هل تحمي المرأة أم لا؟.. جدل عراقي بشأن مادة قانونية تسمح للمغتصب بالزواج من الضحية!
المصدر:
السومرية نيوزتقرير: السومرية نيوز
عادت المادة 398 من قانون العقوبات للواجهة من جديد، والمتعلقة بقضية إسقاط تهمة الاغتصاب عن المغتصب في حال قبوله الزواج من الضحية، حيث أصبحت هذه المادة حديث مواقع التواصل الاجتماعي وتصدرت الترند على موقع تويتر، في دعوات لإنصاف المرأة، وحماية حقوقها، بعد تغريدة أطلقتها الحقوقية فاطمة الأعرجي تحت وسم (إلغاء_المادة_398).
وذهبت السومرية نيوز إلى متابعة جوانب وحيثيات هذه المطالبات لمعرفة أسبابها، والمستفيد أو المتضرر منها، وخاصة المرأة، التي تكون ضحيةً لـ "مجرم" أراد تنفيذ غايته، بإقدامه على اغتصاب المرأة، ليتزوجها فيما بعد، تحت غطاء المادة القانونية أعلاه، وفق ما كتبه المدونون.
لماذا هاشتاك (إلغاء_المادة_398)؟
وتواصلت السومرية نيوز، مع فاطمة الأعرجي، صاحبة الهاشتاك الذي تصدّر ترند تويتر، وأشارت خلال حديثها إلى أبرز الأسباب التي دفعتها لإطلاق هذا الهاشتاك، فيما أكدت أن القانون مبهم وغامض.
وتقول الأعرجي في حديث للسومرية نيوز: "بعد دراسات عديدة للمادة 398 من قانون العقوبات والجلوس مع عدد من الزملاء المحامين لمناقشته بشكل تفصيلي، فقد قررت طرح الموضوع في هاشتاك لعدة أسباب، كون المادة المتكونة من عدة فقرات أغلب موادها مبهمة وغامضة، إضافة إلى أن أغلب حالات الاغتصاب تحصل على الأطفال بأعمار 8-10 سنوات، وفي هذه الحالة لم يتم وضع معالجة للموضوع، فضلاً عن غموض الجوانب القانونية والمجتمعية حول مفردات القانون".
وأضافت، أن "حالات الاغتصاب في العراق أصبحت كثيرة، وبعضها اغتصاب ولد او طفل ذكر، وهذه النقاط لا يوجد معالجات لها"، لافتاً إلى أن "أحد مواد القانون هي مراقبة الزوج خلال فترة الزواج لثلاث سنوات، وفي حال الإخلال بالزواج يعاقب بالسجن أو الغرامة المالية، لكن كان الأجدر بدل هذه المادةـ هو مراقبة الضحية في بيت أهلها لفترة ثلاث سنوات، طالما كانت المحكمة والجهات المنفذة تقر بإمكانية المراقبة والقدرة على ذلك، فيمكن تعديل المادة أو إلغائها، ويتم الحصول بتعهد من الأهل بعدم التعرض لها، وتراقب الحالة النفسية لها، لأن من تتزوج في هذه الحالة هي تقبل الزواج خشية وقوع عقوبة الاهل عليها".
وأشارت إلى أن "عقوبة الزواج يجب أن تُلغى، وأن تكون عقوبة الجاني هي الإعدام فقط، كي يكون الرادع قانونياً وقاسياً، وهو ما جعلنا نطرح هذا الموضوع على تويتر".
وأطلق الوسم، مجموعة من الشباب العراقيين على موقع تويتر، رفض الكثير منهم هذه المادة، وعدّوها تجاوزاً واضحاً على حقوق الإنسان، والمرأة تحديداً، حين يتم إجبارها على العيش مع مَن اغتصبها.
ولم تكتفِ السومرية نيوز، بالتواصل مع مَن أطلق الوسم، إلا أنها ذهبت باتجاه البرلمان العراقي، بدورته النيابية الخامسة، والبحث عمّا سيمكن فعله، من خلال التواصل مع عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية، سهام الموسوي.
