النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

نوبل الكيمياء عام 1902.. روابط من أجل الحياة

الزوار من محركات البحث: 0 المشاهدات : 212 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: August-2021
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 2,114 المواضيع: 948
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 2840
    آخر نشاط: 13/March/2024

    نوبل الكيمياء عام 1902.. روابط من أجل الحياة

    نوبل الكيمياء عام 1902.. روابط من أجل الحياة

    Full Transcript
    في صباحِ يومِ الخامسَ عشَرَ منْ يوليو عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعَةَ عشَرَ؛ طوى "إميل فيشر" بضعَ ورقاتٍ مكتوبةٍ بعنايةٍ تناقشُ بحثًا حولَ السكريات. وأرسَلَها بالبريدِ إلى دوريةٍ علمية. ثمَّ قضى وقتًا معَ محاميهِ بهدفِ تأسيسِ جمعيةٍ علميةٍ لدعمِ الكيمائيينَ الألمانِ الشباب. وبعدَ رحيلِ المحامي؛ ودعَ العائلة؛ وتناولَ محلولَ "فينيل الهيدازين" شديدَ السُميةِ ليموتَ في الحال.
    كانَ ذلكَ المشهدُ مرتبًا بعناية؛ تمامًا كشخصيةِ الرجلِ الحائِزِ جائزةَ نوبل الكيمياءِ في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ واثنين. فـ"فيشر" الموهوبُ -صاحبُ أعظمِ الآثارِ في الكيمياءِ العضوية- عانى منْ مرضٍ حادٍّ أصابَه بآلامٍ حادة. وحينَ تمَّ تشخيصُه بالإصابةِ بسرطانٍ معويٍّ غيرِ قابلٍ للشفاء؛ قررَ أنْ يتعاملَ -كشأنِه دائمًا- معَ المشكلة. لمْ يدعْ سفينتَه قَطُّ تنجرفُ في مهبِّ الريح؛ قادَ تلكَ السفينةَ عمدًا ووصلَ بها إلى وجهتِها الأخيرة. ففلسفتُه الشخصيةُ أملتْ عليهِ أداءَ العملِ الأخيرِ في حياتِه؛ الانتحار.
    كانتْ تلكَ هيَ النهايةَ المؤسفةَ لأحدِ ألمعِ العقولِ في التاريخ. الرجلُ الذي قدمَ خدماتٍ غيرَ عاديةٍ للكيمياء. وتمكَّنَ منَ الكشفِ عنْ بعضِ الروابطِ الكيميائيةِ التي تُشكلُ الحياة.
    تتمثلُ إحدى المهماتِ الرئيسيةِ للكيمياءِ العضويةِ في التحقيقِ وإعادةِ الإنتاجِ المصطنعِ لتلكَ العملياتِ التي تحدثُ في المادةِ الحية، الحيوانيةِ والنباتيةِ على حدٍّ سواء، منْ أجلِ توفيرِ أساسٍ ثابتٍ للمفاهيمِ المتعلقةِ بالظواهرِ البيولوجية.
    وبصرفِ النظرِ عنِ الموادِّ البروتينية، لا توجدُ مجموعةٌ منْ مركباتِ الكربونِ أكثرُ أهميةً للحياةِ العضويةِ منَ الكربوهيدرات. لهذا السببِ، كانتِ الكربوهيدرات، وخاصةً السكريات، موضوعَ دراساتٍ لا حصرَ لها منذُ بدايةِ الكيمياءِ العضوية. بسببِ طبيعةِ هذهِ الموادِّ كانتْ دراستُها محفوفةً بصعوبةٍ كبيرةٍ وحتى قبلَ بضعِ سنواتٍ كانتْ تبدو مهمةً مستحيلة.
    وقدْ نجحَ "فيشر" في إيجادِ حلٍّ رائعٍ للمشكلة.
    فمعَ حكمٍ حادٍّ بشكلٍ مدهشٍ وبتمييزٍ رائعٍ في اختيارِ طرقِه ووسائلِه، لمْ يقمْ فيشر بإعادةِ إنتاجِ سكرياتِ العنبِ والفاكهةِ الاصطناعيةِ فحسب، بلْ قامَ أيضًا بإعادةِ إنتاجِ حوالَيْ ثلاثينَ نوعًا منَ السكرياتِ الأخرى ووفرةٍ منَ المركباتِ الأخرى وثيقةِ الصلة. بينما عُثرَ على السكرياتِ البسيطةِ التي تحدثُ بشكلٍ طبيعيٍّ فقط، تلكَ التي تحتوي على خمسِ ذراتِ كربونٍ أوْ ست، قامَ فيشر بتركيبِ سلسلةٍ متصلةٍ تحتوي على ذرتينِ إلى تِسعِ ذراتٍ منَ الكربون.
