملك. قرأها الملك واكتسى وجهه بالوجوم، ثم طلب الاتصال بطيار الملك الخاص المقدم جسام لجلب طائرة مروحية في باحة القصر. ناول الملك الرسالة إلى الأمير عبد الله الذي قرأها وأصابه الارتباك ، ثم التفت للملك قائلاً: لا حاجة للهرب بالطائرة ، ووعد بمعاقبة القطعات العسكرية المتمردة، بعد أن أيقن مصدر انطلاقها والعناصر المشبوهة التي تقودها. لم يمكث الأمير سوى قليلاً ثم غادر القصر.
يتبع