كتب أبو ثائر دويكات مباركا لشقيقه ثائر "ألف مبارك شقيقي ثائر، بتروح (ترحل) شيرين وان شاء الله رح تيجي شيرين بصفات الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة".
شيرين ابو عاقلة بنت جمال عمران ترتدي زي الصحافة وسميت تيمنا باسم الزميلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة
بينما كانت شيرين أبو عاقلة ترتقي شهيدة وتصعد روحها إلى بارئها على أرض مخيم جنين شمال الضفة الغربية؛ كانت "شيرين أبو عاقلة" تولد من جديد في مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، ويضج المكان وأروقة المستشفى بصراخها، بينما اختلطت مشاعر الحزن والفرح معا لدى والديها والحضور بالمستشفى عندما قرر الوالدان إطلاق اسم شيرين على طفلتهما الصغيرة تيمنا بشيرين الراحلة وكي تظل حاضرة ولا تفتقد.
كثيرة هي أشكال التضامن التي عبر بها الفلسطينيون أجمع عن حزنهم على فراق الصحفية الإنسانة التي لطالما كانت أملهم في تغطياتها وتقاريرها الصحفية التي تحكي معاناتهم وتنسيهم أوجاعهم، فهذا أطلق اسمها على طفلته، وذاك حمل صورها وثالث خط رسومات وكلمات عكست حزنهم الشديد عليها وافتقادها "كفارسة وأيقونة للصحافة الفلسطينية".
الاسم: شيرين أبو عاقلة
لم يَطل تفكير الشاب جمال عمران (30 عاما) من قرية بورين قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بل على الفور وقبل أن تضع زوجته طفلته الثالثة قرر أن يسميها "شيرين أبو عاقلة" وفعل دون تردد، والتقط صورا لها ونشرها عبر صفحته على الفيس بوك ومواقع التواصل المختلفة، وكذلك فعل شابان آخران، أحدهما بنابلس والآخر في مدينة بيت لاهيا بقطاع غزة.
وكأنه شيء من الخيال
وإلى التفاصيل، حيث روى جمال عمران للجزيرة نت قصته مع الاسم لطفلته وكأنه شيء من الخيال، ويقول إنه استيقظ صباحا على صوت بكاء والدته سوسن عيد (أم أسامة) على إصابة شيرين أبو عاقلة في جنين ثم استشهادها لاحقا، فقرر ودون تفكير أن يطلق اسم شيرين على طفلته الجديدة، لتنقلب حالة الحزن التي خيمت على منزلهم لفرحة عارمة رغم الألم.
من فعاليات التضامن مع الشهيدة شيرين أبو عاقلة يوم أمس
ترحيب الكل.. اسم شيرين وصورتها
يقول جمال للجزيرة نت إن خبر استشهاد شيران وقع عليهم "كالصاعقة" رغم أنه لم يلتق بها مرة، إلا أن صيتها سبق كل شيء، فهي من حضرت مرات ومرات في قريته بورين ونقلت معاناة أهلها بفعل اعتداءات المستوطنين التي لا تتوقف "وكانت حاضرة بتغطيتها للأحداث والانتفاضة الثانية خاصة، ولا يزال صوتها يتردد على مسامعي ولها معزة خاصة لدى كل حر وشريف".
ورغم أن جمال وزوجته كانا يحضران اسما آخر، فإنهما سرعان ما تناسيا ذلك وقررا تسميتها "شيرين أبو عاقلة"، ويقول: "بينما كان العالم بأسره يودع شيرين كانت شيرين تولد عندنا"، وهو ما جعله يتلقى اتصالات مهنئة من كل مكان ومن كل الأصدقاء والأهل ومن آخرين لا يعرفهم، وحتى الأطباء بالمستشفى فرحوا كثيرا وصاروا يولون اهتماما أكبر بطفلته وزوجته.
ومن المفارقة بحكاية جمال وطفلته شيرين أن والد زوجته (حماه) اتصل به ليطمئن على صحة ابنته ومولودتها، لكن نبرات صوته كانت تحمل من الحزن والشجن الكثير، فسأله جمال ماذا يسميها؟ فرد عليه وقال: "شيرين أبو عاقلة"، فعندما عرف أني أسميتها كذلك راح يصرخ بأعلى صوته ويكبر الله حمدا وشكرا".
