النتائج التي طرحتها الدراسة تحطم الرقم القياسي السابق لأقدم حريق هائل تم تسجيله بفارق 10 ملايين عام، كما أنها تسلط الضوء على أهمية البحث في حرائق الغابات، لتتبع تاريخ الأرض ورسم تضاريسه.
هذه الحرائق تم اكتشافها بتحليل رواسب الفحم التي يبلغ عمرها 430 مليون عام (شترستوك)
قام علماء جيولوجيا من كلية "كولبي كوليدج" (Colby College)، في مدينة وترفيل بولاية مين الأميركية، بتتبع أقدم حرائق الغابات التي اشتعلت بين النباتات القصيرة والنباتات الموسمية التي يصل طولها إلى ركبة الإنسان أو خصره.
وتم اكتشاف هذه الحرائق بتحليل رواسب الفحم التي يبلغ عمرها 430 مليون عام والتي تم فحصها في كل من ويلز وبولندا.
وقود نباتي لإشعال الحرائق
وفي تقرير نشر على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، يقول عالم النباتات القديمة إيان غلاسبول من كولبي كوليدج "يبدو الآن كما لو أن دليلنا على الحريق يتطابق بشكل وثيق مع دليلنا على أقدم الأحافير الكبيرة لنباتات الأرض".
وأضاف أن "وجود الوقود -في شكل أحافير نباتية كبيرة في أضعف الأحوال- يرجح بشكل كبير احتمال حدوث حرائق غابات".
وتحتاج حرائق الغابات إلى وقود كالنباتات، ومصدر اشتعال كالصواعق مثلا، وما يكفي من الأكسجين لإتمام عملية الاحتراق.
وكتب الباحثون في دراستهم -التي نشرت في دورية "جيولوجي" (Geology) بتاريخ 13 يونيو/حزيران الجاري- أن الحرائق كانت قادرة على الانتشار مخلفة رواسب الفحم.
إحدى العينات المستخدمة في الدراسة (غلاسبول وآخرون- دورية جيولوجي)
وقال عالم الأحافير روبرت غاستالدو من كلية كولبي أيضا "كان لا بد من وجود ما يكفي من الغطاء النباتي في زمن السيلوريان (Silurian) لتنتشر حرائق الغابات ولتترك سجلا لتلك الحرائق الهائلة".
ويعرف عصر السيلوريان بأنه أقصر فترة جيولوجية من حقب الحياة القديمة التي استمرت 24.6 مليون سنة من نهاية "العصر الأوردوفيشي" (Ordovician Period) إلى بداية "العصر الديفوني" (Devonian Period).
والسيلوريان هو الفترة الأولى التي تحتوي على أحافير لحياة غير مجهرية واسعة النطاق على الأرض.
ووفقا للدراسة، فقد اختلفت المناظر الطبيعية في أوروبا التي نعرفها اليوم بشكل كبير عما كانت عليه منذ مئات الملايين من السنين، وكان الموقعان اللذان استخدمهما الباحثون لتحليلهم في قارات أفالونيا القديمة وبلطيقا في وقت اندلاع حرائق الغابات هذه.
تغير نسبة الأكسجين والكربون في الغلاف الجوي
كما هي الحال في يومنا هذا، فقد أسهمت حرائق الغابات حينئذ بشكل كبير في دورات الكربون والفوسفور أيضا، وفي حركة الرواسب على سطح الأرض.
يقول غلاسبول "كانت حرائق الغابات جزءا لا يتجزأ من عمليات نظام الأرض لفترة طويلة، ومن المؤكد تقريبا أنه تم التقليل من أهمية دورها في هذه العمليات".
حرائق الغابات أسهمت قديما بشكل كبير في دورات الكربون والفوسفور (شترستوك)
وذكر الباحثون أيضا أن مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي للأرض كانت على الأقل 16% آنذاك. وعلى الرغم من أن مستوى الأكسجين في الغلاف الجوي قد وصل إلى 21% في يومنا هذا، فإنه تغير بقدر كبير خلال تاريخ الأرض.
وأظهرت نتائج التحاليل التي قام بها الفريق أن مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي قبل 430 مليون سنة ربما كانت 21% أو أعلى.
وبهذا تحطم النتائج التي طرحتها هذه الورقة البحثية الرقم القياسي السابق لأقدم حريق هائل تم تسجيله بفارق 10 ملايين عام، كما أنها تسلط الضوء على أهمية البحث في حرائق الغابات لتتبع تاريخ الأرض ورسم تضاريسه.