مخاطر ايذاء الزوجة أمام أبنائها
مسؤولية الاباء تجاه الابناء كبيرة وليست بالأمر الهين، فقبل أن تكونوا أباء أنتم كنتم في وقت ما أبناء و صغارًا لذا فإنكم قد اختبرتم كل ما قد يمرون به أطفالكم، فتتذكر كيف كانت الحياة سعيدة مع الوالدين أو حتى تعيسة مدمرة، وكيف أثرت كل هذه الحالات عليك وعلى تكوينك العقلي و النفسي والسلوكي.
اثبتت الابحاث أن تعرض الطفل لظروف و ضغوط نفسية والتي سببها الاول هو الخلافات الزوجية وايذاء الزوج لزوجته أمام الابناء يؤدي الى العديد من الامراض النفسية و السلوكية الخطيرة منها خطر اضطرابات المزاج، و اضطراب فرط الحركة، و نقص الانتباه و التوحد لذا كان الامر يستحق تناوله و التنبيه اليه.
وكان للكاتب ديفيد كود مؤلف كتاب بعنوان ضغوط الاباء سموم للأطفال، أوضح في كتابه أن الاجهاد الذي يسببه الاباء للأبناء بالخلافات امامهم يعتبر كالسموم الضارة التي تؤثر على جميع اجزاء الجسم، واشار في كتابه الى أن مستويات الاجهاد المزمن الذي يسببه الاباء للأبناء يمكن أن يؤثر تأثيرًا خطيرًا على نمو الطفل، وأكثر الضرر يحدث عندما يكون الطفل مازال جنينًا في رحم امه، فهو يتأثر كثيرًا بالضغوط العصبية و النفسية التي تمر بها الام في فترة الحمل، لأنها قد تؤثر على نمو الدماغ في الطفل من خلال الجينات.
التأثير في مرحلة ما قبل الولادة
وجدت بعض الابحاث و الدراسات العلمية ان هناك علاقة وثيقة بين الضغوط النفسية و الاجهاد لدى المرأة الحامل و عدة أنواع من المشكلات التنموية لدى الاجنة بما في ذلك القلق و خطر الاصابة بالتوحد و الاضطرابات العصبية، ومن المؤكد ان هناك عوامل وراثية تلعب دورًا كبيرًا في هذا الامر وتعتبر كعوامل مساعدة على هذه الامراض و العوامل الاخرى مثل الظروف التي ينمو فيها الطفل داخل الرحم، الهرمون المسئول عن التوتر و الاجهاد هو هرمون الكورتيزول، الذي يدفع دماغ الجنين لكي تتطور بشكل مختلف ومحاولة التكيف مع وضع التوتر او التهديدات وهذا يسمى الاستجابة التكيفية التنبئية.
و يتم تفسير هذا الامر علميًا بأنه اذا كانت تعاني المرأة من الاجهاد أثناء فترة الحمل فإن هرمونات التوتر تأتي عبر المشيمة بشكل سريع و دماغ الجنين يتلقى هذه الاشارة ويفسرها بأنه يوجد تهديدات قادمة يجب ان يستعد لها بشكل قوي وهذا يؤدي الى توتر الجنين و الاستجابة اكثر من اللازم للظروف المحيطة مما يسبب خطر كبير للتعرض للاضطرابات مثل اضطرابات فرط الحركة و نقص الانتباه.
التأثير في مرحلة بعد الولادة
التغيرات الدماغية التي يمكن ان يسببها الاجهاد و الضغط العصبي الذي يتعرض له الاطفال من الخلافات وعدم الاتفاق بين الابوين ليس هرمونيًا فحسب، بل يمكن أن تكون وراثية أو جينية و على الرغم من ان هذه النقطة مازالت محل دراسة و ابحاث كثيرة الا انه في العام الماضي عندما تم التنبيه على مجموعة من الاباء بتحسين سلوكهم مع الاباء في مرحلة النمو الاولى لأطفالهم، فان بعض جينات الاطفال التي تشارك في انتاج الانسولين و الجينات المسؤولة عن نمو المخ قد تأثرت حتى بعد سنوات في مرحلة المراهقة، فالضغوط التي يسببها الاباء خلال السنوات الاولى للطفل تؤدي الى تغيرات واضحة في تكوينه النفسي و الصحي ويمكن أن تكون ملحوظة بشكل كبير حتى بعد عقد كبير من الزمان.
التبول اللاإرادي و امراض المعدة و الصداع و الكوابيس المخيفة و العدوانية و نوبات الغضب المتكررة كلها أثارًا نفسية من الخلافات بين الابوين و ايذاء الزوجة امام ابنائها.
و هذا يدل على انه ليست الضغوط في فترة الحمل وحدها هي التي تسبب التأثيرات في النمو ولكن أيضًا تمتد الى ما بعدها.
في النهاية
ضرب الأم أمام الأطفال يعتبر خطأ فادح، و مرفوض ومحرم في كل الاديان و الاعراف والقيم ويصيب الاسرة بالتفكك و ينشئ جيلًا فاشلًا معقدًا مصابًا بعاهات نفسية و فسيولوجية في المجتمع، وخير قول نختم به وصية رسولنا الكريم استوصوا بالنساء خيرًا.