جمال عمران يحمل طفلته شيرين التي ولدت يوم اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة
ولم يمض وقت طويل حتى سارع جمال لشراء قميص لطفلته وألبسها إياه بعد طباعة اسم شرين أبو عاقلة عليه ودون أسفله شعار قناة الجزيرة وصورة لشيرين وأخرى لخارطة فلسطين، ويقول: "أردت لفت نظر العالم أجمع إلى أن شهيدة الكلمة شيرين أبو عاقلة لم تقترف أي ذنب، وأنها أعدمت بدم بارد رغم ارتدائها للزي الصحفي الكامل".
وتزامنا مع ميلاد شيرين أبو عاقلة في مستشفى رفيديا، كانت مرام مفلح زوجة الشاب ثائر دويكات تضع مولودتها شيرين أبو عاقلة أيضا في المستشفى العربي التخصصي.
صوت شيرين سيظل قائما
وحول ذلك يقول دويكات (42 عاما) للجزيرة نت إن حزنا شديدا أصابه وعائلته بعد استشهاد شيرين، وإن ذلك انعكس عليه وعلى زوجته التي كان قد خاض معها نقاشا طويلا منذ عدة أيام حول اسم طفلته الجديدة، "وما إن وضعت زوجتي طفلتها حتى بادرنا لتسميتها شيرين، وكان ذلك محل ترحيب وانبساط الجميع في فلسطين والعراق لدى أقارب زوجتي لأمها العراقية الأصل".
وكانت "شيرين أبو عاقلة" دويكات أول طفلة تولد بالمستشفى العربي التخصصي أمس، وهو ما جعل اسمها ينتشر سريعا عبر مختلف مواقع التواصل التي جعلت من والدها محط أنظار المجتمع الفلسطيني، حيث تلقى اتصالات مهنئة ومباركة وداعمة من كل حدب صوب.
ويقول الأب دويكات إنه وعى على صوت شيرين أبو عاقلة وهي تغطى أخبار الانتفاضة الثانية وأحداثها المتتالية إلى الآن، وإنه لم يرد لهذا الصوت والاسم أن يختفي ويبقى حضورها دائم "فاستشهادها أثَّر بالجميع".
شيرين ثائر دويكات تيمنا باسم الزميلة شيرين أبو عاقلة
في غزة أيضا
ومثل ثائر وجمال أطلق محمد عمر مسلَّم اسم "شيرين أبو عاقلة" على طفلته التي ولدت أمس بمستشفى كمال عدوان بمدينة بيت لاهيا بقطاع غزة، وكتب مسلم على صفحته على فيسبوك "تيمنا بفارسة الإعلام والكلمة الحرة أسميت طفلتي شيرين أبو عاقلة".
وقال للجزيرة نت "تيمنا باسمها ولروحها الطاهرة أخرت اسم طفلتي مثل اسمها لتكون إن شاء الله مثلها بالواقع"، وهو ما يخطط له فعلا الأبوان ثائر وجمال، فقد أخبرا الجزيرة نت أنهما ينويان تدريس طفلتيهما الصحافة والإعلام "لصبحن مثل شيرين وينقلن الحقيقة".
ومثل النار بالهشيم انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور الطفلات الثلاث وذويهن، وكتب أبو ثائر دويكات مباركا لشقيقه ثائر "ألف مبارك شقيقي ثائر، بتروح (ترحل) شيرين وإن شاء الله رح تيجي شيرين بصفات الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة".
بينما كتب آخر يسمي نفسه "ديجي الكبير" بلهجته العامية بعد أن وضع صورة شيرين الشهيدة وشيرين الطفلة "شيرين راحت بيجي بدالها ألف شرين".
ولمع اسم شيرين كذلك وصورتها أيضا على شاطئ بحر غزة بعدما أقدم الفنان التشكيلي الفلسطيني أحمد طوطح على خط اسمها بالرمل على شاطئ البحر، في حين رسم الفنان التشكيلي محمد الشريف اسم شيرين بالأحمر القاني على جدارية كبيرة بمدينته جنين.