    وقدْ أظهرَ "فيشر" كيفَ يمكنُ استخدامُ الكيمياءِ في إنشاءِ علاقاتٍ رئيسيةٍ في علمِ الأحياءِ بعدَ أنْ تمكنَ منْ تجميعِ التفاصيلِ الكيميائيةِ المعقدةِ حولَ بعضِ الموادِّ في الطبيعة، وهوَ أمرٌ كشفَ عنْ معلوماتٍ حيويةٍ حولَ وظائفِها، وكشفَ عنْ روابطَ غيرِ متوقعةٍ على الإطلاق.
    حولَ فيشر معرفتَنا بالموادِّ الكيميائيةِ مثلَ السكرياتِ والنشا، والتي توفرُ مصدرًا رئيسيًّا للطاقةِ للحيواناتِ بعدَ أنِ اكتشفَ أنَّه عندما تتفاعلُ السكرياتُ الموجودةُ في الفاكهةِ معَ مركبِ "فينيل هيدرازين" فإنها تشكلُ منتجاتٍ يَسهلُ استخلاصُها وفحصُها. وبذلكَ؛ حددَ التركيبُ الكيميائيُّ لجميعِ السكرياتِ المعروفة، والتي يُمكنُ منْ خلالِها تكوينُ مجموعةٍ منَ السكرياتِ المعقدةِ بشكلٍ متزايدٍ في المختبر.
    قدْ تختلفُ سكرياتُ الفاكهةِ الطبيعيةِ اختلافًا كبيرًا في خصائصِها الفيزيائية، لكنَّ فيشر اكتشفَ أنَّ العديدَ منها في الواقعِ يشتركُ في تركيبةٍ كيميائيةٍ مشابهةٍ بشكلٍ مذهلٍ للسكرِ الشائع، الجلوكوز.
    وبتطبيقِ نظرياتِ الكيمياءِ ثلاثيةِ الأبعادِ التي طورَها الحائزُ الأولُ لجائزةِ نوبل في الكيمياء "جاكوب هوف" استنتجَ فيشر أنَّ هذهِ السكرياتِ تختلفُ منْ خلالِ الطرقِ المختلفةِ التي يتمُّ بها ترتيبُ ذراتِ الكربونِ والهيدروجينِ والأكسجينِ في الفضاء. وابتكرَ طريقةً بسيطةً ولكنَّها بارعةٌ لتصويرِ كلِّ هذهِ الترتيباتِ المختلفةِ على الورق، وشرحِ كيفَ تشكلُ الطبيعةُ نوعينِ منَ السكريات، السكريات D والسكريات L، وهما صورتانِ متطابقتانِ لبعضِهما البعض.
    منْ خلالِ أساليبِه المكررةِ في التحليلِ والتركيب، حددَ فيشر أيضًا العلاقاتِ الكيميائيةَ بينَ مجموعةٍ منَ الموادِّ الكيميائيةِ المهمةِ بيولوجيًّا، ومنْ ضمنِها الكافيين وحمضُ البوليك، المسببُ لمرضِ النقرس. وقالَ إنَّهما يشتركانِ في بنيةٍ واحدةٍ تُسمى نواةَ البيورين، ومنْ خلالِ تحديدِ الاختلافاتِ في الهياكلِ الكيميائيةِ حولَ هذهِ النواة، أنشأَ فيشر عائلةً ممتدةً منْ حوالَيْ مئةٍ وخمسينَ منَ المشتقاتِ الاصطناعيةِ لهذهِ الموادِّ في المختبر، والتي قدمتْ دليلًا قويًّا على كيفيةِ استخدامِ هذهِ الموادِّ الكيميائيةِ التي تتشكلُ في الطبيعة.
    لمْ تكنْ هذهِ الدراساتُ مهمةً فقط في علمِ الكيمياء؛ لكنَّها كانتْ ذاتَ أهميةٍ كبرى في علمِ الأحياءِ أيضًا.
    فواحدةٌ منْ أهمِّ العملياتِ التي تحدثُ في الطبيعةِ هي تكوينُ الكربوهيدراتِ في الأجزاءِ الخضراءِ منَ النباتات. هذهِ العمليةُ في الواقعِ هيَ المصدرُ الرئيسيُّ لأيِّ مادةٍ عضوية، وبالتالي فإنَّ توضيحَها هوَ إحدى المهماتِ الرئيسيةِ للعلم.
    ففي وقتٍ مبكرٍ منْ عامِ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وسبعينَ صاغَ العالِمُ الألمانيُّ الكبيرُ "أدولف باير" فرضيةَ أنَّ ثاني أكسيدِ الكربونِ والماءِ يتحولانِ إلى فورمالديهايد في الخلايا التي تحتوي على الكلوروفيل، وأنَّ هذا يتكثفُ على الفورِ لتكوينِ السكر.
    ولأنَّ "فيشر" نجحَ الآنَ في تحضيرِ السكرياتِ منَ الفورمالديهايد اكتسبتِ الفرضيةُ المعنيةُ تأكيدًا تجريبيًّا لقيمةٍ واضحة، وهو ما شكَّلَ دفعةً في أبحاثِ ما يُعرفُ اليومَ باسمِ الكيمياءِ الحيوية.
