أفِي دَارِ الخَـــــــــــــرَابِ تَظلُّ تَبنِي
وتَعمُرُ؟ مَا لِعــُـــــمرَانٍ خلقت!
وَمَا تَركَتْ لَكَ الأَيَّامُ عُــــــــــــــــذرًا
لَقَد وَعَظَتْكَ لَكِـــــــنْ مَا اتَّعَظتَ!
تُنادي للرَّحِيـــــــــــــــــ لِ بِكُلِّ حِينٍ
وَتُعلِنُ إنَّمَا المَقصُــــــودُ أنْتَ!
وتُسمِعُكَ النِّــــــــــــــــدَاء َ وأنتَ لاَهٍ
عَــــــــــنِ الدَّاعِي كأنَّكَ مَا سَمِعتَ!
وتَعلَمُ أنَّهُ سَفَرٌ بعيـــــــــــــدٌ
وعَـــــــــــن إِعدَادِ زَادٍ قَد غَفَلتَ!
تَنَـــــــــــامُ وَطالِبُ الأيَّامِ سَاعٍ
ورَاءكَ لاَ يَنَامُ فَكيــــــــفَ نِمتَ!
مَعائِبُ هَــــــــــــــذِهِ الدُّنيَا كَثِيرٌ
وأنتَ عَلَــــــــــى محبَّتِهَا طُبِعتَ!
يَضِيعُ العُمرُ فِــــــــــي لَعِبٍ وَلهوٍ
ولَــــــــــو أُعطِيتَ عَقــــــلاً مَا لَعِبتَ!
فمَا بَعـــــــــدَ الممَاتِ سِوَى جَحِيمٍ
لِعــــــــــاصٍ أو نَعِيمٍ إِن أَطعتَ!
ولستَ بآمِــــــــــــلٍ ردًّا لِدُنيَا
فَتعمــــــــلُ صَالِحًا فِيمَـــــــا تَركتَ!
وأوَّلُ مَـــــــن ألُومُ اليَومَ نفسِي
فَقَـــــــــد فَعَلتْ نَظَائِرَ مَا فَعلتَ!
أيَا نفسِيَ أَخوضًا فِــــــــــي المَعاصِي
وَبعـــــــــــدَ الأربَعِينَ وغِبَّ سِتَّ!
وَأرجُـــــو أَن يَطُولَ العُمـــــــرُ حَتَّى
أَرى زَادَ الرَّحِيـــــــــلِ وقَد تأتَّى!
أيَـــــا غُصنَ الشَّبابِ تَمِيـــــلُ زَهوًا
كأنَّكَ قَــــــــــــد مَضَى زَمنٌ وعِشتَ!
عَلِمتَ فَدَعْ سَبِيلَ الجَهلِ واحذَرْ
وَصحِّحْ قَــــــــد عَلِمتَ ومَا عَمِلْتَ!
وَيَا مَــــــــن يَجمعُ الأَموالَ قُلْ لِي
أَيَمنَعُكَ الـــــــــرَّدَى مَا قَد جَمَعتَ!
وَيَا مَـــــــــــــن يَبتَغِي أَمرًا مُطَاعًا
يُسمَعُ نَافِذٌ مَـــــــن قَد أَمَرتَ!
أَجَجْتَ إلَــــــــــــى الوِلاَيَةِ لاَ تُبَالِي
أَجِرْتَ عَلَـــــــى البرِيَّةِ أَم عدَلتَ!
ألاَ تَدرِي بأنَّكَ يَـــــــــــــومَ صَارَتْ
إِلَيكَ بِغَيـــــــــرِ سِكِّينٍ ذُبِحتَ!
ولَيسَ يَقُـــــــــــومُ فَرحةُ قَد تَولَّى
بِتَرحةِ يَـــــــــومَ تَسمعُ قَد عُزِلتَ!
وَلاَ تُهمِـــــــــــلْ فَإنَّ الوَقتَ يَسرِي
فإنْ لَـــــــــم تَغتَنِمهُ فَقَد أَضَعتَ!
تَــــــــــــرَى الأيَّامَ تُبلِي كُلَّ غُصنٍ
وَتَطوِي مِــــــــــــن سُرُورِكَ مَا نَشَرْتَ!
وَتَعلَــــــــــــــمُ إنَّمَا الدُّنيَا مَنامٌ
فَأحلَى مَا تَكُـــــــــونُ إذَا انتبَهتَ!
فَكَيفَ تصدُّ عَـــــــــن تَحصِيلِ بَاقٍ
وَبِالفَانِـــــــــي وزُخرُفِهِ شُغِلتَ!
هِــــــــــيَ الدُّنيَا إذَا سَرَّتكَ يَومًا
تسُؤْكَ ضِعــــــــفَ مَا فِيهَا سُرِرتَ!
تغرك كالسَّرابِ فأنتَ تَسرِي
إليـــــــــــــهِ ولَيسَ تَشعُرُ إن غُرِرتَ!
وَأشهدُ كَـــــــــــم أبادَتْ مِن حَبِيبٍ
كأنَّكَ آمٍــــــــنٌ مِمَّنْ شَهِدتَ!
وَتدْفِنُهُم وَتــــــــــرجِعُ ذَا سُرُورٍ
بِمَا قَـــــــــــد نِلتَ مِن إِرثٍ وَحَرثَ!
وتَنسَاهُمْ وأنتَ غَـــــــــدًا سَتَفنَى
كأنَّكَ مَا خُلِــــــــــقتَ ولاَ وُجِدت!
تُحدِّثُ عَنهُــــــــــمُ وَتقُولُ كَانُوا
نَعــــــــــمْ كَانُوا كَمَا واللهِ كُنتَ!
حَدِيثُكَ هـــــــــمُ وأنتَ غدًا حَدِيثٌ
لِغَيرِهِـــــــــــمُ فَأحسِن مَا استطَعتَ!
يَعُــــــــــودُ المرءُ بَعدَ الموتِ ذِكرًا
فَكُن حَسَن الحَدِيثِ إذَا ذُكِرتَ!
سلِ الأيَــــــــــــامَ عَن عَمٍّ وخالٍ
وَمَالَكَ والسُّؤالُ؟! وقَــــد عَلِمتَ!
ألَستَ تَـــــــــــــرى دِيارَهُمُ خَوَاءٌ
فَقَـــــــد أنكَرْتَ منهَا مَا عرفـــتَ!
ابن رجب الحنبلي رحمه الله