بدأ الباحثون بالفعل في اختبار طائرات من هذا النوع على ارتفاع 5 آلاف متر تقريبا فوق مستوى سطح البحر، حيث يكون الغلاف الجوي للأرض أرق، وفي ظروف طيران قريبة من تلك الموجودة على المريخ.


نموذج للطائرة الشراعية التجريبية التي يأمل الباحثون أن تُرسل يوما للمريخ (جامعة أريزونا)
تمكن فريق بحثي مشترك بين جامعة أريزونا الأميركية ووكالة الفضاء والطيران (ناسا) من ابتكار طائرة شراعية بدون محركات يعتقد أنها ستكون أداة بحث أساسية على المريخ خلال الأعوام القادمة، ما يفتح الباب لدراسة مستفيضة لطقس الكوكب الأحمر.



طائر القطرس المريخي

ووفق الدراسة التي نشرها الفريق في دورية "إيروسبيس" (Aerospace)، فإن الطائرة الجديدة تزن 5 كيلوغرامات فقط، وستتمكن من السفر في الغلاف الجوي للمريخ لعدة أيام في كل مرة، وستكون مدعمة بأجهزة استشعار للطيران ودرجة الحرارة والغاز بالإضافة إلى الكاميرات.
والتقنية التي تعتمد عليها الطائرة تشبه نمط طيران طائر القطرس، وهو صاحب أطول جناحين في عالم الطيور بعرض حوالي 3 أمتار ونصف، ويمكن له أن يحلق في السماء لعام كامل من دون أن يهبط إلى الأرض، أما بالنسبة للطائرة الجديدة فعرض جناحيها معا حوالي 5 أمتار.
ومثل طائر القطرس، ستستخدم الطائرة الجديدة تقنية تسمى "التحليق الديناميكي" (dynamic soaring)، والتي تستفيد من زيادة سرعة الرياح الأفقية مع الارتفاع، وهي ظاهرة شائعة بشكل خاص على المريخ، للسفر بسرعة ومن دون الحاجة لمصدر طاقة سوى الرياح نفسها.



ستحتوي الطائرات الشراعية في المريخ على كاميرا وأجهزة استشعار لدرجة الحرارة والغازات (جامعة أريزونا)


تحديات بحثية

ويمثل الغلاف الجوي للمريخ تحديا كبيرا للطائرات بشكل عام، فهو أرق بفارق كبير من الغلاف الجوي لكوكب الأرض، وبالتالي فإن قدرة الهواء على حمل الطائرات ستكون ضعيفة.

ولهذا السبب، تأخرت ناسا في إرسال أول مروحية لسطح المريخ وهي "إنجينويتي" (Ingenuity)، والتي تزن فقط كيلوغرامين ونصف، وبعرض نظام مراوح يساوي حوالي متر وربع، وهي أول جهاز يختبر الطيران المتزن على كوكب آخر.
لكن تظل مشكلة إنجينويتي -التي تعمل بالطاقة الشمسية- أنها تتمكن من الطيران لمدة 3 دقائق فقط في المرة الواحدة، ويصل ارتفاعها في أقصاه إلى 12 مترا فقط، ما يعني أنها لا تدرس الغلاف الجوي بشكل دقيق.
ووفق الدراسة الجديدة، فإن الطائرات الشراعية الجديدة تتخطى أزمة الطاقة، ولذلك يمكن لها التحليق على ارتفاعات عالية (كيلومترات) ودراسة الغلاف الجوي للمريخ بشكل أفضل ولمدة طويلة.

وستتمكن من سد فجوة بحثية في منطقة وسطى بين المركبات الجوالة التي تدرس أرض المريخ والأقمار الصناعية التي تدرسه من الخارج.
وجاء في بيان صحفي رسمي أصدرته جامعة أريزونا، أن الكيلومترات القليلة الأولى فوق سطح المريخ التي ستقوم هذه الطائرات بدراستها هي المكان الذي تحدث فيه جميع التبادلات بين السطح والغلاف الجوي، ويتم تعديل الرياح على نطاق واسع، ولا توجد الكثير من البيانات حول هذا الموضوع.



أجرى الفريق إطلاقا لنسخة مبكرة من الطائرة الشراعية الجديدة (جامعة أريزونا)


الاختبارات الأرضية

يقترح الفريق البحثي أن تسافر تلك الطائرات الشراعية إلى المريخ كحمولة ثانوية ضمن مهمة أكبر، ثم ترتفع إلى طبقات الغلاف الجوي العليا في المريخ عن طريق القذف أو عبر المنطاد الذي يستخدم في تجارب الطقس والمناخ على الأرض، ثم تترك لتفتح ذراعيها وتنطلق.
وقد أجرى الفريق بالفعل أكثر من نمذجة رياضية وحاسوبية لهيكلة هذه المركبات وأنماط طيرانها الشراعي، بناء على المعلومات المتاحة عن مناخ كوكب المريخ.

إلى جانب ذلك، بدأ الباحثون بالفعل في اختبار طائرات من هذا النوع على ارتفاع 5 آلاف متر تقريبا فوق مستوى سطح البحر، حيث يكون الغلاف الجوي للأرض أرق وفي ظروف طيران قريبة من تلك الموجودة على المريخ.