    وُلدَ "هيرمان إميل فيشر" في التاسعِ من أكتوبر عامَ ألفٍ وثَمانِمئةٍ واثنينِ وخمسينَ في ألمانيا. كانَ والدُه رجلَ أعمالٍ ناجحًا. بعدَ ثلاثِ سنواتٍ معَ مدرسٍ خاص، ذهبَ إميل إلى المدرسةِ المحليةِ حيثُ اجتازَ امتحانَه النهائيَّ في عامِ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وتسعةٍ وستينَ بامتيازٍ كبير. تمنَّى والدُه أنْ يعملَ معَه ابنُه في تجارةِ الأخشاب، لكنَّ إميل كانَ يرغبُ في دراسةِ العلومِ الطبيعية، وخاصةً الفيزياء، وبعدَ تجربةٍ فاشلةٍ لإميل في هذا المجالِ منَ الأعمال، قالَ لهُ والدُه إنَّه منَ الغباءِ أنْ تكونَ رجلَ أعمالٍ ومنَ الأفضلِ أنْ تكونَ عالِمًا؛ وأرسلَه في عامِ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وواحدٍ وسبعينَ إلى جامعةِ بون لدراسةِ الكيمياء.
    في سنِّ الثامنةَ عشرة، قبلَ أنْ يذهبَ إلى جامعةِ بون، عانى فيشر منِ التهابِ المعدة، منَ المحتملِ أنْ تكونَ تلكَ الالتهاباتُ هيَ التي تسببتْ في السرطانِ الذي أصابَه في عمرِ ستةٍ وستينَ عامًا وتسببَ في إقدامِه على الانتحار.
    وفي عامِ ألفٍ وثَمانِمئةٍ واثنينِ وسبعينَ التحقَ بجامعةِ ستراسبورغ، وهناكَ التقى فيشر معَ العالِمِ الألمانيِّ "باير" وتأثرَ بهِ بقوة، ليقررَ تكريسَ حياتِه للكيمياء.
    تمَّ تعيينُه أستاذًا مشاركًا للكيمياءِ التحليليةِ بجامعةِ ميونيخ في عامِ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وتسعةٍ وسبعين. وفي عامِ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وأربعةٍ وثمانينَ بدأَ فيشر عملَه العظيمَ على السكرياتِ، والذي استمرَّ طيلةَ عشَرةِ أعوامٍ كاملةٍ نجحَ فيها فيشر في إضافةِ معرفةٍ ثوريةٍ عنْ كيفيةِ تشكيلِ السكرياتِ في الطبيعة.
    طِوالَ حياته؛ تمتعَ "فيشر" بذاكرةٍ متميزةٍ -على الرغمِ منْ أنَّهُ لمْ يكنْ متحدثًا جيدًا بطبيعتِه- مكنتْه منْ حفظِ مخطوطاتِ المحاضراتِ التي كتبَها، ومنْ ثمَّ إلقائِها على الطلبةِ بسهولةٍ ويُسر.
    كانَ "فيشر" يُحبُّ الطبيعة؛ يستمتعُ بالمشيِ بينَ التلالِ وقامَ أيضًا بزياراتٍ متكررةٍ إلى الغابةِ السوداءِ وهيَ منطقةُ غاباتٍ جبليةٍ في جنوبِ غربِ ألمانيا.
    في عامِ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وثمانيةٍ وثمانينَ تزوجَ فيشر منْ "أغنيس جيرلاخ" وهيَ ابنةُ أستاذٍ في علومِ التشريح؛ لسوءِ الحظِّ؛ ماتتْ زوجتُه بعدَ سبعِ سنواتٍ منْ زواجِهِما. أنجبا ثلاثةَ أبناءٍ قُتلَ أحدُهم في الحربِ العالميةِ الأولى. وانتحرَ آخرُ في سنِّ الخامسةِ والعشرينَ نتيجةً للتدريبِ العسكريِّ الإجباري. أما الابنُ الثالثُ "هيرمان فيشر" الذي توفيَ عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وستين، فكانَ أستاذًا للكيمياءِ الحيويةِ في جامعةِ كاليفورنيا في بيركلي.
    اشتهرَ "فيشر" بكونِه مناضلًا عنيدًا منْ أجلِ إنشاءِ الأسسِ العلمية، ليسَ فقطْ في الكيمياء، بلْ في مجالاتِ العملِ الأخرى أيضًا. ففهمُه الشديدُ للمشكلاتِ العلمية، وحدسُه وحبُّه للحقيقةِ وإصرارُه على إثباتِ الفرضياتِ التجريبية، جعلَه أحدَ أعظمِ العلماءِ حقًّا في كلِّ العصور.

  2. #2
    هيڤين♬✿
    تاريخ التسجيل: November-2013
    الدولة: به سرا / بصرة
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 61,907 المواضيع: 8,716
    صوتيات: 83 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 61661
    مزاجي: سويچ ˛⁽㋡₎⇣
    آخر نشاط: منذ أسبوع واحد
    شكراً نسمة

  3. #3
    من أهل الدار
    شكرا لمرورك

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال