الدراسة تجيب عن بعض الأسئلة المهمة، لكنها تولد أيضا المزيد من الأسئلة التي يمكن أن تساعدنا في فهم رؤية الحيوانات بشكل أفضل.
تستخدم الفقاريات واللافقاريات على نطاق واسع نوع الخلية نفسه (أوبسين) لكي ترى، فهي تعتمد على هذه الخلايا بشكل مختلف (غيتي)
تؤثر الفروق بين الفقاريات واللافقاريات بشكل كبير على الألوان التي تراها أنواع الحيوانات، إذ ترى اللافقاريات مزيدا من الأطوال الموجية القصيرة للضوء، مقارنة بالفقاريات.
فهم أعمق لاختلاف الرؤية
تمكن علماء الأحياء في "جامعة أركنساس" (University of Arkansas) مؤخرا بعد جمع بيانات الرؤية لمئات الفقاريات واللافقاريات من تعميق فهم أسباب اختلاف رؤية الحيوانات، بما في ذلك الألوان التي تراها.
وذكر البيان الصحفي -الذي نشرته جامعة أركانساس في السادس من يونيو/حزيران الجاري- أن الباحثين توصلوا إلى أن الحيوانات التي تكيفت مع الأرض قادرة على رؤية ألوان أكثر من الحيوانات التي تكيفت مع الماء، وأن الحيوانات التي تكيفت مع الموائل الأرضية المفتوحة ترى مجموعة أوسع من الألوان مقارنة بالحيوانات التي تكيفت مع الغابات.
الحيوانات البرية قادرة على رؤية ألوان أكثر من الحيوانات التي تعيش في الماء (مات ميرفي – جامعة أركنساس)
ونشر مؤخرا طالب الدكتوراه في العلوم البيولوجية مات ميرفي والأستاذة المساعدة إيريكا ويسترمان نتائج بحثهما في دورية "بروسيدنغز أوف ذا رويال سوسيتي بي: بيولوجيكال ساينسز" (Proceedings of the Royal Society B: Biological Sciences).
ويشرح البيان الصحفي كيف تؤثر البيئة والتطور -وإلى حد ما- التركيب الجيني على كيفية وماهية الألوان التي تراها الحيوانات، فحسب رأيهم، التاريخ التطوري يحد من قدرة الأنواع على مطابقة حساسية اللون مع الضوء المتاح في الموائل.
وقالت ويسترمان -في البيان- "افترض علماء طويلا أن رؤية الحيوانات قد تطورت لتلائم ألوان الضوء الموجودة في بيئاتها، ولكن من الصعب إثبات هذه الفرضية، ولا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن رؤية الحيوانات".
وأضافت "يعد جمع البيانات عن مئات الأنواع من الحيوانات التي تعيش في مجموعة واسعة من الموائل مهمة ضخمة، لا سيما عند التفكير في أن اللافقاريات والفقاريات تستخدم أنواعا مختلفة من الخلايا في أعينها لتحويل الطاقة الضوئية إلى استجابات عصبية".
أنواع مختلفة من بروتين الأوبسين
تعتمد قدرة الحيوان على تحديد المعلومات المرئية على الأطوال الموجية وشدة الضوء في بيئة معينة، وتتحكم حساسية الكمية والطول الموجي لعائلة من بروتينات الشبكية، تسمى "أوبسين" (opsins)، في طيف الضوء الذي يراه الحيوان من الأشعة فوق البنفسجية إلى الضوء الأحمر.
مع ذلك، تستخدم اللافقاريات والفقاريات أوبسينات مختلفة نسبيا في شبكية العين، ولم يحدد الباحثون إذا ما كانت هذه الأوبسينات المختلفة تؤثر على ما تراه الحيوانات أو كيف تتكيف مع بيئاتها الضوئية.
قام العلماء بتعميق فهمهم للرؤية لدى الفقاريات واللافقاريات، بما في ذلك الألوان التي يرونها (غيتي)
قام ميرفي وويسترمان بجمع بيانات الرؤية لـ446 نوعا من الحيوانات التي تغطي 4 شعب، احتوت إحدى هذه الشعب على الفقاريات، واحتوت بقية هذه الشعب على حيوانات لافقارية.
وكما يشير تقرير لموقع "فيز" (Phys)، فقد أظهرت دراستهما أنه في حين أن الحيوانات تتكيف مع البيئات، فإن قدرتها على التكيف يمكن أن تكون مقيدة من الناحية الفسيولوجية.
ففي حين تستخدم الفقاريات واللافقاريات على نطاق واسع نوع الخلية نفسه (أوبسين) لكي ترى، فإنها تعتمد على هذه الخلايا بشكل مختلف.
وقد يفسر هذا الاختلاف الفسيولوجي -الذي يسميه علماء الأحياء الأوبسينات الهدبية في الفقاريات وأوبسينات رابدومريك في اللافقاريات- سبب أن اللافقاريات أفضل في رؤية الضوء ذي الطول الموجي القصير، حتى عندما يستوجب الموطن من الفقاريات أن ترى أيضا أطوال موجية قصيرة من الضوء.
مع ذلك، يمكن أن يكون الاختلاف بسبب الطفرات الجينية التي تحدث في الفقاريات، وليس اللافقاريات، كما قالت ويسترمان، حيث يمكن لهذه الطفرات أيضا أن تحد من نطاق الضوء في رؤية الفقاريات.
تولد الدراسة المزيد من الأسئلة التي يمكن أن تساعد في فهم رؤية الحيوانات بشكل أفضل (غيتي)
إجابات ومزيد من الأسئلة
قال ميرفي "دراستنا تجيب عن بعض الأسئلة المهمة، لكنها تولد أيضا المزيد من الأسئلة التي يمكن أن تساعدنا في فهم رؤية الحيوانات بشكل أفضل، إذ يمكننا فعل المزيد لتقييم الاختلافات في بنية شبكية الفقاريات واللافقاريات، أو كيف يمكن لأدمغتهم التعامل مع المعلومات المرئية بشكل مختلف".