وقالت الموسوي في حديث للسومرية نيوز، إن "لجنة المرأة والأسرة والطفولة ستعمل خلال الأيام القليلة المقبلة على عقد سلسلة اجتماعات لمناقشة جميع القوانين والتشريعات التي تصب في مصلحة المرأة والطفل والاسرة، ومن بينها المادة 57، وقانون مناهضة العنف الأسري، إضافة إلى أمور أخرى مهمة بغية الخروج بقرارات داخل مجلس النواب تحفظ حقوق الاسرة العراقية والمرأة".
وأضافت الموسوي، أنَّ "حقوق المرأة يجب حمايتها، لكننا يجب ألا ننسى أن هناك عادات وتقاليد وشرعاً دينياً تحكمنا، وليس من الممكن تطبيق العادات والقوانين المطبقة في المجتمعات الغربية على مجتمعنا الشرقي، ورغم هذا فإننا مع حفظ حقوق المرأة التي منحها لها الشرع والقانون، دون المساس بالثوابت الدينية والتقاليد العشائرية والمجتمعية فلا يمكننا ان نذهب الى ما هو موجود لدى المجتمعات الغربية".
وأكدت، أن "ضمان حقوق المرأة وكرامتها وحريتها بالعمل وحتى السياسي، هو شيء ضروري وندعمه بقوة".
وعلى عكس ما جاءت به الموسوي، ترى ريزان الشيخ دلير، التي كانت عضواً بلجنة المرأة النيابية في الدورة السابقة، أنَّ النزعة الذكورية ومحاولة تهميش وطمس شخصية المرأة تحت عنوان الدين والعشيرة، كانت سبباً في تشريع القوانين والقرارات التي جعلت من المرأة ضحية للرجل، داعية الى تشكيل حركة سياسية نسوية تدافع عن المرأة وتحررها من تبعية الأحزاب الذكورية.
وقالت الشيخ دلير، في حديث للسومرية نيوز، إن "ظلم المرأة يستمر حتى تنتهي العقلية الذكورية السائدة داخل المجتمع العراقي، وحتى ينتهي شراء الأفكار باسم الدين، على اعتبار أن واقعنا وأفكارنا في المجتمع عاجزة عن تشريع قانون للحماية من العنف الأسري، وتعديل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات فيما يتعلق بحقوق المرأة والأسرة بسبب تلك العقلية الرجعية".
وبيّنت، أنَّ "البرلمان خلال دورتين، كانت أحزابه الدينية الشيعية والسنية وقفت بالضد من حقوق المرأة، وحتى العنصر النسوي وقف أيضاً ضد حقوق النساء، لأنهم تربوا على هذه الأفكار داخل الأحزاب والمجتمع".
وأكملت: "دافعنا كثيرا عن حقوق المرأة، وحتى هناء ادور دافعت داخل مجلس الأمن حين دافعت عن حقوق المرأة في الشرق الاوسط، فإنَّ أول مَن اعترض على كلامها، هي المرأة العراقية داخل مجلس النواب".
ولفتت إلى أنَّ "الحل صعب في العراق بسبب تلك العقلية، والمرأة العراقية غير قادرة على إثبات حقوقها بسبب تلك العقلية، لكننا بحاجة إلى حركة سياسية تتحرك باسم المرأة، وألا تكون المرأة داخل الاحزاب السياسية الحالية كأداة تمرر أهداف الذكور، ولا نعلم إلى متى ستتحمل المراة والطفل العنف والتجاوز والانتهاك داخل المنزل وخارجه".
وتابعت، أنَّ "مطالب المرأة بسيطة، وهي احترامها كإنسانة وسماع رأيها وعدم اعتبارها سلعة لدى الرجل"، مشددة على أن "هناك ضرورة لثورة نسوية مشابهة لثورة تشرين وتظاهرات الشباب، لأن المرأة في كل يوم تعيش بخطر بسبب الإهانة والاغتصاب والتجاوز والضرب والنظرة الدونية لها، والتجاوز بلا أسباب، وقد تناسى المجتمع أن المراة هي الأم والأخت والزوجة والابنة، لكن كل هذا تم تجاوزه مع بناء صورة نمطية عن المرأة على أنها مجرد تابعة ذليلة شهوات ورغبات الرجال".
رأي قانوني: "القانون أنصف المرأة"!
وتزامناً مع الحملة التي أُطلقت للمطالبة بإلغاء المادة 398، يرى الخبير القانوني صفاء اللامي، أن هناك ما وصفه بـ "جهل واضح لدى البعض في القوانين، من خلال انجرارهم خلف كل ما يقال من جهات أو أشخاص يجترئون الحقائق لتحقيق أهداف خاصة، على حد قوله.
وقال اللامي في حديث للسومرية نيوز، إن "مجلس قيادة الثورة المنحل أصدر قانوناً تشريعياً رقم 91 في عام 1987 بتعديل قانون العقوبات رقم 398، وأشار إلى أن التهمة لا تسقط عن المغتصب في حال تزوج الضحية، ولكن يصبح العذر مخففاً فتصبح العقوبة أضعف، لكن سلطة الائتلاف بعد عام 2003 ألغت هذا القرار، وأعادت القانون إلى أصله ثم جاء مجلس القضاء ليقرر إلغاء قرار سلطة الائتلاف والعودة بالعمل على القانون المعدل في عام 1987، وبالتالي فإن مجلس القضاء أرسل رسالة واضحة بانه يعمل وفق القانون المعدل، وليس القانون الأصلي".
وتابع قائلاً: "هناك جهل بالقانون، وهناك مَن يبث أفكاراً مسمومة للتأثير بالمجتمع، على اعتبار أن القانون حفظ حقوق الضحية، كون المغتصب أو الجاني يتم إيداعه السجن، وبعدها يتم في حال طلب المغتصب الزواج منها بطلب الى القاضي، من خلال سؤال الضحية عن الموافقة من عدمها، وفي حال كانت الضحية وصلت سن البلوغ تُسأل بشكل مباشر، إما أن كانت قاصراً فيتم سؤال ولي أمرها، وفي حال رفضها أو رفض ولي أمرها لطلب الزواج، تقع العقوبة كاملة على الجاني، وفي حال الموافقة فإنَّ الجاني يكون ملزماً بالزواج منها، ومنح حقوقها كاملة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وفي حال الطلاق قبل انتهاء المدة تطبق العقوبة بشكل مشدد على أملاً أن تكون هناك ألفة بين الطرفين، ويستمر الزواج بشكله الطبيعي بعيداً عن المشكلات والنزاعات ويتم تطبيق المادة المتعلقة بتخفيف الحكم".
وتابع أنَّ "القانون حفظ الحقوق الكاملة للضحية ومن حقها رفض الزواج وإيقاع أقسى عقوبة على الجاني، فلا يحتاج لأي لغط أو تهويل للأمر لأنها بيدها إيقاع العقوبة الكاملة على الجاني".
وأوضح، أنَّ "هذا القانون بهذه المعالجة كان موجودا في مصر، لكنه حين تم إلغاؤه تمت مواجهة صعوبات كبيرة، حيث بدأ قتل الضحايا أو الذهاب من ذويهن بالخفاء لطلب زواج الجاني منهن لكن القانون العراقي وجد المعالجة وحفظ حقوق الضحية وترك القرار بيدها".
وأكد اللامي، أنَّ "الآثار النفسية بسبب المجتمع وصعوبة الحادثة على الجانية تجعل بقاؤها وحيدة أصعب وأكبر من إيجاد مخرج لإنقاذها من تلك التجربة الصعبة والخيار النهائي لديها في رفض الزواج وتطبيق كامل العقوبة على الجاني والمجرم والزاني لكن القانون أراد إيجاد معالجة لها لتقليل الضرر عنها اما الجاني فلا تذهب العقوبة عنه بل تُخفّف حتى وإن قبلت الزواج".