حوادث تحرش وقعت في مستشفيات وجامعات ومدارس ودوائر حكومية وأخرى خاصة وكذلك في وسائل إعلام، وطلب المتحدثون عدم ذكر أسمائهم أو كشف معلومات تقود للتعرف عليهم خشية "الوصمة المجتمعية" والملاحقات العشائرية
المرصد حذر من أن حالات التحرش الجنسي واللفظي آخذة في التزايد في كثير من المنشآت الحكومية والخاصة بالعراق (وكالات)
15/6/2022
كشف تقرير للمرصد العراقي لحقوق الإنسان عن حالات تحرش "مرعبة" في مستشفيات وجامعات ووسائل إعلام عراقية تُساوَم من خلالها النساء بـ"الجنس" مقابل العلاج والدراسة والعمل، وسط مطالبات من نشطاء لمعالجة الأمر وسن قوانين رادعة.
وقال المرصد العراقي في تقريره "إن حالات التحرش الجنسي واللفظي آخذة في التزايد في كثير من المنشآت الحكومية والخاصة -بما في ذلك المنازل في العراق- وفق شهادات لضحايا وشهود عيان".
ونقل المرصد شهادات لضحايا نساء وأجرى مقابلات مع رجال وعناصر أمن وصحفيين ومدرسين تحدثوا خلالها عن تفاصيل حوادث تحرش وقعت في مستشفيات وجامعات ومدارس ودوائر حكومية وأخرى خاصة وكذلك في وسائل إعلام.
وأشار إلى أن المتحدثين طلبوا "عدم ذكر أسمائهم أو كشف معلومات تقود إلى التعرف عليهم أو على مرتكبي حالات التحرش الوارد ذكرها في هذا التقرير خشية النظرة المجتمعية والملاحقات العشائرية".
وفي شهادة لإحدى ضحايا التحرش قالت امرأة للمرصد -طلبت إخفاء هويتها- إنها كانت ترافق والدتها المصابة بمرض السرطان خلال علاجها في مستشفى الأمل ببغداد عندما "ساومها" جنسيا أحد الموظفين هناك مقابل صرف العلاج لوالدتها.
وأضافت "كان علاج والدتي يتوقف على توقيع منه، فكرت بكيفية حل المشكلة ولم أبلغ أبي لئلا تزيد متاعبه، وخشيت تضرر والدتي في حال تقدمت بشكوى رسمية، فالمسؤولون لا يقفون مع مواطن لذلك سكّتُ".
وأشار المرصد إلى أنه بعد يوم واحد على الحادثة توفيت والدتها.
وقالت أيضا إنها تعرضت لحالتي تحرش، الأولى من قبل أستاذ جامعي قلل من درجتها العلمية في مادته لأنها رفضت تحرشه بها رغم أنها من المتفوقات.
وأضافت "كان هذا العقاب" أقل حدة مما وقع على زميلة لها "تحرش بها أستاذ أيضا ولم تستجب له فرسبها في مادته"، أما حالة التحرش الأخرى التي تعرضت لها المتحدثة فكانت بعد تقدمها بطلب للعمل مراسلة في قناة فضائية "تحرش بي رئيس المراسلين فاضطررت للانسحاب رغم كفاءتي".
ونقل المرصد شهادة لعريف الشرطة المحلية ويدعى "ع. م" بشأن حادثة مساومة متسولة عربية ضبطتها دوريته في أحد شوارع بغداد دون أوراق رسمية ولا تصريح إقامة.
وأكد العريف للمرصد أنه "قبل أن ينادي آمر الدورية قيادتنا العليا عبر جهاز اللاسلكي ويبلغها بالحالة بدأ الفزع على وجه المتسولة، فطلب منها ممارسة الجنس مقابل تركها تذهب، وهو ما حصل فعلا".
ووثق المرصد العراقي لحقوق الإنسان شهادات لتحرش جسدي ولفظي لطالبات في جامعة بغداد من قبل عدد من الأساتذة.
وحث المرصد في تقريره السلطات العليا في العراق على تشديد المتابعة وتفعيل الإجراءات القانونية بحق المتحرشين وتخصيص أقسام مدربة على التعامل مع قضايا التحرش تضمن عدم إفلات الجناة من العقاب أولا، وحفظ سرية هوية الضحية التي تبلغ عما تتعرض له ثانيا.
ودعا مجلس النواب ومجلس القضاء الأعلى إلى التعاون لإيجاد تشريعات وقوانين أكثر صرامة لردع المتحرشين وعدم السماح بإفلاتهم من العقاب لمجرد حصول "الصلح العشائري"، خاصة إذا كانوا موظفين حكوميين.
وأكد المرصد أن هذه القضايا تؤثر بشدة على نفسية الضحايا وعلى مستقبلهم، بما في ذلك ترك الدراسة والعمل وصولا إلى الهجرة والانتحار.
وتفاعل نشطاء ومدونون على منصات التواصل الاجتماعي مع تقرير المرصد الحقوقي عن حالات التحرش الجنسي في الجامعات والمستشفيات والمؤسسات الأخرى.
وقالت الكاتبة بلسم مصطفى عبر حسابها على تويتر "نحتاج إلى المزيد من التقارير الكمية والنوعية التي توثق مواضيع لطالما تم التكتم عليها بسبب الوصمة المرتبطة بها وتقدم توصيات لمعالجتها".
وعلقت المدونة سرى الحسناوي عبر حسابها على تويتر قائلة "هنالك على مستوى أطباء يتحرشون للأسف، خصوصا أطباء الأسنان والقلب".
من جانبه، قال رئيس المرصد العراقي لحقوق الإنسان مصطفى سعدون عبر حسابه على تويتر إن "الشهادات الموجودة في التقرير الذي نشره المرصد بشأن ظاهرة التحرش في مؤسسات الدولة وبعض الجامعات ومؤسسات القطاع الخاص وبعض القنوات الفضائية ليست كل الشهادات".
وأضاف سعدون "هناك قصص فيها كوارث"، مشيرا إلى أنه "للحد من هذه الظاهرة يجب أن يتحلى الضحايا بشجاعة فضح المتحرشين".
وتنص المادة 396 من قانون العقوبات العراقي على السجن 7 سنوات لمن يدان بالتحرش بالقوة أو التهديد أو الحيلة، وتشدد العقوبة إلى 10 سنوات في حال كان المجني عليها/ عليه دون سن الـ18، فيما تنص المادة 402 من القانون ذاته على معاقبة "المتحرش بالطلب" بالسجن 3 أشهر أو الغرامة على أن تضاعف العقوبة إلى السجن 6 شهر في حال تكرار الفعل، وهو ما يراه خبراء غير كافٍ للردع المطلوب.